المثيل كاتباً سياسياً(نقد أدبي) 2/3
بقلم/ د.عبدالمنعم الشيباني
نشر منذ: 14 سنة و 4 أشهر و 26 يوماً
الجمعة 11 يونيو-حزيران 2010 07:14 م

هذه هي الحلقة الثانية من مقالة (المثيل كاتباَ سياسياَ-نقد أدبي) لعرض (سبع) فرائد وسمات للكاتب السياسي المعارض المستقل عبد الملك المثيل،حيث تبرز صفة (المعارضة)بجلاء في كل مقالات المثيل السياسية،..في الحلقة الماضية عرضنا أبرز خاصيتين للمقالة عند المثيل هما "العنوان المثيروالمدهش" و "الحضـور السيـاسي للمفـكر الناضج والكـاتب المســؤول" ونعرض في هذه الحلقة ثلاث مزايا فنية جديدة وهي "المعارضة السياسية الواضحة"،"السخرية النقدية اللاذعة"،"جاهزية الرد على الخطاب السلطوي وأدواته"..أرجو أن أوفق بمنهجية علمية نقدية عرض الخصائص الثلاث بأمثلة من كتابات المثيل على صفحة هذا الموقع القشيب مأرب برس..

المعـارضة السياسـية الواضحة

ربما لا يختلف اثنان على أن المثيلَ كاتبٌ سياسيٌ معارضٌ بالدرجة الأولى (تيار نخبوي وشعبي مثقف مستقل) هذه المعلومة التي يعرفها القراء والمتابعون عن المثيل بجلاء ولا نعلم إن كان المثيل هو وزميله الماوري منشقين عن حزب الحكومة (المؤتمر) لأسباب معارضة بحتة كما يشاع- إن صحت تلك الشائعات..

  المثيل معارض سياسي بالفطرة وهو معارض للمعارضة اليمنية (أحزاب اللقاء المشترك)يتهمها بالقصور والتفريط وقلة الجدية في الوقوف مع قضايا المجتمع وكرامته وحريته..ليس من السهل أن تكون كاتباً سياسياَ معارضاَ فهي خلاصة مكونات نفسية وفكرية( ترفض بشدة) كل ما يمس حقوق الفرد والمجتمع وبحساسية لا يتنبه اليها الكاتب العادي وليس كل كتاب أحزاب المعارضة معارضين وهذا هو الفرق ...

أمر آخر تعالوا نتتبع كل أعمال الصحافيين والروائيين والشعراء والكتاب اليمنيين والعرب يبرز (منهم) من هو "معارض على طول الخط وبمستوى نفسي واحد" ولذلك نالوا الشهرة العالمية والإقليمية بسبب هذا المنحى الذي لا يتبدل ومن هذه الأمثلة الشاعر العراقي أحمد مطر ومن قبله الشاعران العملاقان نزار قباني وعبد الله البردوني،وكذا الشاعر اللبناني مظفر النواب،والكاتب والصحفي الراحل المصري عادل حسين،وشقيقه مجدي حسين،وكذا الروائية والكاتبة المصرية نوال السعداوي ونصر حامد ابو زيد وفرج فودة ومن الأردن الكاتب والمفكر الإخواني أحمد نوفل وكذا ياسر الزعاترة وتوجان الفيصل، وكان معهم النقابي والمعارض البارز نقيب المهندسين ليث الشبيلات،واالمنصف المرزوقي من تونس،ومن فلسطين عزمي بشارة وادوارد سعيد ومنير شفيق، وفي اليمن عبد الكريم الرازحي وعبد الباري طاهر وعلي الصراري وعبد الكريم الخيواني ومحمد المقالح وعبد الحبيب سالم وناصر يحيى وسعيد ثابت سعيد وأحمد عثمان ورشيدة القيلي(اعتزلت الكتابة) وتوكل كرمان وسامية الأغبري، هؤلاء هم من يطلق عليهم معارضون(خُـلقـوا معارضـين وكفـى) بملامح نفسية وفكرية تطبعهم معارضين الى يوم الدين..

المعارضة فكر ومبدأ وصمود وشخصية واحدة ووجه واحد وقلم واحد لا يتبدل، وكلها متوفرة في الكاتب المثيل، ينتمي الى مدرسة معارضة عالمية الفكر بخصائص نفسية وفكرية عالمية أيضاَ، لها أشباه في الوطن العربي وأمريكا اللاتينية وأوربا وأمريكا،فالمعارضة فكر ومدرسة نفسية عنوانها (الرفض)لخطاب السلطة والقوة- مدرسة نقدية عالمية اليوم يسمونها مدرسة (بوست كولونيالزم)-يعني بالعربي "ملامح الحياة السياسية في فترة ما بعد الإستعمار" وملخصها ببساطة شديدة أن الحكومات والأنظمة التي كانت تحت هيمنة الإحتلال الأوربي في بلدان مايسمى (العالم الثالث) هي اليوم ((وريثة هذا الإستعمار في ممارستها للقوة والقمع))) ضد شرائح المجتمع الذي يفترض أنه تحرر من الإستعمار(إرجعوا الى كتابات المفكر الفلسطيني الراحل ادوارد سعيد كتاب(الاستشراق))وكتاب ((الامبريالية الثقافية))) والى آخر إصدارات المفكر والمعارض الفلسطيني المنفي حالياَ(عضو الكينيست الإسرائيلي سابقاً عن الجالية العربية في فلسطين48) عزمي بشارة كتابه ((ما معنى أن تكون عربياً الآن ))..

السـخريـة الـنقديـة اللاذعـة

هذه الخاصية ظاهرة في المقالة السياسية للمثيل يصم "أعداء حرية المجتمع وأدوات السلطة"- من وجهة نظره- بألقاب وصفات يضحك بها القراء عليهم فتدمغهم وتلتصق بهم،ويفعل المثيل ذلك برسم كارتوني ساخر أو مستهزئ بمن (يظن أنهم ضد حرية المجتمع أومن أدوات الحكومة التي لا تحب العدل للمجتمع أو ممن ينسب للحكام منجزات لا وجود لها على أرض الواقع أوممن نذروا أنفسهم للدفاع عن سياسة الحكومة بحق أو باطل)-حسب فكر الكاتب- أشهر هذه الرسوم الكارتونية اللاذعة نقرأها في مقالة ((السبع المدهش سيف العسلي)) نقطف هذه الصور اللاذعة كرتونياَ:-

(((... سيف العسلي المشهور بكنية"البرفسور"وأن تخلى عنها مؤخرا بعد التعليقات الساخنة والساخرة على مواضيعه التي نشرها موقع مأرب برس وأصبح يستخدم كنية "دكتور"واحدا من أشهر الخريجين من معرض الحاكم,وتعود الشهرة التي اكتسبها الى سرعة خروجه من المعرض نحو التعيين "وزير ماليه"ثم نقله الى منصب آخر"وزير صناعة" ثم في دقائق معدودة عاد الى المعرض من جديد محطما الرقم القياسي للمسئولين في سباق الماراثون حيث قطع مسافة التعيينات متجاوزا طابورا طويلا من المتخصصين ثم العودة الى مؤخرة الطابور في فتره لم تتجاوز سته اشهر وهو مالم يحدث لاحد قبله ونعتقد والعلم لله وحده ان ذلك لن يحدث لاحد بعده....)))

(((... مع كل موضوع ينشر لسيف العسلي في وسائل الأعلام الرئاسية يذهب الى النوم وجعبته مليئة بأحلام اليقظة ,فهو بعد قضاء يومه مفرود العضلات منتفخ الصدر نتيجة نشر مواضيعه"المدمرة"يحلم بأنه سيستيقظ وقد انتهت المعارضة تماما ,فالإصلاح تحطم والاشتراكي انتحر,والناصري تدمر,والحق توهدر,واتحاد القوى تبخر والساحة أصبحت خالية تماما لحزب الرئيس الذي يقدمه للجماهير قائلا لهم لولا هذا البطل العظيم لما رحل أعداء الوطن ,وحافظنا على منجزات الثورة ,وحمينا مكتسبات الجمهورية,ورسخنا الوحدة فيا أيها"بكسر الياء"الجماهير من صعطة الى المهرة حيوا معي "السبع المدهش"سيف العسلي...)))

جـاهزيـة الرد على الخطـاب السـلطـوي وأدواته

منهج وفكرالمثيل المعارضة وكفى وهو لا يفعل ذلك ترفاً أو بطراً زائدا ًبل نداءً لحاجات نفسية وأخلاقية إنسانية تملي عليه أن يشهر الشخصية المعارضة في كل مكان نقداً ودفاعاً وتفنيداً وردوداً هنا وهناك وفي كل الجبهات كي لا تنتصر جبهة (خطاب السلطة وأدواتها)-حسب هذا المنهج- ولذلك هو أبداً جاهزٌ للرد وبأ قوى أنواع الردود لـ ((ينسف بذلك خطاب القوة من أي جهة صدر )) أظهر مثال مقالته الحاسمة في الرد بعنوان ((ردا على بورجي.. ماذا أبقيتم لنا حتى تبقى رؤوسنا مرفوعة؟))، هنا يشهر المثيل خطاب المعارضة بصيغة (الرد) على خطاب السلطة بصيغة( الهجوم والمزايدة والتفاخر بمنجزات ومعجزات):-

(((... من السهل ان يكتب أي مسؤول في السلطة عن حالة البلاد, متناولا من" برجه العاجي" أي موضوع قيل له أن يكتب عنه سواء أقتنع بما كتب أم لم يقتنع, فهو في بداية الأمر ونهايته "موظف مأمور" حسب مقال جميل لأحد الكتاب في موقع مأرب برس, حتى أن الكتابة في حد ذاتها عن أوضاع البلاد أصبحت "منجز من منجزات النظام"...)))ويقول أيضاً في نفس المقالة:-

(((... ما يجب على بورجي وأركان النظام معرفته أن افتخار الإنسان بوطنه واعتزازه بذاته ينتج عن مكانة ذلك الوطن في أوساط الشعوب وما الذي قدمه للعالم حتى يصبح محل الأنظار ووحدها الأنظمة من تصنع تلك المكانة, وعليه فقد مثلت كرة القدم لوحدها صورة الأوطان ورفعت من أسهم دول كثيرة في بورصة الدول ومكانتها رغم أن تلك الدول لا تملك قوة عسكرية واقتصادية تهيمن بها على الآخرين, حتى أن أسماء معينة قرنت بأوطانها كـ"ماردونا" الذي يعني الأرجنتين, و"بيليه" و"زيكو" و"كاكا" الذين أشهروا البرازيل, ويمكن لبورجي مراجعة التاريخ الكروي لأفريقيا, حيث أن نجاح فرق أفريقية في المونديال العالمي خلال الخمسة عشر سنة الأخيرة رفع من قيمة تلك الدول كالكاميرون ونيجيريا ومصر والجزائر, ورسمت تلك القيمة الرياضية صورة إيجابية عن تلك الدول, فيما تبدوا الصورة معكوسة تماما حال وجود منتخب ضعيف, حيث ترتسم صورة سيئة في عيون الناس الذين ينظرون لدولة المنتخب المهزوم دائما بسخرية وتحقير...)))

خلاصة هذه الحلقة أن الكاتب أو الأديب أو الروائي أو الشاعر أو الصحفي المعارض ليس وليد صدفة سياسية أو حدث عارض بل هي سمات نفسية خلقت مع الكاتب وتموت معه وإن عرضوا عليه جبال الدنيا ذهباً وهكذا قضى عادل حسين(رئيس تحرير جريدة الشعب المصرية ) وحميد شحرة(معارض الإصلاح والسلطة معا) وهكذا قضى ناجي العلي وغسان كنفاني(اغتالهما الموساد اليهودي)..،فهي مدرسة نفسية (مخلوقة مع الكاتب)لا مصنوعة،ويستنفر لها(المعارض) كل أدوات الإبداع الكتابي (الذي خلق يوم خلق المعارض)..

**يـتبـع الـحـلقــة القـادمــة

**شاعر وناقد أدبي

a.monim@gmail.com