قراءة لأبعاد المشهد المعاصر في ساحات التغيير والحرية في اليمن
بقلم/ عبد الحميد جريد
نشر منذ: 13 سنة و 7 أشهر و 7 أيام
الجمعة 01 إبريل-نيسان 2011 06:23 م

مما يدور في ارض الواقع عدة توقعات والعديد من القراءات حول مشهد التغيير اليمني وذلك نظرا لاختلاف الأيديولوجيات لدى المفكرين والكتاب ولهذا ارتأيت تقريب المشهد من خلال وجهة نظر تتمثل في عدة أبعاد ومنها

- البعد الديني :-

يمثل البعد الديني أهم عناصر وحدة الشباب في ساحة التغيير ، فالدين هو الركيزة الأساسية التي تنبني عليها بقية العناصر. فوحدة الشباب تتمثل في الدين الإسلامي نظرا لعدم التعددية الدينية او المذهبية في اليمن وهذا ما يجسده الشباب في ساحات التغيير في جميع محافظات الجمهورية اليمنية وهي وحدة تمثل بناء متكاملاً له أساس ثابت في الأرض هو الذي يحمل البناء كله ، أو هي كالشجرة لها جذور ضاربة في الأرض وبدونها لا يكون للشجرة كيان ولا حتى وجود ، ومن هذه الجذور يمتد الساق والفروع والأغصان.

- البعد الاجتماعي :

إذا كانت الأمة الإسلامية ترتبط فيما بينها بروابط العقيدة والإنسانية فإن محصلة هذين البعدين هي الأخوة التي هي أقوي من أخوة النسب. ومن هنا كان قول القرآن الكريم:

إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ{وعندما أراد النبي \\\"صلي الله عليه وسلم\\\" أن يؤسس قواعد المجتمع الإسلامي في المدينة بعد الهجرة آخي بين أصحابه من المهاجرين والأنصار، فتآلفت قلوبهم بفضل الله. وقد امتن الله علي المؤمنين بهذا التآلف فقال: فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً {وهذه الأخوة لها حقها فهي تتضمن بعدًا عاطفيًا يتمثل في المشاركة الوجدانية. فكل فرد من أفراد الأمة الإسلامية يشعر بالآم وآمال أمته لانه جزء منها يحس بإحساسها ويسعد لسعادتها ويتألم لألمها. ومن خلال الملاحظة بالمشاركة في ساحة التغيير يلاحظ أن القبيلة والطبقية ذابت ولا تكاد تظهر في الاعتصامات من خلال المشاركات أو من خلال حب الظهور من خلال موقعها القيادي نرى أن القبيلة أصبحت مؤيدة للشباب وتعتصم باسم الشباب وهي مؤيدة للشباب وبالرغم من أن هناك مخيمات لها مسميات باسم القبائل إلا أن الدور القيادي في الساحة هو للشباب وباسم الشباب وليس باسم القبيلة كما يزعم بعض أصحاب الرأي .

البعد الجغرافي :-

مايمثله الشباب في ساحات التغيير في محافظات الجمهورية اليمنية يعتبر بعدا جغرافيا واحدا وذلك من خلال إذابة المناطقية والمناداة بشعارات محددة تتمثل في مقولة شعب يمني واحد وهذا شعار يردد في كل المحافظات وعندما كنا نسمع في الأشهر السابقة في الحراك الجنوبي الدعوة بالانفصال من بعض الفئات إلا أننا نرى أن هذه الدعوات اختفت وأصبحت تردد بشعار شعب يمني واحد مما يؤكد على أن الحدود الجغرافية اليمنية مهما ابتعدت فإنها تحمل هم واحد وهدف واحد يتمثل في التغيير

البعد الحضاري :

لقد آن الأوان للحركات الشعبية أن تتوحد جهودها مرة أخري في سبيل النهوض بالوطن والارتقاء بها حضاريًا بما يؤكد شخصيتها المتميزة ويحافظ علي ذاتيتها مسترشدين في ذلك بتعاليم الإسلام الشاملة وبالجوانب الإيجابية المشرقة في تراثنا. منطلقين من فكرة انه لا يليق بالأمة أن تظل الإسلامية في عالمنا المعاصر قابعة في مقاعد المتفرجين الذين لا يشاركون في صنع الحضارة، ويكتفون بدور المستهلك لما تنجه الحضارة التي يصنعها غيرنا في الوقت الذي لا تعرف البشرية فيه دينًا آخر غير الإسلام يشتمل علي كل المقومات والأسس التي تحقق للبشرية أفضل المستويات الحضارية ماديًا وروحيًا وأخلاقيًا ومن خلال يرى أن الشباب في ساحة التغيير جسدوا وضربوا أروع الأمثلة في التمثيل الحضاري من خلال اعتصامهم السلمي المطالب بتغيير النظام الفاسد المستبد واستبداله بنظام نهظوي يواكب كل التطورات العالمية وان يصبح نظاما فعالا كبقية الأنظمة الديمقراطية

البعد السياسي:

هناك تعدد في وجهات النظر حول مايجري في الساحة فالبعض يرى ان الثورة سلبت من الشباب واستولت عليها الأحزاب لكن مايدورفي الساحة ومن خلال ملاحظة كاتب السطور بالمشاركة أن الثورة لازالت شبابية والصوت هو صوت الشباب وبالنسبة للأحزاب فهي تعتبر من الشعب ويحق لها دستوريا أن تنزل إلى الشارع وليس عيبا أن تدعم الأحزاب وتؤيد الثورة الشبابية حيث وان النزول إلى الشارع كان الهاجس الاول والوحيد لدى المعارضة من انتخابات الرئاسية 2006م لذلك بالرغم من تزايد الحضور الى ساحات التغيير لم نرى أي خطابات او تصريحات تعبر عن حزب معين وسيطرته أو تخطيطه للقضاء على الثورة وإنما هناك تأييد ومساندة للثورة الشبابية وهذا مكفول دستوريا.

البعد المصيري :

وفي الأخير ومن خلال ماسبق في البعد الديني والجغرافي والاجتماعي والسياسي نستنتج أن الثورة الشعبية لها مطلب واحد ومصيري متمثل في سقوط النظام وبالرغم من طرح المبادرات من الرئيس ومن العلماء مازالت الثورة الشبابية متمسكة بمطلبها الوحيد وهو سقوط النظام وهذا ناتج عن عدم الثقة بين السلطة وبين الشعب وعندما تتجسد عدم الثقة في الحاكم والمحكوم نرى بان الشرعية للحاكم أصبحت منتهية وما يزيد إصرار الثوار والتمسك بمطلبهم هو وفاء لمطالب الشعب ووفاء لدماء الشهداء الذين سقطوا في الثورة الشبابية السلمية.

نصيحة:

وفي الأخير يجب على الأخ الرئيس أن يقدم استقالته حتى لا تنتهي ايجابياته وان يكون له ذكرى في قلوب اليمنيين كما تذكر الشعوب ملوكها العظماء, فالشعب قد قال كلمته ولن يتردد عنها ولنا العبرة بما جرى في تونس ومصر وليبيا واعلم يا أخي الرئيس أن الشباب اليمني الآن أصبح يعرف ما معنى التكنولوجيا ويعرف مامعنى الخطابات الرئاسية المدغدغة للعواطف ويستطيع التنبؤ بالمستقبل من خلال دراسات حسب تخصصاتهم وليس كما تجازفون انتم (معاليكم ) فهو يعرف إن اليمن بحاجة إلى دماء الشباب المتعلم والمتطلع إلى حياة عملية تتمثل بالكفاءة وليس الوساطة أو القرابة أو النسب أو ( البزي ) لهذا أقول لك احترم الشعب واسمع لهم كما احترموك واستمعوا لك لمدة 33عام .