المفلحي :القضية الجنوبية أصبحت اليوم أمراً واقع
بقلم/ مأرب برس - خاص
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 5 أيام
السبت 10 مارس - آذار 2012 10:51 ص
 
المفلحي والزميل محمد الصالحي
 

حاورة -محمد الصالحي

- القضية الجنوبية أصبحت اليوم أمراً واقعا لا يمكن تجاوزه كما في الماضي, نود بداية ان نسألك الى اين وصلت القضية الجنوبية اليوم?

* أولا شكرا على المقدمة التي أعطتنا أكثر من حقنا ، وأما بخصوص القضية الجنوبية فهي قضية حقوقية سياسية بامتياز والقضية الجنوبية اعتقد انه قبل ان نسال اين وصلت ? يجب ان نسأل لماذا ظهرت? او كيف ظهرت? هذه هي البداية لفهمها فهذه القضية ظهرت في تصوري كنتاج لصراع سياسي بين الدولتين باسم واحد وكذالك بسبب وحدة قامت في 22 مايو 90م للصراع اكثر مما اسست لتثبيت الاتحاد , وبذالك كان طبيعيا ان تأتي حرب 94م لأن الوحدة لم تقم بشكل اتحادي بقدر ما كانت ( أنا أو أنت) ولم تكن (أنا وأنت ) ولذالك كان الاستحقاق المشروع لهذا المولود المشوه هو حرب 94م وسيطرة منظومة (ج .ع .ي ) او بالأصح العصابة الحاكمة, على كل مقدرات الوطن وبالتالي مارست حالة الاقصاء والإلغاء للجنوب عامة, وعلى ذالك ارى ان القضية الجنوبية كما اسلفنا حقوقية سياسية بامتياز, وانه بدون حلها على اسس ترضي شعب الجنوب وتحقق طموحاته من خلال هذا الحل فأنها ستضل شوكة في خاصرة الجزيرة العربية عموما وليس اليمن لوحده.

- أستاذ عبد العزيز انت طرحت ان القضية الجنوبية نشأت من (أنا أو أنت) وأدت إلى هيمنة العصابة الحاكمة ومنظومتها في (ج .ع .ي ) اين كانت خبرة وتجربة الحزب الاشتراكي وقياداته ,وجيشه وعلاقاته ورجاله من هكذا وضع?

* أولا أنا لم اقل ان القضية الجنوبية أسست للصراع ولكن قلت أن هذه الوحدة الاندماجية بالشروط المشوهة للشكل الاتحادي كانت أساس لصراع وليس لاتحاد هذا تصحيحا للكلام، أما كيف انتصرت منظومة شمال الوطن على منظومة الحزب الاشتراكي في الجنوب فاعتقد اني لا اضيف تعليق على الموضوع اكثر مما قاله السفير السوفيتي في اليمن عندما قال( ان المنظومة في الشمال كانت الأقدر في ادارة الصراع في الجنوب بل هي الاكثر اختراقا للوضع في الجنوب) ولذالك لا نعلق اكثر من ذالك.

- بالنسبة للقضية الجنوبية هل كان من المفترض ان تصل الى افضل مما وصلت اليه ?ماذا تقول عن الصعوبات والعوائق في ذالك?

*اولا من خلالكم احيي الحراك والثورة السلمية الجنوبية التي اعتمدت الخيار السلمي الشجاع لهذه الثورة ومثلت اول ثورة عربية تطالب بحقوقها على اسس سلمية واعتقد ان الحراك اختار الاسلوب السلمي اساس استراتيجي في حركته حتى تحقيق مطالبه, اما هل وصل الحراك الجنوبي لتحقيق مآربه انا اعتقد ان طريق النضال هو طريق طويل مليئ بالأشواك والمصاعب وتحفه المخاطر من كل اتجاه , خاصة كما نعرف ان منطقتنا استراتيجية وخطرة وتحوم حولها كل اشكال الاستقطاب السلبي والإيجابي , وبالتالي اعتقد ان الحراك الجنوبي حاول منذ البداية ان يكون مستقلا بعيدا عن أي شكل من اشكال المحاور والاستقطاب السلبي ,ولكني اخشى ان لا يدوم هذا طويلا وخاصة مع الاستقطاب الحاصل الان في المنطقة ,واعتقد ان الثورة الجنوبية حققت بعض اهدافها وهي اسقاط النظام العصابي القائم بالتعاون مع ثورة التغيير, والأمر الثاني انها حققت مشروعية هذه القضية اقليميا ودوليا ويكفي ان هذه القضية اصبحت الأن معترف بها في كل المحافل.

- لكن الأن تعددت الأطراف التي تنادي بالقضية الجنوبية وتعددت التباينات, انت شخصيا هل ترى ان هذا التعدد يخدم القضية ام لا?

*ان تعدد الفصائل والتيارات في الحراك يفترض ان يكون ظاهرة ايجابية على افتراض انها تمثل حالة وعي ديمقراطي بالاعتراف كل بالأخر وبالتالي فان الطيف السياسي تمثل بنحو ايجابي في كل الساحات الجنوبية ولكن اذا كان هناك من سلبية لهذا التعدد بأن بعض هذه الفصائل للأسف الشديد لا زالت تستجر الماضي بكل ابعاده السلبية ,وبالتالي فإنها ستجد نفسها تمثل ثقافة الاقصاء والإلغاء وهذا هو الأمر الذي لا يجب ان يكون مصاحبا لهذه الثورة.

- ثقافة الاقصاء هذه تقودنا الى ان الصراع القائم الآن له جذور في الماضي ,هل يمكن استبعاد التاريخ والثقافة والماضي مما يحدث الان? والجميع ايضا يصنف الصراع بأنه سياسي ولا احد يطرح اثر الثقافة والتاريخ ودورهما في الصراع?

*اعتقد سنكون مكابرين اذا لم نطرح اسس الصراعات وفقا لأسسها التاريخية والثقافية والتي ترتب عليها هذا الوضع فنحن ندرك ونعي سلفا ان الثقافة الامامية كانت قائمة اساسا على ثقافة الإخضاع والأذلال ,ومن هنا فالصراع التاريخي ممتد لأكثر من 900 عام وكان الجنوب الصخرة الصلبة التي تكسرت عليه أوهام الطامعين ,ولكن بعد الاستقلال مباشرة نجد ان جزء من هذه الثقافة التي تسمى بثقافة الاقصاء والالغاء والاخضاع والأذلال قد مورست بشكل بشع جدا على مستوى الساحة في الجنوب ابان الحكم السابق ,وعلى ذالك من الخطا جدا ان نعتبر اننا وصلنا الى مرحلة من الوعي فيما كان ,وفي نفس الوقت نستخلص العبر مما نحن فيه اعتقد انه لازالت المشكلة هي المشكلة .لان المشكلة هي في الوعي ,وبالتالي فان الازمة لاتزال قائمة ,اذا لم يحصل هناك نوع من التغيير في وعينا وثقافتنا بان نمارس ثقافة القبول بالآخر وفي نفس الوقت ان نقبل بالدولة المدنية الحديثة بمفهوم دولة سيادة القانون وليس قانون القوة, والتحرر من ثقافة الاخضاع والأذلال.

- قلت أن الثقافة الأمامية انتقلت الى الجنوب وجددت الصراع في تلك الفترة ,اذا سلمنا جدلا بصحة ما تقول الآن في مسألة الحراك لا اعتقد ان نفس هذه الثقافة موجودة ,لكن من وراء ثقافة الكراهية ? هل هي ايضا امتداد لنفس الثقافة الامامية السابقة التي كانت موجودة بعد الاستقلال ,كيف تفسر ثقافة الكراهية الآن من ابناء وشباب الحراك ضد اخوانهم من ابناء المحافظات الشمالية?

*هذا امر يؤسف له واعتقد ان هذا ليس من اخلاق وسلوك الثائر ,فالثائر عندما يشرعن لنفسه قهر الاخر وظلمه فانه يسقط عن نفسه صفة الثورية ومفهومها, ومفهوم المطالب بالحقوق المشروعة . لأنه يفترض بالثائر ان يكون له بعد انساني واضح ويقاوم الظلم بكل اشكاله وبأي موقع كان ويرفض قهر اخيه الانسان .أما الحالة القائمة من ثقافة الكراهية الآن فاعتقد ان النظام السابق قد امعن وأوغل في ارساء ثقافة الكراهية كناتج طبيعي لسلوكه وتاريخه الطويل وثقافته الممتدة الجذور والتي تمثل ثقافة الكراهية وثقافة التطويع والأذلال اساسا ترتكز عليه, ومن هنا اتهم المنظومة السابقة بأنها هي التي تسببت بمثل هذا التأزم اللا أخلاقي القائم جنوب الجزيرة العربية.

-بالنسبة للقضية الجنوبية هناك حلول تطرح ما بين الفيدرالية وفك الارتباط أو وفقا للرؤية التي تقدمها المبادرة الخليجية لحل القضية ,انت كيف ترى الحلول المطروحة الآن لحل القضية الجنوبية?

* القضية الجنوبية للأسف مورس عليها نوع من الإلغاء ونوع من التعتيم الإعلامي المتعمد في كل العالم , ولم يطرح حتى الآن مشروع حقيقي لحلها .انما كل الخيارات مفتوحة لأن المنظومة السابقة لم تكن تعترف على الاطلاق بأن هذه القضية قضية مشروعة وحقيقية , وعلى ذالك وصل الصراع الى ما وصل اليه الان بسب الغاء النظام السابق لمفهوم الاعتراف بالشريك الجنوبي , وفي نفس الوقت لاعتقاده بأن مشروعه في الضم والألحاق قد انجز مهامه , وبالتالي لم يستمع لأي صوت حر يقول له قف . ولذالك ارى انه الآن كل الخيارات مطروحة , والمبادرة الخليجية لم تطرح مشروع تفصيلي لحل القضية الجنوبية وانما تركت ذالك للحوار الوطني, واعتقد ان شعب الجنوب هو شعب راشد وقادر على اختيار طريقه وتحديد مصلحته في أي من الخيارات المطروحة سواء كان فك الارتباط أو الفيدرالية بين اقليمين أو ان تكون هناك كونفدرالية أو الإبقاء على مفهوم الوحدة كما هي. شعب الجنوب هو الوحيد القادر على اختيار الطريق الذي يلبي متطلباته المشروعة التي يتطلع اليها ليكون حرا سيدا على ارضه ومشاركا فاعلا في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في هذا العالم.

- بالعودة بالقضية الجنوبية الى ما قبل الوحدة تحت مسمى فك الارتباط , الا يعطي هذا مشروعية للسلطنات والمشيخات ان تنادي هي بفك الارتباط عن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والعودة الى ما قبل الاستقلال?

*اذا كانت العودة تتم عبر اختيار شعبي فلا ضير في ذالك ولكن اعتقد ان وعي شعبنا قد بني على مفهوم الدولة وليس القبيلة و وعليه اجزم بأن أي مشروع قادم لا يمثل تطلعات المواطن في الجنوب في الحرية والكرامة لن يكتب له النجاح , وفي نفس الوقت على افتراض انه تم فك الارتباط فان شعب الجنوب لن يقبل الا بمنظومة فيدرالية على مستوى المحافظات كنظام سياسي واداري قائم بالنسبة للجنوب او للشمال والجنوب في آن واحد.

-قلت ان فهم التاريخ مهم لفهم الواقع المعاصر فما قبل الاستقلال مثلت دولة اتحاد الجنوب العربي ومدينة عدن تحديدا مشروع حضاري متقدم وسباق في المنطقة , فمدينة عدن مثلا كانت تمثل مشروعا للتعايش بين الطوائف والديانات بمختلف توجهاتها ومذاهبها, ولكن دمر هذا المشروع وتم استبداله بمشروع الكراهية الذي يسوق الآن , هل هناك علاقة بين المشروع المدمر السابق والمشروع الحالي لأن من قاد المشروع السابق هو من يتبنى ويسوق للمشروع الحالي هل يعيد التاريخ انتاج نفسه بهدف تدمير جديد ?  

*لا اعتقد ذالك لأن من قام بهذه الثورة هو شعب الجنوب العربي ولن يقبل هذه الاشكال الانتهازية التي تحاول امتطاء الحراك وهذا توظيف للموقف بشكل انتهازي لتعاد نفس المشاريع الظلامية السابقة ,فانا اقول بأنه لن يكتب النجاح لمثل تلك المشاريع التي اثبتت فشلها بالسابق وشعبنا قد استوعب الدروس وأستطيع الجزم بأنه لن يقدم مرة اخرى على الأخذ بتجربة قد اثبتت فشلها بالسابق.

وتجربة الجنوب العربي المسمى باتحاد الجنوب العربي كانت بالفعل تجربة حضارية بامتياز ولكن للأسف الشديد فأن جيوش الجهل تغلبت على العقل والحكمة في تلك المرحلة, وتوارى صوت العقل والحكمة وضربت تلك التجربة في مقتل , واعتقد ان تلك التجربة التي تلت الاستقلال لا يمكن ان تتكرر مرة اخرى , لأن الرموز القائمة الان في ارض الجنوب والتي تمثل الروح الحقيقة للثورة ليست الرموز السابقة, وعلينا ان نطمئن بأن عدن ستعود بالفعل لتمثل الطيف السياسي والثقافي والعرقي بكل اشكاله والوانه وثقافاته ودياناته , وستكون كما كانت موطن الجميع دون استثناء . 

-بالنسبة للثورة الشبابية هل ترى انها استوعبت القضية الجنوبية او وضعتها من ضمن أولوياتها?

*اعتقد بان الثورة الشبابية المباركة هي الثورة الحقيقية في تاريخ اليمن الحديث على مستوى الشطر الشمالي ومثلت مع ثورة الحراك في الجنوب اول ثورة شعبية حقيقية على مستوى الدولتين وبعيدة عن الاجندات السياسية الجاهزة وفي نفس الوقت لم تعد تتحكم بهذه الثورة نخب سياسية كما في السابق حيث يقوم بعض الضباط ممن يسمون بالضباط الاحرار - او أي شكل من الاشكال – بعملية انقلابية او ثورية . ولذا فالثورة الشبابية مع ثورة الحراك مثلت اول ثورة حقيقية وشعبية بامتياز خرجت لترفض كل اشكال الماضي بما فيه وما ترتب عنه من امور سلبية لثورتي سبتمبر واكتوبر, وبالتالي نعتبر ان هذه الثورة الحقيقية التي ستقود اليمن بأذن الله الى التغيير الافضل نحو بناء الدولة وسيادة القانون والتنمية الشاملة. 

- تعليقك على مسالة النخب والشباب يقودنا الى مسألة الثقة بالقيادات التاريخية التي شاخت ولا تزال تمارس العمل السياسي , الا يفترض وجود بعد اعمق للقضية الجنوبية بحيث يلتحم الجميع لتكوين عمل مؤسسي لا يهم فيه الاشخاص بقدر ما تهم فيه البرامج السياسية?

* اولا انا اختلف حول مفهوم ما يسمى بالقيادات التاريخية , القيادات التاريخية هي القيادات التي يرتبط تاريخها بالفعل العظيم والإنجازات العظيمة ولذالك تسمى قيادات تاريخية, ولكن كما يبدو في تاريخنا المعاصر من خلط المفاهيم فالقيادات التي قادت شعوبها الى النكبات التاريخية سميت قيادات تاريخية , ولذالك يجب تسميتها بقيادات النكبات التاريخية وانا افضل ان اسمي أي قيادة بالقيادة السابقة لنخرج من أي تصنيف للفعل التاريخي والغير تاريخي ولذالك لتسمى بالقيادات السابقة وهي جزء لا يتجزأ من هذا الوطن , وهم مواطنون لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات وعلينا ان لا نستجر الماضي بكل ابعاده ورموزه حتى لا نكرر ما قد اخطأنا به سلفا, ولذالك اعتقد الآن ان القيادات السياسية في الجنوب غير قليلة ففيه من القيادات الشابة والواعية والتي تستطيع ان تملئي الفراغ بقوة وبأضعاف مضاعفة, والثورة الجنوبية ماضية نحو اهدافها سواء بوجود القيادات السابقة او بدونها.

- امتدادا لما سبق هل ترى ان القضية الجنوبية تحتاج الى عمل مؤسسي وفق برامج سياسية ام يجب ان ترتبط بأشخاص?

*أي عمل سياسي وأي ثورة وبالذات القضية الجنوبية اذا لم يوجد لها حامل رئيسي يمتلك ويعمل وفق رؤية واضحة وفي نفس الوقت برامج واضحة لفعاليات وتطلعات هذه الثورة فانه من الصعب ان تحقق اهدافها بسهولة , واذا ما استمر هذا الفراغ سواء في الغياب القيادي او بعدم تشكيل الحامل القيادي الذي يمثل القضية الجنوبية في المحافل الإقليمية والدولية فان صعوبات جمة ستواجه هذا الفعل الثوري.

- تحدثت عن أهمية الحامل الشرعي والسياسي ولكن المراقب يجد عدم اتفاق بين القيادات الجنوبية وغياب للحامل السياسي الموحد للقضية الجنوبية حتى الآن مما دفع بالممثل الأممي جمال بن عمر ليسأل من يمثل القضية الجنوبية لنتحاور معه , وليس بعيدا عن مسامعكم ما حدث عندما زار عدن مع ممثلي الاتحاد الأوروبي والتقائه على انفراد بقيادات شابة ومختلفة للحراك وسمع كلاما يمكن وصفه بالعشوائية كلاما لا يجيد حتى اللباقة الدبلوماسية, كيف ترى ذالك ? والى اين المسار المستقبلي يتجه بهكذا وضع وبغياب الحامل السياسي والشرعي الذي تتحدث عنه?

*انا تحدثت عن ضرورات العمل الثوري الحقيقي والعمل المنظم لما هو حاصل. وما حصل مع الممثل الأممي الاستاذ جمال بن عمر او مع السادة السفراء ممثلي الاتحاد الأوربي لا املك تفاصيل كثيرة عنه وعما دار فيه ولكن الذي اعتقده جازما انه بالفعل حدث هناك خطاء والظهور بالمظهر الذي وصفته يسيئ للقضية الجنوبية اكثر مما يفيدها , ولذالك دعونا وندعو من فترة طويلة جدا لعقد مؤتمر وطني واسع يحظره كل الطيف الجنوبي دون استثناء بما في ذالك منظمات المجتمع المدني ليتم انتخاب قيادة تأخذ مشروعيتها من الشعب عن طريق ممثليه في هذه التشكيلات من قوى الحراك والأحزاب السياسية وممثلي منظمات المجتمع المدني, والشخصيات الإجتماعية والسياسية والأكاديمية وهذا هو الاسلوب الامثل لتشكيل حامل القضية الجنوبية وتبني رؤية واضحة لحل القضية الجنوبية وحل المشاكل على مستوى اليمن عموما حيث يمثل حل القضية الجنوبية الجزء الرئيسي في حل هذه المشاكل. وبدون الانطلاق بمشروع واضح اعتقد انه ربما سنتأخر في الوصول لأهدافنا.

-من آخر عبارة قلتها بان عدم وجود المشروع الواضح سيؤدي الى تأخر القضية , وبوجود الانقسامات على مستوى الساحة الجنوبية في الداخل بين شباب الحراك ورفع اعلام مختلفة تمثل مراحل مختلفة من تاريخ البلد قبل الاستقلال وبعده وبعد الوحدة وفي نفس الوقت نجد عدم تلاقي قيادات الخارج وتعدد المشاريع والاجندات لصالح من يعترك الناس بالشارع الجنوبي? وهل لأحداث يناير 86 تأثير على ذالك كما يعتقد البعض?

*انا اجزم هنا ان خلق النزاعات والصراعات بين مختلف فصائل الحراك الجنوبي في الداخل والخارج عمل قام ويقوم به المتضررون من الحراك وعلى راسهم النظام السياسي السابق الذي استطاع اختراق الحراك من خلال هذه الاشكال النشاز التي تحاول ان تقود الحراك السلمي بعيدا عن مساره السلمي البحت بدفعه الى مربع العنف والاقصاء والإلغاء وهذه الثقافة لا توجد الا لدى المنظومة السابقة وعليه من يمارس هذه الممارسات هو ابن شرعي لتلك المنظومة العصابية وفي الجانب الاخر اجد انه لا ضير في حمل اعلام وصور مختلفة فهذا تعبير ديمقراطي ما دام يفهم ويؤدى بالأسلوب الديمقراطي السلمي القائم على القبول بالتعدد ,بمعنى الاعتراف بالآخر وحريته وحقوقه وهذا شكل من اشكال الإيجابية, الخطورة هي تبني ثقافة الالغاء والاقصاء , وادعاء مشروعية تمثيل شعب الجنوب من أي طرف من الاطراف والغائها عن الاخرين فهذه هي ثقافة المنظومة العصابية التي كانت تحكم اليمن.

اما عن احداث يناير 86م فاعتقد انها احداث مأساوية وشعبنا في الجنوب قد ادركها وتعلم الدرس ومثلت حرب 94م رد فعل على ذالك, وادرك شعبنا ان الصراع الداخلي هو الذي يضعفه ويسقطه في معادلة الصراع امام الاخرين , ولذالك فشعبنا في الجنوب عقد العزم على الا يعود الى الماضي وعمل على استشراق افاق المستقبل من خلال مفهوم التصالح والتسامح بكل ابعاده. واعتقد انه يجب علينا ان نطبق بالفعل مفهوم العدالة الانتقالية بكل شروطها لطي صفحة الماضي .واحداث يناير 86م لم تكن بعيدة عن نظام (ج. ع. ي) الذي كان له دورا خطيرا في ضرب الارادة الجنوبية بمقتل خلال دورات الصراع المختلفة وهذا امر لم اقله بل قاله اللواء علي محسن صالح الأحمر .

- هذا يقودنا الى امر اخر ففي فترة حكم الحزب الاشتراكي للجنوب سابقا البعض يرجع ممارسات الحزب واخطائه حينها بسبب تغلغل منظومة بعض ابناء تعز في الحزب وانت تقول اليوم المنظومة الحاكمة سابقا, فلو سلمنا جدلا بذالك لماذا لا يعترف الاخوة بالجنوب وبشجاعة بالأخطاء التي ارتكبوها بدل تحميلها الاخرين او على الاقل بالقابلية لديهم لمثل هذا التأثير في حال حدوثه?

*مقاطعا أي منظومة حاكمة تقصد . مقاطعا وموضحا( منظومة الشمال التي هي سبب التمزيق والفرقة في صف الحراك الجنوبي الآن كما تقول) لم اقل الشمالية انا قلت المنظومة الحاكمة , والمنظومة الحاكمة هي تكتل مصلحي من الاتجاهات من صعدة الى المهرة فكل من هو مرتبط بمصالح غير مشروعة مع هذه المنظومة فهو جزء من هذه المنظومة. مقاطعا (لا تنسى القابلية عند الاخوة الجنوبيين فلو لم يتقبلوا الامور لما حدثت واما ما يحدث هو جزء من ثقافتهم شأنهم شأن الاخرين) مقاطعا لا لا نحن امام وضع طبيعي هناك شعب لا نتصور انه يتمتع بثقافة احادية نستطيع ان نعمل له عملية جراحية تمنع دخول هذا أو ذاك , ولكن في تصوري ان القائم هو سلوك انساني وهذا شيئ طبيعي في الصراع ان نجد كلا يستخدم ادواته واساليبه لإظهار عدم مشروعية الاخر ومن هنا هذا الاختراق الذي حصل لم يستطع الغاء القضية الجنوبية ولن يستطيع وما هو حاصل هو حالة مؤقته سرعان ما ستنكشف امام الشعب فيقصيها تلقائيا وستلفظ نفسها بنفسها ولذالك انا مطمئن ان الحراك الجنوبي بخير وشعب الجنوب قد استوعب دروس الماضي ولا يريد ان يكررها بأي شكل من الاشكال.

- دعنا ننتقل إلى موقف القوى الوطنية من القضية الجنوبية كيف ترى موقف اللقاء المشترك وتحديدا موقف كل من حزب الاصلاح - الذي يعارض او لنقل انه ليس متحمسا للفيدرالية ويرفض فك الارتباط وماذا لو وصل للحكم- والحزب الاشتراكي كل على حدة?

*في اعتقادي انه في البداية لم يكن هنالك وعيا حقيقيا بالقضية الجنوبية لدى معظم القوى الوطنية , ولكن اعتقد ان اللقاء المشترك مثل حالة متقدمة عن بقية الاحزاب الاخرى لفهم القضية الجنوبية وعلى رأسهم الحزب الاشتراكي وحزب الاصلاح لإدراكهم سلفا ان النظام السابق مثل خطرا حقيقيا على الوحدة والبلد ولذا قاموا بتشكيل اللقاء المشترك واعتقد ان هناك اليوم فهما معقولا للقضية الجنوبية من كلا الحزبين.

اما حول فرضيتك ان الاصلاح يرفض الفيدرالية أو فك الارتباط معا ولا يقدم البديل الذي يعترف بالقضية الجنوبية ويقدم الحل الذي يرضي شعب الجنوب فهذا انتحار سياسي لا اعتقد انه سيقدم عليه .و القضية الجنوبية سواء وصل للحكم ام لم يصل فلن يستطيع احد اخراس الصوت الثائر في الجنوب المطالب بحقه في الحياة المشروعة وسيادته على ارضه واعتباره الشريك المناصف في هذه الوحدة او هذا الشكل الاتحادي , ولو صح ما تطرحه فما هو في نظري الا اعادة للشكل التاريخي في التطويع والإلغاء والاذلال والاخضاع واستطيع ان اجزم واقول أنه لم يخلق من يستطيع ان يخضع شعب الجنوب .

- كيف يمكن اذا معالجة القضية الجنوبية وفقا للمبادرة الخليجية ووفقا لما بعد 21 فبراير?

*المبادرة الخليجية هي مبادرة اقليمية اممية ,بمعنى اخر ان العالم اجتمع من اجل اخراج اليمن من هذا المأزق الذي وصل اليه. ثورة لم تستطع الحسم ونظام لم يتنازل عن تمسكه في السلطة ولو على حساب التضحية بشعبه ومن هنا اتت المبادرة كفك ارتباط بين المنظومة الحاكمة والشعب الذي يتوق للحرية والاستقلال والتنمية واعادة صياغة حياته من جديد وعلى ذالك ارى في هذه المبادرة انقاذ لليمن من الوقوع في ما هو اخطر, وهو الشكل الفوضوي المأزوم الذي قد يجر ذيول التدهور بحيث يكون حقل خصب لدخول وهيمنة قوى الارهاب والاستقطاب السلبي الاقليمي والدولي في هذه المنطقة المهمة من العالم والتي تطل على اهم الممرات البحرية العالمية, وعليه فالمبادرة تمثل حلا مقبولا يبنى عليها للوصول لتحقيق اهداف الثورة بالتدرج وبشكل كامل في ظل رقابة شباب الثورة على مختلف المراحل. اما في ما يتعلق بالقضية الجنوبية فكافة الخيارات مفتوحة والحوار في ظل رعاية اقليمية ودولية امر مهم جدا فمن خلاله انا واثق انه سنصل الى صيغة ما سواء فك ارتباط او كونفدرالية او فيدرالية بشكل نتراضى عليه ويحقق غايات شعبنا في التنمية والسلام والاستقرار. والوضع بعد 21 فبراير سيكون افضل لحل قضية الجنوب.

- هناك شبه اجماع اقليمي ودولي على ان الحوار سيكون تحت سقف الوحدة ففك الارتباط غير وارد فلماذا يصر تيار علي سالم البيض على هكذا مطلب?

*ان شعب الجنوب هو صاحب الحق المطلق في تقرير مصيره وهو الذي يختار الحل الذي يراه مناسبا لتحقيق غاياته وهنا اعتقد ان الحوار من غير شروط مسبقة هو الذ سيحقق الوصول الى الحل الذي نرتضيه وبغير ذالك فان عملية الاستقواء او القوة او الاخضاع او الاذلال فان الشعوب اليوم كبرت على هكذا مفاهيم ولن تقبل مثل هذه الاطروحات , وعلينا الاتجاه بشكل سلمي واضح للحوار بقلوب وعقول مفتوحة لنناقش كل الخيارات وقطعا يمكننا الوصول الى حلول تحقق الغايات وتحل المشاكل العالقة.

- لكم مقولة مشهورة منذ فترة طويلة(شعشعة)وتقصد بها الشيوعية والتشيع وكأنك كنت تتنبأ بما حصل وسيحصل كيف ترى استقطاب وجر القضية الجنوبية الى اتون الصراع الاقليمي والدولي من خلال العلاقة القائمة بين علي سالم البيض وايران التي تواجه حصارا اقليميا ودوليا وما تأثير ذالك على القضية الجنوبية?

*الخوف هنا هو من الاستخدام السياسي لمفهوم الفكر سواء كانت الشيوعية او التشيع او التسنن او أي من الافكار الاخرى. فانا من هذا المنطلق ضد الصراع المذهبي بكل اشكاله وارفضه رفضا قطعيا وأؤمن بالتنوع ما دامت كل طائفة لا تلغي الاخرى ولا تفرض على الاخر شروطها من خلال البعد الطائفي فليؤمن الانسان بأي مذهب اراد ولكن لا يجب عليه ان يفرض معتقده على الاخرين بالقوة ,وكلنا في المواطنة متساوون في الحقوق والواجبات ونحتكم الى قانون واحد بعيدا عن الطائفية او أي شكل من اشكال الايدلوجية السياسية .وما يحاول البعض ان يجرنا فيه الى اتون صراع اقليمي او دولي فيفترض بنا ان نكون واعيين ومتنبهين لذالك اكثر من أي وقت مضى. والبيض ليس حالة وحيدة فهناك الحوثي وجماعته فلماذا نطرح البيض فقط في مفهوم الاستقطاب لإيران الذي انا لا اقره بينما هناك حالة واضحة موجودة وقائمة وممثلة في حركة الحوثيين الذين يجب عليهم الا يفرضوا رؤيتهم بالقوة وفي نفس الوقت لا يجب ان تحل قضيتهم بالقوة . يجب علينا ان نحل كافة مشاكلنا عن طريق الدعوة الى حوار حقيقي وجاد اولى مفاهيمه الاعتراف بالأخر وعدم الغائه وبذالك نستطيع ابعاد بلادنا من الاستقطاب السلبي وهو الاستقطاب المدمر وهو الذي سيجر بلادنا الى اتون حرب لا نهائية وتحويلنا الى ميدان صراع لقوى دولية واقليمية وتحولينا الى ساحة للحرب وهذا امر نرفضه رفضا قطعيا ولا نقبل به وعلينا تجنبه, بينما هناك استقطاب ايجابي يحقق مصالح كافة الاطراف في ضل دولة نظام وقانون واستقرار.

- هنالك دعوة يتحدث عنها البعض لانفصال حضرموت ما رأيك في ما بداء يشاع حول هذا الموضوع?

*انا اعتقد انه عندما يوجد الظلم يبحث الأنسان عن الخلاص لرفع الظلم, وبالتالي من حق أي اقليم أو محافظة أيا كانت رفع الظلم عن كاهلها, ولو قلت لي ان الحديدة او تعز او عمران تريد الانفصال وكان هو خيارهم الوحيد لرفع الظلم سأؤيدها للخروج من هذا المأزق لكي توجد لها نظامها الذي يحقق للإنسان غاياته في الحرية والكرامة والاستقلال والتنمية , فالقضية جوهرها الانسان وليس المسميات او المصطلحات. وحضرموت بمفهومي انا هي دولة عظيمة حقيقة وتعني بمفهومها السابق حيث كانت حضرموت الكبرى هي اصلا من المهرة الى ميدي , وبالتالي نحن مع حضرموت الكبرى وفقا لهذا المفهوم, ولكن اذا كان هناك من يدعو الى اقامة دولة حضرموت بشكلها الجزئي المعروف حاليا علينا ان نحاورهم وبشكل جاد لماذا يريدون لوحدهم الانفصال بهذا الشكل, لأننا ننظر الى قضيتنا بأننا جميعا نريد الخروج من هذه المحنة والمأزق الذي نحن فيه بسبب ثقافة النظام السابق, وقضية حضرموت هي قضية كل المحافظات التي عانت وتعاني من التهميش والاقصاء فهي قضية المهرة وشبوة وتعز وعدن والجوف والحديدة وعمران فكلنا نعاني نفس المعاناة وبالتالي لا بد ان نجد مخرجا لنا جميعا بالقدر الذ ي يحقق لنا غاياتنا وطموحاتنا في العدل والعزة والكرامة وحكم القانون وقوته لا حكم التهميش وقوته وذالك سواء على مستوى المحافظة او الاقليم عموما .

-على ذكرك لمختلف المحافظات عشت في تعز جزء من حياتك واستقبلتك كأحد ابنائها وكان لك دورا رياديا فيها بصعد متعددة ان كان على مستوى العمل الوطني والسياسي او العمل الشبابي والكشفي حيث كنت قائدا عاما للكشافة والمرشدات وتركت بها بصمات لا تنسى, ومثل ذالك نموذجا لوحدة النسيج الاجتماعي والتعايش وبمقارنة تلك الفترة الرائعة بما يحصل اليوم من تمزيق للنسيج الاجتماعي ونشر ثقافة الكراهية بين مكونات المجتمع أي مفارقات ترى بين الماضي والحاضر?

*انا اعتقد اننا مازلنا نعيش نفس الازمة ونفس الشروط المولدة لها , والأنسان اينما يضع نفسه يكون ولأني خلقت مناضلا ومقاوما للظلم في أي مكان كان تحت الأرض .لكن السؤال الذي يجب ان يطرح هو لماذا تجاوب معي اهلي في تعز?

لقد تجاوب اهلي في تعز معي لأني كنت وما زلت اعبر تعبيرا صادقا وشجاعا عن كل مظالمهم وطموحاتهم وعلى ذالك تم الالتفاف ووقفنا جنبا الى جنب كالبنيان المرصوص في مواجهة تلك الألية الظلامية التي مثلت الشكل البشع لسياسة الاخضاع والاذلال – وهي نفس الالية التي ثار عليها شعبنا اليوم- واستطيع القول انه بشباب تعز الابطال واهلها الكرماء وقفنا معا جنبا الى جنب لرفض كل اشكال الظلم التي كانت قائمة في تلك المرحلة ووصلنا الى ما وصلنا اليه حينها, ولكن هل بقت الامور كما هي للأسف الشديد لا, لقد عاد الشكل الظلامي يمارس الانتقام من تعز لدورها في الماضي والحاضر, وهناك مقولة ثأرية لرأس النظام السابق يقول فيها ( سأعيد تعز هذه الى قرية) وكرر نفس المقولة عن عدن عندما واجه الرفض من قبل مواطنيها الشرفاء. وها نحن نرى اليوم تعز لا زالت تئن من جراحها الطويلة تاريخا والعميقة نزفا حيث مورس ضدها ابشع انواع الظلم واستباحة الحقوق والبسط على الاراضي وتدمير القيم والى ما هنالك من اشكال الاقصاء الذي يعاني منه ابناء تعز , حتى اشكالية الماء المصطنعة هي نوع من العقاب الجماعي الذي مارسه النظام السابق وكأننا في بيروت عام 1980م عندما احتلتها جحافل العدو الصهيوني وجعلوا من الماء وسيلة عقاب جماعية لأهلها الابطال, لقد مورس نفس الفعل ضد شعبنا في تعز الضغط من خلال الماء . ولكن اليوم تعز انتفضت وقامت في ثورة 11 فبراير 2011م المباركة وقالت لا للظلم لا للقهر والاذلال ولا للإخضاع ولن يتراجع ابنائها حتى يحققوا مطالبهم. وعندما اتذكر تعز تأتيني مقولة اقولها بكل فخر وعز وهي ما قاله ابي قبلي وسيقوله ابنائي بعدي تعز اهلي واخواني ونحن ننتمي الى اصول قبلية واحدة اذا استخدمنا الاصل القبلي الذي هو جزء من حياتنا واذا اخذنا المفهوم القبلي الشائع في اليمن وجنوب الجزيرة العربية فنحن من منبع واحد وكما هو معلوم فان قبائلنا ممتدة من ميدي الى المهرة , وفي نفس الوقت اذكرك انه يوجد قبايل للمفلحي وتحمل نفس الاسم في منطقة قدس بالمواسط وكذالك المذاحج هي جزء لا يتجزأ من يافع كما ان رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام في تعز الشيخ جابر عبدالله غالب اصوله يافعية والمنطقة التي يقطن فيها اسمها الأيفوع وتلك دلالة لغوية تؤكد اين الاصل واين الفرع, وكذالك في الرياشية في رداع تجد قبيلة المفلحي. وعلى ذالك حينما اتذكر تعز اتذكرها بكل فخر واعتزاز وزادني اعتزاز بها انها مثلت روح الثورة ووقودها في ثورة التغيير على مستوى الشطر اشمالي من الوطن , وانا اشعر بالاطمئنان بأن هذه الثورة لن تعود الى الوراء ,ولن نعود نحن الى الماضي القريب , والذي يعتقد ان الامور ستعود الى ما كانت عليه قبل ثورة 11 فبراير فذالك محض خيال واضغاث احلام , فلن تراوح تعز مكانها بعد الخطو القوية التي خطتها للأمام بل سيتبع ذالك خطوات وأوكد على ذالك. اما عن ثقافة الكراهية التي يحاول البعض بث سمومها الان فما هي الا محاولة لبقايا النظام السابق والمتضررين معه من الفعل الثوري الكائن في الشمال والجنوب.

- كما تعرف السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة فحيثما توجد سياسة تجد قطعا ثمة اقتصاد ورائها وكونك رجل اقتصاد وخبير اقتصادي بارز هل ترى ان ثمة امكانية لحل المعضلة الاقتصادية في بلادنا ? وكيف? وعلى أي مدى زمني?

*بخصوص المشكلة الاقتصادية في اليمن والادعاء ان اليمن فقيرة في مواردها هذا ادعاء باطل وغير حقيقي لأنه ببساطة كل موارد اليمن منهوبة من قبل الفئة الباغية ا لتي استولت على السلطة والثروة ولفئة محدودة في المجتمع , سيطرت على كل مقدرات الوطن في الشمال والجنوب, والمفروض ان الحالة الاتحادية بمفهومها الحقيقي تكون حالة اضافة وزيادة في الدخل على مستوى الفرد والدولة, وكون ان حكم العصابة قام على سياسة الانتقاص من كل شئي انتقاص في السيادة , انتقاص في الحرية , انتقاص في الدخل لماذا? لأن البلد في الشمال والجنوب تم تحويله الى شركة قابضة للمنظومة الحاكمة وازلامها, مما ادى بالطبيعة الى ان الموارد الاقتصادية لم تستثمر على اسس صحيحة , كما لم توجد لها اوعية حقيقية, وكانت تحكمها سياسة الفيد ونتج عن ذالك عدم التوظيف في مجالات التنمية. وتأسيسا على ما سبق اقول بأن اليمن بالفعل اذا ما قدر لها ان تقرن هذه الثورة بثورة ادارية تحكمها الشفافية والتخطيط على المدى المتوسط والطويل ووفقا للموارد والامكانات القائمة والمستقبلية فاعتقد انه ممكن الخروج من هذه الازمة خلال خمس سنوات على ابعد تقدير.

- حددت 5 سنوات كفترة زمنية للخروج من الازمة الاقتصادية ولكن ازمتنا ازمة مركبة على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والقيمية والاقتصاد لا يمكن فصله عن بقية مكونات الازمة , كيف ترى المخرج?

*فيما يتعلق بالجانب السياسي انا من مؤيدي الشكل الاتحادي للكونفدرالية بين اقليمين لان هذا يحقق شكل الشفافية في الحكم وفي استثمار الموارد البشرية والطبيعية بأقصى طاقاتها, واعتقد انه بالفعل سيكون هناك الى جانب مفهوم الحرية الذي اقرنه انا دائما بالمفهوم الاقتصادي , اذ ليس بالإمكان ان اكون انسانا حرا على الاطلاق ورغيف الخبز لا اضمنه ولا امتلكه بيدي وما دام رغيف الخبز بيد جلادي فقطعا بالتبعية اسقطت حريتي . ان الحرية بافضل اشكالها وانصع صورها هي التي تتمثل بالعدالة الاقتصادية , بمعنى اخر بالتوزيع العادل للثروة, وخلق مجتمع حر واقتصاد حر ,والاقتصاد الحر هو الاقتصاد التنافسي الذي تحكمه معايير الاخلاق ,مع رفضي لمفهوم الخصصة وبالذات في دول كاليمن او دول العالم الثالث , لان مفهوم الخصصة قد يؤدي الى ظهور شكل من اشكال التنمية اللا متوازنة, وبالتالي يؤدي الى اشكالية اخرى هي سلب الثروة , لتتركز بأيدي حفنة قليلة من افراد المجتمع على حساب الاكثرية, وبالتالي يتوسع الفقر وتعظم دائرة الافقار. ولذالك ارى اننا في هذه المرحلة نحن في امس الحاجة لتعظيم مفهوم حرية التجارة والاقتصاد الحر وفقا للمفاهيم السابق ذكرها, وفي المقابل نحن بأشد الحاجة الى التركيز على المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية من قبل الدولة للمجتمع ,بمعنى اخر فان قضية الصحة والتعليم والعمل حق من الحقوق المشروعة لأي مواطن, فلا اعتقد انه بتخصيص التعليم والمستشفيات سنخلق الجيل الذي يخلق التنمية المستقبلية التي من خلالها نخلق التحدي الحضاري في بناء الانسان .

واذا ما استخدمنا لغة الارقام لمزيد من توضيح الصورة وتقريبها للأذهان ,فان الموازنة التي نلاحظها على مستوى الجمهورية اليمنية ابتداء من عام 2000م وحتى عام 2005م نجد وضعا يدعو للاستغراب فمثلا في عام 2002م كانت الموازنة حوالي 2-3 مليار دولار وفجأة ترتفع الى 5-6 مليار دولار ,ودخل قطاع النفط لوحده تقريبا 2 مليار دولار فاين بقية القطاعات في الدخل القومي, وهنا السؤال يطرح نفسه. واجزم بان اليمن لا تقل موازنتها من كل القطاعات الطبيعية وغيرها لا تقل عن 12 مليار دولار . وذا صدقنا ان الموازنة هي 6 مليار دولار سنجد ان المستخدم منها في التنمية استخداما حقيقيا لا يتجاوز 2 مليار دولار . فعلينا ان ننظر للكم الهائل المسلوب والمسروق من خلال الية الفساد من ثروات الوطن سنويا والذي يقدر بحوالي 8-10 مليار دولار تسرق وتذهب ادراج الرياح, ولذالك اراهن ان اليمن اذا خطت بالاتجاه الصحيح وباقتصاد مخطط ومنظم وبنيت الخطط على اسس واقعية وفقا للإمكانات المتاحة بكل اشكالها واستخدام الميزات النسبية لدينا بشكل فعال, فاعتقد جازما اننا خلال 5 سنوات سنشعر ببداية تغيير غير عادي ان لم يكن من السنة الثالثة.

** ختاما شكرا لك شيخ عبد العزيز المفلحي.

*شكرا لكم.