ما لا يعرفه العرب عن فوائد زيت الزيتون وعجائبه في جسم الإنسان الضالع: وفاة شابة ووالدتها غرقاً في حاجز مائي غلاء عالمي لأسعار الغذاء إلى أعلى مستوى ست مواجهات شرسة ضمن بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز إستعدادات كأس الخليج.. لجنة الحكام باتحاد كأس الخليج العربي تجتمع على هامش قرعة خليجي 26 أول رد من المجلس الرئاسي لوزارة الدفاع السعودية بخصوص مقتل وإصابة جنود سعوديين بحضرموت تقرير: مليون يمني ألحقت بهم أمطار هذا العام أضراراً متفاوتة وضاعفت مخاطر الإصابة بالكوليرا ضبط عشرات الجرائم في تعز والضالع خلال أكتوبر حزب الإصلاح يتحدث لمكتب المبعوث الأممي عن مرتكزات وخطوات السلام وأولوية قصوى أكد عليها المسلمون في أميركا صوتوا لمرشح ثالث عقاباً لهاريس وترامب
مأرب برس - خاص
كل دول العالم تخشى المساس بقوت المواطن وخاصة فيما يتعلق بغذائه الرئيسي ، لأن كل التجارب أثبتت أن التلاعب بهذه السلعة تؤدي إلى عواقب وخيمة وثورات شعبية ارتجالية ، فقد يصبر المواطن على كل شيء إلا قوت أطفاله وعجزه عن تلبيه إطعامهم .
والرئيس هنا يتحدث عن أسعار عالمية بعد تهديد سامج بحق التجار ، وكأنه يفتح بابا للحكومة حتى تخبرنا بأن أسعار القمح العالمية في ارتفاع وأنه ليس باليد حيلة ، لكن كل متابع عادي لنشرة الأخبار اليومية سيفهم جيدا بأن الأمور عادية بما يتعلق بسعر القمح وأنه لم يحدث أي اضطراب بحق هذه السلعة .
إذا ماذا يقول الرئيس ، وكيف يرمي هذا الكلام ، وعلى أي أساس يتحدث ، ولماذا هو بهذا البرود وألا مبالاة وأسعار المواد الغذائية ترتفع بشكل جنوني لا يحتمله كل الشعب اليمني الذي عانى في عهده الأمرين .
الرئيس يعيش في عزلة واضحة عن ألم الشارع وما يمر به ، ولو عدنا بالذاكرة قليلا إلى المؤتمر الأخير للمؤتمر الشعبي حين أعلن رغبته في التنحي عن الحكم ، وتقافز المنافقون من حوله حتى يثنونه عن قراره ، وحتى إعلانه النزول عند رغبة الجماهير في ميدان الستين ومواصلته حكم اليمن والبركاني بجواره يحث الجماهير على التصفيق بحركة بهلوانية مكشوفة ، سيكتشف ورغم كل ذاك الحشد الإجباري للجماهير بأن عزلة الرئيس تزداد يوما بعد يوم حتى وأن فاز بالانتخابات الأخيرة ، فعند ساعة الصفر سيتبخر كل من حوله ليبقى هو المسئول الأول والأخير عما نعانيه .
الغريب في هذا الرئيس أنه بلغ مرحلة تجاوزت حدود الواقعية ، وفقد أي أداة طبيعية للتواصل مع العقل ومع الإنسان اليمني ومعاناته ، وصار يتحدث لأجل الحديث ويقمع بقوة ويتصرف بشكل هستيري ينم عن فقدان أي أحساس تجاه نفسه كشخص مسئول عن شعب يبلغ تعداده العشرون مليون نسمة ، بل بات لنا جليا أن عزلته تلك التي يعيش بها تترجم مباشرة عن حديثة وبشكل أسطواني عن المنجزات التي حققها كلما وقف على المنصة أمام الجماهير، وكأن اليمن ذات مستوى عالي من الدخل والاستقرار والأمن ، وهو يصر في كل مرة على هذه المنجزات ويهاجم كل من يشكك بوجودها ويتهمه بكل تلك الصفات الجاهزة ألتي حفظناها عن ظهر قلب.
هذه الحالة التي نراها متجسدة به ، هي حالة تم التعرف عليها تاريخيا ، إذ أن كل حاكم لا بد وأن يصل إلى هذه المرحلة مهما طال به الزمن وهي مرحلة ما بعد الوعي الطبيعي والمقدرة الإنسانية عن القيادة وتدبير الأمور، فأي شخص يحكم لمدة ثلاثون عاما وتصل نتيجة كل تلك المدة إلى حالة الإفقار التي نعيشها الآن لا بد وأن يعزل نفسه ويتحدث عن أشياء غير موجودة إلا في مخيلته التي يريد أن يطبعها في أذهان الناس عبر تكرارها .
هو يعلم بأن اليمن تعيس ، وبأن الشعب اليمني من أفقر الشعوب في العالم ، وهو يعلم بأنه و لا منجز حقيقي أستطاع أن يضعه على أمر الواقع ، وهو يعلم بأن كل تلك الحروب والمشاكل التي تخرج في اليمن بين الحين والآخر هي بسبب حكمه الفاشل بكل المقاييس ، ومع ذلك يخرج ليحدثنا عن أسعار عالمية للقمح وأنه يجب على الحكومة أن تكون شفافة !!
إلى أي حد هذا الرئيس هو غريم للشعب وخصم مباشر لهم ، إلى أي حد يستطيع أي مواطن يمني وهو يتابع المظاهرات التي خرجت في عدن للعساكر المتقاعدين وهو يشتمون الوحدة ويبصقون عليها أن يلومهم أو يعترض عليهم وإلى أي مدى ستسير بنا الأمور بعد أن تجاوزنا صفر الوجود على كل المستويات وفي كل الاتجاهات .
هل ينوي الرئيس إصلاح أي شيء ، حتما هو لا ينوي ذلك ، وإلا لكان فعل منذ الثلاثة العقود الماضية ، فثقافة الفساد أصبحت ثقافة سائدة ومهيمنة والتفاخر بها هي من علامات الذكاء والنضج ، لذا تجد جندي المرور يبتزك ، والموظف في أي دائرة حكومية يهينك ويطلب علانية الرشوة ، والمسئولين عن المنح الدراسية يطلبون مستحقات عام كاملة من الطالب المبتعث وكذلك المسئولين عن التوظيف في الشركات النفطية وأيضا المسئولين عن التوظيف في المدارس وافي الدوائر الحكومية وفي السلك العسكري وفي المستشفيات وفي كل مكان تتجه إليه في اليمن تجد الفساد والرشاوى والنهب من المال العام ، وهذا كله يحدث والرئيس نفسه يعرف عنه ويعرف المسئولين عن ذلك والمستفيدين منه وجميعهم مقربين منه .
الفساد ينخر بعظم البلاد ويسيطر على قيم وأخلاق المواطنين وينحرف بهم وبشكل شاذ عن كل إيجابيات إنسانية ، والطفل اليمني يتربى على هذا الشيء وهو في قراره يعتقد أنها أمورا طبيعية وأن أي عمل أخلاقي هو عمل غريب عن مجتمعه التي تربى فيه و قد ينفر ويستغرب منه ، هذا هو جيل علي عبدالله صالح ، جيل لا نعلم أين سيقود البلاد وأين سينتهي به الحال ، جيل فقد صفة الفضيلة ، لأنه وفي كل مراحل حياته لا يجد إلا الفساد المخالف للقيم والأخلاق .
لا يجب علينا أن نلوم أحد غير الرئيس ، فهو المسئول ، ونحن لم نعد نريد إصلاحا منه لأننا نعرف جيدا أنه لا يريد ذلك ، بل نريده أن يتحلى بشيء من الشجاعة وأن يرحل عن الحكم ويترك هذه البلاد تبحث عن ضالتها وتضع أقدامها في أول الطريق بعيدا عنه وعن سطوته التي صادرت حتى الرغيف من أفواه الأسر اليمنية .