|
استكمالاً لما ذكرناه فى الأجزاء الثلاثة السابقة نستوفي ما بدأناه فيما يخص مآلات ونتائج الصراع مع المشروع الفارسي الرومي في اليمن ، فيما إذا استكملت عاصفة الحزم مهامها كاملة ، وقد أشرنا سابقًا الى الموقف الخليجي ، ونستوفيه فيما يخص الطرف الإيراني والطرف الامريكي ، فنقول :
إن إيران لن تصمت وإن هُزِمَتْ من عاصفة الحزم ، وستستمر في سعيها لتحقيق أهدافها ، وستقوم بتحريك أوراقها المنتشرة في كل البلاد ، وستغذّيها بكل ما أُوتيت من قوة وهي ماهرة في ذلك ، وقد رأيناها الآن وهي في مرحلة إنهزامية تفتعل الأفاعيل ، وتخلط الأوراق في كل مكان ، وعلى وجه الخصوص فى الجنوب الذي انتصر عليها عسكريًا ، فجعلته يئن من الخلافات المناطقية التي أشعلتها بين فصائل المقاومة وتشتيت جهودها في عملية البناء وتعطيل استئناف الحياة من جديد ، وستنفذ كذلك أهدافها في أن تجعل اليمن غير مستقرة وبؤرة توتر وإزعاج للسعودية وحلفائها ، وستستثمر وجود عناصرها فى المناطق المحادة للسعودية للقيام بأعمال تخريبية مستمرة ، بالإضافة الى تحريك اتباعها من الشيعة فى جنوب المملكة لتنفيذ أعمال إرهابية وتخريبية مستمرة ..
أما امريكا فأظن أنها ستمسك العصا من الوسط ، وستبني سياستها حينذاك بما يتوافق مع مصالحها الإستراتيجية العظمى ، وستحدِّد معالمها وفقًا لما يحدث فى الأرض ، فإن رأت أن دول الخليج مستمرة في عاصفتها التغييرية فأظنها ستتماهى معها ، وستقدّم نفسها أنها الداعمة الحقيقية لمشاريع دول الخليج ومصالحه ، وسترتب أمورها بناء على ذلك ، وفي نفس الوقت ستعمل من خلف الكواليس على دعم كل مشاريع إيران فى المنطقة بأكملها ، وكإبداء حسن النوايا ربما تخفّف على السعودية ضغط إيران قليلاً ، يتوافق ذلك مع تصريحات نارية تأييدية للسعودية في حماية ديارها ، لكن فى العراق وسوريا ولبنان ستستمر في استخدام وسائلها الدنيئة بالوقوف الى جانب إيران لتمرير مخططاتهما معًا ، وإن رأت أمريكا أن السعودية ودول الخليج تأثرت ولو قليلاً من المشاريع الإيرانية فى المنطقة – لا قدر الله – فستستغل ذلك لصالحها وبكل صفاقة لتبدأ اللعب من جديد ضمن المشروع التخريبي..
أما إذا لم تُحْسم المعركة النهائية بنصر عسكري مؤزر ، واضطر التحالف لظروف معينة القبول بحل سياسي ، وكان ذلك ناتجًا عن استسلام الأطراف المسيطرة على صنعاء مقابل ضمانات معينة ومشاركة سياسية ، وإبعاد علي عفاش من البلاد مثلاً ، أو غير ذلك مثل أن تحدث تعثرات عسكرية على الأرض ، وتصميم الحوافيش على الإنتحار والتمترس بالوحدات السكنية المأهولة بالسكان ، بغرض الدخول في حرب شوارع ، وأدى ذلك الى حصول ضحايا كُثر ، قد تشكل مثل هذه الأمور ضغطًا قويًا على التحالف للقبول بالحل السلمي والسياسي ، وإذا وصلت الأمور الى مثل هذه المآلات فيعني أن يبقى بعض الأطراف السياسية سواء الحوثية أو العفاشية فى المشهد السياسي ، ما يعني أن الترتيبات القادمة لن تكون بيد التحالف وعلى وجه الخصوص السعودية ، بل ستتبنَّاه امريكا بواسطة مجلس الأمن وروسيا وإيران ، وسيؤدي ذلك الى إيصال البلاد الى وضع كارثي – لا سمح الله – وهذا قد يجعل السعودية ودول الخليج تتراجع عن تبني بناء اليمن من جديد باعتبار أنها لن تبني يمنًا يكون للحوثيين والعفاشيين فيه سلطة تؤدي الى إعادة كيانهم من جديد ، وربما يكون دعمهم مثلهم مثل أي دولة داعمة أخرى ..
وفى الجانب الآخر وأعني بذلك الحوافيش سيقومون بترتيب أوراقهم من جديد ، مع العلم أنهم لن ينسوا ما حصل لهم من قوات التحالف ومن الأطراف السياسية التي أيدتها ، وبالتالي سيتم إدخال جميع الأطراف السياسية في صراعات مسلحة واغتيالات ومناكفات سياسية ، ومحاولات مستمرة الإستئثار بالسلطة ، وكل هذا قد يؤدي بالبلاد الى التمزّق والشتات ، وأول هذه التمزقات إنفصال مؤكد للجنوب ، وربما تمزقه هو الآخر الى قسمين ، مع حصول تمزقات أخرى فى الطرف الشمالي ، حتى وإن تم الإتفاق على خروج عفاش وابنه وعائلته خارج البلاد ، فلن تهدأ الأمور كما هو متوقع لدى كثير من الأطراف السياسية فبُعد المسافات عن عفاش وألاعيبه كما هي قربها ، ووسائل التواصل مع عناصره التخريبية في كل مكان أسهل ما يمكن ما دام أن تمويل الخراب سيستمر ، فبائعي ضمائرهم كثير ..
وفى الجزء الخامس نتطرق الى أمدية الصراع بين الطرفين المتصارعين ، سواء حققت العاصفة أهدافها كاملاً أم لم تحقق ..
في الأربعاء 14 أكتوبر-تشرين الأول 2015 05:17:11 م