تقرير يكشف تفاصيل فضيحة حوثية بقيمة 13 مليار دولار - تحمل بصمات منظمات الأمم المتحدة ارتفاع حاد وجنوني في أسعار السلع الأساسية في الأسواق المحلية اليوم جهود تقودها سلطنة عمان لتصدير النفط اليمني بتسيق أممي واقليمي .. بمشاركة دولية واسعة...وزير الداخلية يشارك في افتتاح المعرض العالمي للأمن الداخلي بقطر صحيفة لوس أنجلوس تايمز تنقلب على كامالا هاريس ..وابنة مالك الصحيفة تكشف المسكوت العلامات الحمراء على جسمك...ما أسبابها وما عليك فعله ؟ إنطلاق مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في السعودية .. بحضور رؤساء شركات مالية وتكنولوجية شاهد كنوز اليمن في الخارج.. واحدة من أندر مجموعات الحلي وتمثال يعود للقرن الأول ميلادي هل هرب نعيم قاسم من لبنان ومن أين سيقود معركته ضد إسرائيل؟ بعد ساعات من تعيينه زعيما لحزب الله: إسرائيل تتوعد بتصفية نعيم قاسم
مأرب برس ـبروكسيل ـ خاص
نعترف بأن الموضوع شائك ومعقّد، ويحتاج الى المزيد من الدقة في التحليل والمتابعة، ولكنه ليس غريبا في العرف السياسي أن يُعقد القران بين الخصوم والأعداء وبأية لحظة، فالمصالح هي التي تقرّب الأعداء وتفرّق الأصدقاء، وضمن مبدأ التكتيك السياسي، والذي بنظرنا هو شعار نفاقي ،أو تخريجة دبلوماسية تفوح منها الإنتهازية، ولا تختلف عن مبدأ ( التقيّة ) الذي أخرجته إيران وأذنابها من قيمته المعنوية والسامية لتجعله خيمة تستر نفاق المنافقين، وكذب الكاذبين، أي إستطاعت نقل التقيّة والتي هي وسيلة و عامل إنقاذ للإنسان والأمة والرعيّة والمجموع وفي أوقات الشدائد الحرجة جدا، لتجعله بلدوزرا يهدم كل ما هو أمامه من أجل فتح الطريق الى المنافقين والإنتهازيين والجبابرة وأمراء الحرب وتحت شعارات دينية وروحانية مزيفة، و مثلما نراه جاريا ا في العراق، وفي أماكن أخرى من المنطقة .
وقبل الدخول في تحليل هذا الموضوع ،فلابد من طرح بعض الأسئلة المهمة ،والتي هي بالتأكيد قدحت
وستقدح في ذهن الكثيرين، والتي ستجدون أجوبتها أو الإشارة اليها ضمن سياق التحليل السياسي والإستراتيجي لهذا الموضوع، والأسئلة هي :
السؤال الأول :
هل أن إنقسام تنظيم القاعدة في العراق جاء مكملاً الى الإنقسامات التي حصلت في جيش المهدي وطيلة الفترة الماضية، والتي جعلته متهما بإرتكاب قسما كبيرا من التجاوزات والجرائم وعمليات الخطف والتفجير والقتل في العراق، خصوصا وأن جيش المهدي كان رمزا وطنيا في العراق، وكان أملا في تحرير العراق من الإحتلال والإختلال، وخصوصا في السنتين الأوليتين من إحتلال العراق، ولكن نتيجة الإنقسامات والإختراقات التي كانت ولا زالت وراءها بعض الدول والقوى، وأهمها الولايات المتحدة من خلال دوائرها في العراق، وإيران من خلال المخابرات الإيرانية ( إطلاعات ) و الحرس الثوري المتسلل في العراق، والذي تدعمه السفارة الإيرانية في العراق، وبعض الأحزاب والمنظمات العراقية التي توالي إيران مثل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية بزعامة عبد العزيز محسن مهدي الطبطبائي الأصفهاني الحكيم، ومنظمة بدر وهي الجناح العسكري للمجلس، وبزعامة هادي العامري المتزوج من سيدة إيرانية، وتساعدهم بعض الحركات والمنظمات الفرعية والتي تشترك في الحكم في العراق، وطبعا هناك دولة خليجية صغيرة لعبت هي الأخرى لعبة كبيرة في خلط أوراق جيش المهدي، والأوراق السياسية في العراق، كي تمنع وحدة العراق والشعب العراقي، لأنهما تهددان أمنها القومي والمستقبلي من وجهة نظر بعض فروع قياداتها الحاقدة على العراق والعراقيين؟
السؤال الثاني :
هل أن إنقسام تنظيم القاعدة في العراق هو إشارة لموت زعيم تنظيم القاعدة بن لادن، أو هي إشاره لتقاعده لأسباب إجبارية أو مرضية أو لوجستية، أي بمعنى فقدان التنظيم للقيادة المركزية، خصوصا وأننا لا نسمع ومنذ فترة إلا لبعض الأشرطة المسجلة والتي تنسب الى الشخص الثاني في تنظيم القاعدة وهو أيمن الظواهري، والذي تخبط في الكثير منها، وسبّب جدلا كبيرا بين فروع تنظيم القاعدة في العالم، وحتى بين الحركات والأحزاب الإسلامية في المنطقة والعالم، وبفرعيها المسالم والمقاتل ... ونتيجة ذلك وعلى مايبدو بحث تنظيم القاعدة عن مرجعيّة كي لا يموت التنظيم وينتهي، فوجد إيران فتحالف معها ضد خصميهما وهم الولايات المتحدة وتنظيم القاعدة بفرعه الأميركي، وبعض الحركات السلفيّة السنيّة، إضافة للأحزاب والحركات العلمانية واليسارية والقومية والعروبية ... لذا هل هو تحالف إختياري وتكتيكي من جانب طهران، وكذلك من جانب القاعدة؟
السؤال الثالث :
هل أن التحالف بين تنظيم القاعدة في العراق وطهران جاء إجباريا وبشروط طهران لأن الأخيرة أصبحت قادرة على محاصرة قياداته في العراق، نتيجة التغلغل الإيراني الكبير في العراق، ونتيجة التغلغل والإختراق التي نجحت به إيران في تركيبة تنظيم القاعدة في العراق، وأخذت تؤثر عليه كثيرا من حيث الممارسة والأيديولوجية والتحرك داخل العراق، والذي أصبح يخدم المصالح والنوايا الإيرانية في العراق ... وهل لأن إيران نجحت بالتفاوض مع قيادات تنظيم القاعدة في أفغانستان والعراق وباكستان والمغرب العربي على القيادات المحتجزة في إيران منذ سقوط تنظيم طالبان ،وهروب قيادات تنظيم القاعدة نتيجة الحرب الأميركية في أفغانستان الى إيران والتي يبلغ عددها ( 25 شخصية قيادية من الخط الأول والثاني، وعلى رأسهم الناطق باسم تنظيم القاعدة وبن لادن الشيخ أبو غيث الكويتي وأبناء بن لادن ) خصوصا وأن هناك تقاريرا غربية سياسية وصحفية أكدت وطيلة السنوات الماضية، بأن المخابرات الغربية والأميركية رصدت أبناء بن لادن في إيران وأكثر من مرّة ،ولم يصدر نفيا من تنظيم القاعدة ، ولتعزيز أقوالنا نذكر ما نشرته مجلة شيشرو اللأمانية فنشرت بتاريخ 26/10/2005 ( إن إيران تسمح الى 25 من كبار أعضاء تنظيم القاعدة من بينهم ثلاثة من أبناء أسامة بن لادن بالتجوّل بحرية في العاصمة طهران ، وعن مصادر مخابرات غربية والأفراد المسموح لهم ينتمون لجنسيات مصر ، أوزبكستان ، السعودية، وأوربا ،وأنهم يقيمون في منازل تخص الحرس الثوري الإيراني ، وإن أبناء بن لادن سعيد ، محمد ، وعثمان بينهم ).... فلماذا لا تتكلم الولايات المتحدة عن هذا الأمر؟ ولماذا لا يتكلم الغرب عن هذا الأمر؟ ولماذا لا يتحارش بن لادن بإيران ؟ فهل الجواب يكمن بما أوردته هذه المجلة؟ .
وبإختصار ..هل أن إيران نجحت بفرض شروطها أو تحالفها مع القاعدة في العراق بالمساومة على أبو غيث وأبناء بن لادن؟
السؤال الرابع :
هل أن التحالف بين طهران والقاعدة في العراق فرضته ظروفا سياسية قاهرة، وتحت مبدأ المثل العتيق ( أنا وأخي على بن عمي .. وأنا وبن عمي على الغريب ) فيما لو أخذنا بالإعتبار أن المذهب السني الحقيقي هو توأما للمذهب الشيعي العلوي العربي، وأن المذهب السني اللادني هو إبن عم سياسي للمذهب الشيعي الصفوي الفارسي ... ولنوضّح أكثر عندما نستطيع القول : هل أن هذا التحالف جاء ضمن إستراتيجية ( هات وخذ ) أي أن إيران تدعم نظام طالبان والقاعدة في أفغانستان إعلاميا ولوجستيا وإستخباريا وماليا وسياسيا ضد القوات الغربية هناك، وضد حكومة كرزاي مقابل دعم القاعدة لطهران ومخططاتها وأصدقائها في العراق، وأن إيران ستوفر لهم كثير من اللوجست والمال والسلاح في العراق؟
السؤال الخامس:
هل لا زال الجدل والتنافس الحاد ساريان واللذان كانا سببا بالكراهية أحيانا بين وزارة الخارجية الأميركية من جهة ووزارة الدفاع ( البنتاغون) من جهة أخرى في العراق وحول مستقبل العراق ...وهل لازال الجدل والتنافس الذي وصل للكراهية أحيانا بين المخابرات الأميركية ( سي أي أيه) من جهة ووزارة الدفاع ( البنتاغون) من جهة أخرى، وأحيانا مع وزارة الخارجية الأميركية.. والذي كان سببا رئيسيا في إخفاقات الإدارة الأميركية السياسية والعسكرية في العراق والمنطقة؟
معركة صامتة بين طهران وواشنطن في العراق..دفعت طهران للتحالف مع طالبان والقاعدة
فمن خلال متابعتنا لملف تنظيم القاعدة في العراق، وفي مناطق أخرى من العالم، نستطيع القول أن تنظيم القاعدة يمر بأزمة المرجعيّة والتمويل واللوجست، وعلى ما يبدو فإنه قد وجد ضالته في ما يسمى بالجمهورية الإسلامية في إيران وأصدقاءها ومخالبها في المنطقة، وعندما أطلقنا كلمة ( ما يسمى ) لأن معظم أفعال وخطوات إيران لا تدل على نهجها الإسلامي، وخصوصا في العراق والدول العربية الأخرى، وأن سياساتها المبطنة لا تدل على النوايا الإسلامية، بل على النوايا الفارسية القوميّة، و من خلال شعارات دينية وروحانية تصب في خانة ثقافة الإستحمار والإستغفال والميكافيلية بكل شيء، وحتى في الدين والفقة والمذهب والأخلاق والمحرمات.
ونتيجة هذه الأزمة أصبح هناك صراعا على تركة تنظيم القاعدة بين الولايات المتحدة ومن معها في المنطقة من جهة، و إيران ومن معها في المنطقة من جهة أخرى ،أي أن كل طرف يريد كسب المزيد من أعضاء وخطوط تنظيم القاعدة، ويبدو أن إيران قد قطعت شوطا كبيرا في النفوذ داخل تنظيم القاعدة في العراق، وفي أفغانستان أخيرا ،وكذلك في دول المغرب العربي، فأصبحت تشكل مع القاعدة لوبيا مخيفا يكاد يحاصر الولايات المتحدة ومن بقي معها من تنظيم القاعدة، وأن هذا اللوبي الإيراني موجود في تنظيم القاعدة، وفي داخل بعض الحكومات العربية في المنطقة، لهذا برزت معركة الإستراتيجيات بين طهران وواشنطن، وضمن معركة من يتغدى بمن، ومن يتعشى بمن.
فالولايات المتحدة تريد تطبيق إستراتيجية قصقصة أجنحة إيران داخل العراق، أي أنها تريد المعركة ضد إيران من العراق، ومن خلال الوسائل المختلفة ،ويبدو أن دعم الولايات المتحدة ( والمثير للجدل) الى الأحزاب والحركات والشخصيات التي توالي إيران في العراق كانت الغاية منها زرع الجواسيس بينهم، وداخل إيران، ومن ثم معرفة تفكير الإيرانيين، وليكونوا هؤلاء شعرة معاوية بين طهران وواشنطن، ومن ثم يكونوا مغناطيسا جاذباً للإيرانيين نحو العراق وعبر صفقات سياسية وإقتصادية ودينية ومذهبية، وبالفعل دخلت أعدادا كبيرة من الحرس الثوري والمخابرات الإيرانية ( إطلاعات ) على شكل رجال دين وخبراء وتجار وإقتصاديين وهيئات للأغاثة، وسائحين وزوارا للعتبات المقدسة، وكان كل شيء تحت أنظار الأميركان والبريطانيين ومن معهم، فتورط من تورط من السياسيين العراقيين والتجار والوجهاء مع إيران وبالصورة والصوت والدليل , ليتم الإنقضاض عليهم في الزمن الذي تحدده واشنطن ودوائرها في العراق.
ولهذا فعندما أنتهت عملية التوغل والتدخل داخل العراق بدأت الولايات المتحدة في المرحلة الثانية، وهي مضايقة الإيرانيين وأصدقائهم العراقيين رويدا رويدا وبشكل تصعيدي من خلال وسائل الإعلام، وتسريب بعض التقارير التي كانت ترادفها غارات أميركية على بعض الحسينيات و المقرات الحزبية والسياسية التابعة للشخصيات والأحزاب التي توالي إيران، وتحريك بعض الملفات المتعلقة بالإرهاب والفساد وإستغلال النفوذ والمنصب ضد البعض منهم، وخصوصا الذين هم في العملية السياسية والبرلمان وبعض الوزارات، حيث تم إقتحام بعض المكاتب الحكومية فتم أعتقال بعض الشخصيات السياسية والدينية، وكل هذا يمثل المرحلة الثانية من الخطة والتي تتوجت بملاحقة الإيرانيين وإعتقال قسما منهم ،وخصوصا الذين كانوا يعملون في القنصلية الإيرانية في أربيل وبوشاية من مسعود البرازاني شخصيا، وبعد أن شعر الأخير بخطر التحالف بين غريمه جلال الطالباني وإيران، ولا زالت المفاوضات جارية حول إطلاق سراحهم وضمن مبدأ الشد والجذب بين طهران وواشنطن ، ولكن الولايات المتحدة تصر على إستمرار إعتقالهم.
ولو جئنا الى وقع التصعيد الأميركي فكان بمثابة ضربة قوية للحكم في إيران، والتي مهدت لعملية هروب الجنرال ( عسكري) نحو أوربا عندما كان في تركيا، وهو ضابط رفيع جدا ،وكان يشغل منصب نائب وزير الدفاع الإيراني سابقا ومسؤول ملف حزب الله في لبنان، ولقد لعبت دولة خليجية وشخصية نافذة في دولة عربية لها علاقات جيدة مع طهران بعملية هروبه أو تسليمه الى الغرب مقابل بعض الإمتيازات السياسية.
ولقد جاء بعدها بروز السفير السابق والقنصل الإيراني في دبي كمعارض للنظام في إيران، والذي كشف الخلايا الإيرانية في الخليج ،وبعض الأسرار عن المشروع الإيراني في المنطقة، وهناك علاقات سرية نجحت بها الولايات المتحدة أخيرا عن طريق أطراف عربية مع بعض رجال الدين الإيرانيين، ومن الوزن الكبير من الناحية الدينية والإجتماعية، فكل ذلك تشكّل صفحات مهمة من المعركة التي لا زالت جارية بين طهران وواشنطن وداخل العراق.
لهذا صعّدت إيران من عملياتها في داخل العراق سياسيا وعسكريا وإعلاميا ومن خلال تحريك الجناح الذي يواليها في تنظيم القاعدة داخل العراق، ليأخذ زمام المبادرة في المعركة التي تريدها طهران في العراق، كي تنهك وتستنزف الإدارة الأميركية إعلاميا وسياسيا ونفسيا ،وهدفها تحويل العراق الى معتقل للأميركيين ، وزيادة محنة قادتهم لأنها تريد وتعمل أن يأتي اليها الأميركان زحفا على البطون، وبهذا تحولت المعركة الى (معركة إرادات) ويبقى العرب مجرد جمهور مسلوب الإرادة، ويتفرج من بعيد على مآساة العراق والعراقيين .
لهذا ليس هناك إستغرابا من التحالف بين طهران وتنظيم القاعدة في العراق، ولا حتى بين طهران وحركة طالبان في أفغانستان، فلدى طهران المبدأ الميكافيلي والذي تسير عليه وهو( الغاية تبرر الوسيلة) وبطريقة أدق ( الفتوى تحلل كل شيء من أجل المشروع التعجيمي الفارسي) فحسب رأي الكثير من الملالي والإستراتيجين الإيرانيين , ما وجد الدين إلا لتثبيت الحكم وتوسيع الإمتداد والسيطرة، فالذي تحالف مع إسرائيل أبان الحرب العراقية الإيرانية ( 1980 ــ 1988) وبأوامر آية الله الخميني الذي سمح بإستيراد الأسلحة والمعدات والذخائر والصواريخ من إسرائيل من أجل كسب النصر على العراق، ومن أجل قتل العراقيين المسلمين ( راجع مقابلة الرئيس بني صدر مع قناة الجزيرة الفضائية / وكاتب المقال يمتلك وثائق تثبت هذا التعاون) فلهذا ليس هناك عجبا من تحالف طهران التكتيكي أو الإستراتيجي مع قسم من قيادات وفروع تنظيم القاعدة، وحتى تنظيم القاعدة هو الآخر ليس لديه مشكلة من التحالف مع طهران ، فلقد تحالف بالسابق مع المخابرات الأميركية ( سي أي أيه) ومع المخابرات الدولية والعربية والباكستانية، ولا زالت له علاقات سرية مع هذه الدوائر , لذا فإن هناك خطا أميركيا لا زال فاعلا ومؤثرا داخل تنظيم القاعدة ويقدم الخدمات العظيمة الى الولايات المتحدة وفي كل مكان في المنطقة والعالم ، وأن القضية أصبحت واضحة ،وقد أدركها ويدركها حتى المواطن العادي.
لهذا فإيران كانت متحالفة مع خصمها السابق والذي أصبح صديقا لها وهو القائد الأفغاني السني ( حكمتيار) حيث وفرت له الحماية والرعاية والتدريب واللوجست والأموال داخل أفغانستان وفي إيران عندما كان مقيما فيها قبيل الحرب وبعدها حتى عملية دخوله نحو أفغانستان , ولقد برز أخيرا وأعلن تحالفه مع حركة طالبان، وهذا يدل على أن إيران أعادت العلاقة معه، والتي هي أساسا لم تنقطع وبدوره أصبح جسرا أو وسيطا أنجح التحالف بين طهران وحركة طالبان والتي أخذت تسجل كثير من الإنتصارات الكبيرة على القوات الغربية والأميركية في أفغانستان، ووصل الأمر الى إسقاط الطائرات وتحرير المدن والمقاطعات الكبيرة من الأراضي الافغانية، والوصول حتى الى المقرات الحكومية والغربية ليفجروها وبسلاح جديد ومتطور.
فهل جاء هذا السلاح من السماء ؟ فالجواب كلا ... ولكن من مصلحة طهران وموسكو إغراق الولايات المتحدة وحلف الناتو في أفغانستان.
الخيار النووي ضد طهران مفتوحا... واللجوء الى خطة الخفير الطائر واردة
نجزم أن الروس لن ينسوا هزيمتهم النكراء في أفغانستان، وهكذا طهران فهي الأخرى تريد إغراق الولايات المتحدة في وحل أفغانستان والعراق والمنطقة كي تأخذ زمام المبادرة في العراق والمنطقة، ليبرز تحالفا دوليا جاهزا بين طهران وموسكو وبكين، وحينها سينفرط الإتحاد الأوربي من تحالفه مع الولايات المتحدة ولو سرا في بداية الأمر للإلتحاق بهذه القوة الجديدة التي سوف تكون مثل كرة الثلج، وأن نواتها ( طهران بكين موسكو) ولا نعتقد سوف تنجح الولايات المتحدة من أخذ زمام الأمور ثانية إلا من خلال خلط الأوراق من جديد، أي من خلال تهديد إيران بضربات نووية محدودة، أي ستلجأ الى دولة ثالثة وقد تكون روسيا لتقوم بتبليغ طهران بأن هناك عددا من القنابل النووية جاهزة وستسقط على الأماكن الإستراتيجية والسياسية، وهو كالتهديد الذي تم نقله عبر موسكو الى الرئيس الراحل صدام حسين بأن هناك ستة قنابل نووية مخصصة للعاصمة العراقية بغداد ،وكانت بالفعل جاهزة حسب شهادات بعض الخبراء العسكريين والإستراتيجيين الروس والغربيين والعرب وبعض العراقيين، وبهذا ستضرب الولايات المتحدة العصفور الإيراني من خلال تهديده الجاد ، والعصفور الروسي من خلال تخويفه بأن الولايات المتحدة جاهزة لكافة الإجتمالات.
لذا نتوقع وفي آخر المطاف أن الولايات المتحدة ستضطر الى العمل وفق هذا الخيار ( النووي) والذي سيترادف مع ضربات صاروخية مركزة بصواريخ كروز، والتي ستنطلق من البارجات الأميركية في الخليج والمياه الدولية، إضافة للقواعد الأميركية وفي مقدمتها قاعدة إنجرلك في تركيا نحو حلفاء إيران في المنطقة، وذلك من أجل أخذ زمام المبادرة ومنع بزوع جبهات ضد إسرائيل، وضد المصالح الأميركية.
وستلجأ الولايات المتحدة الى خطة الحرف T أو خطة الخفير الطائر ضد أصدقاء طهران في المنطقة ، وهي خطة وإستراتيجية الجنرال ( شوارسكوف) ضد الجيش العراقي أثناء حرب الخليج الثانية عام 1991 عندما شكل خطة ( الخفير الطائر أو الخفير الجوي) والتي مفادها تشكيل خط ناري كثيف ومن الجو من خلال إستخدام مئات الطائرات، والتي سوف تساندها الخطة الإلكترونية التي تعطل رادارات وأجهزة وأقمار الخصوم، فعندما إنسحب الجيش العراقي من الكويت سارعت القيادة العسكرية ( المشتركة للمجاملة ) الأميركية الى تحطيم الجيش العراقي وكسر هيبته وإضعاف نظام صدام حسين عسكريا وسياسيا وإقتصاديا من خلال إعتماد خطة حرف ( T ) الجوية أي إستخدام الطائرات المنطلقة من السعودية وبعض دول الخليج بتشكيل خط ناري ذهابا وإيابا من غرب البصرة نحو شرقها وعلى مدار الساعة وكان البند (الأول) من الخطة، والذي غايته حصر الجيش العراقي في مساحة الموت التي أصبحت بين جنوب البصرة وحدود الكويت الشمالية ، ومن ثم منع قيام الوحدات العسكرية العراقية المتواجدة في البصرة والجنوب العراقي من مساعدة الجيش المنسحب، مع الشروع بقتل الجيش المنسحب و بحرق المعدات والآليات والدبابات المنسحبة والتي تصل الى خط النار الطائر.
وبنفس الوقت كان هناك بند الخطة ( الثاني) وهو التمشيط الجوي القاتل وعلى طول الطريق الذي سلكه الجيش العراقي المنسحب، ولهذا أعطى الجيش العراقي خسائرا لا تحصى بالأرواح والمعدات والطائرات، فأطلق على هذا الطريق عراقيا وعربيا وعسكريا بــ ( طريق الموت) ويعتبرها المحللون العسكريون والإستراتيجيون هي مرحلة من مراحل الحرب التي تقررت في آذار عام 2003 .
فنتوقع أن تلجأ الولايات المتحدة الى هذه الخطة للتعامل مع الحدود السورية الإسرائيلية بالدرجة الأولى، كي تمنع أي خرق أو جبهة ضد إسرائيل، وبنفس الوقت ستقوم بنفس الخطة على طول الحدود السورية العراقية، أما الحدود السورية اللبنانية، واللبنانية الإلإسرائيلية فستكون من واجب القوات الدولية هناك، والتي سيزداد عددها وعلى مراحل وسوف تجد الإسناد الجوي والإلأكتروني وعلى مدار الساعة وعند الضرورة من طائرات وترسانة حلف الناتو في تركيا واليونان وإيطاليا والبحر.
وبهذه الحالة ستنعزل طهران عن أصدقائها في المنطقة، فلم يبق إلا الرد عبر الخلايا النائمة والأحزاب والحركات الموالية لإيران، ولكن ستصاب هذه الخلايا والحركات والأحزاب بخيبة أمل من وجهة نظر منظريها لأنها لن تجد أهدافا أميركية على الأرض كي تتعامل معها في لبنان وسوريا على سبيل المثال، لأن التعامل الأميركي سيقتصر على الجو والأقمار الإصطناعية والإستخبارات، إضافة للإعلام المضلل.
لهذا ربما ستكون ردود الفعل ضد المصالح الغربية والقوات الدولية، وربما سيكون اللجوء الى إفتعال حروب داخلية مذهبية وحزبية وسياسية وخصوصا في لبنان، لهذا ربما ستتحرك الخلايا النائمة والتي هي مخيفة حقا في الدول الأوربية والخليج ودول المغرب العربي، وحسب أعتقادنا أن ماحصل في الجزائر والمغرب وبعض الدول من تفجيرات أخيرا هي مجرد تمارين إستباقية، وجس نبض قوة هذه التنظيمات والخلايا السرية والعلنيّة، والتي لها علاقة بقضية الصدام الأميركي الإيراني، ولا نستبعد بأن طهران وراء ذلك ومن خلال تحالفها مع قسم من تنظيمات القاعدة وطالبان.
إيران وكلّت القاعدة بحرب البيانات في العراق ونسف الجسور والتفجيرات في بغداد
فلو عدنا الى العراق , فلقد تابعنا قضية التحالف الإيراني مع فروع مهمة داخل تنظيم القاعدة هناك، فلقد كان لنا السبق الصحفي بإكتشاف هذا التحالف، عندما قدمنا دراسة ومقالات عن هذا الموضوع ،ولقد تنبأنا بأن هناك ملامح لحروب طاحنة داخل العراق، وسببها طهران وواشنطن، وأن أطرافها الرئيسية هي ( تنظيم القاعدة فرع أيران ومعه إيران والمليشيات التي تواليها في العراق، وتنظيم القاعدة فرع الولايات المتحدة ومعها قوات الإحتلال ومليشيات بعض الأحزاب والحركات التي توالي واشنطن، والتنظيمات المقاومة للإحتلال وللتدخل الإيراني والتي معها الوطنيين العراقيين وبعض الأطراف داخل الأنظمة الخليجية سرا ولحسابات نفعية خاصة) ونتيجة ذلك طفحت الخلافات السياسية والعقائدية بين تنظيم القاعدة في العراق، وبعض التيارات الإسلامية الحكومية والمقاومة والأخرى التي تدعي المقاومة ،ومثال على ذلك هو الخلاف السياسي والعقائدي بين الجيش الإسلامي وتنظيم القاعدة، وهكذا فقد أتضح أن هناك خلافات بين بعض التنظيمات مثل كتائب ثورة العشرين ومن معها مع تنظيم القاعدة أيضا ،وهذا يدل على أننا دخلنا في الفصل الأول من المعركة التي تريدها طهران داخل العراق، وكذلك التي تريدها ( بعض) الدوائر الأميركية من أجل حرق مستقبل الديموقراطيين وإجبارهم على المضي في مشروع الفوضى الخلاقة الذي طرحته مجموعة المحافظون الجدد في الإدارة الأميركية بزعامة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني.
نعم .. فالمعركة السياسية بدأت وتطورت الى حرب بيانات بين القاعدة والفصائل الأخرى ونيابة عن طهران ، وأخيرا تطورت الى صدامات متفرقة ومعارك كمائن وكر وفر ،بحيث طلب الجيش الإسلامي من الحكومة العراقية الإسناد ضد تنظيم القاعدة، فلقد نشرت صحيفة الصباح الحكومية في بغداد بتاريخ 17/4/2007 وعن مصادر حكومية قولها ( أن تنظيم الجيش الإسلامي بادر بمفاتحة الحكومة لمساعدته في القضاء على فلول القاعدة التي يقودها أبو غزوان في مناطق الطارمية والتاجي وعدد من المناطق الأخرى، وأن كتائب ثورة العشرين تقوم حاليا بملاحقة أبو سفيان الأفغاني في مناطق أبو غريب والدورة والفلوجة/ كل هذا حسب قول الصحيفة)
ولكن لوعدنا للخلف قليلا فالجيش الإسلامي كان يسمي هذه الحكومة وسابقاتها بالعميلة، فما الذي تغيّر كي يطلب نجدتها، فهل هو الإحتماء بالرمضاء، فلا ندري هل هو تكتيك جديد أم أن هناك أمور باتت تتكشف يوما بعد آخر ( فلا يجوز الجزم على الظن مثلما لا يجوز إلغاء الآخرين، ولكن الشارع العراقي والإسلامي والعربي بحاجة الى أجوبة لأسئلة كثيرة) فعندما يطلب الجيش الإسلامي مساعدة الحكومة ضد تنظيم القاعدة، فهذا يعني أنه يطلب المساعدة من القوات الأميركية، أي من الولايات المتحدة، لأن رئيس الوزراء نوري المالكي غير قادر على تحريك جندي واحد دون أن يستشير القوات الأميركية وهذه حقيقة وليس نوعا من التجني.
ثم كيف يطلب الجيش الإسلامي مساعدة الحكومة والتي من وجهة نظره ونظر كثير من الفصائل المقاومة والتي تدعي المقاومة بأنها حكومة إيرانية وصفوية، فهل أن ما يحصل هو تخبط، أم أنها لعبة كبيرة باتت تتكشف خيوطها للعراقيين، وأصبح الكل خائف من كشف أمره، ومن وراءه، أم أن الأمر غير ذلك، وأن هدف معظم هذه الفصائل سياسي بحت ( الوصول للحكم) لهذا لا تريد أن تخرج من المولد بلا حمص عندما أصبح الأمر واضحا، أي قوة طهران وأصدقائها من العراقيين الموالين لها ومعهم قسم من تنظيم القاعدة الذي تحالف معها ومعهم ، والذي نجح أخيرا بتسجيل تطور نوعي في العمليات ونوعية الأهداف وبمساعدة إيران سياسيا ولوجستيا وعسكريا وتكتيكيا.
فأن عملية التفجير الأخيرة ( الإنتحارية) والتي حصلت في مقهى البرلمان العراقي لم تحصل لولم يكن هناك إسناد لوجستي من قبل حلفاء إيران في العراق والحكومة والبرلمان والشارع والمنطقة والمكان، فلو كانت بالفعل من عمل تنظيم القاعدة المعروف لدى الجميع لذهب الإنتحاري الى أماكن حساسة وإستراتيجية مادام أنه دخل المنطقة المهمة، أو لذهب لتجمعات ضخمة من البرلمانيين والسياسيين، لهذا فاللغز تحله الصور التي نشرتها وسائل الإعلام العربية والعالمية الى عضو البرلمان المعمّم ( جلال الصغير) والذي هو على قائمة عبد العزيز الحكيم، ومن الموالين الى إيران ومن المروجين للطائفية عبر مسجد ووكالة براثا ،واللذان يشرف عليهما ،حيث بيّنت الصور أنه كان موجودا في المكان ولكنه ظهر مرعوبا ولكنه كان في ركن من أركان المقهى، ونحن نعرف أن تنظيم القاعدة يدعي حربه الشرسة على إيران في العراق، وعلى أصحاب العمائم التي يسميها ( العمائم الصفوية) في الحكومة العراقية، فلماذا لا يذهب الإنتحاري ضوب النواب الذين يوالون إيران، وإن كان لا يعرفهم فالعمائم تدله عليهم اليس كذلك ( وهنا لسنا من المؤججين ضد العمائم سواء كانت منها البيضاء أو السوداء، وكذلك لسنا من المؤيدين للتفجيرات والعمليات الإنتحارية وندينها بشدة) ولكننا نحلّل ونحاجج من قرر وأرسل الإنتحاري، ونحاجج الإنتحاري نفسه، والذي هو من تنظيم القاعدة الذي يحارب إيران في العراق، وينصب العداء الى المجموعات التي توالي إيران في الحكومة والبرلمان والدوائر السياسية اليس كذلك .... لهذا نسأل:
(( لماذا ذهب الإنتحاري القاعدي صوب المجموعة السنيّة التي تعارض الفيدرالية الكردية، وتعارض تكريد مدينة كركوك، وتعارض طروحات عبد العزيز الحكيم الإنفصالية الطائفية، وتعارض التغلغل والتدخل الإيراني في العراق، وتنادي بوحدة العراق الجغرافية والشعبية، وتنادي بالحفاظ على عروبة العراق؟))
فالقضية واضحة كوضوح الشمس أن العملية ثمرة من ثمار التحالف القاعدي الإيراني وجاءت العملية ربما لجس نبض قوة هذا التحالف ودرجة مصداقيته، فلقد جاء كأختبار لصدق نوايا إيران وجماعاتها، ومن الجانب الآخر جاء كأختبار لتنظيم القاعدة ( القسم الذي أصبح متحالفا مع طهران) حيث صدق وأرسل الإنتحاري، ومن ثم قتل وجرح خصوم إيران ومجموعاتها في العراق والبرلمان، وكذلك صدقت إيران عندما مهدت للقاعدة لتصل الى قلب البرلمان والمنطقة الخضراء.
فالسؤال: هل سيتم التحقيق فعلا بهذا التفجير الإنتحاري، أم أن القضية في طريقها للنسيان إسوة بالجرائم الكثيرة ومنها مجزرة جسر الأئمة على سبيل المثال، ومجزرة قرية الزركة في النجف والتي راح ضحيتها الشيعة العرب الأبرياء ولأنهم يرفضون فيدرالية الحكيم ، والتي رفض الأئتلاف الموحد بزعامة عبد العزيز الحكيم التصويت في البرلمان من أجل تشكيل لجنة تحقيقية حول جريمة منطقة الزركة، فهل سيتلفلف تفجير البرلمان العراقي إسوة بالتفجيرات السابقة؟
تضاريس المعركة الدائرة بين تنظيم القاعدة والفصائل المسلحة في العراق
ونتيجة هذا التحالف صعّد تنظيم القاعدة من لهجته الحربية ضد التنظيمات العراقية المقاومة ومن معها ، فلقد قال ــ أبو حسناء الدليمي ــ المتحدث باسم تنظيم ما يسمى بــ ( الدولة الإسلامية في العراق) والذي نشرته صحيفة الواشنطن بوست بتاريخ 15/4/2007 ( أن الجماعات المسلحة لا خيار أمامها ، فأما أن تنضم اليهم في تشكيل مشروع الدولة الإسلامية في المناطق السنيّة أو أن تسلّم أسلحتها لهم قبل أن تتخذ المنظمة إجراء بالقوة ضدها) وهذا يعني إضافة عدو جديد للجماعات المسلحة، ولهذا جاء كلام الجيش الإسلامي والذي هو ركن مهم من أركان الجماعات المسلحة بطريقة التهييج والتحشيم، وكأنه يريد اللجوء الى الحرب الإعلامية والنفسية، فلقد قال ــ أبو محمد السلماني ــ وهو من قادة الجيش الإسلامي ( أن تنظيم القاعدة قتل من المسلمين السنة في محافظة الأنبار لوحدها خلال الشهر الماضي أكثر مما قتل من الجنود الأميركيين خلال ثلاثة أشهر ).
أما بعض الأطراف التي يُطلق عليها صفة الجماعات المسلحة، فقد لجأت الى مغازلة الشيعة العرب ضد تنظيم القاعدة عندما قال ــ أبو مروان ــ وهو زعيم جيش المجاهدين في بعقوبة ( أننا لا نريد قتل المدنيين العراقيين السنة أو حمل الشيعة الأبرياء على النزوح، وأن ما يفعله تنظيم القاعدة في العراق يخالف الإسلام) وطبعا من الجانب الآخر سارع الحزب الإسلامي العراقي وكعادته في إغتنام الفرص، فأصبح يزايد على الجميع، عندما قال عضو البرلمان العراقي عن الحزب الإسلامي وجبهة التوافق ــ علاء مكي ــ والذي يدعي أنه على علاقة مع المسلحين ( إن الجماعات المسلحة السنيّة توصلت الى أن هؤلاء الناس ــ ويقصد تنظيم القاعدة في العراق ــ لا يعملون لمصلحة العراق، وأن هذه الجماعات أدركت أن عمليات تنظيم القاعدة في العراق ربما تؤدي الى تدمير العراق بأكمله).
نستشف من ذلك أن هناك بلورة إنشاء جبهة وراءها الإحتلال وبعض الأنظمة الخليجية وعرابّها الحزب الإسلامي للشروع بمعارك بين هذه الجبهة، وبين ما يسمى بتنظيم القاعدة في العراق والذي أصبح قسما منه مع طهران، والهدف ترسيخ بقاء القوات الأميركية في العراق ، وإستنزاف الخط المقاوم بمعارك بعيدة عن الإحتلال، ثم الهدف الإستراتيجي والذي هو إضعاف جميع الخطوط وإنهاكها كي يتم الشروع بخارطة طريق تخص العراق والمنطقة السنيّة ليكون من هم في العملية السياسية والبرلمان قادتها الكبار، خصوصا وأن معظمهم صعدوا بترتيب من السفارة الأميركية ومن خلال جلسات سرية سبقت الإنتحابات مع قيادة الحزب الإسلامي ومع عدنان الدليمي وخلف العليان، والذين جمعهم السفير الأميركي السابق خليلزاد في تحالف أطلق عليه جبهة التوافق، لذا فأن هؤلاء يتحملون المسؤولية الكاملة لما يحصل في العراق بشكل عام، وما يحصل ضد السنة العراقيين بشكل خاص.
فيبدو أن الأميركيين بحاجة لخارطة الطريق تلك ، كي يتفرغوا نحو معالجة الملف اللبناني والسوري تحت مبدأ الأرض المحروقة بالنسبة لطهران، وكي تنحسر المعركة الكبرى بحدود إيران بعد معالجة الوضع العراقي واللبناني والسوري، ولكن المفيد بهذه الحرب الإعلامية والمناوشات الكلامية بين تنظيم القاعدة والحركات المسلحة، أننا أصبحنا ندرك بأن هناك وراء بعض الفصائل المسلحة دول وبعلم الولايات المتحدة، وضمن أجندة مشتركة ،ونستشف ايضا بأن هناك أكثر من لعبة مورست وتمارس على المواطن العربي والعراقي، ولكن الخوف والتوجس من الصدمة التي ستلحق بالشارع العربي بشكل عام والعراقي بشكل خاص عندما يُكتشف بأن هناك عددا كبيرا من الفصائل المسلحة تم إنشاءها بعلم الولايات المتحدة، وضمن لعبة المصالح ،ونحو إنهاء عنفوان وكبرياء المواطن العراقي والعربي، واللذان جعلا المقاومة العراقية رمزا لهما، لهذا أصبح لزاما الشروع بعملية الفرز الحقيقي من ناحية الولاء والدعم، وبحاجة ماسة لمعرفة المقاوم الحقيقي في العراق كي يُسند وبأي طريقة ومهما كلف الأمر، لأنه لا يجوز أن يبقى العراق وشعبه مختبرا للتجارب السياسية الفاشلة، وحلبة لتصفية الحسابات بين الدول والجماعات، ومكانا لصراع دوائر المخابرات الدولية والعربية والإقليمية.
صراع سياسي حاد بين طهران وواشنطن في العراق .. ومعلومات عن ولادة جمهورية الصدريين
فإيران التي تمتلك تمثيلا علنيا وسريا في كل بقعة من العراق ليست غافلة عما يدور في الساحة العراقية، وما يدور وراء الكواليس، فأن الجميع وبما فيهم القوات الأميركية هي تحت الكونترول الإيراني، لهذا سارعت لدعم حركة طالبان والقاعدة في أفغانستان مقابل دعم القاعدة لها في العراق، ولقد نجحت لحد الآن، لهذا وعلى ما يبدو هي أيضا لديها (خارطة طريق) خاصة بها في العراق وتريد فرضها على الجميع، لأن العراق تحول الى حلبة ومسرحا ًللعروض الأيرانية ومن معها مقابل العروض الأميركية ومن معها .
فلو عدنا الى التطورات التي تجري في المناطق السنيّة، والصراع الدائر بين الجماعات المسلحة وتنظيم القاعدة فهو على ما يبدو جزء من خارطة طريق أميركية، والهدف منها فرض الكانتونات الموالية لها، ولبعض الأنظمة العربية المجاورة للعراق، والتي هي ورقة من أوراق المشروع الأميركي والفوضى الخلاقة
في العراق والمنطقة.
لهذا سارعت إيران الى تنظيم صفوفها وصفوف جماعاتها في العراق فتم الإعلان عن ( جمهورية الجنوب) أخيرا والتي تمثل ثلاث محافظات جنوبية، والتي تزامنت مع إنسحاب التيار الصدري بزعامة السيد مقتدى الصدر من حكومة نوري المالكي، وإن والمعلومات السرية تشير بأن هذا الإنسحاب يوحي بأن التيار الصدري أعد صفوفه ليكون على إستعداد كامل لفرض الجمهورية الخاصة به، فيما لو سارع البعض لإعلان الجمهوريات الخاصة بهم، ويبدو أنه يمتلك معلومات كافية بأن هناك موسما لولادات الجمهوريات الحزبية والطائفية والمناطقية في العراق.
وأن المعلومات الأولية تشير بأن هناك أكثر من رأي داخل القيادات الصدرية ، فالقسم الأول يريد إعلان جمهوريته في مدينة الصدر داخل بغداد مع توسعيها الى الأحياء الأخرى مستقبلا، والقسم الأخر يريد إعلان الجمهورية الصدرية في مدينة العمارة والكوت في جنوب العراق.
أما قوات بدر التي توالي إيران فتريد السيطرة على بعض الأحياء الشيعية في الكرخ، ثم يتم الشروع بإستراتيجية (مفتاح بمفتاح) أي تسنين الأحياء الشيعية المحاذية للأغلبية السنية، وهكذا صفونة وتعجيم الأحياء السنية المحاذية للأغلبية الشيعية، وضمن إتفاق رحيل العائلة السنية صوب جغرافيتها المذهبية لتستلم مفتاح بيت العائلة الشيعية التي كانت هناك والتي بدورها تنتقل الى جغرافيتها المذهبية عندما تستلم هي الأخرى مفتاح بيت العائلة السنية التي كانت في هذه الجغرافية، مع دفع فرق التعويض الذي ستحدده لجان خاصة في حالة أن البيت سين أو البيت صاد حديثا وبمواصفات جيدة ومساحته كبيرة، فسيتم التعويض ماليا.
ولقد نوقشت الخطة في البرلمان العراقي وبجلسات جانبية وغير علنيّة في الأشهر الماضية، ولقد تم قراءة الفاتحة وترديد الصلوات ( وهي طريقة متبعة من قبل أعضاء الحكومة والبرلمان الذين ينتمون للأئتلاف الشيعي والذي وراءه إيران، فهم يقرأون الفاتحة بصوت مسموع ،ويرددون الصلوات بصوت عالي عندما ينتهون من الإتفاق على قرار أو فرمان أو خطة أو طبخة).
ونتيجة هذا كله جاءت الخطط الإيرانية الإستباقية بعزل جانب الكرخ عن جانب الرصافة، ومن خلال نسف جسور العاصمة بغداد ،وضمن أهداف نفسية وعسكرية وإستراتيجية، أي يتم القضاء على التراث وأرشيف الذاكرة العراقية ومن ثم فرض أمر التقسيم الطائفي، فبما أن اللاعب الذي سيشترك مع لعبة طهران المذهبية والسياسية موجود ومتوفر وهو طرف تنظيم القاعدة, فما هو المانع من الشروع بالخطة حسب الرأي الإيراني لتُضرب جميع العصافير بحجر واحد أولها عزل القوات الأميركية عن بعضها ، وعزل العراقيين في الكرخ عن العراقيين في الرصافة ، ثم يتم التفصيل وبالإستفادة من التفصيل الكردي الحليف لهم في الحكومة، وهو الطرف الكردي الذي هجرّ المسيحيين من جنوب ووسط العراق وبالإتفاق مع المليشيات التي توالي عبد العزيز الحكيم، وهكذا تم تهجيرهم من مدنهم الاصلية في أربيل وضواحيها من أجل تأسيس الإقليم المسيحي في جنوب ما يسمى بإقليم كردستان، حيث منطقة ( سهل نينوى) .
وبهذا سيكون أبناء الطيف المسيحي حدودا جنوبية لدويلة كردستان، وحينها سيكون موقعهم المستقبلي، هو الطرف المستقبل للضربات تارة من العرب وتارة من الأكراد ،وسوف يستعملهم الأكراد لإبتزاز الدولة الأوربية في المستقبل ومن خلال الورقة الدينية المسيحية، ولقد قام السفراء الأكراد الذين يديرون بعض البعثات الدبلوماسية العراقية في الخارج بإستقبال بعض المسيحيين العراقيين، وطيلة الأشهر الأخيرة، وعلى شكل مجموعات وندوات للترويج لهذا الأقليم.
وبالمقابل هناك مشروعهم لتكريد كركوك من خلال طرد العرب منها ،وتحجيم دور التركمان وضمن سياسة الحديد والنار والتي تحمي برنامجهم الديموغرافي الذي يصب بتكريد مدينة كركوك، تمهيدا لضمّها الى دويلة كردستان الموعودة وضمن إتفاقيات سرية بين الأحزاب الكردية والأحزاب الشيعية التي توالي إيران، وتحت إتفاق ( أؤيد مشاريعك الطائفية مقابل تأييدك لمشاريعي القومية).
وهكذا سيكون الأمر بالنسبة الى العاصمة بغداد وبالإستفادة من خبرة الأكراد في تهجير المسيحيين، وخبرتهم في قضية كركوك، أي سيؤسَس أقليما أرخبيليا سنيا في العاصمة بغداد، وستمثله المجموعات التي تحالفت مع إيران داخل تنظيم القاعدة ومن معها ليكون التفافيا وفاصلا بين التركيبات السنية والشيعية داخل العاصمة بغداد، وبهذا سيستعمل هؤلاء مستقبليا كمخلب قط سياسي وتصعيدي وإبتزازي لصالح إيران، مثلمل سيستعمل الإقليم المسيحي المرتقب في سهل نينوى ليكون مخلبا سياسيا وتصعيديا وإبتزازيا وضد جميع الأطراف من قبل الأكراد.
ونتيجة هذا الإتفاق بين طهران والقاعدة في العراق جاء موسم نسف الجسور البغدادية والتي بدأوها بجسر (الصرافيّة ) الجسر الحديدي العريق والذي يمثل ذكريات تاريخية ووطنية وسياسية، ولجميع العراقيين، ناهيك أنه جسر محبة وتواصل بين الكرخ والرصافة،فلقد تم نسفه أخيرا بشاحنة مفخخة وعلى طريقة التفجيرات التي تقوم بها المجموعات القاعدية والسرية التي تمولها إيران وبعض الدول في المنطقة، ولم يكتف هؤلاء بل ذهبوا ففجروا جسر ( الجادرية) والذي هو قريب جدا من المنطقة الخضراء، ومن قصور المسؤولين العراقيين ومقراتهم المهمة، ناهيك أنه قريب من المقرات التابعة للقيادات الأميركية والغربية في العراق.
الدور الإيراني في تفجير جسور بغداد
فلقد أكد السياسي العراقي ــ سعد عاصم الجنابي ــ لصحيفة العرب اليوم الأردنية بتاريخ 15/4/2007 ، وهو الأمين العام للتجمع الجمهوري العراقي على دور إيران في تفجير جسور بغداد عندما قال ( أن النظام الإيراني يقف وراء تفجير جسر الصرافية، وأن المخابرات الإيرانية تقوم بدعم المليشيات وتنظيم القاعدة من أجل الحاق الدمار والخراب بأرض العراق ، وهم يحاولون عزل جانبي بغداد) وهذا يعني أن الحرب بدأت وسوف تكون لها مضاعفات مقبلة، وسوف لن يفصلنا عن تداعياتها الخطيرة إلا الزمن البسيط فقط.
فلقد نجحت إيران نجاحا باهرا في تأسيس البنية التحتية للخلايا النائمة، ولتنظيم القاعدة ( القسم المتحالف معها) وحتى للأحزاب والمليشيات التي تواليها في العراق، حيث أصبحت الأسلحة والمعدات والقنابل والذخائر متوفرة بشكل كبير في العراق ،وبأشراف خلايا الحرس الثوري المنتشرة في العراق، ولحين ساعة الصفر، ولقد نجحت إيران بإرسال ذلك من خلال الهيئات الأغاثية والتهريب البري، ومن خلال الصناديق العملاقة التي كانت تأتي من إيران ومن الخليج بحجة أنها تحتوي على مواد بناء وموزائيك خاص بالعتبات المقدسة ،حيث كانوا يكتبون عليها عبارات منها ( يمنع فتحها فأنها خاصة بترميم مرقد الإمام علي)، وهكذا يختمون بعضها ( يحرم فتحها لأنها تحتوي كتب ومصاحف ومواد قابلة للكسر وخاصة بتزيين العتبات المقدسة) وكانت ترسل الى النجف وكربلاء والكوفة والى أماكن أخرى في العراق ..ولكن الحقيقة أنها تحتوي على مختلف الأسلحة والذخائر، ولقد نجحت إيران بذلك لأنه لديها شركات كبيرة وعملاقة تقوم ببناء المشاريع والفنادق والمطاعم والمؤسسات في النجف وكربلاء وبعض المدن الأخرى، ولقد قال البريجادير جنرال ــ روبرت هونز ــ وهو نائب رئيس العمليات بالقيادة المركزية الأميركية كلاما يؤيد ذلك عندما قال ( إيران تدعم من أسماهم بالإرهابيين في العراق .. وقال: أن التكنلوجيا والتقنيات والتدريب على إسٍتعمال الأسلحة يظهر أرتباط كل ذلك بإيران وبقوات منظمة وليس بمجرد جماعات مسلحة تقتل القوات الأميركية والعراقية) ولقد قال أيضا ( لدينا معلومات مؤكدة أن جهاز المخابرات الإيراني يقدم دعما لبعض الجماعات السنيّة المتطرفة).
ولقد أيده النائب عن قائمة التوافق السنيّة سليم عبد الله عندما قال ( نعم هناك علاقات بين جماعات سنيّة متطرفة، تحديدا القاعدة وبين إيران) وقال ذلك بإتصال هاتفي مع صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 12/4/2007، وهذا يعني أنها نجحت من تأسيس دولة داخل الدولة العراقية، وأيده وزير الداخلية السابق فلاح النقيب عندما قال ( إيران تموّل المسلحين والمليشيات وهناك أدلة أن إيران وراء ذلك ولا أستبعد إسرائيل) أما حول مشروع دخول الأسلحة الإيرانية الى العراق فهو قديم وعلى مراحل وبدأ منذ عام 2003 وعندما كان السيد ــ سمير الصميدعي ــ وزيرا للداخلية في فترة مجلس الحكم، ولهذا قال الصميدعي أخيرا وفي حديث إذاعي ما يلي ( هناك أدلة على دخول السلاح وعناصر متدربة عبر الحدود العراقية الإيرانية الى العراق ومنذ عام 2003، وكنا قد حذرنا السلطات الإيرانية من تدخلاتها في العراق) ولكن الصميدعي نفسه صرّح لشخصية عراقية وقبل ثلاثة أشهر عندما كانت تلك الشخصية في زيارة الى الولايات المتحدة فقال ( قريبا سوف أقدم إستقالتي لأني سئمت الوضع المزري وسئمت التطفل السياسي في العراق ، وأني لا أثق بالأميركيين، فلقد كنت وزيرا للداخلية في العراق، وعندما كنت أطلب سلاحا وعتادا للقيام بحماية الناس وصد الإيرانيين والعصابات كان الأميركان يقولون لي: أعتمد على نفسك وإشتري السلاح من السوق السوداء وكانت المخازن مليئة بالأسلحة والأعتدة وتكفي لأكثر من دولة).
القاعدة تنشر الغسيل وتزج السعودية في الصراع ... والجلبي يؤججه
ولكن تنظيم القاعدة بقسمه الذي تحالف مع طهران أعاد الكرة الى النائب سليم عبد الله والى الجيش الإسلامي عندما إتهم المملكة العربية السعودية بأنها تمول الجيش الإسلامي ،وبأن لها علاقات خاصة مع بعض الجماعات المسلحة، حيث نشر مركز ( الفجر ) للإعلام بيانا بتوقيع الشيخ ( عطية الله) حيث قال البيان ( أن الجيش الإسلامي في العراق يتعاون مع مخابرات عربية وحددها بالسعودية.
وقال أنهم إستفادوا من موسم الحج وأجواءه في تسقيط منظمة القاعدة في العراق، والحصول على دعم مادي من مشايخ المنطقة والتجار العرب في دعم عملياتهم، وأن الجيش الإسلامي له علاقات وثيقة مع الحزب الإسلامي ) ولقد ختم كلامه بعبارة منسوبه الى الشيخ ( أبو عمر البغدادي) والذي هو أمير ما يسمى بدولة العراق الإسلامية فقال ( أن الجيش الإسلامي حزب سعودي ويحظى بدعم مادي من الحكومة السعودية).
لذا فالقضية ليست خلاف عابر بل يبدو أن هناك دولا وقادة إستراتيجيين يعملون على جر بعض الدول نحو المستنقع العراقي من أجل تبرير أفعالهم ومن الجانبين، وكذلك من أجل خلط الأوراق بمعارك إستنزاف داخل العراق، وعلى حساب الشعب العراقي ومستقبل أبنائه، لهذا فأن هذه الخطوات التصعيدية التي بدأت بالتفجيرات والإغتيالات والإغارة على بعض الرموز القبلية المهمة مثلما حصل ضد مضارب زوبع وقتل أحد شيوخهم الكبار قبل أيام، وصولا لغاز الكلور الذي حصد العشرات إختناقا في الفلوجة والرمادي وتلعفر، وأخيرا في مدينة الصدر.
ولو جئنا الى مدينة تلعفر فهي مدينة تركمانية شيعية ،وتحت إدارة مدنية صارمة من الأكراد، فكيف وصل غاز الكلور الى هناك، ولماذا تم تهريب مدير شرطتها الذي أتهم بإفتعال الأزمة صوب إيران ( حسب التقارير التي نشرت حول هذا الموضوع) ، ولكن تبقى هناك أطرافا سياسية في العراق لا يهمها إلا بقاء الوضع كما هو عليه كي تستمر بالنهب والسلب والإستحواذ، وخصوصا الأطراف والشخصيات التي نهجت نهج الولاء المزدوج، ومنها الدكتور أحمد الجلبي الذي كان أميركيا وتحول الى إيرانيا، فالرجل مارس ولاءا منقطع النظير الى الدوائر الأميركية الخاصة من أجل شن الحرب على العراق ، وعندما سقط النظام وأكتشفت أن تقاريره التي كان يعطيها للمخابرات الأميركية كاذبة وليس لها مصداقية نتج عن ذلك بعض الشد والجذب مع الدوائر الأميركية والدوائر التابعة لها في العراق، وتبيّن أن الرجل له علاقات خاصة وسرية مع الجانب الإيراني وعلى مستوى متقدم، بل هناك من يتهمه بأن التقارير التي كان يرفعها للدوائر الأميركية ومكاتب مخابرات السي أي أيه كانت تصاغ في إيران من أجل شن الحرب والتخلص من نظام صدام ومن خلال الولايات المتحدة، ومن ثم إستدراجها نحو الفخ العراقي لتكون تحت رحمة إيران وجماعاتها في العراق، ولقد نجحت بذلك لحد الآن.
فلقد تم ألقاء القبض يوم 13/4/2007 على رجل ملثم وهو يلصق البوسترات التي تحمل صورة مضلله الى الناطق الإعلامي باسم الجيش الإسلامي إبراهيم الشمري وكتب تحتها عبارة ( هذا هو قائدكم يا جنود الجيش الإسلامي) وختمها ببيت الشعر ( السيف أصدق أنباء من الكتب) والتوقيع باسم ( دولة العراق الإٍسلامية) وبعد التحقيق معه أعترف أنه ينتمي الى قوات خاصة تابعة لأحمد الجلبي ولقد نشرت ذلك وكالة ( قدس برس) والهدف واضح تماما وهو إشعال نار الفتنة بين جناح القاعدة والجيش الإسلامي، وهذا بحد ذاته سيشعل معركة كبرى، وأن المستفيد هي إيران والقوات الأميركية في العراق، ولكن لو عدنا الى الوراء وحيث البيانات التي كانت تخرج عن الزرقاوي وديباجاته التي تنص على قتل الشيعة وتهديم الأضرحة، فيبدو أنها من إخراج مجموعة الجلبي نفسه خصوصا وأن كاتب المقال كتب عدة مقالات فند فيها البيان الكبير الذي قالوا عثرنا عليه في أحد مخابىء الزرقاوي، والذي يعلن الدولة الإسلامية والقضاء على الشيعة في العراق ثم تهديم الأضرحة المقدسة، لأننا عندما فحصنا ديباجة ما كتب على أنه بقلم الزرقاوي وجدنا أن من كتبه شيعي لأنها طغت عليها الثقافة والفقه الشيعي، وشكّكنا حينها بأن مستشار الأمن القومي موفق الربيعي وراء ذلك وهنا لا نبرىء الربيعي، وكذلك لا ندافع عن الزرقاوي والذي نشك أساسا بإسطوريته بل هي مسرحية من إخراج الجنرال ( كيميت) ومخابرات دولة عربية وهناك مقالات غربية أثبتت ذلك ،ولقد تم التخلص منه من قبل تلك المخابرات نفسها.
قاعدة أميركا في العراق تريد إبادة الشيعة ونشر الفوضى
ولكن لو عدنا الى تنظيم القاعدة المؤدلج ،والقسم الذي لديه علاقة سرية مع الأميركان، وبعض القوى العراقية الفاعلة في الساحة، والتي تدور في الفلك الأميركي والإقليمي، وهو القسم الذي يطرح إيديلوجيات دينية، لو أحصيتها تجد أن 80% منها خدمة للمشروع الأميركي ،ومؤذية للإسلام والمسلمين، وتحمل أفكار طوباوية، ولتثبيت ماتقدم فلقد أعلن تنظيم القاعدة بتاريخ الرابع عشر من نيسان / ابريل رؤية جديدة، ولقد نشرتها الصحافة العربية بتاريخ 15/4/2007 عندما قال التنظيم لدينا رؤية لتحقيق أهداف إستراتيجية ضمن برنامج متكامل قد يمتد لسنوات طويلة، وهذا بحد ذاته يؤيد كلام الجنرال الأميركي، وقائد الجيوش الأميركية التي غزت العراق في أذار عام 2003 ( فرانكس) عندما قال قبل أيام أن الفوضى ستبقى لسنوات في المنطقة، وهكذا قال الجنرال الأميركي والذي كان يشغل قائد المنطقة الوسطى سابقا ( زيني) قبل أيام قليلة ( لن تحسم الأمور في المنطقة، ولن يعود الإستقرار إلا بعد 7 سنوات من الآن ) وهذا يعني أن المشروع الفوضوي مستمر، وأن هناك كراسٍ عربية ( أنظمة) آيلة للسقوط بفعل هذه الفوضى، وهذا يحتم إن كان هناك إنسحابا من العراق ( وهو أمر لا يمكن تخمينه بالضبط) فسوف يكون الإنسحاب نحو الدول المجاورة للعراق، وليس نحو الولايات المتحدة، وبما أن الولايات المتحدة تبرر وجودها بأنها تطارد الإرهاب والإرهابيين، فهذا يحتم أن تبقى ذيول تنظيم القاعدة في العراق والمنطقة من أجل تغذية الإستراتيجية الأميركية ( إستراتيجية البقاء في العراق والمنطقة) ونتيجة ذلك طرح تنظيم القاعدة رؤيته الجديدة، والتي قال أنها ستستمر لسنوات طويلة، وسوف يؤثر على مستقبل المشروع الجهادي الإسلامي في المنطقة، ولقد طرح التنظيم بعض الأهداف الإستراتيجية والمراحل من وجهة نظر القاعدة وهي :
المرحلة الأولى:
((سوف يستمر الجهاد وستقوده القاعدة تحت عبارة قيادة زمام الجهاد والصراع بعد خروج المحتل الصليبي من العراق)) وهذا يصب في صلب الدراسة الموجزة التي نشرناها قبل أسابيع قليلة، والتي كانت بعنوان ( خطة أميركية سريّة لتسليم العراق الى تنظيم القاعدة وإرهاب الأنظمة وإستنزاف الدول من خلاله) وها هي قد صدقت دراستنا ومعلوماتنا التي لم تعجب بعض الأطراف في حينها، أي أن في حالة الإنسحاب الأميركي سيكون العراق من حصة القاعدة، وبدعم أميركي، ونتيجة ظروف مشابهة للظروف التي حصلت في أفغانستان بعيد سقوط نظام نجيب الله وخروج الجيش الروسي من هناك مهزوما ،حيث تركت الولايات المتحدة أفغانستان بيد أمراء الحرب، وتجار الأفيون، وزعماء القاعدة، وتلاميذ المدارس الدينية ( طالبان) وعندما أعدت الولايات المتحدة نفسها من حيث الجنود و التسليح الجديد والمتطور والخطط الإستراتيجية عادت فطردت القاعدة وطالبان ، ودجنت زعماء الحرب وتحالفت سريا مع تجار الأفيون.
لهذا ففي حالة الإنسحاب الأميركي من العراق سيبقى الوضع تحت رحمة معارك الكر والفر مذهبيا وسياسيا وعرقيا لحين إنهاك جميع الأطراف، وستعود الولايات المتحدة من جديد لتقصم ظهر الجميع وبحجة تحرير العراق والمنطقة من الفوضى والإرهاب ( وهذا في حالة إنسحاب الولايات المتحدة مجبرة) ولهذا إستطاعت إيران أن ترسم خططها الإستراتيجية على ضوء ذلك.
المرحلة الثانية:
وقالت القاعدة في بيانها (( ولإستكمال المرحلة الثانية من القتال في مواجهة القوى الصفوية وقوى الردة من أذناب الصليبيين حتى تطهير الأرض من شرورهم)) فلقد سمعنا كلاما كثيرا من هذا النوع، ولكننا لم نلحظ عملية واحدة جاءت نتائجها لخدمة الشعب الفلسطيني، أو لخدمة الإسلام والمسلمين، بل أن 95% من عمليات تنظيم القاعدة هي خدمة للمشروع الأميركي، وتأجيج ضد الإسلام والمسلمين، وأن هذه المرحلة تبشر المنطقة والعراقيين بالشر الذي كتبنا عنه في دراستنا السابقة، عندما قلنا سوف تدور حرب ضروس وطويلة على أرض العراق بين القاعدة ومن معها، وبين الحركات والأحزاب التي توالي إيران في العراق، ونيابة عن الولايات وإيران، وهذا يعني لا إستقرار في العراق والمنطقة.
المرحلة الثالثة:
ثم يؤكد البيان الصادر من تنظيم القاعدة على المرحلة الثالثة والتي من خلالها قد يعيد التاريخ نفسه من خلال إنزلاق تركيا في العراق، وحينها ستكون هناك مواجهة مذهبية وسياسية بين إيران وتركيا ،مثلما حدثت قبل مئات السنين وعلى أرض العراق كثير من المواجهات والصدامات والحروب بين الدولة الصفوية ( إيران) وبين الدولة العثمانية ( تركيا) لأن إستراتيجية هذه المرحلة جاءت كالتالي (( سوف يدار الصراع عقائديا وشرعيا وسياسيا مع الشيعة الروافض بعد التمكن من جميع هذه القوى ــ بعون الله ــ لإيقاف المد الرافضي الصفوي المتصاعد في