عن الأمن والأمان في اليمن
بقلم/ د/عبد الرقيب محمد الدعيس
نشر منذ: 13 سنة و شهرين و 6 أيام
الأحد 11 سبتمبر-أيلول 2011 07:29 م

الأمن والأمان هو ما يتغنى به صالح ونظامه وكثير من جهلاء النظام والمستنفعين منه وبه. دعوني أتوقف قليلاً؛ كي أتغنى أو أتباكى على شيء لا بد من أكون مستوعبًا وأعرف عن ماذا أتحدث وما هو الشيء الذي أندب الزمن عليه.

إذن دعونا نتابع الأمر ما هو الأمن؟ وما هو الأمان؟ ومتى يتحقق أي منهما؟ أليس هذا مهمًا؟ وهل فعلاً عاشت اليمن هذا الشيء - أي الأمن أو الأمان - في عهد صالح؟

يقول سلطان الجميري: هناك تكريس لصورة نمطية لمفهوم الأمن والأمان يتلخص مصدرهما عند البعض في الحد من تواجد حالتين:

1 - ما كان في الماضي قبل تكوين الدولة من اقتتال بين القبائل ووجود قطاع طرق ونهب وسرقات.

2 – ما هو موجود في الحاضر كشكل من أشكال التطاحن المستمر الذي تسبب في تواجده المستعمر أو النزاع طائفي.

وإذا توقفنا هنا وقارنا بين هذا الكلام المطروح نجد أنّه ما زال مستمرًا وبشكل كبير ومتصاعد خلال 33 سنة من حكم صالح, والأخطر من ذلك أن هنالك دلائلَ كثيرةً تؤكد أن النظام كان وما زال يعمل على تغذيتها لكي يبعد الأنظار عن مراقبته ومحاسبته والخروج عليه.

إذن دعونا نواصل تعريفنا هناك من يتبنى مقولات غريبة مثلاً ”الله لا يغير علينا” ويقول تحمدوا ربكم واسألوا أجدادكم كيف كان الحال؟

نعم للأسف هذا ما نحن فيه رغم التوسع والفارق الثقافي والزماني وفارق الإمكانيات والتطور نسمع هذا الشيء باستمرار وهو يعني أرضي بما تجد ولا تطلب أكثر منة ولا سوف تصل إلى ما هو دونه بكثير.

وهذا أيضًا كثير من المؤشرات تؤكد أن النظام من يغذي هذا الفكر (بوس يدك وجه وقفى).

يقول سلطان الجميري: دعونا نتأمل حقيقة ”الأمن” و”الأمان” ما هما وعن تواجدهما؟

للتفريق بين الكلمتين: تتولى الجهات المختصة بمنع وقوع جرائم أو اعتدءات على المجتمع لتكوين حالة ”الأمن”، بينما يتكون الأمان لدى الشخص حين يشعر باستقرار وطمأنينة ينتفي معها القلق والخوف من أي شيء.

وأنا أقول: للأسف هذا الشيء الذي لم نحصل عليه في اليمن وكثير من الدول العربية بأقل النسب حتى.

ويعرف مؤسس علم البلاغة عبد القادر الجرجاني ”الأمن” بقوله: عدم توقع مكروه في الزمان الآتي. وورد الأمن في القرآن في أكثر من موضع, ومنها قوله تعالى {فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون* الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}.

حين يبدي الفرد رأيه في مسألة تخص وطنه وتمس المسئول بشكل مباشر وصريح هل يكون في مأمن؟! حين يطلب المرء حقاً من حقوقه ويلح في المطالبة به هل هناك ضمان ألا يسجن ولا يعتقل ولا يفصل من عمله ولا يحقق معه ولا يقال له تجاوزت حدودك؟!

كم عدد سجناء الرأي؟! كم عدد السجناء المشتبه بهم ولم يحاكموا؟! كم عدد الذين فقدوا وظائفهم لمجرد ”كلام”؟! هل يشعر هؤلاء وأفراد أسرهم بالأمان؟! هل هم مستقرون في داخلهم؟!

في الوقت الراهن لا يجب علينا أن نحصر مفهوم أمان المجتمع وأفراده فقط في شكل “منع اقتتال داحس والغبراء“..! لأنه قد ينقلنا من مرارة الواقع إلى البذخ في الوهم… ويساهم في التلاعب في قناعات الناس واسترضاء أخيلتهم بحجب الواقع والتهديد باستدعاء صور الماضي!

شعور الفرد بالخوف من التعدي والظلم إذا تكلم في الشأن المحلي بكل صراحة هي الحالة التي يجب أن نركز عليها حين الحديث عن معاني ”الأمن والأمان“!

ثم نتساءل باستمرار هل هي موجودة أم لا! يجب أن يكون ”أمن” الفرد من اعتداء السلطة حاضراً جزءًا مهمًا من المعيار الحقيقي للأمن والأمان!

هذا الشق الأمني المهم لا يتبادر إلى أذهان الكثير ممن يتحدث عن ”الأمن” و”الأمان”؛ لأنهم لم يتجرعوا مرارة أن يروا في غسق الفجر ”أمًّا” تشتم ملابس أبنها وتدفن وجهها فيه.. تجد ريح يوسف قلبها هناك!

وسبب آخر لعدم التطرق لهذا المعنى، هو إيقاعهم في الحرج والتناقض، ويكسر ”الوهم” الذي يريدون أن يبقى الآخرون يعيشون في فلكه!

هنا أقول لمن يتغنى باسم أو صفة أو فعل أو ما شاء يسميه ”الأمن” و”الأمان”, ماذا بقي لكم لتتغنوا به؟ ما تقولون وما تسمون لم نره يومًا كمجتمع يمني بالتساوي. لا تستطيع أن تطل على قسم الشرطة لتطالب بحقك, فقد تدفع وتخسر أكثر من حقك الذي تنشد الوصول إليه, ومن ينكر هذا الشيء, فهو ليس من فئات هذا الشعب المغلوب على أمره, وينكر ما لا يوجد مجال لإنكاره وهذا مثل بسيط وقس عليه.

إذن لا بد من أن نصرّ على التغيير وتوحيد الهدف حتى نصل إلى ما ننشد ”الدولة المدنية” التي لا يمكن تحقيق الأمن والأمان إلا من خلالها, ومن دونها مستحيل ذلك.