مدير أمن المهرة يكشف عن حرب و مواجهات للقوات الأمنية مع مهربي المخدرات مكتب المبعوث الأممي يكشف تفاصيل لقاء سابق مع قيادات من حزب الإصلاح صاغت مسودته بريطانيا.. مجلس الأمن الدولي يصوت بالإجماع على قرار جديد بشأن اليمن الحكم على نجم رياضي كبير من أصل عربي بتهمة الاعتداء الجنسي الحوثيون يخنقون أفراح اليمنيين ..كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس مراقبون يكشفون لـ مأرب برس «سر» استهداف مليشيات الحوثي لـ أسرة آل الأحمر بصورة ممنهجة تفاصيل لقاء وزير الداخلية مع قائد القوات المشتركة لماذا دعت دراسة حديثة صندوق النقد الدولي لبيع جزء من الذهب الخاص به ؟ صدمة كبيرة بين فريق ترامب.. بسبب تعيين شخصية إعلامية في منصب سيادي حساس المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر يوجه تحذيرا للمواطنين في خمس محافظات يمنية
في أحد خطاباته الكثيرة أبدى علي صالح استبعاده أن يصل قطار الربيع العربي لبلاده لأن النظام اليمني على حد زعمه ليس نظاماً بوليسياً مثل غيره يكمم الأفواه ويكبت على أنفاس الناس، ربما أن الرجل حينها لم يدرك أيضاً أن نظامه في الجانب الآخر لم يكن نظام دولة بل هو أقرب الى نظام بدائي يعتمد على زعماء القبائل والمتنفذين لتثبيت كيانه في السلطة، وفي سبيل ذلك يستنزف أموال الشعب لكسب ولاء هؤلاء الزعماء. لقد كانت مشكلة الشعب اليمني مع نظامه مختلفة فهي مشكلة غياب الدولة والنظام ولذلك خرج الشعب ليطالب ببناء نظام حقيقي يحفظ أمنه وليس مجرد أمن الزعيم، يريد دولة تحفظ له حقوقه من اعتداء المتنفذين و تقتص له حين يعتدى عليه. حين أتى صالح للسلطة في عام 78 لم يكن لديه أي مشروع لبناء نظام دولة حقيقي وكان مشروعه الأوحد هو البقاء في كرسي الحكم ،.وخلال ثلاثة وثلاثين سنة من حكمه تراجع مفهوم الدولة لدى المواطن اليمني عما كان عليه أيام السبعينات في فترة الرئيس الحمدي في الشمال وعما كان عليه أيام حكم الحزب الاشتراكي في الجنوب. وبتراجع مفهوم الدولة عاد المواطن اليمني بشكل أكبر ليحتمي بالقبيلة ومفاهيمها لحمايته والدفاع عنه، عاد إلى أعراف القبيلة ليحل مشاكله حين غابت سلطة القانون وعدالة المحاكم الرسمية، وأصبح حمل السلاح يمثل عامل توازن في المجتمع لحفظ الأمن في ظل غياب دور الأجهزة الأمنية في ضبط الأمن وتوفير السلم الاجتماعي. واتجه كثير من الناس نحو التعليم الخاص والخدمات الصحية الخاصة في ظل عجز ورداءة الخدمات الحكومية رغم السلبيات في هذين القطاعين بسبب غياب الدور الرقابي للدولة. وفي هذا السياق أيضاً، تراجعت الاستثمارات الأجنبية ولم تنجح المحاولات في جلب أي استثمارات جديدة نتيجة للفساد ومحاولات الاستحواذ من قبل الفاسدين الكبار علي مثل هذه الاستثمارات وكذلك بسبب عدم استقرار الوضع الأمني.
مؤخراً، نجحت الثورة اليمنية في إبعاد صالح عن كرسي الحكم، وبقيت المهمة الأصعب وهي بناء النظام الجديد و ترسيخ مفهوم الدولة وسلطاتها في نفوس الناس، وذلك يستدعي استغلال الفرصة الحالية و شعور الناس بحدوث تغيير سياسي في البلاد، بغض النظر عن حجمه الحالي، لكن ذلك حتماً يولد لدى المواطن استعداداً نفسياً كبيراً لتقبل التغيير لا سيما و هو يطالب بدولة حقيقية تحفظ له أمنه ومصالحه في الداخل وتعيد له كرامته في الخارج.
إعادة ثقة المواطن بالدولة ودورها يتطلب من الحكومة الحالية احداث تغيير حقيقي في مفاصل الدولة واختيار كفاءات نزيهة تسعى للقيام بالدور الأمثل للدولة تجاه مواطنيها من حيث تقديم الخدمات لهم ورعاية مصالحهم. كما أن ذلك يتطلب من جميع المسؤولين في كل المستويات أن يمثلوا القدوة الحسنة في تطبيق النظام والقانون والالتزام باللوائح. وبشكل موازي لذلك لا بد من تسخير الإعلام لإحداث تغيير ثقافي في ذهنية المواطن حول مفاهيم الحقوق والواجبات والعلاقة بين الدولة والمواطن، وإعادة تشكيل مفاهيم القبيلة وعلاقتها بالدولة بما يضمن تطبيق سيادة القانون والنظام علي الجميع. في الجانب الامني والقضائي تحتاج الحكومة لعدد من المبادرات الجريئة في سبيل تحقيق الأمن وردع المجرمين ومحاسبة الفاسدين الذين يعبثون بمصالح الوطن مهما كانت مواقعهم حتى تعود ثقة المواطن بأجهزة الدولة وقدرتها علي إحقاق الحق وتطبيق القانون.
خلال العقود الماضية، ضاعت علي اليمنيين فرص تاريخية متعددة لبناء نظام دولة حديثة ولعل أبرزها كان بعد تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990، حينها كان اليمنيون يتطلعون لبناء دولة موحدة وقوية تجمع محاسن النظامين في الشطرين وتتجاوز السلبيات إلا أن غياب مثل هذه الرؤية لدى النظام السابق أضاع هذا الحلم. فهل تمتلك القيادات الحالية اليوم مثل هذا المشروع لبناء النظام الجديد أم أننا سننتظر عقود أخرى حتى تحين فرصة جديدة !.