أقوى رجل في اليمن
بقلم/ أ.د /فضل مراد
نشر منذ: 16 سنة و 8 أشهر و 23 يوماً
الخميس 03 إبريل-نيسان 2008 07:08 م

يحق للدكتور الفقيه أن يطرح ذلك كقارئ سياسي ومحلل مختص، ويحق لي أن أضع حاشية كالشرح أزيد ما أنقص وأقيد ما أطلق، وأتعقب ما يمكن أنه يحتاج إلى ذلك.

ولا أقول إني خبير سياسي كهو فإن له قدما في ذلك محضة وإن كنت أزعم أن لي نظرا متمحض الشرعية في الفقه السياسي، وكلانا يحتاج لبعض وسأطرح ما أريد طرحه في نقاط:

الأولى: قوله عن الرئيس.. هو كما قال.

الثانية قوله عن علي محسن، أزيد التالي:

بحكم قربي منه ومعرفتي الخاصة به، وأنا إذ أقول ذلك إنما أريد أن أكتب أمرا تاريخيا يحفظ للرجل في ذاكرة الزمن لا أقصد من ذلك هدفا آخر من الحطام لأني -ومع علاقتي به- لم آخذ مكسبا شخصيا لنفسي وإن كنت أستطيع ذلك فليس لي منه ناقة ولا جمل ولا باع ولا ذراع. فأقول إن سر قوة الرجل كامن في أمور هامة:

1- خدمة القرآن والحديث وله أياد بيضاء في ذلك وهو من النوع الذي لا يحب أن يظهر ذلك رياء وسمعة، وهو مع ذلك لا يخشى قول قائل أو يهاب أحدا في ذلك.. لقد ظهر لي كثيرا مدى حبه لحملة القرآن الكريم ومدى احترامه لأهل العلم ومدى استجابته للحق في الكتاب والسنة إذا أخبر بذلك، ونصرته هذه جعلت له قبولا واسعا، لأن من أصلح علاقاته مع الله ونصر الكتاب والسنة قدر جهده وطاقته فإن الله هو الذي يتولى إصلاح علاقاته الشعبية والخاصة، قال تعالى: «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا». أي مودة بين الخلق.

2- الرجل تربوي من الطراز الخبير فهو يربي من أخطأ، ويوجه من يحتاج لذلك بأفعاله قبل أقواله، نعم إنه يربي بالأفعال كثيرا حتى يصبح من أخطأ وقد وصلت له الرسالة بلا تعنيف لا يحتاج إليه وهذا في الحقيقة من حسن التصرف فإن وضع الشيء مواضعه ومعالجة الأمور بحكمة صفة قيادية هامة له منها نصيب كبير «ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا».

3- الرجل لا يتعامل مع الغير (كائنا من كان) حزبيا، فإن لغة الحزبية لا وجود لها في قاموسه وهكذا تكون القيادات البناءة، وهذا في حقيقته مفتاح النجاح القيادي فإن من يتعامل من القيادات حزبيا يعتبر قد قدم استقالته الشعبية.

أما هذا الرجل فإن تعامله معك ومع سائر فئات المجتمع الحزبية المختلفة يجعل منك شاعرا بأهمية أن يترفع قيادات كثيرة عن المطابخ الحزبية أثناء تعاملهم.

إنك تجد من هؤلاء روائح منتنة تميت فيك الأمل وتحيي فيك روح العصبية الحزبية وروح المناطقية والأنانية.

4- أما أنه لا يتعامل بمناطقية فهذا قد تكلم فيه غيرنا.

5- شجاعته الميدانية وخبراته العسكرية، وعلاقاته المدنية والقبلية والسياسية والدينية كل هذا بتوسع كبير وتوازن فذ.

ترى عنده ألوان الطيف، يحل مشاكلهم، ويقابلهم فرادى وجماعات بينما ترى عنده العسكريين ترى قبلا متعددة من مناطق متباينة من الوطن ينظر في شئونهم المختلفة بسعة صدر وابتسامة لا تفارقه وصبر وجلد عجيب حتى اشتهر أن أي قضية يتولاها علي محسن فهي محلولة وأن القضية التي يجدُّ الرئيس في حلها يحيلها عليه إذا كانت من القضايا ذات الوزن الثقيل.

6- نصرة المظلوم، وقضاء حوائج المحتاجين فإن ذلك قد اشتهر عند الناس اشتهارا واسعا وأنا بحكم علاقتي به مجرب لهذا كثيرا ولا أعلم مظلوما أخبرته به وظهر له فيه الحق إلا ونصره، هذا وغيره مما أعرفه وأسمعه ويسمعه غيري مما لا يحتاج إلى كثير بيان، وهكذا قضاء الحوائج. وقد وجدت مرة أسرة تسأل الناس فطرأ في ذهني كيف يعيش هؤلاء.؟ كيف يدفعون الإيجارات أينامون في الشارع؟ فانطلق لساني سائلا كيف تدفعون إيجار البيت فقالت إحداهن: لقد أعطانا علي محسن جزاه الله خيرا أرضية للسكن فعرفت سر قوة الرجل أو شيئا منها.

7- تواضعه مع الأفراد وسهولته وهذا باب معروف، يستطيع الكثير أن يكلمه في الساحة، في المسجد تجد علي مسحن فينطلق فرد ما أو شخص بما يريد أن يقول هذا هو الأمر ببساطة. أما كونه أخا للرئيس أو قريبا له فليس هذا في حقيقة الأمر من الأسباب ولو عندي على الأقل وليس معنى هذا أن ذلك ليس سيئا لكنه يبقى في مرحلة السببية المتأخرة.

8- المسيرة التراكمية الطويلة والخبرات القيادية ومنذ عقود ودور الفرقة الأولى في تثبيت الأمن والاستقرار في مراحل مختلفة من تاريخ الوطن، والتي واكبت فترة حكم الرئيس صالح وكانت ولا زالت إلى الآن هي صمام أمان لهذا الوطن ومسيرته كما هو الأمر حقيقة مع رأسها علي محسن فهو من الشخصيات الهامة الكبرى التي هي أعمدة التوازن لهذه المرحلة ولا ينكر أحد دور الفرقة الأولى وأدوارها التاريخية المصيرية كدورها وحيدة في إفشال الانقلاب المشهور ولولا دورها آنذاك لكان النظام الآن في خبر كان، ثم دورها في حروب التخريب والانفصال والآن في تمرد صعدة ولا تزال هي وقيادتها نقطة لا تتجاوز أبدا.

9- وبعكس ما يتردد من أن الزج بالرجل في الصراعات الكبرى إنما هو للتخلص منه أو على الأقل إضعافه، فإنما هو يزداد مراسا وقيادة وتتوسع قوته أفقيا وعمقا ورأسا وتزداد قوته مراسا وتكتيكا وعلاقاته إبحارا بلا توقف ولذلك فهو رجل المهمات الصعبة وهذه المقولة الآنفة الذكر ما أظنها إلا من وكلاء حصريين للفساد والإفساد مقصدهم بذلك إيجاد قناعات لدى القيادات الوسطية ويحتمل الأعلى التي يقودها هذا الرجل بأن هذه الحروب ليست وطنية بل تصفيات شخصية ومصلحية.

مما ينعكس بالخطورة على تكتيكهم الميداني وولائهم الوطني والديني متخذين من إطالة أمد الحرب في صعدة تبريرا لذلك، وهي إنما يطيلها هؤلاء المرجفون تجار الحروب من الشياطين الخنس، أما الفرقة الأولى والمنطقة وقائدها وقيادتها وأفرادها فلن يفت في عضدهم هذه الشائعات بل تزيدهم قوة كما قيل:

كناطح صخرة يوما ليوهنها

فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

وقال الآخر:

يا أيها الناطح الجبل العالي ليوهنه

أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل

* الثالثة من النقاط التي في مقال د. الفقيه:

قوله عن الثلاثة الشباب (الشيخ حميد والعميدين أحمد ويحيى) أقول تعليقا عليه دعوا هذه القيادات الشابة لتصنع نفسها، لن تصنعوها أنتم أيها السياسيون، إن الشيخ عبدالله الأحمر صنعته الأحداث والمواقف ولم تصنعه المقالات والدراسات حوله، إن كثيرا لم يكن يعرف أدواره حتى ظهر كتاب ذكرياته بعد موته لكنه صانع تحولات عملاقة في مسيرة الوطن والتاريخ العربي.

فلا نستبق الأحداث ونسلط الأضواء على هذه القيادات الشابة حتى نرى ما تصنع لأمتها ووطنها، أرجوكم كفى إثارة صحافية ولنعمل بالقانون الرباني التالي: «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة».

الرابعة: تصديره المقال بعنوان «رجال اليمن الأقوياء» ثم جعله هؤلاء الخمسة هم رجال اليمن الأقوياء خطأ فادح، إنه خطأ سياسي وخطأ وطني، إنه اختزال للوطن وقوته في أشخاص بل واختزال الأدوار السياسية القوية ومجرياتها على الساحة في شخصيات هؤلاء الخمسة.

إني آسف أن يصل السياسيون إلى هذه النظرة الضيقة الأفق، إذا كان هذا التعظيم والتفخيم بما تعطيه الصورة والكلمات في نفسية القارئ اليمني من إحباط وانهزام ويأس من نضوب معين اليمن القيادي ومركزه القوة حول أفراد، إن كانت هذه النظرة منهم فكيف بغيرهم!؟

لقد كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وحمزة وأبو عبيدة وسعد وقواد الأمة والخزرج ولم ينظر القرآن الكريم مرة واحدة إلى شخصنة القوة في أي فرد مهما كان بل قال الله لرسوله «هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم» نعم إنه تأييد الله وقوة الجماعة ككل.

إن شخصنة القوة معناها نزع الحق من الأمة في حقها الولائي الذي تعطيه لمن تشاء، ولذلك لما شعر عمر بشخصنة الفتوح والانتصارات على يد خالد عزله في أخطر وأحلك معركة ليعلم العالم أن قوته هي بالجماعة وبالتأييد الرباني المبسوط على هذه الجماعة، إننا إذا آمنا بهذه المقالات المشخصنة لن يجرؤ أحد من الجيل الناشئ إلا أن يسير في ظل الأقوياء، ومن هنا تنحرف مسيرة الأوطان ويصبح الشعب رعية بلا تفكير، ولا يستطيعون يوما أن يقولوا لا أو نعم بإرادة حرة بل بالروح بالدم نفديك يا قوي.

ثم إن هذا الحصر أنسانا قيادات اليمن الكثيرة القوية الفاعلة، أين قيادات الحراك السياسي في الجنوب لم يختر لنا واحدا منهم في هذا المقال، لماذا؟

هاهم أولاء يحركون الشارع ويقولون ويفعلون.. فهل هؤلاء القيادات ليسوا من رجال اليمن الأقوياء؟

يس عبدالعزيز ويس سعيد نعمان وقيادات المعارضة والقيادات الدينية كالعمراني والزنداني.. أليس هؤلاء هم من أقوى رجال اليمن؟

بل هذه، توكل كرمان من أقوى سياسيي اليمن وليست رجلاً وهي كمثال للحراك السياسي النسوي والذي إن ضبط بضوابط الشرع فلا مانع أن تخوض المرأة قيادات المنظمات المدنية والجماهيرية والحزبية لأنها ليست من ولاية الأمر الذي يعد الخارج عليه عاصياً وخارجا عن ولي الأمر وعن الجماعة ولي وقفة شرعية سياسية تأصيلية لهذا الأمر ولي أدلتي في ذلك وأنا أعلم أن هذه قد تغضب البعض إلا أني أقول ما أراه حقا مع «الذين يبلغون رسالات الله ولا يخافون لومة لائم» وأنا متى ما ظهر لي الحق في المسألة آثرته على الآباء والقادات والمشائخ وبما سبق أستطيع أن أقرر الحقيقة الساطعة هي أن علي صالح وعلي محسن ومن يحشر منهم من الشباب «دائما» الكثير ومن الكتاب ليسوا أقوياء إلا إذا مدوا يدهم في يد الشعب وبسطوا ما أمروا به من عدل أمر الله به ورسوله وعندئذ سيقول الشعب فيهم كلمته.

وأستطيع أن أقرر الحقيقة الحقة هي أن أقوى رجل في اليمن هو المواطن الحر الشريف الذي يقول للحق نعم وللفساد لا لا وألف لا.


د. فضل عبد الله مراد استاذ مقاصد الشريعة وأصول الفقه بجامعة الإيمان: 

نقلا عن ألأهالي