آخر الاخبار

رئيس مؤسسة الشموع للصحافة يكشف عن قيام 14 قاضيا برفع شكاوي لا أساس لها ضده ويصف القضاء بأنه تحول إلى ساحة صراع سياسي لتصفية الحسابات الفريق علي محسن: ثورتا 26 سبتمبر و14 أكتوبر توحدتا لتمزيق قيود الإمامة والاستبداد والاستعمار ومضتا نحو اليمن الكبير توكل كرمان: لن ننسى الغدر بالوحدة في حرب 1994 والإخلال بشراكة دولة الوحدة.. والجنوب اليوم غافل عن ثورة أكتوبر ومناضليها وزير الدفاع: قوات الجيش جاهزة للتحرك باتجاه صنعاء .. تصاعد نبرة التهديدات فهل يقترب اليمن من استئناف الحرب الداخلية؟ انهيار هو الأكثر سقوطا في تاريخ الريال اليمني.. تعرف على اسعار الصرف اليوم تحالف الأحزاب يطالب كافة مؤسسات الدولة للعودة إلى أرض الوطن ويشدد على توحيد القوى المناهضة للانقلاب قصف إسرائيلي هو الأعنف والنازحون يحرقون أحياء في خيام النازحين بمستشفى شهداء الأقصى وسط غزة مواجهات حاسمة للمنتخبات العربية في تصفيات مونديال 2026 الكشف عن 3 سيناريوهات لضربة إسرائيل على إيران - قطع رأس الأخطبوط وخامنئي ببنك الأهداف ماذا يعني نشر صواريخ "ثاد" الأمريكية في "إسرائيل"؟.. هذا كل ما نعرفه عن الأمر

الدكتاتور العربي لا يحكم
بقلم/ هناء ذيبان
نشر منذ: 13 سنة و 7 أشهر و يوم واحد
الأحد 13 مارس - آذار 2011 04:20 م
 
   هل يَخلق الدكتاتورُ العربيّ نفسَه ؟ هل كان الدكتاتورُ العربيّ في طفولته مشروعَ دكتاتور, أم أنه صُنِعَ قَدْرَ أشواقِ العرب وذكائهم وتقواهم وطاقاتهم ؟ الدكتاتور العربيّ ليس مفكرا ولا فيلسوفا ولا مصلحا، إنه روحٌ شريرة تسكنها روحٌ شريرة أخرى ! فهو في عين نفسه، كائنٌ قويّ، مُهلِك، مُبهِر، ملهَمٌ من الفضاء، يرى نفسَه حكيما أو نبيا أو حتى إلها، أما في عين الحقيقة فلا مثل أعلى له إلا شَرَّه ! إنه العدوُ الأولُ للرغيف والحبّ والحرّية, والساحرُ الوحيد القادرُ على أن يجعلَ الملايين معلقين بين الحياة والموت.

 إنّ الشعوب بأعيانِها ، وشيوخها ، وعلمائها ، وكتّابها ، وفنانيها ، من يصنعُ الدكتاتور, من يُهدي إلى الدكتاتور كاريزما الدكتاتور, هم الذين يصُوغون دكتاتورَهم المَحَلِّي, يجمِّلون قبحه ، ويضخِّمون ضآلته, ويتغزلون حتى في قِصر قامته, بمفردات الطولِ والبعد والارتفاعات العصيّة الشاهقة !فلا شيءٍ يشغلهم عن التغنِّي بجرائمه، وقد تسلحوا بلغتهم العربية، التي تقلب السقوطَ المُخزي إلى تحليقٍ عالٍ مُبهِرٍ مُعجِز ؟!

 ما أكذبَ لغةَ العرب, وما أكذب موسيقاهم وطبولَهم ! فا التاريخ، لم يعرفْ شيئا شغلَ العرب عن الغناء لجرائم حكامهم، لا العلم ولا المعرفة ولا التنوير، ولا حتى العبادة والاستغفار !

 الدكتاتور العربي لا يحكم أبدا, فقط يذكر شعبه بوجوده, يتبادل الصراخ مع الجموع التي لا يدعوها إلا ليصرخَ في وجهها ، ولم تتهيَّأ وتجئْ إلا للصراخ في وجهه, وكأنَّ كلماتِه لم تخلقْ إلا لآذانهم ، وأُذُنَيه لم تخلقا إلا لكلماتهم ! فهما يتبادلان الصراخ كما يتبادل اللاعبان الماهران ضرب الكرة الصفراء, إنها لذة متبادلة في الصراخ والصراخ المضاد ! الجماهير تفسد الحاكم، وهو بدوره يفسد الجماهير, إنهما يتفاعلان ويتحدان كمكونات الزِّرْنِيخ ليصنعا الدكتاتور, ورغم هذا الانسجام والتَّوَحُّد، فإن الدكتاتور العربي لا يحبُّ شعبَه؛ يشتمهم حتى وهو يبتسم إليهم, يدعو لهم بلسانه بينما يتمنى لهم الموتَ, والسقوط بأفكارِه وضميره وأمانيه, إنه يمنحهم الأغلالَ مغنِّياً لها بكلمات الحرية ! يمنحهم الحريةَ لغةً, ويمنحهم الأصفادَ فِعلاً وواقعاً ووجودا, يرى شعبَه ذئابا خائنة, و أطفالُ شعبه مشاريعَ ذئابٍ, لا يجب توفِّرَ الحليب لها, فالشعبُ كلُّهُ مشتبهٌ به!

 تعلم كيف يجعل شعبَه تعيسا, يفعل به ما يفعله الذئبُ عندما يقتل الراعي, وينفردُ بأغنامه, غير أن الدكتاتورَ التقِيّ, يسمِّي باسم الله وهو يحشو بندقيته لقتلِ شعبه!

 ما أسوأَ الدكتاتورَ العربي, لا يمرّ به يوم بلا ذنب, ولا يشقَى من ذاكرته أبدا, لا يحلم, لا يحاول، ولا ينتصر, يخلق المشاكلَ التي لا يقوَى على حلها ، ويومَ يرحل فإنه يترك بلادَه أصغرَ بكثير مما كانت عليه قبل استيلائه عليها, فهل يمكن أن يوجد من هو أسوأ من الدكتاتور ؟

 إنه الشعبُ الذي لا يُفرِّق بين البطل والمهرِّج، ولا بين شانقة وعودِ المشنقة ! الشعب الذي يغني ويرقص لجرائمه وأخطائه, وأزماته وهزائمه، وكلِّ سقطاتِه النفسية والأخلاقية, لكن الوحشَ الذي يُخيفُ ألفَ عبد، لا يخيفُ رجلا مُمتلئاً بالحريّة ! .