نيابة الأموال العامة في الضالع تنفذ حملة لإغلاق محلات الصرافة المخالفة في قعطبة تم تعذيبه حتى الموت ..وفاة شيخ مسن ٌمختطف في سجون الحوثيين بمحافظة البيضاء واتس آب تكشف عن ميزات جديدة لمكالمات الفيديو .. تعرف عليها فايننشال تايمز تكشف عن الطريقة التي ستتعامل بها إدارة ترامب مع ايران ومليشيا الحوثي وبقية المليشيات الشيعية في المنطقة عيدروس الزبيدي يلتقي مسؤولاً روسياً ويتحدث حول فتح سفارة موسكو في العاصمة عدن وزارة الدفاع الروسية تعلن عن انتصارات عسكرية شرق أوكرانيا العملات المشفرة تكسر حاجز 3 تريليونات دولار بيان شديد اللهجة لنقابة الصحفيين رداً على إيقاف أنشطتها بالعاصمة عدن محتجز تعسفيا منذ سنه..بأوامر مباشرة من محافظ صنعاء المعين من الحوثيين.. نقل رجل الأعمال الجبر لاصلاحية ومنع الزيارات عنه 3 حلول لحماية صحتك النفسية من الأثار التي تتركها الأخبار السيئة المتدفقة من وسائل الإعلام والسويشل ميديا
«أخلاقيات قارب النجاة»، فكرة طرحها البروفيسور وعالم البيئة الأمريكي اليهودي جاريت هاردن، وفيها يُشبّه العالم بقارب للنجاة ليس فيه من الطعام ما يكفي الجميع، وبالتالي يجب أن يذهب الطعام إلى من يتمتعون بأكبر فرصة للنجاة، ويدع قائدُ السفينة الذين يصارعون الأمواج للغرق، وينبغي ألا يشعر بوخز الضمير، بل عليه أن يفتخر بذلك، لأنه حافظ على ركاب السفينة الأقدر على النجاة.
وهي نظرية لاأخلاقية لمواجهة خرافة ندرة الموارد، فالسفينة هي موارد الأرض، والركاب الناجون هم العالم الغربي، وأما من يجب عليهم أن يموتوا غرقا فهم العالم الثالث، وقطعًا ندرة الموارد خرافة اخترعتها تلك العقلية الاستعمارية للتحكم في الشعوب.
ولا نندهش لنظرية هاردن، حين نعلم أن روربرت مكنمارا وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، قال في خطاب أمام نادي روما عام 1979، إن الارتفاع الصاروخي لعدد سكان العالم، يشكل أكبر عائق أمام التطور الاقتصادي والاجتماعي، لهذا ينبغي منع وصول عدد سكان الأرض إلى عشرة مليارات، ورأى أن ذلك يتحقق بطريقتين: الأولى تخفيض معدل الولادات، والثانية رفع معدل الوفيات، والأخيرة يمكن تحققها بسهولة في العصر النووي، حيث يمكن للحروب أن تؤدي الغرض، إضافة إلى المجاعات والأمراض. هكذا قال مكنمارا.
كما أصدر مجلس الأمن القومي برئاسة هنري كيسنجر، مذكرة اعتمدتها الرئاسة عام 1975، تفيد بأن زيادة سكان العالم هي التحدي الأكبر أمام أمريكا، وبأنها ستؤدي إلى ظهور جيل معادٍ للإمبريالية، مقترحا في المذكرة استخدام الغذاء كسلاح لمواجهة زيادة السكان.
أسوق هذه المقدمة الطويلة لشق الطريق أمام الحديث عن العقلية الاستعمارية، التي لا تتوانى في إلحاق الدمار بالبشرية من أجل حساباتها الخاصة، وهو ما يجرنا إلى الجدل الثائر مع تفشي وباء كورونا، ووصوله إلى هذا المنعطف الخطر، بشأن تعاظم الصراع بين أصحاب نظرية المؤامرة، وأصحاب الحساسية الشديدة من نظرية المؤامرة، حول ما إذا كان الفيروس نتاجا للحرب البيولوجية الباردة وسباق التسلح، وهو الأمر الذي صارت احتمالاته زئبقية، تتباين قوتها من يوم لآخر. فالصين اتهمت الولايات المتحدة بأنها من قام بتصنيع الفيروس، واستهدفت به الصين، الغول الاقتصادي الذي يهدد عرش أمريكا. والولايات المتحدة اتهمت الصين بأنها صنعت الفيروس، ولا يزال ترامب يسميه «الفيروس الصيني» ويلقي التبعة على غيره من أجل تحسين موقفه قبل الانتخابات، بل اتّهم الصين بالتواطؤ مع الحزب الديمقراطي في أمريكا، حتى يخسر انتخابات آخر العام. وإيران تتهم الولايات المتحدة بأنها من بثت هذا الوباء فيها من أجل القضاء على محور المقاومة.
تكهنات وإن كانت تضعف أمام اجتياح الفيروس لهذه الدول بأسرها، إلا أن القول بوجود تسريب بيولوجي عن طريق الخطأ – في سياق السباق المحموم بين الدول العظمى لامتلاك القوة – قد يكون احتمالا له حظ من النظر. وبعيدًا عن هذه التكهُّنات ومدى مصداقيتها، فإن ما أصاب العالم اليوم بسبب هذه الجائحة، وكونها نتيجة حرب بيولوجية، هو أمرٌ ليس ببعيد عن العقلية الاستعمارية للدول العظمى، التي لم تبال يوما بالإبادات والمجازر الجماعية التي ترتكبها بحق البشرية، من أجل سيادة عرق أو عنصر، أو من أجل كنوز الأرض وخيراتها. هذه العقلية التي جعلت العالم بأسره على حافة الدمار، وهو محاصر بأسلحة الدمار الشامل التي لا يفصله عن آثارها المدمرة سوى ضغط أزرار، وتلك العقلية التي لم يكفِها التسابق النووي على الأرض فنقلته إلى الفضاء، هي العقلية ذاتها التي لن تقيم للإنسانية وزنًا وهي تُصنّع وتُطور الفيروسات القاتلة في مختبراتها العلمية، فلا أرى فرقا بين هذا وذاك. وزاد الطين بلة، أن الأنظمة والحكومات ليست وحدها في هذه اللعبة، بل تدخل فيها شركات وكيانات اقتصادية عالمية، خاصة في عهد هيمنة الرأسمالية، التي تعمل على استثمار الكوارث، فشعار الرأسمالية المعاصرة: «الخوف والفوضى محفزان لكل قفزة جديدة إلى الأمام» وتعلق نعومي كلاين في كتابها «عقيدة الصدمة» على مقولة مايك باتلز «قدّم الخوف والفوضى إلينا فرصة ذهبية» فتقول: كان هذا المُخبر السابق لدى الاستخبارات المركزية البالغ من العمر ثلاثة وأربعين عاما، يشرح كيف ساعدت الفوضى التي تلت اجتياح العراق، شركته الأمنية الخاصة عديمة الشهرة والخبرة، على تحقيق ربح قاربت قيمته مئة مليون دولار». فهناك التقاء واضح بين الرأسمالية المعاصرة والكوارث لا شك. فهل يستبعد عن تلك العقلية إلحاق الدمار بالعالم؟ وأنا هنا لا أقطع بأن دولة ما أو جهة ما مسؤولة عن وباء كورونا، لكن أسعى للتأكيد على أن تلك العقليات الاستعمارية ليس ببعيد عنها أن تفعل، سواء عن عمد، أو بطريق الخطأ في ظل التحضير لحرب بيولوجية.
تلك الجائحة التي يترنح العالم جرّاء تداعياتها، كانت عاجلا أم آجلا ستحدث بسبب سياسات الدول العظمى العدوانية، هذا هو المتوقع في ظل سعار الإنفاق على سباق التسلح وامتلاك أدوات القوة، في حين أن حاجاتها الآن من الأدوات الطبية ولوازم الإجراءات الوقائية والعلاجية غير كافية، ما حدا بدول عظمى أن تتلقى معونات طبية من دول العالم الثالث، التي تتاجر هي الأخرى بسلامة شعوبها الفقيرة، وعلى سبيل المثال، يرسل النظام المصري مساعدات طبية لأمريكا وإيطاليا والصين، رغم تواتر الأخبار من مصر بأن المستشفيات تعاني نقصا في الإمكانيات والأدوات الطبية، وصرخات الطواقم الطبية تتعالى على صفحات التواصل الاجتماعي لهذا الشأن.
أقول إن مثل هذا الوباء كان أمرًا منتظرًا ومتوقعًا، ولذلك على مدى عقود مضت، صدرت عدة روايات، والكثير من الأفلام السينمائية تتوقع هذا السيناريو، بشكل أو بآخر، لدرجة أثارت شكوك البعض حول ما إذا كانت تلك الأعمال الفنية توطئة لحدوث هذه الجائحة. الأيام وحدها ستبرز الحقيقة، وفي كل الأحوال نحن ألعوبة في يد الكبار، وأبعد من أن يضعوا سلامتنا وسِلمنا في الاعتبار، طالما أننا ما زلنا راضخين للاستعمار في ثوبه الجديد، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.