تونس تحقق نجاحاً كبيراً في تصدير الذهب الأخضر إسرائيل تدك أكثر من 40 ألف وحدة سكنية في جنوب لبنان وتجعلها ركاما وانقاضا عاجل: أمريكا تحبس أنفاسها وتتحصن مع تفاقم التوترات وترامب يعلن واثق من الفوز وايلون ماسك يحذر من هزيمة المرشح الجمهوري واخر انتخابات في تاريخ أمريكا لأول مرة في تاريخها… التعديلات الدستورية الجديدة في قطر وتجربتها الديمقراطية عثمان مجلي يصارح الخارجية البريطانية: الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة بحضور دبلوماسي ومباركة رئاسية .. عدن تشهد ميلاد أكبر تكتل وطني للمكونات السياسية يضع في طليعة أهدافه استعادة الدولة وإقتلاع الإنقلاب وحل القضية الجنوبية مجلس القضاء الأعلى بعدن يصدر قرارات عقابية بحق إثنين من القضاة مقتل امرأة في قعطبة بالضالع برصاص الحوثيين صحيفة أمريكية: هجوم ايراني قريب على اسرائيل سيكون اكثر عدوانية من السابق توقعات المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر حول الأمطار ودرجات الحرارة في المحافظات الشمالية والجنوبية
ثمة ظاهرتان سياسيتان طفتا على السطح بقوة تستحقان الإشادة والاحترام.
الأولى:في دولة عربية هي الكويت، والأخرى في دولة إسلامية هي باكستان، ففي الأولى يمارس مجلس الأمة وهو السلطة التشريعية مهامه الدستورية بصرامة ويـُخضع الحكومة للرقابة الدائمة والمساءلة والاستجواب ويعرضها إلى الحل مما ليس مألوفا في أي نظام حكم عربي.
وفي الثانية: تمارس السلطة القضائية في باكستان (دولة القلاقل) حيادتها واستقلالها التام ويلمس المجتمع النزاهة والاستقلال من قضاتها الذين يحظون بالاحترام الشعبي، وقد ناضلت كافة فئات المجتمع على مدى عامين لإعادة القضاة المعزولين توجت بقرار حكومي هذا اليوم الموافق 16 آذار- مارس 2009 للرضوخ أمام الضغط الشعبي لإعادة القضاة المعزولين إلى مناصبهم دون شروط أو مساومة، هؤلاء القضاة يمارسون العدالة على الجميع بالتساوي بما في ذلك محاكمة رئاسة وأعضاء الحكومة دون تراخي أو مداهنة، حتى أن رئيس المحكمة العليا لم يقبل أي مساومة بعدم إعادة فتح قضايا الفساد ضد الحكومة الحالية ممثلة برئيسها زرداري الذي سبق وأن صدر القضاء في حقه حكما قضائيا بالسجن لفترة طويلة خرج منها بعفو رئاسي.
هذه بوادر فيروسات الديمقراطية النابعة من الداخل دون إيعاز خارجي وإنما بوعي داخلي يتنامى يوما يعد يوم ويفرض نفسه على السياسيات الفاسدة والمستبدة ، وحتى فلسطين المحتلة لم تكن بمعزل عن ظهور بوادر تحرر سياسي على المستوى الداخلي من هيمنة الحرس القديم وتصويت الشعب الفلسطيني بإرادة حرة نزيهة لقوى سياسية جديدة ممثلة في حماس التي لم يكن متوقعا فوزها الساحق في الانتخابات النيابية 2006 وتعزيز خيار المقاومة في وجه سياسة الاستسلام .
ولا زلنا ننتظر بوادر من السلوك الديمقراطي هنا وهناك بشيء من الإقدام والتراجع، ففي الأفق هناك موريتانيا وان أصيبت بنكسة إلا أنها سائرة حتما إلى الخيار الديمقراطي، وهناك لبنان وجيبوتي حيث يجري فيهما شكلا معينا من أشكال التداول السلمي أو التوافقي على السلطة، وتعيش كل من الجزائر ومصر واليمن حالة من الصراع الديمقراطي الحاد بين السلطة والمجتمع ضد الهيمنة والتوريث، وسيؤول هذا الصراع حتما يوما ما لصالح سيادة الأمة التي تصادرها السلطات.وستفرض مثل هذه التحولات الجزئية نفسها على محيطها الإقليمي الذي لا يألف أي نوع من المشاركة السياسية أو تداول مفهوم سيادة الأمة ليبدأ الحراك السياسي الشعبي بالظهور.
ماذا يعني أن تكون الأمة ذات سيادة في أي دولة ونظام سياسي ؟
المؤشر الأول : أن تنص التشريعات الدستورية على أن الأمة صاحبة السيادة ومالكة السلطة، وتقر مبدأ التعددية السياسية، ومبدأ الفصل بين السلطات واستقلالها بالمهام والاختصاصات عن بعضها، مع العلم أن مثل هذه النصوص قد لا تعني شيئا دون وجود أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني فاعلة تحرص بوعي متميز على تنفيذ هذه التشريعات. لكن غيابها لن يمكن من ممارسة أي حقوق في المشاركة السياسية إلا بمعارك نضالية تؤول إلى إقرار هكذا تشريعات.
المؤشر الثاني : وجود شخصيات سياسية تحترم نفسها وتملك الجرأة والقدرة على ممارسة مهامها وفقا للدستور وترفض انتهاكات السلطة التنفيذية وتدخـَُلِها في مهام السلطات الأخرى، أشخاص أمثال القاضي افتخار شوذري وزملائه القضاة، أو نواب مجلس الأمة الكويتي هم مثال لهذه الشخصيات المغيبة عن النظام السياسي العربي.
نموذج هذا الغياب: في اليمن يوجد برلمان منتخب من الشعب بنسبة 80 في المائة ولكنه ينفذ توجيهات السلطة السياسية ويقر تشريعات قانونية هي من صلب اختصاصاته، والحكومة هي من تعد مشاريع القوانين في دوائر الشؤون القانونية التابعة لها ليصادق عليها البرلمان، صحيح أننا كنا طالبنا ورجونا وتمنينا بضرورة التوافق لتأجيل الانتخابات لتسوية الخلافات السياسية أولا،ولكننا لم نكن نتوقع أن يستجيب النواب الحكوميين بهكذا بساطة لتوجيهات السلطة بالموافقة على التمديد لمدة عامين دون احترام الدستور والقوانين واللوائح، إنه برلمان يجدد لنفسه بالمخالفة الدستورية ليمتد عمره إلى ثمان سنوات، ومع أن الدستور اليمني ينص على أن الشعب صاحب السلطة يمارسها عبر ممثلين لم نر لهم أي تمثيل للأمة بل لأنفسهم.
كان يفترض من النواب أن يحترموا أنفسهم أولا ، كنا نتمنى عليهم أن يُجـْروا ولو مسرحية دستورية، وخلق أزمة صورية تـُبدي شيئا من استقلال السلطة التشريعية، ثم يتم الاتفاق على التأجيل بدلا من العامين تعدل الفترة إلى عام واحد فقط، ويتم إلزام أطراف الاتفاق ( السلطة والمعارضة)على برنامج زمني يحدده المجلس للمتفقين على تسوية خلافاتهم في حدود زمنية مجدولة يحددها البرلمان لهم ولا يترك الحبل على الغارب، لأنه لاضمانة للوصول إلى الاتفاق بعد العامين دون إلزام واشتراطات برلمانية، أو يهدد البرلمان بالاستقالة الجماعية والدعوة إلى انتخابات رئاسية ونيابية متزامنة في حالة عدم التقيد بالتشريع البرلماني للقبول بالموافقة على التمديد وشروطها الملحقة، وهنا نكون قدرنا لهؤلاء النواب موقفهم الذي لا يظهرهم كأدوات كرتونية ودمى بيد السلطة تستجيب ولا تبدي رأيا، وقد ظهر البرلمان اليمني للأسف كمؤسسة صورية ممسوخة تنفذ أوامر حكومية كما تجلى الآن. حتى يثبت عكس هذا عندئذ سيكونون نوابا للأمة.
المؤشر الثالث: وجود قوى سياسية ضاغطة ترغم السلطات على احترام الدستور والقوانين، وترفض أي مخالفة أو انتهاك تصدر عن هذه السلطات الممثلة لها ، باعتبار أن السلطة وظيفة سياسية لدى الشعب ، وليست امتلاكا سياسيا واحتكاريا لمؤسسات الدولة. هذا مافعلته الأحزاب الباكستانية ونقابتي المحامين والقضاة ومنظمات المجتمع المدني الداعمة، وأعضاء مجلس الأمة الكويتي وتسير على ذلك النهج كل من الأحزاب والطوائف في لبنان لإرساء مفهوم الأمة والعيش والمشترك، وتفعل الفصائل الفلسطينية نفس الفعل في التحرر السياسي الداخلي والتحرر من الاحتلال الإسرائيلي بالرغم من الصعوبات البالغة. وتظل مصر واليمن والجزائر في قائمة الانتظار نحو ظهور أمة ذات سيادة.
د. فيصل الحذيفي
hodaifah@yahoo.com