رسالة إلى سعادة السفيرة الفرنسية
بقلم/ محمد الشحري
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 24 يوماً
الإثنين 06 فبراير-شباط 2012 03:25 م

سعادة مليكة براك سفيرة الجمهورية الفرنسية المعتمدة لدى السلطنة  المحترمة.

تحية طيبة وبعد

يسرني ويسعدني يا سعادة السفيرة أن أكتب لكم هذه الرسالة على أمل أن تجد لديكم آذانا صاغية، فقد تعلمنا أن البلد الذي تمثلونه هو بلد الثقافة والعلم والنور والحداثة وحقوق الإنسان، وهذا ما حفزني على الكتابة إلى سعادتكم.

سعادة السفير إن طلبي يكمن في المطالبة بالإفراج عن المواطن العربي اللبناني جورج إبراهيم عبد الله، المسجون في فرنسا منذ 28عاما، على الرغم من انقضاء مدة محكومتيه.

سعادة السفيرة لقد أحزنني أن يكون هناك سجين مظلوم في بلادكم التي شهدت الثورة الفرنسية والتي حملت التنوير إلى بقية أوروبا ، يحزنني أن بلد فيكتور هوغو وفولتير وجان جاك روسو ورولان بارت تسجن إنسانا دون أي تهمة واضحة وتصر على بقائه في المعتقل التعسفي دون أي مبرر، سعادة السفيرة ماذا فعل جورج إبراهيم عبد الله سوى أنه حاول القيام بمقاومة الاحتلال الإسرائيلي لبلده في جنوب لبنان؟ وهل مقاومة المحتل تعني عملا إرهابيا؟ إذا كان الأمر كذلك فهل يجوز إدانة الجنرال  شارل دي جول في عمليات المقاومة المفتوحة ضد النظام الموالي للنازية في حكومة فيشي ؟!.

سعادة السفيرة إن قضية سجن جورج إبراهيم عبد الله يكتنفها الغموض ويحيطها الابتزاز السياسي، منذ أن ألقت عليه السلطات الفرنسية القبض في مدينة ليون الفرنسية في 24-10-1984 بمساعدة من الموساد كما تشير كثير من المعلومات، وكان مبرر الاعتقال عدم حمله لأوراق ثبوتية مع أنه كان يحمل جوازا صحيحا من الجمهورية الجزائرية، ثم حكم عليه بالسجن في 1986 بالسجن أربع سنوات على أساس حيازته على أسلحة ومتفجرات بطريقة غير مشروعة فإذا كان المسجون قابع في السجن فهل يعقل أن يحاكم بما لم تجدها السلطات الفرنسية لديه حينما اعتقلته؟!، ثم يا سعادة السفيرة لماذا تراجعت الحكومة الفرنسية في تعهداتها بمبادلة جورج عبد الله بالفرنسي المختطف في لبنان جيل سيدني بيرول مدير المركز الثقافي الفرنسي بمدينة طرابلس اللبنانية؟.

سعادة السفيرة لا نريد أن نسرد كل تفاصيل اعتقال جورج عبد الله، ولكن نبأ إلى علمنا أن هناك ضغوطا مارستها الولايات المتحدة على فرنسا في ملف جورج عبد الله؟ فهل يعقل أن تخضع العدالة الفرنسية لضغوطات وإملاءات سياسية خارجية؟

الحقيقة يا سعادة السفيرة أننا نجد أن هناك تناقضا في السياسة الفرنسية، فالرئيس نيكولا ساركوزي يبارك ما يسمى (بالربيع العربي) وتدخل في ليبيا والآن يطالب بالتدخل الدولي لحماية المدنيين في سوريا، ولكن فخامة الرئيس ساركوزي يسجن مواطنا عربيا مدة 28سنة ويرفض القضاء الفرنسي تبرئته، فهل هذه السياسة التي تقدمها فرنسا للعالم؟!

لا أدري يا سعادة السفيرة ماذا أقول للمثقفين العرب الذين كتبوا عن فرنسا وأحبوا عاصمتها باريس مثل رفاعة الطهطاوي في كتابه (تخليص الإبريز في تلخيص باريز) أو (الديوان النفيس بإيوان باريس) الصادر سنة 1834م، وهذا الكتاب يعد البداية الأدبية لتجليات باريس، التي يصفها الطهطاوي بأنها(أحكم سائر بلاد الدنيا) ، كما كتب أحمد فارس الشدياق عن باريس ، ورأى فيها ما لم يره في بلده ، الذي يعاني فيه الاضطهاد ، والظلم السياسي والاجتماعي، وتحدث الشدياق عن باريس في كتابه( الساق على الساق فيما هو الفارياق) ، كما تحدث عنها أيضا في كتاب آخر هو( كشف المخبأ عن فنون أوروبا) الذي نشر في تونس سنة 1867م، ومن ثم يأتي فتح الله المراش، وكتب عن باريس في كتابين هما (رحلة باريس) المطبوع 1867م، و(مشهد الأحوال) المطبوع سنة 1883م، وقد وصف محمد المويلحي باريس بأنها( المدينة الفاضلة ، أم المدينة الكاملة، مهبط العمران والحضارة، ومظهر الزينة والنضارة، وموطن العز والمجد) كما كتب عنها أمير الشعراء أحمد شوقي ، في قصائد وصفية الأولى عن باريس والثانية عن غابة بولون، نعم هذه هي باريس التي يقول عنها شاعر الرافدين ( محمد مهدي الجواهري) في قصيدة نظمها سنة 1948م في المدينة نفسها:

تعاليت باريس أم النضال

وأم الجمال وأم النغم

تذوب فوق الشفاه الألم

وسال الفؤاد على كل فم

ختاما أتمنى لك سعادة السفيرة إقامة طيبة في السلطنة وأن يكلل عملك بالنجاح و التوفيق. يخدم العلاقات العُمانية الفرنسية، وأن تقبلوا مني فائق المودة والاحترام.َ