شاهد الأهداف.. مباراة كبيرة لليمن رغم الخسارة من السعودية مصادر بريطانية تكشف كيف تهاوى مخطط تشكيل التوازنات الإقليمية بعد سقوط نظام الأسد وتبخر مشروع ثلاث دول سورية توجيه عاجل من مكتب الصحة بالعاصمة صنعاء برفع جاهزية المستشفيات وبنوك الدم وتجهيز سيارات الإسعاف ما حقيقة خصخصة قطاعات شركة بترومسيلة للاستكشاف النفطية في اليمن أبرز خطوة رسمية لتعزيز الوسطية والاعتدال في الخطاب الديني في اليمن وزير الأوقاف يفتتح أكاديمية الإرشاد مدير عام شرطة مأرب يطالب برفع الجاهزية الأمنية وحسن التعامل مع المواطنين أردوغان في تصريح ناري يحمل الموت والحرب يتوعد أكراد سوريا بدفنهم مع أسلحتهم إذا لم يسلموا السلاح عاجل: محكمة في عدن تبرئ الصحفي أحمد ماهر وتحكم بإطلاق سراحه فوراً الاستهداف الإسرائيلي للبنية التحتية في اليمن يخدم الحوثيين ... الإقتصاديون يكشفون الذرائع الحوثية الإدارة السورية الجديدة توجه أول تحذير لإيران رداً على تصريحات خامنئي.. ماذا قال؟
* ما الذي يحدث اليوم في الوطن العربي وفي اليمن بشكل خاص؟
- الحقيقة أن ما حصل في تونس فتح الشهية للشباب في الوطن العربي، وأحيى الأمل لدى المواطن العربي في التغيير المنشود بالكلفة الأقل ثم تتابعت الأحداث وتلاحقت، كما أن الشعب المصري قدم نموذجا جديدا في ثورته وتجاوز النموذج التونسي في الأداء وفي السرعة وفي النتائج، وهذا ما زاد من طموحات الشباب وجعلهم يعتقدون أن النظام المصري إذا كان قد أخذ ثمانية عشر يوما فإن بقية الأنظمة العربية ستأخذ أياما أقل، مع أن لكل بلد خصوصيته، والخلاصة أن الموجة ستعم كل الدول العربية.
* بما في ذلك الدول الملكية والأميرية والسلطانية؟
- بدأت فيها الأمواج، من كان يصدق ما حصل في سلطنة عمان، النار كانت كامنة تحت الرماد، لولا أن السلطان قابوس كان حصيفا وحكيما، كان المحتجون يطالبون بتغيير ثلاثة إلى أربعة وزراء فغير اثني عشر وزيرا.
* ماذا عن اليمن بصورة أدق وأوضح؟
- ما يدور في اليمن امتداد لهذه الموجة الزاحفة التي تطالب بالحرية والتغيير والانطلاق نحو مستقبل أفضل، رغم أن الحركة بدأت في اليمن ضعيفة، وانتهت إلى حركة كبيرة، حصلت تغييرات هائلة وكبيرة، اليوم نسبة كبيرة من الشارع اليمني وخاصة من النخبة مع التغيير وفي تصوري أن 90% على الأقل من النخبة مع التغيير، وهذا تطور هائل قياسا إلى البداية.
* الملاحظ غلبة التيار الشبابي على الحركة الثورية، لماذا الشباب دون غيرهم؟
- لو تلاحظ منذ تسلم الرئيس علي عبدالله صالح مقاليد الحكم عام 78م تجد أن الشعب اليمني قد تضاعف ثلاث مرات يمثل الشباب منه 70% تقريبا، وهؤلاء لا يرون في الحكم الحالي وطريقته في الأداء ما يحقق طموحاتهم وأحلامهم، وبالتالي كان من الطبيعي أن يحدث هذا المشهد اليوم. الشباب حينما خرجوا إلى الشارع هم أصلا ليس هناك ما يخسروه، خاصة وأمامهم النموذج المصري.
* أين كانت رجالات النخبة السياسية التقليدية ورموز المعارضة قبل هذا اليوم منذ عقود من الزمن؟ ولماذا سبقهم الشباب؟
- حقيقة لو لاحظنا ما حصل في تونس قاد الثورة الشباب وتلقفها الشباب، وهذا شيء طبيعي، الشباب وإن كان بعضهم منتمين إلى أحزاب إلا أنهم يعبرون عن موقفهم كشباب بشكل أساسي، ومن الطبيعي أن يتلقف الساسة المشهد بعد ذلك، الملاحظ اليوم ومع طول أمد الثورة عندنا أنهم بدأوا بتشكيل حركات ائتلافية سياسية فيما بينهم، وهذا شيء طيب وجيد..
* هل تلاشى دور الأحزاب السياسية على الساحة بظهور الشباب وهي التي ملأت الدنيا ضجيجا وهديرا منذ فترة وإن لم نلمس -في الواقع- أثرا معقولا نتيجة لصراخها هذا؟
- أعتقد أن معظم الأحزاب هي أحزاب عتيقة، ولا تستطيع أن تقول أن ثمة أحزابا شبابية حقيقية على الساحة، كل الأحزاب الممثلة في البرلمان يزيد عمرها عن ثلاثين إلى أربعين عاما أو أكثر، وربما كان أكثرها شبابية هو الحزب الحاكم نفسه الذي تأسس عام 82م. كل الأحزاب السياسية على الساحة حاليا ولدت قبل هذا التاريخ. وربما تتمخض هذه الثورة عن تشكيلات شبابية مؤثرة مستقبلا.
* تبرر الأنظمة العربية بأن ما يحدث الآن في الوطن العربي هو في إطار ما أسمته بالفوضى الخلاقة، وأن ذلك مؤامرة دولية خارجية على هذه الشعوب، لاسيما وقد سبقت وثائق ويكيليكس الشهيرة العملية قبل أشهر؟
- موضوع الفوضى الخلاقة كفكرة تبنتها مجاميع يمينية في الإدارة الأمريكية السابقة يمكن أن تكون قائمة لكن مجريات الأحداث التي حصلت تفرض علي -كمحلل وكباحث ومتابع- أن أفسرها بغير هذا، مثلا نحن في اليمن كنا نعيش منذ فترة حالة فوضى "غير خلاقة" أصلا.. فوضى مدمرة.
* منذ متى تحديدا؟
- منذ منتصف التسعينيات نعيش حالة فوضى مدمرة أخرجت الشعب إلى الشارع مطالبا بالتغيير، وإذا كانت ثورة الشباب يسمونها فوضى خلاقة رغم أن هدفها خلق وضع جديد وحل أزمة الشباب فهذا شيء جميل... لكن من مجريات الأحداث التي حصلت في تونس وفي مصر يصعب على الباحث أو المحلل أن يفسرها بأنها من مخرجات الفوضى الخلاقة، كلام غير واقعي وغير مقبول، هذه أخطاء الحكام، لاحظ الخطاب السياسي كيف يتكرر عند كل الرؤساء، الخطاب الذي قاله بن علي في تونس نفسه الذي كرره حسني مبارك، ويتكرر هنا في اليمن ويتكرر في سوريا، الطريقة واحدة، وهذا شيء عجيب.
* منطق الأحداث يقول -وإن من طرف خفي- أن الإسلاميين قادمون، وأقصد بالإسلاميين هنا الإسلاميين الحركيين الذين برزوا في هذه الثورات بصورة ملفتة جدا وسيكون لهم حضورهم الفاعل لا شك في الحكومات القادمة، ماذا ترى؟
- الإسلاميون موجودون في المشهد السياسي برمته منذ فترة الثمانينات من القرن الماضي بصور وأشكال تتناسب مع ظروف كل دول على مستوى الوطن العربي، فمثلا في اليمن: شاركوا في السلطة في فترة من الفترات، في الأردن شاركوا في السلطة، في الجزائر لا يزالون مشاركين في السلطة، في تونس أقصوا من المشهد كاملا وظلوا الهم الوحيد للنظام هناك، في مصر موجودون على المستوى الشعبي وإن لم يكن معترف بهم رسميا بسبب الخشية من امتدادهم، ورغم ما تعرضوا له من حالات إقصاء إلا أن الأنظمة لم تتمكن من إزاحتهم عن الساحة، ربما كانت الصورة الأوضح -حتى الآن- في الثورات القائمة هي في مصر، من خلال الثورة الأخيرة التي برزوا فيها، في تونس عادوا إلى الساحة بعد سقوط بن علي، في اليمن تكررت الصورة، في الأردن تستطيع تقول إن الإسلاميين هم المحرك الأساسي للحركات الاحتجاجية، في اليمن كما قلت يشكلون الجزء الأكبر من ساحات الحرية والتغيير وإن كان ثمة أخطاء سمعنا عنها حصلت في الساحات لكن أداءهم في الفترة الأخيرة تطور بصورة إيجابية وبشكل أفضل.
* على ضوء ما يجري الآن وباعتبار أن أحداث اليوم هي مدخلات لنتائج مستقبلية.. كيف تقرأ المشهد السياسي القادم؟
- رغم سقوط النظامين في تونس ومصر حتى الآن إلا أن المخاضات لا تزال قائمة، ويصعب من الآن التنبؤ بالمستقبل، وكما تعرف فالإسلاميون بعثوا رسائل طمأنة لأوروبا والغرب وأمريكا بأنهم لا يطمعون في الحكم، وأعتقد أنهم جادون في هذه المرحلة فيما يقولونه، ولا يريدون الصدام مع الغرب، ولهم حوارات ولهم لقاءات مع الغرب وأمريكا، وهذه الأطراف الدولية ستفتح معهم خطوط تعامل بلا شك، لاسيما وهم مصنفون كحركات معتدلة. والإسلاميون منذ السبعينيات والثمانينيات وما بعدها قد تعلموا التعامل بمرونة مع هذه الجهات والأنظمة، والواقع أنه إن تسلم المشترك في اليمن مثلا السلطة سيجد نفسه مضطرا لدعم الغرب، هل تتوقع أن يقف اليمن على قدميه خلال السنوات القادمة بلا دعم غربي؟ لا يمكن ذلك.
* كيف تقرأ دور المملكة العربية السعودية كلاعب محوري في قضايا الشرق الأوسط من خلال ما يجري الآن؟
- يمكن للمملكة أن تلعب دورا فاعلا خلال المرحلة القادمة خاصة بعد تراجع الدور المصري على مستوى الساحة، ستجد المملكة نفسها أمام دور استثنائي لها، وأتمنى أن تلعب دورا إيجابيا خلال المرحلة القادمة، عليها أن تدعم الأنظمة الجديدة في المنطقة في تونس مثلا، في مصر، وأن تقف إلى جانب الشعوب وفي مقدمتها الشعب اليمني..
* على ضوء ما يجري كيف تقيم دورها؟
- بالنسبة لمصر المملكة كان موقفها واضح في مساندة الرئيس مبارك، أما وقد انتهى نظام مبارك فهي اليوم تفتح ملفا جديدا مع النظام العسكري القائم وأتوقع أنها ستفتح معه ملفا إيجابيا.
* بم تعلل وقوف المملكة الصريح والواضح لدعم مبارك أثناء الأزمة ضاربة بمشاعر الشعب المصري عرض الحائط؟!
- لا أحد كان يتوقع أن حسني مبارك سيسقط بتلك الطريقة السريعة والدراماتيكية كما يقولون، الرئيس علي عبدالله صالح أجرى معه اتصالين معلنين خلال أيام الأزمة، كان أمر سقوطه مستبعدا.
* ما يتعلق بالوضع في اليمن ألا ترى أن موقف دول مجلس التعاون الخليجي والذي هو في جوهره موقف المملكة بالدرجة الأولى، يستبطن أيضا الموقف الأوروبي والأمريكي بطريقة غير مباشرة، وبالتالي يكون الإجماع أو شبه الإجماع على الرحيل؟
- فهمي للموقف السعودي الآن أنه يعمل على نقل السلطة بطريقة سلمية. الجميع توصلوا إلى قناعة وأقصد هنا الخليجيين والاتحاد الأوربي والأمريكيين بمسألة التنحي والرحيل، الخليجيون يعملون على إخراج الموقف بشكل سلمي وهادئ يحفظ ماء وجه الرئيس والنظام القائم، وأيضا يعملون على ضمان عدم أي ملاحقات قضائية بعد ذلك.
* على الصعيد العملي هل ذلك وارد، لا سيما وأن المشترك الآن أو القوى السياسية التي قد تقدم نفسها ممثلا عن الجميع لا تملك هذا الحق؟
- هذا وارد، وأعتقد أن البلاد بحاجة إلى أن يخرج الرئيس خروجا آمنا هو وأقرباؤه، خاصة أقرباؤه من الدرجة الأولى.
* يخرجون عن السلطة فقط، أم يخرجون إضافة إلى ذلك عن البلاد؟
- يخرجون عن السلطة أولا، ثم إن المشهد السياسي يقتضي خروجهم من البلاد لفترة مؤقتة.
* الملاحظ أن الثورات في الوطن العربي بدأت من بلدان جمهورية مع أن منطق المعادلة السياسية يقتضي أن تبدأ من بلدان ملكية أو أميرية أو سلطانية.. ألا ترى أن ثمة مفارقة منطقية في المشهد؟
- الجمهوريات أسوأ حالا من الملكيات، ثم إن بعض الجمهوريات تدار بأنظمة شبه ملكية، بعض هذه الجمهوريات صادف أوضاعها الاقتصادية السيئة، مع كثرة عدد سكانها، فكانت هذه الحركات السياسية، وانظر أيضا الحراك في الدول الملكية تجده بصورة واضحة في الأردن ثم في المغرب بسبب أوضاعهما الاقتصادية، حتى أن بعضا من الباحثين يعتقد أن التغيير قادم قريبا في المملكة الأردنية وقد يتبعه أيضا في المملكة المغربية، بالمقابل لو جئت إلى الخليج العربي ستجد أن الدولتين اللتين حصل فيهما الحراك السياسي هما الأضعف اقتصاديا بين دول الخليج وهما عمان والبحرين، هذا إضافة إلى الكبت السياسي في هذه الدول، الأردن والمغرب مثلا الجانب السياسي هو الدافع الأول، لو جئت إلى عمان والبحرين أيضا كذلك..
* هل ترى أن تسونامي الحرية سيعم كل أرجاء الوطن العربي بما فيها الدول المستقرة ملكية كانت أو غير ملكية؟
- أعتقد أن الطوفان قادم وسيعم الجميع.
* بما في ذلك المملكة العربية السعودية؟
- المملكة ستكون بحاجة إلى إحداث نوع من التغيير السلس، وأعتقد أن هذا بيد الأسرة الحاكمة، تحتاج إلى نوع من الانفتاح السياسي، مجلس شورى منتخب، هذا كفيل بإحداث استقرار أكثر.
* لو سألتك عن تأثير هذا المد مستقبلا على الاتفاقيات الدولية والقضايا العالمية أيضا، قضايا السلام وفلسطين، الاتفاقات الأمنية الدولية؟
- أعتقد أن هذه الدول ستحتاج إلى فترة زمنية كافية حتى تتخلص من مخاضاتها التي تمر بها، سيتواصل المخاض السياسي ربما لعقد من الزمن حتى تستقر الأوضاع في هذه الدول، وأعتقد أن موضوع فلسطين تحديدا سيكون مؤجلا بشكل أو بآخر لدى كل الدول التي حصل وسيحصل فيها تغيير لأن قضية فلسطين لن تكون لها أولوية لدى هذه الدول، صحيح أن ثمة تأثير ولكن متأخر، وحتى يأتي ذلك اليوم لكل حادث حديث، أما موضوع الاتفاقيات الدولية، فأكيد سيحدث نوع من التغير، إنما في الوقت الحالي لا أعتقد أن ثمة رغبة لدى أي دولة اليوم أن تختلف مع الدول الغربية.
* ثمة غموض إلى حد ما في الموقف الإيراني بالدرجة الأولى والذي عادة ما يحضر في كثير من الشئون والمتغيرات العربية، إذا ما استثنينا موقفها من البحرين، إضافة إلى تركيا كلاعب محوري إقليمي إذا ما استثنينا موقفها السلبي من ليبيا كما تعرف، ما ذا ترى؟
- أعتقد أن إيران في حد ذاتها مهددة بما يهدد جاراتها الآن، وهي مشغولة بنفسها، وبالنسبة لتركيا، فإن النظام القائم فيه يعمل بطريقة برجماتية مثيرة للإعجاب، وما تقدمه تركيا من مبادرات تجاه ليبيا غير لائق مطلقا، وما كان ينبغي لها أن تدعم نظاما كنظام القذافي أبدا، أو تنحاز إليه.
* ألا ترى أنها حسبت الأمر بالمعيار السياسي الخالص؟
- بالمعيار الاقتصادي بالدرجة الأولى والانتهازي بالدرجة الثانية.
* أثرت لدي فكرة سؤال حول هذه الثورات حين قلت أن إيران قد يأتي عليها الدور مستقبلا، هل تتوقع أن تتصدر هذه الثورات خارج الطوق العربي وبالذات إلى دول أسيوية مجاورة؟
- يقال أن تأثيرات الثورة التونسية وصل إلى الصين حتى الآن، الأمر غير مستبعد.
* لو سألتك عن أخطاء الرئيس علي عبدالله صالح التي وقع فيها خلال المرحلة الماضية حتى أوصلتنا إلى هذا الوضع؟
- أعتقد أن الذي أوصل البلاد إلى هذا الوضع أمران أساسيان: الفوضى، والتي أعلن الرئيس نفسه في انتخابات 99م الرئاسية أنه سيعمل على إزالتها، وإعلانه عنها آنذاك معناه وجودها من قبل ذلك. فوضى لم يستطع أن يواجهها منذ أعلن عن مواجهتها بل إنها زادت بشكل غير مسبوق حتى تم اقتراح مواجهتها مجددا ضمن الأولويات العشر التي تبناها نجل الرئيس العميد أحمد في العام 2009.
* ما نوع هذه الفوضى؟
- فوضى شاملة، سياسية، اجتماعية، اقتصادية، على كل الأصعدة، لم يعد هناك شيء منضبط بالدستور والقانون أبدا.. هذا الجانب الأول، أما الأمر الثاني: فهو مشروع التوريث الذي جعل كثيرا من الأمور تسير في خدمة هذا السيناريو وتتلاءم معه، ووظف كثيرا من الإمكانات لذلك مع أنه توظيف غير محكم وغير منضبط، وغير منطقي، مثلا ثمة وزراء محسوبون على الشباب وهم غير أكفاء، أكثر تغييرات وزارية حصلت في عهد علي عبدالله صالح هي في السنوات العشر الأخيرة، ولو قستها بالعشرين السنة التي قبلها لوجدت أن ثمة شخصيات كفؤة ومتميزة تخللت التشكيلات الأولى، فيها وجوه نظيفة ومحترمة وشريفة، وفي هذه التشكيلات السابقة نوع من الثبات خلافا لما سار الأمر عليه مؤخرا. من 2001 وحتى الآن حصلت تغييرات كثيرة، وكثرتها يعني وجود خلل في الاختيار مع أنه يوجد في بعض هذه التشكيلات أكفاء ومخلصون، الفوضى والفساد ومشروع التوريث أوصلت البلاد إلى هذا الوضع الذي نعيشه، وهذا لا ينفي الصفات الإيجابية الإنسانية التي يتمتع بها الرئيس والتي أسهمت في استمرار فترة حكمه كل هذه الفترة، المرونة في تجاوز الصعوبات وإن لم تضع حدا للفساد المستشري.
* البعض يقول إن علي عبدالله صالح لا يحمل مشروع دولة مدنية مؤسسية؟
- صحيح، والذين من حوله أيضا لم يعينوه على هذا، أو أنهم قد حدثوه ولم يستجب لهم، أنا لا أريد أن أحمل أحدا المسئولية بغير علم، ربما كان هذا، وربما غيره.
* لم نسمع حتى الآن موقفا سياسيا للمؤتمر الشعبي العام كتنظيم، كل ما نسمعه هو صراع بين طرفي الرئاسة من جهة، والمعارضة من جهة أخرى.. بم تعلل ذلك؟
- دور المؤتمر الشعبي العام هو دور هامشي في الأساس، ولا يعول عليه في لعب دور سياسي، المؤتمر ليس حزبا حاكما وخاصة في السنوات الأخيرة وقد كتبت في ذلك قبل فترة وقلت أفضل أن يكون حزبا انتخابيا.
* ماذا تقصد بقولك: حزب انتخابي؟!
- أي يؤدي دوره في الانتخابات فقط من أجل تحقيق الأغلبية المطلوبة.
* إلى أي حد يتشابه المؤتمر الشعبي العام الحاكم مع الحزب الوطني الحاكم في مصر سابقا؟
- أعتقد أن المؤتمر الشعبي العام في اليمن أكثر تماسكا من الحزب الوطني الحاكم في مصر سابقا، وهذا ما جعله يصمد حتى اللحظة، أغلب قيادات المؤتمر الشعبي العام عندنا هي وجاهات اجتماعية مؤثرة.
* ما الذي تراه مناسبا خلال الفترة القادمة بعد تنحي الرئيس؟
- أتمنى أن تنتقل السلطة إلى مجلس رئاسي مؤقت يدير الفترة الانتقالية، ثم تجرى انتخابات على النظام البرلماني وأرى أن هذا هو الحل الأفضل..
* ثمة نقطة التقاء بدت مع فلسفة هذه الاعتصامات كنمط جديد من الخروج السلمي على الحاكم الظالم تمثل حلا وسطا بين الخروج على الحاكم الذي يرفضه الفكر السني والخروج الذي يفرضه الفكر الزيدي، ألا ترى أن ثمة نقطة التقاء تعمل على الجمع بينهما دون ضرر؟
- أعتقد أن ما يحدث الآن على الساحة هو شكل من أشكال الخروج الذي يتحدث عنه الفقه السياسي الإسلامي ولكن بروح العصر، ما يجري الآن في ساحات الحرية والتغيير في مختلف المدن من اعتصامات يومية تعتبر دروسا في التربية الوطنية والديمقراطية بالدرجة الأولى، حراك سياسي وثقافي إيجابي.. مثلا تجربة اللقاء المشترك كانت إيجابية على صعيد القيادة التي استطاعت أن تتقارب فيما بينها، ولم تنتقل هذه الروح الجماعية إلى قواعدها، الآن هي تنتقل إلى قواعد اللقاء المشترك عن طريق هذه الاعتصامات، هذه الساحات عامل تربوي لكسر أية حواجز خلال الفترة القادمة.
* ما الذي دفعك لتقديم استقالتك من المؤتمر الشعبي العام ومن عملك كرئيس لمجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية سبأ ورئيس التحرير؟
- السبب في استقالتي مبين في نص الاستقالة، وقد جاءت استقالتي بعد المذبحة التي حصلت في جمعة الكرامة، والتي أراها جريمة مكتملة الأركان، هذه الجريمة في تصوري جريمة مكتملة ومخطط لها بشكل بشع، وأنا آسف أن أستخدم هذا التعبير، وهي جريمة لأول مرة تحصل في تاريخ المحافظات الشمالية من خلال بحثي وأرجو أن يبحث آخرون لم يحصل مثلها أبدا، جريمة استهدفت قتل أبرياء عزل مسالمين لا يقرها أخلاق ولا ضمير، أحسست باستياء كبير لم أستطع معه الاستمرار في عملي بعدها، والحقيقة أنه قد طلب مني التبرير لها إلا أني لم أستطع ذلك، لاسيما وأنا أراها واضحة أمامي كجريمة مخططة وكان بقائي في عملي سيقتضي مني تسويق أكاذيب التغطية على الجريمة، والحقيقة أن الأخ الرئيس لم يكن حصيفا في التعامل معها، كان عليه وقد شكل لجنة تحقيق في الأمر، ألا ينسبها إلى أهل الحي.
* أنت لمن تشر إلى الجهة المنفذة؟
- لا أريد أن أقع في نفس الخطأ، هناك نائب عام ولجنة تحقيق وهذه مهمتهم، والنائب العام رجل محترم ورجل فاضل وسيقول كلمته، كل ما أستطيع قوله إنها جريمة مكتملة الأركان لا يمكن تدبيرها إلا في إطار أجهزة محترفة وإمكانيات كبيرة.
* كلمة أخيرة؟
- أتمنى من الشباب في ساحات التغيير والحرية أن يحملوا روح التسامح وروح الحوار والمحبة فيما بينهم أولا وأن يزيلوا القوائم السوداء، يجب أن يبعثوا برسائل طمأنينة للجميع بأن مشكلتهم مع شخص واحد وعدد محدود من المقربين منه لا مع كل جهاز الدولة والحكومة، لا مع قبيلة سنحان، أو الجيش أو المؤتمر الشعبي العام، عليهم أن يطمئنوا جميع الأطراف أن لا خصومة لهم معهم، وأن اليمن بعد التغيير هو يمن التسامح، يمن المحبة، يمن السلام.