المرأة التي يحبها زوجها
بقلم/ إبراهيم جمعة
نشر منذ: 15 سنة و 8 أشهر و 24 يوماً
الجمعة 13 فبراير-شباط 2009 09:43 م

أين البسمة الصافية؟ أين النظرة الحانية؟ أين الكلمة العذبة الرقيقة؟ لماذا بردت القلوب, وجفت المشاعر, وجمدت العواطف والأحاسيس؟

لماذا كثرت المشاكل وتفككت الأسر وضاقت النفوس؟

لماذا ارتفعت نسب الطلاق بهذا الشكل المخيف؟

لماذا أصابت المسلسلات الرومانسية ـ رغم تفاهتها ـ كثيراً من بيوتنا بزلزال كبير؟ هل لأن الحنان والمودة والحب والرحمة قد غابت عن بيوتنا؟

أم لأن أيدينا امتلأت مادياً بينما افتقرت نفوسنا معنوياً، فحلت المادة محل المودة؟!

الحب والمودة!

إنّ الحب هو ميل القلب، والمودة هي التعبير عن ذلك الميل..

وإنّ حاجة النفوس إلى الحب والمودة أهم من حاجتها إلى الطعام والشراب..

فهما الهواء الذي تمتلئ به الصدور, وتشرق به النفوس, وتصفو معه الحياة، وبدونهما تكفهر الوجوه, وتختنق النفوس, وتضيق الحياة.

إن البيت الذي ينتشر فيه الحب والود لهو أغنى ولو كان أهله فقراء!

وبالمقابل فإنّ البيت الذي ينعدم فيه الحب والود لهو أفقر ولو كان أهله أغنياء!

والزوجة الودود هي نبع ذلك الحب والحنان، ومصدر تلك المودة والرحمة، والبلسم الشافي الذي يمسح العناء, ويزيل الشقاء, ويحيل الحياة إلى سعادة وصفاء، وإن نظرة الود من الزوجة لزوجها, تطرد الشيطان وتحل الرحمة على المكان، فهي المأوى والسكن, وهي المودة والرحمة، وصدق الله إذ يقول: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون".

المودة في بيت النبي!

قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله وكنت أغزل، قالت: فنظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل جبينه يعرق، وجعل عرقه يتولد نوراً، قالت: فبُهتُّ، فنظر إليّ رسول الله وقال: مالكِ بُهتِّ يا عائشة؟ قالت: يا رسول الله، نظرتُ إليكَ فجعل جبينك يعرق، وجعل عرقك يتولد نوراً، فلو رآك أبو كبير الهذلي لعلم أنك أحق بشعره، فقال: وماذا يقول أبو كبير الهذلي يا عائشة؟ قالت: يقول:

فإذا نظرت إلى أسرة وجهه برقت بروق العارض المتهلل

قالت: فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان في يده، وقام إليّ، فقبّل ما بين عيني، وقال: جزاكِ الله خيراً يا عائشة، ما سررتِ مني كسروري منك.

ما يمتع الرجال!

أنت حبيبي! أنت أعظم رجل في عيني..

البيت بدونك ليس فيه روح..

الحياة بدونك ليس لها طعم..

لا تتأخر علينا لأننا نقلق عليك..

لا حرمنا الله منك يا حبيبي..

إنّ مثل هذا الكلام ـ يا سيدتي ـ يمتع الرجل، ويمنحه الإحساس بقيمته ورجولته..

ولهذا فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما أحبّ أن يشوّق الصحابة إلى نعيم الجنة، قال لهم في الحديث: "فتقول له زوجته: والله لا أرى في الجنّة أحسن منك، ولا أحبّ إليّ منك.."

فماذا عليك سيدتي لو كررت على مسامع زوجك الحبيب مثل هذا الكلام، فتصبح حياته معك لوناً من ألوان النعيم التي لا يراها إلا في الجنة!

وكذلك لا يكون توددك إليه بالكلام فقط، فحرصك على محابه، واهتمامك برغباته، كما لو كان قد اعتاد الهدوء في حال ما، أو تعوّد على مشروب في وقت معين، فإنّ تلبيتك له دون طلب منك مما يزيد حبه لك وسروره بك..

وكذلك عندما تفاجئينه ببعض الأمور الممتعة كنثر الورود في غرفة النوم، أو فرشها بلون جديد، ونشر العطر في أرجائها، ووضع بطاقات زاهية الألوان بها عبارات الحب والغرام، إلى غير ذلك مما يلهب العواطف ويجدد المشاعر ويحيي بينكما الحب من جديد.

اشحني رصيدك بالحب!

الحب هو رصيد الحياة الزوجية، وإنّ الأخطاء الكبيرة تبدو مع الحب صغيرة، والعكس صحيح، والمشاكل في الحياة الزوجية كالملح للطعام، لا ضير منها مع وجود رصيد من الحب والمودة، بل إنها تجدد الحب وتقدح المودة بين الزوجين، ولكن ضررها حين تزداد عن الحد، فتأكل من رصيد الحب حتى ينفد، فما لم يعمل الزوجان على شحن هذا الرصيد أولاً بأول، ويحافظا على دفء العلاقة بينهما، ويظللا حياتهما بالحب والمودة، وإلا؛ فإن البيت ستسوده المشاكل والخلافات، وتصدعه الشحناء والكراهية، فتصبح الحياة فيه بغيضة، والعيش مملاً, يفضل عليها بعض الأزواج البقاء بلا زواج!

واعلمي يا سيدتي أنه قد يغني جمال المرأة عن عقلها, لكنه أبدا لا يغني عن قلبها؛ فالمرأة الجميلة مهما بلغ جمالها إذا لم تتودد إلى زوجها, فإن جمالها يتحول قبحا! ولا يزداد زوجها منها إلا بعدا!

فأشيعي الود في بيتك, وجددي الحب في قلبك, فإن الحب يبلى ويخلق كما هي سنة الحياة في كل شيء..

قولي في نفسك: أليس هذا زوجك الذي كنتِ له تشتاقين؟

أليس هذا بيتكِ الذي كنتِ به تحلمين؟

فما للبسمة قد فارقت الشفاه؟ وما للحب قد غادر الحياة؟!

الزوجة الودود.. زينة هذا الوجود!

إن الحرمان العاطفي, و برود المشاعر والأحاسيس, وكذلك ركود العلاقة الحميمية بين الزوجين, وعدم الإشباع الجنسي هو السبب الرئيس لكثرة المشاكل بينهما, وهو المسؤول الأول بعد ضعف الإيمان عن الانجراف وراء المعاصي في زمن باتت فيه وسائل الإغراء وإثارة الغرائز ودغدغة العواطف تحاصرنا من كل جانب!

والزوجة الودود هي اللاعب الرئيس في هذا الميدان, وهي الملجأ الآمن لزوجها مهما كثرت الفتن.. فقلبها يحضنه, وحبها يغمره, تحنو عليه حين تلقاه, وتهون عليه أعباء الحياة..

تتزين له كأجمل عروس, وتبدو له في أبهى مظهر, مهما مضى بها العمر, فتخطف بصره إلى جمالها وزينتها, وتخلب قلبه بإشراقها ووضاءتها, فلا يختلس النظرات خارج عشها, ولا يمد عينه بعيدا إلى غيرها.