رسالة إلى شباب التغيير انشقاق علي محسن وانضمام الفاسدين الى الثورة ماذا يعني؟
بقلم/ د.خالد عبدالله علي الجمرة
نشر منذ: 13 سنة و 7 أشهر و 22 يوماً
الخميس 24 مارس - آذار 2011 03:27 م

إن سقوط النظام لم يعد سوا مسألة وقت وهذه حقيقة يؤمن بها النظام قبل الشباب لكن وبتتبع الأحداث المتوالية بزخم كبير

وسرعة أكبر يجب في هذه اللحظات الدقيقة التي نمر بها أن نناقش حدثين بالغا الأهمية عاشتها مرحلة مخاض ثورة شباب التغيير في الأونة الأخيرة المرحلة الأولى انضمام الجنرال علي محسن للثورة والثاني انضمام بعض لصوص ومرتزقة النظام السابق لهذه الثورة أيضاً فإذا كان هؤلاء اللصوص قد بلعوا المال العام وسرقوا مقدرات البلاد فإنهم بكل تأكيد لن يتورعوا عن سرقة الثورة لهذا يجب مناقشة كل هذا بهدوء وتروي....

انضمام الجنرال العسكري علي محسن قريب الرئيس وأحد أركان حكمه الطويل الممتد لأكثر من انثنين وثلاثين عاماً بصفته العسكرية لشباب التغيير كان وبلا شك علامة فارقة في الأزمة التي تعاني منها البلاد منئذ سيطرة الفاسدين على نظام الرئيس صالح، فانضمام علي محسن الذي يعتبر إلى وقت قريب الرجل الثاني في النظام فعلياً إلى ثورة شباب التغيير زاد هذه الثورة أملاً وجر ورائه انضمام مجموعة كبيرة من أركان النظام ومؤيديه وأيضاً من كان يلتزم الصمت

ويفضل التواري وهم كُثر...

لكن هل حقيقة أن انحياز محسن وضباط آخرين الى الشباب في ثورتهم كان يصب حقيقة في وعاء ثورة التجديد والتغيير وهل هذا الانضمام سيصب في مصلحة الوطن ككل!!!!؟؟؟

من وجهة نظر شخصية لو أن علي محسن أعلن أن فرقته العسكرية ستقف موقف الحياد ولن تتدخل في الصراع السياسي الدائر بين النظام والشباب لكان هذا الإعلان أكثر فائدة ولتداعت كل المؤسسة العسكرية إليه ولربما كنا على الأقل الأن قد ضمنا أن الجيش فعلاً مؤسسة وطنية مستقلة كوحدة متكاملة سيقف فعلاً مع إرادة الشعب أياً كانت..

إن هذا الإعلان للأسف وبدلاً من أن يكون عامل اطمئنان للناس وللشعب وللوطن تحول إلى مصدر قلق وخوف في نفوس أفراد المؤسسة العسكرية نفسها قبل كل شيئ، لقد شق هذا الإعلان المؤسسة العسكرية وتحولت المؤسسة التي كان يجب أن تكون مصدر اطمئنان للشعب إلى فرقتين فرقة عسكرية متكاملة مع النظام والرئيس وفرقة مع المعارضة للرئيس بمختلف فئاتها وشخصياتها، وهو مايهدد ويعكر فعلاً السلم العام ويخلق مبرر منطقي وقوي إلى القول أن هنالك صدام عسكري وشيك سيحدث لو كل جانب تمسك بمطالبه ووجهة نظره ورفض أن يقدم تنازلات....

إن المؤسسة العسكرية والقضائية مؤسستين يجب أن تبقيان بعيدتان تماماً من هذه المواجهة السياسية، ويجب على كل عاقل أن يحافظ ويدعم حياديتها؛ فالمؤسستين حتماً سيُلجاءَ إليهما حال انتهت المعركة السياسية وبغض النظر عن من سيزور القصر الجمهوري ويبقى فيه فإن هاتين المؤسستين هما صمام للأمان وللعدالة والمساواة لذلك يجب أن تبقيان بعيدتين عن أي صراع سياسي كان.....

إن هرولة العسكر لميدان التغيير وإن كان يعبر عن ميول شخصي قائم على حسابات خفية منها مايظهر ومنها مايبطن لهؤلاء إلا أن مدلولاته كبيرة جداً فمحسن ورفقائة المنشقين عن الرئيس والذين تخلوا عنه فجأة ودون أي مقدمات تذكر بعد أكثر من 33 سنه خدمه ووفاء للرئيس لا يمثلوا للأسف شخوصهم بقدر ما هم صورة مختزلة لفرق عسكرية تتبع الجيش اليمني؛ لست مع الرئيس ولا أقف بصفه على العكس من ذلك كتبت وحذرت ونبهت غير مره إلى ما يقوم به الفاسدين بنظامه وخاصة المقربين من عائلته والذين يستقون تجرئهم هذا من دعم الرئيس لهم ووقوفه إلى جانبهم ومازاد الطين بله تعيين لصوص وقطاع طرق معروفين على رأس الجهاز الأمني والتنفيذي.... لكن لا يعني هذا أن نغفل عن التنبيه إلى الخطورة الكبيرة التي ستتسبب به خروج بعض الفرق العسكرية من مواقع الحياد والمسؤولية إلى مواقع مجموعة الفرز ومواقع التخندق سواء كان مع أو ضد....

إن الشاهد الصريح لما بيناه هو المواجهة القصيرة التي حدثت بين فرقه عسكرية تتبع الحرس الجمهوري وأخرى تتبع اللواء الذي يقوده محمد علي محسن احد المنشقين الذين رافقوا الجنرال قائد الفرقة العسكرية في انشقاقه وهو أيضا احد أقارب الرئيس الخُلّص وكان إلى وقت ماقبل انقلابه على الرئيس صالح سند قوي للرئيس ومحل ثقة عمياء لا تنتهي عند خط معين ولا تقف عند باب أو مبداء!!!؟، ان هه المواجهة التي استمرت لدقائق معدودة وخلفت قتيلين تظهر بوضوح النتاج الحقيقي لانقسام الجيش للأسف، كما يبين بوضوح أكثر كم هذا الانقسام والإنشقاق مؤلم وسيء وكم أبعاده تضرب في امن وأمان اليمن واليمنيين ككل..

كما أن خروج وزير الدفاع وهو الشخصية العسكرية الثانية في الجيش بعد القائد الأعلى تنظيمياً فقط خروجه لأول مره إلى العلن عبر التلفزيون الرسمي وقرائته الركيكة لذلك البيان الذي أعلنت سطوره ولاء المؤسسة العسكرية لقائدها علي عبدالله صالح والإخلاص له بالسراء والضراء هذا الخروج يكشف الانقسام داخل الجيش ويؤيد ويؤكد سوء منقلبه، ومازاد الطين بله عندما خرج الجنرال علي محسن قي بيانه الثاني معلناً أن الجيش ليس انقلابياً وهو يرد على الرئيس الذي أعلن في وقت سابق أن هذا الانشقاق يعتبر انقلاباً عسكرياً وهذا بحسب قوله مرفوضاً وقد عفى عنه الزمن كما

قال....

تحولت المواجهة بين السياسيين إلى مواجهة بين العسكر وبعد أن كنا نشاهد البركاني والعتواني والارياني وابو راس يتبادلوا الاتهامات، شاهدنا اللواء علي محسن واللواء محمد علي محسن ووزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة يتنازعون الأمر فيما بينهم ويتبادلون الرسائل الملغمة فهل هذا يؤكد ان المؤسسة العسكرية اليمنية ستحمي الثورة وشباب التغيير والشعب اليمني ككل اترك لكم الإجابة بالطبع!!

إن تسارع الأحداث بهذا الشكل ووصول الانقسام إلى الجيش وتصادمه فيما بعد يؤكد حقيقة مهمة جداً وهي ان الصراع العسكري العسكري يعني بوضوح حرب أهلية طاحنة وهو مايثبت ويؤيد ويؤكد أن هذه الأزمة ستنشب حرباً داخليه مما يجعل الناس ويجبرها على تذكر كلام الرئيس صالح وهو ما يعني فعلياً أن حديث الرئيس صالح على الأقل هذه المرة كان أقرب للصواب وهذا برمته يجعل الكل على الأقل يعيد حساب ونتائج بل وأسباب انقلاب الحلفاء من العسكر على سيدهم ورب نعمتهم على امتداد ثلاثة وثلاثين عاماً!!!!

كما يجب التوضيح ان انشقاق الجنرال علي محسن من الرئيس أولاً وانضمامه إلى شباب التغيير ثانياً لن يمثل خطراً على الثورة السلمية بقدر ما يمثل ذلك خطراً على اليمن.. إن أكبر وأخطر ما يضرب في وتر ثورة التغيير لا يخرج عن الالتفاف الحزبي الذي يحاول منئذ فترة طويلة الانقضاض عليها من كل الاتجاهات وكذا انضمام مجموعة من الكوادر الفاسدة المحسوبة على النظام سابقاً إلى صفوف ثورة الشباب والتغيير، فكيف يجب أن يواجه شباب التغيير انضمام هذه الزمرة الفاسدة، وكيف يمكن تجنيب الصفحة البيضاء للثورة دنس وسوداوية تاريخ هؤلاء المنظمين في سرقة المال العام وهدر طاقات وإمكانيات الدولة سابقاً فإذا كان هؤلاء اللصوص قد بلعوا المال العام وسرقوا مقدرات البلاد فإنهم بكل تأكيد لن يتورعوا عن سرقة الثورة!!!

إن ما يجب على شباب الثورة الآن أن يقوموا بهِ لتجاوز هذه الأخطار حقيقة هو تنظيم أنفسهم جيداً بعيداً عن مهزلة المتحدث على مكبر الصوت وهو يتلوا نقاط أقرتها الأحزاب ويطلب من المعتصمين أن يقولوا موافقووووون، إن ما يجب المسارعة في امضائه هو تشكيل تكوين ائتلافي أعلى يضم في طياته مجموعة ذكية وقوية من شباب التغيير في كل المحافظات النشطة التي يعتصم في ميادينها شبابها المتطلع للتغيير وذلك من غير المنتمين أو الناشطين حزبياً مع إمكانية إضافة ممثلين للأحزاب المنضوية مع الثورة وكذا ممثل للمنضمين حديثاً للثورة ومن ثم العمل على بلورة اتجاه وموقف واحد تجاه الخيارات والمواقف المستجدة بما فيها تلك المبادرات القادمة من السلطة أو التصرفات التي تقابلها من الأحزاب والشخصيات الاجتماعية، قد يتحدث البعض عن أن مثل هذا لو حدث سيعني خلط أوراق الثورة الشبابية الصافية بالتوجهات الحزبية؛ نعم قد يكون مثل هذا الطرح صحيحاً جزئياً لكن لا يمكن أن نغفل الدور الذي قدمته الأحزاب والشخصيات لهذه الثورة ومع أنه واجب عليها لذلك يجب أيضا أن نشركها على الأقل ولو بصورة خافته في القرار!!!

إن الأحداث المتسارعة في البلاد تحتم على الجميع تغليب المنطق والعقل على ماسواهما من اطروحات وأفكار تناقش هذا الوضع، ولذلك ووفقاً لهذا المنطلق ليس من المعيب أبداً أن نقبِل بحرص إلى مناقشة أفكار جديدة قد تخرج اليمن من هذه الزاوية الحرجة إلى زاوية أكثر اتساعاً على الأقل، كما أن هناك مجمل من المعطيات يجب أن نتأملها ونحن في مخاض هذه المناقشات؛ إذ لا يمكن مطلقاً ولا يجب أن نتجاوز حقيقة الجهل المستشري داخل فئات واسعة من الشعب في المدينة والقرية والقبيلة وهو الجهل الذي صنعه وأوقد ناره النظام على امتداد33 سنة

منفرطة، بمعنى ابسط يجب أن نعمل على تجاوز الأخطاء التي حدثت للتجربة الشبابية المصرية في ثورتهم وكذا التونسية، فتغييب النظام في مجتمع يحكمه الجهل يعني تعريض ثورة الشباب إلى المزيد من الأخطار ولهذا يجب أن نراعي هذه المخاطر قدر الإمكان عند مناقشة البدائل التي من المفترض أنها ستسيّر شؤون الدولة عند سقوط النظام القائم....

لا نريد أن تتلقف نتائج هذا السقوط عناصر كانت اشد من الرئيس في فسادها، ولا نريد كذلك أن تحصد ثمار الثورة المجموعة القبلية أو العسكرية فكلاهما اشد خطراً وفق تجارب وممارسات وتقارير علمية دقيقة على المجتمع المدني لاسيما إذا ما دققنا أن هذه الفئات تسيطر عليها تقاليد وأعراف وتوجهات لا تتفق مع تطلعات الشباب الحديثة وتنجر انجراراً إلى الخلف وهو مايجب التنبه له والإلتفات إليه بتركيز شديد...

إن انتقال السلطة يجب أن يتم وفق الظروف المحيطة سابقاً بأدوات دقيقة تضمن عدم سرقة الثورة بتطلعاتها الشبابية، وأيضاً تقلص قدر الإمكان الفراغ الذي قد يحدث في فترة ما بين تواري النظام القديم وسقوطه وما بين النظام الجديد وصعوده وهو الذي يمتدد على مرحلتين الأولى مرحلة انتقالية ترتب وتنظم للعهد الجديد ومرحلة ما بعد هذا الترتيب وأثناء اعتلاء النظام الجديد بتكويناته وتقنيناته كرسي القرار وهو ما يعني أن الشباب هنا مطالبين بجهد طويل ممتد لا يقف عند اعلان الرئيس تنحيه فحسب حتى نضمن جميعاً أن النظام الحديث القائم على مسلمات المجتمع المدني الحقيقي قد أمسك بتلابييب السلطة وأن لا خطر على الأمن والاستقرار...

إن ما نحن قادمون عليه سيكون أمرّ وأشد من الذي قدمنا منه وعلى جميع شباب التغيير أن يدرك جيداً أن المهمة القادمة بعد سقوط النظام أهم وأخطر وأشد وأرهق من مرحلة إسقاط النظام لا سيما وأن الكثير من الملفات العفنة التي خلقها هذا النظام ستظهر تأثيراتها بقوة على السطح بعد زواله، وأيضاً لن يقف المتضررون من هذا السقوط موقف المتفرج؛ كما إن الجهل والخوف الذي يسيطر على كثيرين سيربك ترتيبات كثيرة لهذا اكرر أنه يجب أن يبذل جميع شباب التغيير الكثير من الجهد والوقت ليس لمناقشة فقط كيف سيتم إسقاط النظام ولكن أيضاً كيف يجب أن نحمي البلاد مِن مَن يتربص لتلقف نتائج وثمار هذا السقوط لأنها مهمة الشباب بدرجة أساسية شباب التغيير والثورة وللحديث بقية....