غباء الفرعون
بقلم/ محمد الأغبري
نشر منذ: 13 سنة و 5 أشهر و 10 أيام
الإثنين 30 مايو 2011 06:42 م

تتسارع الأحداث مجرياتها، ويتوالى الإيقاع ضرباته، وتزداد الحماسة، وحيث يسير الشباب الثائر في خطواتهم التي رسموها " سلمية سلمية لا للحرب الأهلية"، تثير أحرف السلم الثلاثة غضب الفرعون فيفور تنور غيظه ويزداد الغليان.

أحرف "السلم" الثلاثة أوصدت أمام الفرعون كل طرائق المكر والخديعة التي عهد نفسه ردحاَ من الزمان يزاول العبث بها.

الجنرال العجوز والثعلب الماكر ذي الذيل الطويل، لا يتقن غير فن الخديعة والوقيعة ، كأن له صلة "بابن خراش" (يهودي أتقن ألاعيب الفتنة).

يظن اليوم أن حيل الأمس التي انطلت على شعب كريم حليم ستجدي.....ولكن هيهات... أولم يسمع بقولة العرب" إتق شر الحليم إذا غضب".

لقد غضب الحليم، وما للجاهل من مفر، تقارب الزمان دورانه، وعادت الدائرة تنغلق حول عنق الماكر، أيقن الشعب حقيقة المواجهة، فقرر إبطال الفتنة.

التف الناس حول بعضهم، نسي إخواننا في الجنوب فكرة الانفصال بعد أن عمدت دماء جمعة الكرامة ثرى اليمن كل اليمن، نسي الحوثيون سلاحهم ونزلوا سلميين ، ونسيت القاعدة أنها موجودة أصلاً في اليمن. لقد جرد الشعبُ عفاش من كل سلاحه، وأيقن الجميع سبب الفوضى.

وحين لم يستطع جر الناس إلى الحرب، قرر شن حرب بيديه، وفي غباء منقطع النظير قرر ضرب مشايخ اليمن المجتمعين في بيت آل الأحمر، وقرر ضرب لجنة وساطة من حلفائه، وقرر ضرب كل فرصة لفراره." إن الله لا يصلح عمل المفسدين".وبعد أن ضرب مشايخ اليمن سقطت من يديه سبع وزارات ومقر اللجنة الدائمة للمؤتمر الصعبي العام.

العجيب أن الفرعون لم ينتبه لفعلته النكراء، لا أشك ثانية أنه يتخذ قراراته في ذهاب عقل، أو أن داء الكبرياء استفحل فعطل كل خلية تفكير خلقها الله في رأسه.

ظللت أفكر ملياَ، أقلب التاريخ بحثاَ عن رجل مر بمرحلة عفاش فلم يسعفني عقلي بالبحث عن مثل في أسلافه، وحيث ما بحثت علمت أن الفراعنة ممن سبقوه يختلفون كثيراَ عنه، نظرت في نيرون أقسى رموز التاريخ فوجدته قد حزم أمره بالانتحار ونحر شعبه ، نظرت في هتلر فوجدته رغم ظلمه قد أكرم شعبه، ونظرت في موسيليني فرأيته قد أكرم شعبه، علمت عندها أن عفاش سيخلد في التاريخ في ألعن صورة لا ينافسه فيها إلاّ القذافي وبشار الجحش صاحب سوريا.

غُرر بنا ذات يوم حين قيل أن عفاش غير دموي، لكنا نكتشف اليوم أن دمويته فاقت كل دموي عبَر صفحة التاريخ السوداء.

يتجاهل الفرعون دماء زكية أهريقت في شوارع اليمن من أقصاها إلى أقصاها، وكأن تربة الأرض النقية التي تأبى شرب الدم، تصر أن تشهد عليه.

حين أقلب التاريخ الإسلامي فأنظر في فرعون أمة محمد، أرى أبى جهل غلبه كبره على رؤية حقيقة نفسه فقال" والله لا نبرح حتى ننزل بدراَ فنقيم فيها ثلاثاَ فننحر الجزور ونشرب الخمر وتغني فينا القينات" فكان أن نزل بدراً فنحر هو بدلاَ عن الجزور، وغنت القينات في رثائه.

وحين أرجع إلى الوراء لأستطلع خبر فرعون موسى أرى أنه قد جمع كيده في ملاحقة الضعفاء، أسرف في القتل وجعل الناس شيعاً وحين ازداد كبره، هلك وجنوده في اليم.

إنه نفس السيناريو، يتكرر بنفس الحركة ، نفس الطريق يعبرها الجميع، حينها ينجي الله المستضعفين ويهلك الظالمين في أبشع صورة.

والله من وراء القصد وله الحمد في الأولى والآخرة.