امين عام الاشتراكي
بقلم/ اشرف الريفي - الوقت -
نشر منذ: 15 سنة و 8 أشهر و 23 يوماً
الخميس 05 فبراير-شباط 2009 08:05 م

مقدمة المحرر

النبش في قضايا اليمن المعقدة ليس بالهين، والإلمام بتفاصيل أزمات هذا البلد تحتاج إلى خبير معايش للأوضاع، عصرته التجارب والمحن. وعندما نتلمس هذه القضايا الشائكة من شخصية وطنية بحجم ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني فإن الصورة الضبابية المغلفة للأحداث في اليمن حتما ستبدد.

وبنظرته الثاقبة وهدوئه المعتاد يصف ياسين الأزمة في بلاده بأنها أزمة نظام سياسي أصبح غير قادر على إيجاد حل وطني لمشاكل البلاد في ظل غياب الدولة، والشراكة الوطنية ويرى نعمان وهو أحد رموز المعارضة اليمنية مغامرة الحزب الحاكم ''المؤتمر الشعبي العام '' في خوض الانتخابات النيابية القادمة بمفردة اغتصاب حقيقي لمطالب الناس في انتخابات حرة ونزيهة . محملا إياه نتائج هذه الخطوة .

وأكد أن هناك قضية حقيقية في جنوب اليمن أنتجتها حرب صيف 94م، لابد من الاعتراف بها، والتعامل معها بجدية، معتبرا أن أصوات الانفصال هي تطرف أنتجته ممارسات النظام المتطرفة عقب الحرب . ونفى نعمان وجود مخاطر تهدد وحدة الحزب الاشتراكي، مؤكدا أن حزبه اليوم من القوة والمرونة أفضل من أي وقت مضى .

وحول ما إذا كانت هناك صفقات تعرضها السلطة على التكتل المشترك المعارض لخوض الانتخابات قال نعمان إن المشترك أغلق هذا الباب منذ البداية،وأن الهدف من هذا الكلام هو الاستهلاك، لكنه قال إذا كانت هناك صفقة وطنية تجنب البلد المزيد من المغامرات فلن تكون غير إصلاح جدي وحقيقي.

حول مسارات الأزمة اليمنية و مستقبل تكتل المشترك المعارض، وعلاقة الحزب الاشتراكي بأعضائه خارج اليمن، ومخاطر القرصنة البحرية، والأوضاع في غزة وضعف النظام الرسمي العربي وقضايا أخرى ساخنة تحدث ياسين سعيد نعمان في هذا الحوار لـ''الوقت'' : أشرف الريفي- صنعاء

امين عام الاشتراكي اليمني نص الحوار

- نبدأ من تصريح مسؤول إعلامي في الحزب الحاكم طالب فيه قيادة الحزب الاشتراكي اليمني بتقديم آلية تنفيذية لما يطرحه الحزب في خطابه السياسي والإعلامي حول تصفية آثار حرب صيف عام ,1994 أو تنفيذ حزمة كاملة من الإصلاحات السياسية والدستورية والاقتصادية وتنفيذ مشروع وطني متكامل لبناء دولة النظام والقانون وتعزيز النهج الديمقراطي من خلال إجراء إصلاحات انتخابية جادة أو إقامة شراكة وطنية في السلطة، ومحاربة الفساد وتوجيه السياسات الاقتصادية نحو خدمة المصالح الحيوية للشعب كما جاء في التصريح . كيف تقرأ هذه الدعوة

. مجرد عمل اعلامي -.

* سبق ووجه رئيس الجمهورية بإعادة ممتلكات الحزب التي نهبت في حرب 94 ماذا تحقق في هذا الصدد؟

- رئيس الجمهورية وجه في مرات كثيرة، ولكن لا يتم التعامل مع تلك التوجيهات.

* كيف تنظرون في الحزب الاشتراكي للقضية الجنوبية والحراك الذي ارتفع صداه مطالبا بحقوق سلبتها حرب 94؟

- هناك قضية حقيقية في الجنوب، لابد من الاعتراف بها، والتعامل معها بجدية من الجميع ونحن في الاشتراكي منذ 94 ما بعد الحرب نطالب السلطة بمعالجة الأوضاع التي أنتجتها الحرب، وفي ذلك الوقت أعلنا عدم اعترافنا بتلك النتائج واعتبرنا أن الحرب قضت على الوحدة السلمية. وأن هذه الحرب قد أنتجت آثارا حقيقية، سياسية، واقتصادية، ونفسية،و ثقافية .

* وكيف يمكن تجاوز آثار حرب 94؟

- نحن قدمنا لهم رؤى عديدة، وآثار حرب 94 ليست فقط اقتصادية ولكنها سياسية وبالتالي رأينا أن هناك ضرورة ماسة لوضع جدول لبرنامج زمني سياسي لمعالجة كل هذه الآثار، وإعلان مصالحة وطنية شاملة، وفي نفس الوقت الوقوف بجدية أمام إصلاح مسار الوحدة على النحو الذي يجعل الجنوب طرفا في الوحدة السلمية وأيضاً طرفا في الشراكة الوطنية الشاملة

* تعالت أصوات تطالب بالانفصال كيف تنظرون لهذه الأصوات وأنتم الشريك الرئيسي في تحقيق الوحدة اليمنية?

- التطرف الذي مارسته السلطة في الجنوب بعد حرب 94م أدى إلى تطرف بالمقابل، ونحن في الحزب الاشتراكي لنا موقف سياسي واضح ونظرنا إلى أن القضية الجنوبية في إطارها الوطني العام هو إيجاد شراكة وطنية حقيقية .

* في الآونة الأخيرة كثر حديثك عن المشاريع الصغيرة .. هل من يدعون للانفصال اليوم يندرجون تحت هذا المفهوم؟

- أنا كنت دائماً أقول إن النظام السياسي في اليمن هو سبب الأزمة الوطنية، لأنه وصل إلى طريق مسدود، وأصبح غير قادر على إنتاج معالجات وطنية حقيقية لمشاكل البلد، فلجأ إلى تشجيع مثل هذه المشاريع الصغيرة، سواء كانت المشاريع الجهوية، أو الطائفية، أو العرقية.

* بعض قادة الحراك في الجنوب ينتمون للحزب الاشتراكي و يلاحظ أن علاقتهم مع مواقف الحزب ليست على ما يرام ؟

- أولاً الحزب الاشتراكي هو حزب طوعي، واليوم الأحزاب لا تمارس على أعضائها تلك السطوة القديمة، التي توجه الناس بالمسطرة.،منذ فترة ونحن نتحدث عن ما يفهم بالمنابر السياسية، او الثقافية 'أو التيارات وهذه التيارات او المنابر أعتقد انها مبررة في ظروف العمل السياسي والحزبي في بلد مثل اليمن .

* هناك حديث حول مخاطر تهدد وحدة الحزب الاشتراكي ما واقعية هذا الحديث؟

- لا توجد أي مخاطر تهدد الحزب الاشتراكي، الحزب الاشتراكي اليوم من القوة والمرونة ما يجعله موحد أكثر مما كان في السابق الوحدة التي يتحدث عنها البعض هي مرتبطة بتلك البنية القديمة..

* هل هناك بوادر لحل الأزمة السياسية بين تكتل المشترك والحزب الحاكم حول الانتخابات النيابية القادمة. وهل لك أن توجز لنا حقيقة الأزمة الراهنة.

- نحن في إطار المشترك فاتحين الأبواب، لأي لقاءات، لأننا نتصرف بمسؤولية إزاء ما يحدث في بلدنا ونشعر أن الانتخابات هي الطريق الوحيد للتغيير السلمي الديمقراطي.

....خلال الفترة الماضية نحن قدمنا رؤيتنا لكيفية إجراء انتخابات حره ونزيهة وتحدثناع ن هذه الاجراءات والرؤيا في مؤتمرات صحافية وأطلقناها بصورة مبادرة مكتوبة، لكن المؤتمر الشعبي والسلطة للأسف يصران على إجراء انتخابات شكلية جرى الإعداد لها مسبقاً.

أما ما يتعلق بالأزمة أعتقد أن الأزمة أكبر من مجرد انتخابات، الانتخابات وضعها الحالي هي دالة لأزمة وطنية كبرى، والأزمة كما عبر عنها المشترك هي أزمة نظام سياسي أصبح غير قادر على أن يوجد الحل الوطني لمشاكل البلاد في ظل غياب الدولة، وغياب للشراكة الوطنية في ظل كل هذه المظاهر التي تبلور كل يوم هذه الأزمة الوطنية والسياسية من الأوضاع في الجنوب والأوضاع في صعدة، الانقسام الذي يجري للأسف داخل البلد بطريقة مثيرة للمخاوف وإذا ما استمر هذا الخطاب التعبوي للسلطة وإذا ما استمر ينتج هذا الانقسام .

* في حال إصرار الحكم في السير نحو الانتخابات منفردا ما هي الخيارات المطروحة أمامكم ؟

- نحن سنعتبر هذا اغتصاباً لحق الشعب في إجراء انتخابات حرة ونزيهة ،قرار المؤتمر الشعبي سيعني، ومطالبهم بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وهو أشبه بإنقلاب على كل ما توافق عليه الناس وفق إطارالدستور والقانون، وبالتالي يتحمل المؤتمر الشعبي العام مسؤولية ما يترتب على هذا من نتائج

*كيف تقرأ الواقع السياسي الجديد بعد الانتخابات القادمة في ظل غيابكم ؟

- انا لا أريد ان أستبق الأمور، و كما قلت في إجابتي على السؤال السابق أن هذا اغتصاب، وهو فقط نوع من تحديد المسلك العام فيما لو تم.... ولكن الواقع أن داخل المؤتمر عناصر حكيمة وقادرة على أن تقرأ المشهد السياسي أفضل من الأصوات الصاخبة التي تراهن على السير منفردة .

* لو افترضنا إن الأصوات الصاخبة تفوقت على أصوات الحكماء داخل الحزب الحاكم.. ما هي الخيارات المطروحة أمامكم كقوى سياسية معارضة؟

- كما قلت لا أريد أن استبق الأمور، ونحن في المشترك لازلنا حتى اليوم نحرص كل الحرص على أن تتهيأ لهذا البلد ظروف لمعالجة أوضاعه العامة، وأزماته العامة بعيداَ عن هذه الأصوات الصاخبة غير المسؤولة، اليمن لم يعد يتحمل أي مغامرات، أو مناورات بشكل قديم.

* البعض من قيادة الحزب الحاكم ينفون وجود أزمة في البلد ودائما ما يقولون ماذا يريد المشترك فماذا تريدون بالضبط حتى تتحلحل الأزمة السياسية؟

- هناك فرق بين أزمة سياسية ناشئة عن أزمة أكبر، الأزمة السياسية الآن في إطارها الحالي تعبيرها الانتخابات، ولكن هذه الأزمة السياسية هي نتاج أزمة وطنية اكبر، القول بأن هناك؛ لا توجد أزمة أنا أعتقد أن ذلك أشبه بمن يدفن رأسه في الرمال كالنعامة، والأزمة الوطنية ماثلة للعيان، ولا داعي للمكابرة، .

* في أحد المؤتمرات الصحافية تساءلت : ماذا يريد المجتمع من المشترك .. هل يريد أن ندخل في صفقات فهذا مرفوض .. هل عرضت عليكم صفقات مقابل خوضكم الانتخابات ؟

- أنا قلت هذا في إطار حديثي عن بعض الأصوات التي تبرز من هنا وهناك وللأسف أيضا أصوات من أوساط سياسية وصحافية، وكأنها تقول، خلصونا اتفقوا، هذه الأصوات أعتقد أنها تضع نفسها في موضع المحايد وكأن المشكلة بين المشترك والسلطة، و لا يعنيهم أن تكون هناك انتخابات حرة ونزيهة، وكأنهم يقولون للمشترك أدخل الانتخابات بأي شكل من الأشكال وخلصنا من المشكلة طالما المؤتمر يهدد بكارثة إذا لم يحدث كذا وكذا، وأن البلد على وشك أن ينفجر..

* هل من تواصل بينكم وقيادة الحزب في الخارج حول الأوضاع الراهنة في البلد؟

- نحن نتواصل مع كل أعضائنا أينما وجدوا مع كل إخواننا أينما كانوا، لدينا اتصالات مع اعضائنا في أمريكا وبريطانيا ودول الخليج

* هناك شخصيات وطنية خارج البلد كلما أدلت بآرائها حول الأوضاع الراهنة يقابل ذلك هجوم لاذع من السلطة كيف تفسر ذلك؟

- النظام يضيق من كل شيء، ....السياسة الإعلامية التي يقوم عليها النظام هي لخبطة الأوراق وإذا تكلم أي أحد منتقدا الأوضاع، هناك طبعاً وسائل لدى النظام جاهزة ومتخصصة للشتم والبذاءة، ولخبطة الأوراق، والهدف من هذا هو قتل الكلمة ، وعندما تقتل الكلمة، ويفقد الناس الثقة في الإعلام، يصبح أي كلام يقال ليس له معنى.

* كيف تنظر إلى مستقبل تكتل المشترك .. وهل تتوفر عوامل بقائه واستمراره ؟

- أولا تكتل المشترك تجربة لابد أن نحميها جميعا، لا أعتقد أن هذه التجربة هي فقط ملك للأحزاب التي أنشأت هذه التجربة، هذه الأحزاب بادرت، وكانت مبادرتها مفيدة للحياة السياسية، وأخرجت البلد من المفاهيم السياسية التي كانت تقوم على أيدولوجيات إقصائية، إلى التعايش والتفاهم، ومعرفة ما هو المشترك، وفتحت آفاقا أمام أحزاب وقوى سياسية مختلفة لتبحث ماهو المشترك .

* ما جديد قضية استشهاد جار الله عمر؟

- لا جديد.

* هل لديكم استراتيجة لملاحقة القتلة.؟

- نترك هذا الموضوع للحياة.

* كيف تنظرون لظاهرة القرصنة في اليمن وهل من مخاطر على السيادة الوطنية؟

- القرصنة في بحر العرب وخليج عدن هي قضية غامضة ولكن ليس بذلك الغموض الذي لا يسمح لنا باستجلاء بعض الحقائق من خلال الوضع الإستراتيجي لهذه المنطقة وعلاقتها بالأمن العالمي، وأمن المحيط .

منطقة القرن الأفريقي تحولت في جزء كبير منها إلى منطقة منتجة للإرهاب، بعدما وصلت الصومال إلى الانهيار وصارت دولة فاشلة، والخوف من أن تتبعها دول أخرى في المنطقة سواء كانت بالقرن الافريقي أو غيرها، وبالتالي ربما تنبهت الدول الكبرى إلى ضرورة وضع يدهاعلى المنطقة من الآن، كون هذا الممر من أهم الممرات الملاحية الدولية، وبالتالي ربما برزت القرصنة المحدودة التي ليست بهذا الحجم الذي دفع بالأساطيل الضخمة .

ثانيا نحن نعرف أن مدخل البحر الأحمر الجنوبي في حرب 73 كان بيد اليمن، يعني بيد العرب ولعب دورا اساسيا في الحصار على اسرائيل، وإسرائيل منذ فترة وهي تفكر بكيفية تدويل هذا الممر كما هي مهتمة بذلك بقدر اهتمامها بمنطقة شمال البحر الأحمر.

* وهل من مخاطر حقيقية على السيادة اليمنية؟

- نعم هناك مخاطر على السيادة اليمنية، إذا كانت هذه البحار الجزء الرئيسي منها تقع تحت السيادة اليمنية، وما نرى هو أن كل هذه الأساطيل تتحرك في المياه الاقتصادية الخالصة لليمن.

* في نهاية الحوار ما الكلمة التي يريد الدكتور ياسين سعيد نعمان قولها؟

- هذه الأيام نعيش جرحاً عميقاً، وهو طبعاً جرح ليس بجديد، لكنه يتجدد، جرح غزة، وفلسطين، ويعكس عمق الانهيار الذي وصل إليه النظام العربي، وبالتالي هذا الحال يضع أمامنا سؤالا إلى أين يسير العرب، وماذا يحدد اتجاه سيرهم؟

هذه الانتفاضة الشعبية التي برزت للتضامن مع غزة وفلسطين، أقول أما آن لها أن تتحرك لتوجد إطارها القومي الحقيقي من أجل إيجاد تغيير ولو جزئي، في هذا الوضع الكئيب الذي يعيشه العرب.

وبقدر ما الواحد منا متشائم إلا أنه متفائل بأن مازال هناك نبض حي في الشارع العربي وبالتالي اعتقد أن من يحاول إخماد هذه القوة الكامنة في الجسم العربي.. نظام رسمي عربي هزيل جاثم فوق هذا الحراك، وهو لا يستطيع أن يكتشف أن هناك قوة كامنة مخزونة لديه، إذا استطاع أن يوظفها من أجل قضايا العرب