يوم عاشوراء.. يوم شكر لا يوم نياحة
بقلم/ د.عائض القرني
نشر منذ: 15 سنة و 9 أشهر و 28 يوماً
الثلاثاء 06 يناير-كانون الثاني 2009 12:08 م

قدم صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم عن سبب صيامهم قالوا هذا يوم نجى الله فيه موسى من فرعون فنحن نصومه شكراً، فقال: نحن أولى بموسى منكم، فصامه صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه فانظر إلى تضامنه صلى الله عليه وسلم مع أخيه موسى عليه السلام ومشاركته له في الفرحة وشكر الله على أن نجاه ونجى بني إسرائيل معه. وليت ذريتهم من اليهود الآن يقدرون هذا الموقف النبوي الإنساني النبيل من نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم يوم وقف مع المظلوم ضد الظالم، ويوم واسى المستضعفين ممن نجا من بطش فرعون ولكنهم الآن يذبحون أتباع محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في غزة ويحاصرونهم ويهدمون بيوتهم ويتلفون أموالهم كما فعل فرعون بأسلافهم، فاليهود الآن يقفون في صف فرعون ويفعلون ما فعله بأجدادهم، ويقاتلون أتباع نبي الرحمة الذي صام شكراً لنجاتهم من الطغيان والاستبداد والقتل والتعذيب، فأي موقف أشنع وأبشع وأقبح من هذا الموقف الدال على الخسة واللّؤم ونكران الجميل وجحد المعروف وهو مذهب نذل ومنهج رذل لا يفعله الأسوياء الشرفاء، لقد كان المفترض على اليهود أن يستفيدوا من الدروس الغابرة التي حلت بهم على أيدي الطغاة كبختنصر وفرعون وهتلر، ولكنهم ويا للخيبة قلدوا الطغاة واقتدوا بالجلادين فتحولوا إلى قتلة وسفاكين وإرهابيين فهم يريدون تطبيق ما وقع عليهم من عذاب وتنكيل وإبادة جماعية وتشريد وطرد على غيرهم، فتراهم يتلذذون بقتل الأطفال وذبح الشيوخ وإحراق البيوت ويتفننون في ترويع الآمنين وتعذيب الأسرى وإحراق أكباد الأمهات وذبح الأيتام أمام سكوت مطبق من العالم، فأين هذا الموقف المهين من موقف سيد المرسلين وهو يشارك أخاه موسى في صيام عاشوراء شكراً على سلامة اليهود الفارين من عذاب فرعون؟

ويوم عاشوراء هو صيام وشكر وذكر وعبادة وليس نياحة، والحسين بن علي الشهيد رضي الله عنه ولعن الله قاتله لا يرضى لو كان حيا ما يقع في ذكرى استشهاده من لطم للخدود وشق للجيوب وتجريح للأجسام فهذا كله مما نهت عنه الشريعة، ونشكر عقلاء الشيعة الذين نهوا أتباعهم عن هذا العمل البدعي الخرافي وأنكروا على من فعله لأنه مخالف للسنة وفيه تشويه لصورة الإسلام الجميلة البهية.

إن يوم عاشوراء مناسبة نبوية شريفة يصوم فيها يوم العاشر من شهر محرم حمداً لله على نجاة المستضعفين والمقهورين، ولكن أحفاد هؤلاء المستضعفين المقهورين تحولّوا إلى عصابة إرهابية وحشية لا تحمل رحمة ولا ضميراً ولا إنسانية، إن الإسلام جاء لنصرة المظلوم ومواساة المنكوب وإغاثة الملهوف من أي جنس أو بلد أو ديانة أو ملَّة بغض النظر عن عقيدته ولونه ونسبه ووطنه حتى جاء برفع الضيم عن الحيوان البهيم والطائر البريء، فرجل يدخل الجنة في سقيا كلب وامرأة تدخل النار في تعذيب هرة، فيا أتباع نبي الرحمة وإمام الهدى قفوا مع كل مظلوم ومقهور ومستضعف ومسكين ويتيم لأنه الموقف الصحيح الشرعي وإياكم ومساندة الظالم ومعاونة المستبد ومناصرة الطاغوت،«وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ