اليمن فوق الأحزاب
بقلم/ د: ناجي الحاج
نشر منذ: 13 سنة و 8 أشهر و 21 يوماً
الأحد 20 فبراير-شباط 2011 09:09 م

في جلسة مجلس النواب وصف الأخ يحيى الراعي رئيس المجلس أن من يقوم بأعمال البلطجة التي يتعرض لها المتظاهرون سلميا بالسفهاء. ودعا خلال جلسة البرلمان اليوم 19/02/2011م "رجال الأمن إلى أن يقفوا موقفا محايدا وأن لاينحازوا إلى أحد وأن يتركوا المجال للطرفين بأن يعبروا عن آرائهم سلميا".

بالإضافة إلي تأكيداته رفض أية شعارات تروج لثقافة الكراهية والمناطقيه وأي فعل من أفعال الفتنة بين أبناء الوطن الواحد وعلى التزام أبناء الشعب اليمني بكل فعالياته السياسية والمدنية وشرائحه الاجتماعية بوسائل التعبير السلمي التي كفلها الدستور والقوانين النافذة ومن خلال الحقوق المنصوص عليها دستوريا ويجب علي الدولة إن ترعي هذه المطالب وتنزل إلي المتظاهرين للاستماع إليهم والمحافظة عليهم وصون كرامتهم ودمائهم وعدم إتاحة الفرصة لمن يسمون مؤيدين للنظام بالاحتكاك بهم ومهاجمتهم بالعصي أو بالسلاح الأبيض أو الناري لأنهم في المقام الأول مواطنون من أبناء الجمهورية اليمنية ومن رحم هذه التربة الغالية.

 لقد أصبت بصدمة من الطريقة الهمجية والذي يتبعها بعض من يسمون مؤيدي النظام من طرق استفزازية وملاحقة للمتظاهرين في شوارع العاصمة وكان يكتفي بإن يطالب المتظاهرون وان يهتفوا بشعاراتهم دون الحجر علي أحد مهما كانت هذه المطالب من وجهه نظر البعض استفزازية لان المرحلة التي يعيشها بعض الشباب والمحرومون من حقوقهم في الوظيفة خاصة إذا علمنا أن هناك من امضي أكثر من سبع سنوات منتظر دورة بالوظيفة الحكومية ويفاجأ بان هناك من هم حديثي التخرج ويحصلون علي الدرجات الوظيفية بدون ادني تعب.

أما الطامة ألكبري هي أن هناك من يرفع شعارات وهتافات وألفاظ تضر بالنسيج الاجتماعي مثل ما حدث يوم 15 فبراير 2011 في محيط جامعة صنعاء ومع الإيمان المطلق بان هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم إلا أن شعارات تردد ومن قبل مجموعه يقال أنها تساند النظام وبالتالي فإنني اتفق مع ما تقدم به النائب في الحزب الحاكم عبده محمد بشر و النائب علي المعمري إن ما يحصل"عيب ولا يشرفهم كمؤتمر وحزب حاكم " وانتقدوا الإفراط في استخدام القوة تجاه المتظاهرين سلميا، ورفع الشعارات المنطقية ومنها البراغلة وغيرها من الشعارات التي تنم عن جهل عميق، مطالبا بمحاسبة من يطلق هذه الشعارات.

فبينما لم أكن يوما مؤمن بالحزبية أو الانضمام لحزب معين وبالذات في فترة ما قبل الوحدة لأنني نشأت في بيئة تجرم الحزبية دستوريا ومع ذلك فحين تحققت وحدة اليمن العظيم وأتيحت الفرصة للناس للانضواء تحت مضلات الأحزاب كنت وغيري كثير من أبناء اليمن يخافون من الحزبية والتي لا تجر علي الأوطان سوى التخريب والاعتقاد بأن الحزب فوق الوطن وأن الولاء للحزب فوق إي ولاء خاصة في ظل الأحزاب التي خاضت غمار تجارب في بلدان أخري وجئ بها إلي اليمن علي الرغم من أن كثير منها قد لفظ من موطنه الأصلي خاصة بعد التجارب المريرة من الكبت والظلم والدماء.

ومع بداية أيام الوحدة المباركة وما شابها من تقسيم للماء والهواء والتراب بين شركاء العمل السياسي وانخراط كثير من الناس تحت المظلات الحزبية المشروعة دستوريا وكانت الحملات الشديدة لاستقطاب أعضاء للانضمام للحزبية خاصة وقد التحق كثير من أبناء اليمن ومن مختلف مناطقها أوديتها وسهولها وجبالها في العمل الحزبي ولان الهدف من الحزبية إثراء الحياة الديمقراطية والسياسية في الساحة اليمنية .

وفي هذا الظرف الراهن والخطير من تاريخ يمننا الحبيب وما يواجه الوطن من مخاطر تحدق به من جهات شتى ليس أولها مناطق الشمال الملتهبة والمعقدة او مناطق الجنوب وفرق الحراك المختلفة المتطاحنه سرا والمتحدة ظاهرا أو مايواجة الوطن من تآمر باسم الدين وقتل الناس وتكفيرهم.

وفي ظل انتشار انفلوانزا الثورات التي أطاحت بأنظمة ورغبة البعض علي تعميم هذه التجربة دون النظر إلي اليمن جغرافيا و اجتماعيا وما يعتقد به البعض من أن الخروج للمظاهرات قد يحقق رغبه دفينة في الخلاص من النظام دون الحساب للثمن الذي ستدفعه اليمن.

ولو تمعنا النظر في تطلعات الشعب اليمني لوجدنا أن الأخ رئيس الجمهورية قد أعطي نموذج جميل ومشرف في تلبية مطالب الشعب عبر مبادرته بعدم الترشح أو التوريث وذلك قبل أن تنفذ المعارضة مهرجانها الشعبي و في ظل انتشار سعير الثورات وتثو يرها إعلاميا وهذا ما أثبتت الأيام صدقة وبالذات حين تأخرت القيادة المصرية المخلوعة بتنفيذ مطالب شعبها والتي لم تكن تتجاوز إلغاء قانون الطوارئ وتعديل الدستور وتقديم الفاسدين للعادلة حتى أن أحد شباب الثورة في مقابله مع أحدي القنوات الفضائية قال لو أن قرارات 8 فبراير جاءت في 28 يناير لأنتهي الأمر.

لا تزال الفرصة سانحة للجميع حكومة ومعارضة للخروج بالوطن إلي بر الأمان وتطبيق مصفوفة المؤسسات الدستورية وتعديلها مع ما تقتضيه مصلحة الوطن ودون الاعتماد علي الشارع لفرض الأمر الواقع بل يجب أن يكون الشارع مع المطالب المشروعة والعادلة وغير المستفزة لان العناد إذا استمر فستكون الكارثة أكثر مما يتصور البعض ورغم الإيمان المطلق بان المواطنين البسطاء هم من سيدفعون ثمن المغامرة بين الحاكم والمعارضة.

ومن هنا انُاشد العقلاء من أبناء اليمن في المعارضة والحكومة الاستماع إلي ما جاء في البيان الصحفي للشيخ الجليل عبد المجيد الزنداني رئيس جامعة الإيمان حيث قال إن الثورة إذا قامت في اليمن ستكون عواقبها وخيمة بسبب الأزمات في شمال الوطن وجنوبه، وانتشار السلاح في أيدي المواطنين وضرورة الإسراع بإخراج اليمن من محنته بتشكيل حكومة وحدة وطنية من كافة الأطياف تعمل خلال فترة لا تزيد عن ستة أشهر على التحضير لانتخابات برلمانية حرة ونزيهة بعد إجراء حوار جاد بين مختلف الأطراف لتقديم ضمانات لنزاهة الانتخابات وليعلموا أن اليمن الذي طحنته الحروب وسياسة الإفقار والتجريع لا يحتمل مزيدا من إسالة الدماء تكريسا لأهداف لا تمت لخدمة الوطن والمواطنين بخير بل يجب التفكير بعقلانية لأجل اليمن إن كانوا صادقين.