توكل كرمان أمام قمة العشرين: ما يحدث في غزة حرب إبادة وتطهير عرقي عاجل: اغتيال قيادي كبير في حزب الله و رويترز تؤكد الخبر تضرر العشرات من مواقع النزوح.. الهجرة الدولية: ''مأرب التي أصبحت ملاذاً للعائلات تواجه الآن تحديات جديدة'' رئيس حزب الإصلاح اليدومي: ''الأيام القادمة تشير إلى انفراجة ونصر'' اجبار عناصر حوثية على الفرار في جبهة الكدحة غرب تعز بعد اشتباكات عنيفة مع المقاومة الوطنية وقفة احتجاجية أمام قصر معاشيق في عدن لملتقى الموظفين النازحين ترفع 6 مطالب تركيا تمنع مرور طائرة رئيس الإحتلال في أجوائها وتجبره على الغاء الرحلة طفل يموت بحكم قضائي.. سحبوا عنه أجهزة التنفس رغم معارضة أمه نقابة الصحفيين اليمنيين: نواجه حربًا واستهدافًا ممنهجًا من أطراف الصراع محمد بن سلمان يلغي رحلته إلى قمة العشرين.. ومصدر لبلومبرغ يكشف السبب
أقول ابتداءً ليس هناك ما يمنع العرب والمسلمون من أن يزهوا ويفتخروا بمواقف أردوغان وحكومته وشعبه ويكبروها إجلالا، وإن امتعض من ذلك الفخر وذلك الزهو الرسميون منهم؛ جلهم أو بعضهم؛ فحاولوا التشكيك في تلك المواقف والتقليل من شأنها والطعن فيها عبر أبواقهم، فأصبحنا نسمع عن (مآرب أخرى) أحكمت بصياغات مختلفة، وتناولتها وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية المقروءة والمرئية والمسموعة.
ثم أقول إن أمر المدح أو الذم لمواقف أردوغان وحكومته لا تهمه ولا يكترث بها ولأجلها على الإطلاق؛ لأنه لم يقصد بتلك المواقف نيل الشهرة أو الاستحسان والمدح من قبل الناس، أو سحب البساط من تحت الغير، بقد ما حرص ويحرص على أن يرضي ربه أولا، ثم بعد ذلك شعبه الذي أوصله إلى مكان صنع القرار، فأحسن أردوغان صنعه وأحسن إخراجه بالصورة التي ترضي الله عنه ثم شعبه، ثم أمته الإسلامية. فأردوغان سعى ويسعى إلى تغيير وجه تركيا ووجهتها معا؛ تركيا التي كانت في الأمس القريب حليفا قويا وداعما لإسرائيل، وقد كانت جل قراراتها تصب في خانتها فما أن جاء أردوغان وحكومته الإسلامية حتى بدأت تتجه الاتجاه المسئول والمنشود والمأمول؛ بحيث حقق ويحقق أردوغان بشارة القرآن المتضمنة في قوله تعالى – عن اليهود – (فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا)؛ فلم يحتسب اليهود يوما ما أن يأتوا من قبل تركيا. إذا فنحن أمام سنن الله ونواميسه ولا بد لها أن تتحقق في دنيا الناس وقد هيأ لها الله أردوغان، وليس السر إذا في أردوغان بل في القرآن.
فقد كانت تركيا لليهود عونا وقد كانت الأنظمة العربية وما تزال لهم حصنا ودرعا واقيا وظن اليهود – وقد خاب ظنهم – (أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا)؛ من قبل النظام التركي الذي كان يمثل لهم الحليف القوي والرقم الصحيح، وخاب ظن إسرائيل؛ حيث فاجأتها تركيا أردوغان التي لم يحتسب اليهود يوما ما أن يؤتوا من قبلها، بعد أن كانوا قد أحكموا قبضتهم عليها وصاغوها كما أرادوا؛ حيث كانت لسنين عديدة وأزمنة مديدة مطواعة في أيديهم يشكلونها بحسب أهوائهم وسياساتهم، فإذا بتركيا تعود إلى سابق عهدها وتتحمل أمانتها من جديد، فتقلب الموازين وتجعل أمريكا وإسرائيل في تخبط عظيم لم يكن يحسب له أي حساب.
وهذا الدور التركي الجديد هو نقطة محورية في تحور الصراع؛ حيث تبرز فيه ملامح الصراع الإسلامي الإسرائيلي لا الخيالي الوهمي (العربي/الإسرائيلي)؛ ليعلن للجميع، وليعلم الجميع بأن قضية فلسطين إسلامية.
وقد فهم أردوغان وحكومته المسلمة ما لم تفهمه زعامات العرب وأنظمتها؛ حيث انصرف إلى آيات القرآن في حين انصرفت الأخر إلى آيات السياسة فأفقدتهم الكثير من الحكمة والكياسة، وجعلتهم في انتكاسة لم ترض ولن ترضى عنها شعوبهم؛ فأدرك أردوغان ما لم يدركه العرب من أن دولة إسرائيل قائمة على الحصون والجدر؛ حيث قال تعالى - عن دولتهم الوهمية: (لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ). وقد جاء لفظ القرى في التناول القرآني بدلالة (الدول) في ستة عشر موضعا غير هذا الموضع وجاءت كلها معرفة إلى في هذا الموضع جاءت نكرة ليعرفنا القرآن بقد دولة إسرائيل التي ليس لها وجود إلا في عقول الضعفاء الأذلاء فلفظ (قرى) يدل على أنه سيكون لليهود دولة بيد أنها في حقيقتها ضعيفة لأنها قائمة على حصون وجدر ومتسترة وراءها وهو ما أشار إليه القرآن الكريم في الآية السابقة فهي نعم دولة ستقوم لبني صهيون بيد إنها ارتبطت بالحصون، وقامت على الحصون، ومصدر قوتها هو الحصون وقد وردت الحصون والجدر في التناول القرآني كمصاحب لفظي لهذه الدولة بما يوحي أن عمر هذه الدولة مرتبط ببقاء تلك الحصون؛ وهذا يعني أن خراب الحصون هو مؤذن بزوال دولة إسرائيل.فكان من أردوغان أن سعى في خرابها.
هكذا تقرر آيات القرآن حتى وإن انصرف عنها العرب الرسميون إلى آيات السياسة التي أفقدتهم الكثير من الحكمة والكياسة التي كان فيها سبب الانتكاسة، ولو راجع العرب الرسميون آيات القرآن لوجدوا أن فيها الخلاص والمخلص من الذل وفيها استرداد السيادة والريادة المسلوبة، ولوجدوا أنفسهم أمام أكذوبة (دولة إسرائيل)، الذي نتج عنها أكذوبة ثانية اصطلح عليها بـ (الصراع العربي/الإسرائيلي)، ولسنا في الحقيقة أمام صراع - إذا ما استثنينا بعض المقاومات العربية التي لا تمثل حكومات رسمية - بل نجد أنفسنا أمام مصارع واحد داخل الحلبة منفردا يفتل عضلاته ولا يستطيع أي مصارع أن يصل إليه لكثرة الحصون والسدود والجدر المنيعة الأسمنتية والفولاذية والبشرية.
إذا فنحن أمام أكذوبتين: الأولى هي الدولة الأسطورية الوهمية والثانية هي الصراع العربي الإسرائيلي الوهمي؛ لأننا لا نرى له أي وجود على الحقيقة؛ بل هو موجود في الخطابات الرسمية والشعارات؛ لأن ما يستدعيه لفظ (الصراع) هو وجود متصارعين قويين في حلبة صراع ولسنا نرى في الواقع الملموس والمشاهد إلا مصارعا واحدا في الحلبة وغياب تام ودائم للمصارع العربي ولست أدري لم سمي هذا صراع.
وحينها فقط نقف بإجلال تجاه مواقف أردوغان الذي حاول من خلالها أن يفت من عضد تلك الحصون التي تختفي وراءها دولة إسرائيل؛ وإن محاولة دك تلك الحصون يعني بداية الصراع الحقيقي فإذا بنا أمام مصارع تركي مسلم يسحب البساط من تحت المصارع العربي الوهمي والخيالي، ليفيد بأن قضية فلسطين إسلامية لا عربية، ولن يكون خلاصها إلا بصراع إسلامي إسرائيلي، ولتعلم إسرائيل بأن حماية القدس وفلسطين ليس شأنا عربيا محضا؛ بل إسلامي لا غير ومن هذه النقطة يبدأ الصراع على حقيقته وعلى أصوله، وستكون الغلبة فيه للمسلمين لا شك ولا ريب في ذلك.