هل يمكن إعفاء مبارك من المحاكمة؟
بقلم/ صالح ناجي الحربي
نشر منذ: 13 سنة و شهرين و 25 يوماً
الأربعاء 24 أغسطس-آب 2011 12:15 م

سيبدو الموضوع للوهلة الأولى غير ممكن الخوض فيه وسيثير حفيظة الكثيرين ممن سيكون في متناولهم, ولكني أتمنى أن تجد هذه الآراء طريقها إلى مسامع عدد من المتهمين بقضايا الثورات العربية لتشكل رأيا عاما تتبناه طائفة أو قطاعات من الناس وفي مقدمتهم الشعب المصري الشقيق المعني الأول بذلك، مع يقيني بأن وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية ستوصل الفكرة لعدد كبير من الناس، وفي الحقيقة لو أن الشعبين الشقيقين المصري والتونسي يعملون مقارنات بين ما عمله مبارك وبن علي مع ما عمله القذافي وما عملاه ويعملاه كل من علي عبد الله صالح وبشار الأسد لوصلوا إلى استنتاج مفاده بأن مبارك وبن علي كانا أقل دموية وأقل تربص بالسلطة وأكثر حرصاً على حقن دماء شعبيهما وأكثر رجاحة في التعامل مع واقع الثورات، وهذا ما دفعني لوضع المقارنات التالية والتي هي في ذات الوقت أسباب ومبررات الدعوة لإعفاء الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك من المحاكمة, وأوجزها بالآتي:

1-لأنه في سن متقدم وفي وضع صحي حرج حيث لم يسبق أن أحضر أي متهم إلى قفص الاتهام محمولاً على سرير المرض.

2-لأنه لم يهرب إلى خارج البلد بحثاً عن حماية دولية من الملاحقة بل وضع نفسه تحت تصرف الشعب المصري صاحب كلمة الفصل.

3-لأنه عرض فكرة مصادرة جميع ممتلكاته وممتلكات زوجته وأرصدتهما مقابل إعفائهما من المحاكمات، وهذا يعني أنه مقتنع بالعيش فقيراً فيما تبقى من عمره.

4-أعمال البلطجة التي حصلت قبل تنحيه عن السلطة أخذت مشهدًا أو مشهدين فقط, بينما عندنا في اليمن وهناك في سوريا أعمال البلطجة والقتل أصبحت يومية وفي جميع الساحات وبشكل أكثر وحشية.

5- لم تكن لديه نية مبيتة لقمع شعبه؛ بدليل أنه لم يشكل جيشاً وأمناً خاصة به لحمايته وحماية أسرته على حساب ثروات البلد وتهميش وإضعاف القوات المسلحة والأمن المصري.

6-في خطاباته الثلاثة التي ظهر بها قبل التنحي كان قد وعد ببعض الإصلاحات وأعترف ببعض الأخطاء ولم يتوعد بقمع الشعب المصري ولم يوجه له أي اتهامات أو يتعالى عليه مثلما هو حال القذافي وعلي صالح.

7-أعلن التنحي عن السلطة بعد خروج الشعب المصري في مدينتي القاهرة والإسكندرية ولم ينتظر حتى تعم المظاهرات عموم المدن المصرية مثلما هو الحال في اليمن وسوريا.

وإذا كان الشعب المصري يهدف من وراء المحاكمة اختبار قدرات المجلس العسكري الأعلى والسلطة القضائية، فهاهو الأمر قد تحقق بأن بدأت هاتان الجهتان إجراءاتها في تحقيق مطالب الثورة المصرية (ثورة الشباب), متجاوزة الكثير من الاعتبارات السالبة والسائدة في جميع الدول النامية.

قد يقال بأن إلغاء محاكمة مبارك هي خذلان للثورة وخيانة لدماء الشهداء، لكن الذين قاموا بالقتل ومن أصدروا الأوامر بذلك هم آخرون وكثيرون وهم في متناول الشعب المصري ممثلا بشبابه وقواته المسلحة وسلطته القضائية والأمن ومختلف شرائح المجتمع المصري، مع أن جزءًا من تلك الدماء الزكية هي ضريبة لابد منها مقابل الصمت الذي ظل سائدًا لفترة طويلة قبل أن يسطع فجر موسم الثورات العربية.

لكل هذه الأسباب اقتراح على الشعب المصري العظيم ممثلا بشبابه ومناضليه وقواه السياسية والاجتماعية الوقوف على كلمة سواء ومفاجئة العالم ببعض القرارات الشجاعة منها مثلا:

- الشكر والتقدير لكل الشعب المصري العظيم وقواته المسلحة الباسلة ومجلسها العسكري الأعلى والسلطة القضائية المصرية الذين قدموا للعالم أنموذجًا رائعًا في كفاحية الشعب ووطنية القوات المسلحة واستقلالية ونزاهة القضاء.

-  المطالبة بإعفاء الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك من المحاكمة لدوافع إنسانية بحتة، مع الاستمرار في محاكمة نجليه وبقية أركان حكمة وكافة المتورطين في أعمال الفساد وسفك الدماء.

- استعادة كافة أموال الشعب المصري التي كانت قد سجلت بأسماء مبارك وزوجته ونجليه وبقية المشاركين في أعمال الفساد.

*عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني, وبرلماني سابق.