قدرها مليار دولار..مصادر إعلامية مُطلّعة تتحدث عن منحة سعودية لليمن سيعلن عنها خلال أيام الجيش الأميركي يكشف عن طراز المقاتلات التي شاركت في الضربات الأخيرة على مواقع الحوثيين يد البطش الحوثية تطال ملاك الكسارات الحجرية في هذه المحافظة افتتاح كلية التدريب التابعة لأكاديمية الشرطة في مأرب اول دولة توقف استيراد النفط الخام من إيران تقرير حقوقي يوثق تفجير مليشيا الحوثي لِ 884 منزلا لمدنيين في اليمن. منفذ الوديعة يعود لظاهرة التكدس .. وهيئة شؤون النقل البري تلزم شركات النقل الدولية بوقف رحلاتها إلى السعودية المبعوث الأممي يناقش في الرياض مع مسئولين سعوديين معالجة الأزمة الاقتصادية في اليمن وقضايا السلام أسباب وخفايا الصراع بين فرعي العائلة الملكية في قطر وقصة الجوهرة الماسية التي فجرت الخلافات توجه لإلغاء تقنية الفار من مباريات كرة القدم واستبدالها بـ(FVS).. ماهي؟
بدأ النظام مؤخرا أو قل عدد من رجالاته وأنصاره والمحسوبين عليه في اتباع إستراتيجية جديدة قد تكون مدمرة للمجتمع اليمني وتنذر بخطر كبير لاقدر الله، انه اللعب على ورقة المناطقية البغيضة، حيث يقوم عدد من المحسوبين عليه بنشر بعض الإشاعات المفبركة وغير المعقولة والمقبولة، والتي تهدف إلى بث روح الشقاق بين المجتمع اليمني المتجانس، متخيلا أنها وسيلة نموذجية لكسب ولاء بعض المناطق وقبائلها على البعض الآخر، وتفريق أو تمزيق اللحمة اليمنية المتماسكة، والتي ظهرت عليها ساحات التغيير والحرية في مختلف المحافظات اليمنية..
كان النظام قد جرب هذه الطريقة بداية الاعتصامات مطلع فبراير الماضي عندما أطلق بعض المحسوبين عليه هتافا مناطقيا (ارحلوا يابراغلة) فقامت الدنيا ضدهم وضد النظام الذي يمثلونه، ولم تقعد، وزاد الناس تماسكا، واستطاع الشباب المطارد آنذاك من الاعتصام والتخييم أمام بوابة جامعة صنعاء (ساحة التغيير)، وائتلفت القلوب وتعانقت الأرواح وصار أبناء اليمن الواحد الموحد روحا وجسدا يتنافسون في خدمة بعضهم بعضا، يتنافسون في تنظيف الساحة، وتركيب الخيام، ومد أسلاك الإنارة، وإصلاح الأعطال ووزن الستلايتات الخاصة بالخيام والمنتديات، وكلٌ يُسهم بما يعرفه ويجيده دون فرق بين صنعاني وتعزي وعدني وحضرمي، أو مأربي وجوفي وعمراني.. الخ.
* فاجأني صاحب التاكسي الذي أوصلني إلى المستشفى الجمهوري بصمته طوال الطريق وإجابتي على أي سؤال كنت اطرحه عليه باقتضاب شديد، كان يتحدث بعصبية، وعندما فتحت معه موضوع الاعتصامات فاجأني بأنه لايمكن أن يكون هناك رئيس من تعز ولو على جثته..!!
قلت له صلي على النبي، ايش الحاصل؟، ومن الذي قال لك إن هناك رئيس من تعز؟، فحلف بأغلظ الأيمان أن أبناء تعز هم من بدؤوا بهذه الثورة ضد علي عبدالله صالح لأنه من صنعاء وأنهم يريدون رئيسا من أبناء تعز..!!
صُعقت من هذا المنطق، وسكتُ خشية أن يتطور النقاش ويحتد، وربما نصل إلى مالايُحمد عقباه لاسيما وانّ الرجل من العامة ومنظره يوحي بأنه غير متعلم، وانه معبأ تعبئة خاطئة وزائدة على المعلوم، وهذا واضح من تقاطيع وجهه وأسلوبه في الكلام ونبرات صوته وعيونه التي يتطاير منها الشرر، لاسيما بعد القات..!!
لم اعر الموضوع أهمية كبيرة، ونسيته بمجرد نزولي من التاكسي، واعتبرته عارضا وربما هو اجتهاد شخصي من هذا الرجل (القبيلي) البريء الذي يحب الرئيس علي عبدالله صالح، وهذا واضح من سيارته المملوءة بصور الرئيس الملصقة على الزجاج الأمامي والخلفي والطبلون وربما الكراسي الخلفية..
* بعد فترة ليست بالقصيرة، سمعتُ نفس الكلام من سياسي كبير مقرب من النظام بل احد أعمدته، وان كانت بصياغة أحسن وتنسيق أفضل وكلام منمق على سبيل الإقناع والفلسفة، مستشهدا بحديث رجل الأعمال (التعزي) شاهر عبدالحق..
الحقيقة أنني استأت كثيرا وهممتُ أن أرد عليه لكن المقام لم يكن يسمح بذلك، لاسيما وصاحبنا كان يتحدث مع احد الدبلوماسيين العرب ويحاول شرح مايجري في البلاد، وكان من ضمن حديثه أن الموضوع لايعدو أن يكون مناطقيا وأن أبناء الجنوب يريدون أن يكون الرئيس منهم، ثم عرّج على أبناء تعز الذين يقدمون أنفسهم على أنهم الحل الوسط والرئيس عندما يكون منهم سيُرضي جميع الأطراف فهي محافظة جنوبية الجغرافيا، شمالية التاريخ "حسب منطقه الفلسفي"..
* الأسبوع الماضي، نشرت الصحف حادثة الطفلة عائشة محفوظ عبدالقادر الدبعي ابنة الـ6 سنوات والتي كانت جالسة في نافذة المنزل، وكانت تردد الشعار الذي يردده ملايين اليمنيين (الشعب يريد إسقاط النظام) غير مدركة أنها أصبحت وأسرتها هدفا لعدد من البلاطجة الذين ردوا عليها بالحجارة فأفزعوها وكسروا الطاقة واقتحموا المنزل واعتدوا على والدها بالضرب داخل منزله وأمام أسرته وأطفاله، مدعين أنهم من الأمن القومي وانه "اشتراكي مخرب" ثم اقتادوه إلى قسم الشرطة، حيث استكمل رجال الشرطة المهمة وضربوا الرجل مرة أخرى قبل أن يرموه في السجن.
وفي المساء تجمع أصدقاء الأب وهم عمال وأصحاب محلات ينتمون إلى محافظة تعز أمام قسم الشرطة الذي خرج مديره ووجّه لهم سيلا من الشتائم تضمنت عبارات حملت احتقارا مناطقيا لأصدقاء الأب المسكين ولمحافظة تعز التي ينتمي لها، ثم أخرج مسدسه ووجهه إليهم قبل أن يرفعه ويُطلق رصاصات في الهواء..
* هذه الحوادث وغيرها جعلتني احزن كثيرا للعقلية التي تدار بها البلد من قبل بعض المسئولين، والى أين سنصل لو استمر هؤلاء المحسوبين على النظام في استخدام هذه الورقة، وكنت أقول إن هذه أعمال فردية وليس لها علاقة بالنظام، لكن تكرارها من قبل قيادات سياسية وأمنية جعلني أعيد حساباتي وأحاول البحث جديا، هل النظام هو من يريد تسويق هذه الفزاعة، واللعب بهذه الورقة (النار) التي ستحرق الأخضر واليابس وسيكون هو (النظام) أول من يكتوي بنارها على اعتبار أن هناك جيلا جديدا ينشأ في الساحات ووعيا جديدا يتشكل بينهم يصعب على النظام وزبانيته تسويق مثل هذه الترهات بينهم، وبالتالي سترتد (اللعنة) على صاحبها وتجتثه من مكانه.
* الخيط الذي أكد لي أن هذه الورقة يتم اللعب بها باستراتيجية وتوجيه وإشراف على أعلى المستويات، هو الإعلان الذي أعلنه احد المحسوبين على محافظة تعز، لكنه مستعد أن يعمل أي شيء مقابل المال أو إرضاءً للنظام، وهذا ديدنه مع كل الأنظمة وفي مختلف الدول ليس في اليمن فقط، ومعروفٌ عنه هذا منذ بزغ نجمه في عالم المال والأعمال، وله شواهد عدة وتاريخه معروف للقاصي والداني ابتداءً من يهود الفلاشا إلى زيارته الشهيرة للقذافي مطلع مارس الماضي، وهو رجل الأعمال شاهر عبدالحق العبسي الذي أعلن أواخر الشهر الماضي نيته ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية القادمة رغم عدم وجود أي حديث حول إجراء الانتخابات الرئاسية..
الهدف من هذا الإعلان (اللغم) هو إيجاد مادة يدندن عليها النظام ويستشهد بها في نية أبناء تعز ومخططاتهم المستقبلية، حيث كانت مبررات ودوافع (شاهر) التي اجزم أنها صيغت له وطلب منه إرسالها إلى إحدى الصحف (اختلال في توازن التمثيل داخل السلطة)، وانه يهدف إلى (كسر النموذج الجهوي المفروض في اختيار الحاكم) لأن (اليمن طيلة العقود الماضية ظلت تحكم من خلال أقلية (!!) وهو ما أدى إلى احتكار هذه الأقلية للسلطة بسبب عوامل لا علاقة لها بالكفاءة أو حتى بالخيارات الشعبية والديمقراطية).
طبعا هذا حديث مرفوض جملة وتفصيلا من أبناء الشعب اليمني، سواء أبناء تعز أو صنعاء أو عدن أو غيرها من المحافظات، لأننا احتكمنا إلى العملية الديمقراطية ومارسناها وقبلنا بنتائجها، ثم إذا كان حريصا على هذا الهدف غير النبيل و(الأهبل) لماذا لم يرشح نفسه هذا الـ(شاهر) في الانتخابات الرئاسية الماضية سواء 99 أو 2006م، ولماذا لم يُظهر هذه النفسية المريضة والعقلية المهترئة إلا هذه الأيام، أين كان لأكثر من 80 عاما هي سني عمره..
هل هذا منطق من يُعرّف بأنه خبر السياسة ودهاليزها وعايش أكثر من 6 رؤساء في اليمن، وتعامل مع أكثر من 20 رئيسا وملكا وأميرا على مستوى العالم، على اعتبار أن له مصانع وأملاكا عقارية وشراكات تجارية في العديد من الدول العربية والغربية، هل هذا منطق رجل محنك (كما يصفه البعض)، لا أعتقد أبداً..!!
شاهر عبدالحق يقول في مبررات إعلانه الترشح للرئاسة انه (لايعقل أن تحتكر جهة معينة في اليمن صناعة الرؤساء دون أسباب واضحة إلا لكونها تحمل السلاح بحيث تفرض من تشاء لأسباب لها علاقة بالتركيبة الجهوية)..!!.
وعن السبب الذي جعله يستبق إعلان هذا الترشيح قبل أن يتم الحديث حوله قال شاهر (إنني أرمي حجرا كي أحرك المياه الراكدة وحتى نكسر قداسة ماأصبح واقعا تجذر ليس خلال العقود الماضية وإنما قرون من سيطرة هذا المركز بحسب ماوصفه احد القيادات السياسية بالمركز المقدس، وهو توصيف اختزل الأسباب التي راكمت الأزمة اليمنية حتى وصلت إلى ما أصبحت عليه اليوم من انسداد ليس سياسياً فحسب وإنما اقتصادي واجتماعي وحتى أخلاقي في كثير من الأحيان).
الجملة الأخيرة من كلام (شاهر) تشي بأن الأزمة والثورة كلها مختزلة في أن الرئيس ينتمي (مناطقيا) إلى ما اسماه بـ(المركز المقدس) وقد أوجد (شاهر) بهذه المبررات مادة دسمة للنظام للعب عليها والاستشهاد بها، والعبث بالورقة المناطقية بطريقة مقيتة، بل أساء إلى محافظة تعز والى أبناءها الذين يطالبون بتقديمه للمحاكمة بتهمة إثارته للنعرات المناطقية والفتنة الطائفية في المجتمع..
وللفهم أكثر وكعلامة أكيدة بأن هذه المبررات كُتبت في مكان ما وبإشراف عالي كان لزاما أن تلمز في أبناء الشيخ الأحمر حينما قال (إنه وبعد أربعة عقود من الثورة نرى أن هناك من يريد ون إعادة إنتاج أنفسهم كصُناع حكام بوسائل أكثر حداثة وهو ما يجب أن يقف الجميع ضده، باعتبار أن من مقتضيات التغيير ليس إعادة ذات الأشخاص بسبب أنهم غيروا خطابهم بينما هم أقرب إلى العقلية التقليدية نفسها التي تحمل معها منهجا غير منفتح لايعترف بالآخر ولا يتوافق مع قيم العصر بما يعنيه ذلك الإيمان المطلق بالمدنية والتحديث والحرية).
* وكاستشهاد أخير بان هناك من يلعب على ورقة المناطقية، تناقلت العديد من المواقع الاليكترونية التابعة للنظام والتي أنشئت وتم تفريخها مؤخرا من قبل جناح معين في السلطة، بهدف التضليل الإعلامي المتعمد والفبركات غير المهنية، وإدارة حرب إعلامية قذرة بالكذب والتدليس ونشر الإشاعات والتهريج، تناقلت هذه المواقع خبراً موحداً يحمل عنوان (المشترك يستخدم ورقة المناطقية لـ إسقاط تعز.. وجبهات لتصفية مشايخ ووجاهات المحافظة)، وفيه تحريض واضح ضد هذه المحافظة الحالمة وأبناءها مثل أنها ستكون (بنغازي اليمن ومنطلقا للثوار والكفاح المسلح)، وأنها ستكون (منطلقا لعمليات عسكرية واسعة)، وان (الثوار باتوا على جاهزية تامة لإسقاط محافظة تعز والسيطرة عليها بشكل كامل بعد استكمال عمليات الحشد والتعبئة والتسليح ورسم الخطط وتوزيع الأدوار)، وأن (هناك لجان تم الانتهاء من إعدادها وتجهيزها لتلك المواجهات وفي انتظار إشارة البدء)، وأن (لدى المشترك في تعز العديد من الإمكانيات والعتاد ما يمكنه من السيطرة على المحافظة بالسلم أو إخضاعها بالقوة) إلى آخر ماورد في ذلك الخبر الذي نشر في 8 مواقع اليكترونية بنفس الصيغة والعنوان..!!.
* إن أبناء تعز "ملح الأرض اليمنية" كما اسماهم الدكتور أبوبكر السقاف، بما عُرف عنهم من أنهم مفكرين ومثقفين وسياسيين ورجال أعمال لايمكن أن يفكروا مثل تفكير (شاهر عبدالحق) إن أصرّ على أن ماورد أعلاه من تصريحاته وليس (أكل الثوم بفمه)، فهم يناضلون وسيستمرون حتى تحقيق هدفهم الذي ضحوا من اجله بأكثر من نصف الشهداء الذين سقطوا على مستوى الجمهورية (33 من أصل 54 شهيدا في جمعة الكرامة، و9 من أصل 14 شهيدا يوم الأربعاء الدامي) وهناك إحصائيات أخرى في مختلف المحافظات..
هدفهم هو إقامة دولة مدنية حديثة، تقوم على أساس العدل والحرية والمساواة بين كافة اليمنيين في الحقوق والواجبات بغض النظر عن من يحكم، لأن المساواة ستوفر لهم حياة كريمة وفرصاً متساوية في كل المجالات، وبالتالي يُصبح لامعنى لان يحكمهم رجل من تعز أو المهرة أو صعده أو الجوف أو غيرها من المحافظات طالما وهو سيعاملهم على قدم المساواة مع مواطني المحافظات الأخرى، وهم لن يعودوا إلى بيوتهم إلا بتحقيق هذا الهدف.
إن ورقة المناطقية التي بدأ يلجأ لها بعض أنصار النظام وأعمدته تهدد بشكل خطير السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية، واعتقد أن توظيفها اليوم والترويج لها من قبل جناح معين استوحي من تحركات رئيس الجمهورية في بداية الاعتصامات، حيث قام بزيارات مكثفة ولافتة إلى بعض القبائل والمناطق المحيطة بصنعاء واستدعاء قبائل أخرى وإغداق الأموال عليها لكسب ولاءها، وهي خطوة تنبه لها الرئيس "حسب اعتقادي" ولم يعد يمارسها اليوم، لكن أنصاره لازالوا يمارسونها وبقوة، ونهيب به أن ينهى عن ذلك قولا وعملا، وألا يتيح للآخرين أن يفسدوا في الأرض ويختموا تاريخه في حكم اليمن بفتنة طائفية وحرب أهلية وخراب ودمار لاقدر الله.