|
ثلاث محطات ابتدأت منها جذوة الثورات، ومما زاد ويزيد هذه الجذوة اشتعالا - والحمد لله – هو الغباء الذي تتميز به الأنظمة قاطبة؛ إذ تقوم الأخيرة بإطلاق شرارة الثورات عبر أدوات قمعها أو قل بلاطجتها - الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون - والأنظمة وهي تصنع ذلك إنما تجعل نفسها في صورة الذين يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي صناع أو صانعي التغيير، ومثلهم في ذلك مثل من يحاول إطفاء نار مشتعلة بصب المزيد من الزيت عليها وقد كان الأولى بهم والأجدر– لو تمتعوا بقليل ذكاء وفطنة – أن يصبوا عليها الكثير من الماء؛ لكننا أمام الأنظمة التي لا تلمك سوى أدوات القمع لغة مفضلة لديها للحوار والإقناع، فالحمد لله على مثل هذا الغباء والحمد لله على مثل هذه أنظمة متشابهة؛ إذ لها الفضل - بعد الله عز وجل - في قيام ثورتي مصر وتونس، وها هو النظام اليمني – والحمد لله – يسلك نفس السبيل ويستعمل نفس أدوات الإقناع، وسيكون له الفضل - بعد الله - في قيام ثورة اليمن. فلقد عشنا فرحتين وثورتين الأولى في تونس (سيدي بوزيد) والثانية في مصر (السويس)، وها نحن على مشارف فرحة ثالثه وأمام جذوة ثورة تشع من عاصمتنا الثقافة تعز، والنظام سائر في طريق ازدياد إشعال نارها وعلى الشعب بعد ذلك أن يكمل المشوار ليتم نورها ولن يأبى الشعب - والله معه - إلا أن يتم نوره ولو كره النظام.
ولماذا تعز (؟) إنه من المعلوم أن العلم والثقافة هما وقود الثورات، وأن ثورتي تونس ومصر قامتا ابتداء عن طريق (الفيس بوك) إشارة إلى أهمية الشباب المتعلم والمثقف في إحداث التغيير ومن هنا لا نستبعد أن تكون مدينة تعز هي المحطة الثالثة لتكون (سيدي بوزيد تونس وسويس مصر)؛ فهي عاصمة الثقافة في اليمن، وهذا بدوره يؤهلها بل قد أهلها لتكون هي نواة التغير وشعلة الثورة في يمن الإيمان والحكمة، ولعل تعز تحدث ميدان جديدا للتحرير يكون مقره مستقبلا هناك ليبقى لهم تحريرهم ولتعز تحريرها، إن بوادر ما يحصل في تعز يهيئها لأن تكون الشرارة الأولى التي ستنطلق منها الثورة على الفساد والمفسدين في بقية المدن اليمنية لنقول للظلم ولظالم وللفساد وللمفسد كفى.
وإن الشباب المتنور سوف يسبق المشترك في تحقيق الهدف والنزول إلى الشارع والمطالبة بإسقاط النظام الذي ركب العناد ويركب رأسه على الدوام، فها هو المشترك يحاول استنفاد كل طاقته وكل ما لديه من حنكة وحكمة حتى أنه تنازل عن كبريائه التي أثبتها للجميع صبيحة يوم الخميس عندما خرجت الملايين أفواجا تلبي دعوته وكان ذلك الخروج المهيب عبارة عن رسالة من المشترك موجهة للنظام لعل هذا الأخير يتذكر أو يخشى، بيد أن ما يلوح في الأفق لا يبشر بذلك، فعلى الرغم من أن المشترك أرى النظام من نفسه قوة، وفي نفس الوقت تنازل عن كل ذلك ليجعل نفسه في صورة القشة لعل (الغريق) يفهم وضعه ويفهم بأن طوفان الشعب لا عاصم له فيلتفت إليها ويحاول مد يده ليتعلق بها فينجو وينجو الجميع، إلا أنه يكابر وهو في حالة غرق وتهالك وما نراه على الأرض لا يثبت إلا ذلك؛ فهو ما زال يناور وما زال يحتل - عفوا - يعتصم في ميدان التحرير وما زال يقمع المظاهرات السلمية، ويتهم المشترك بأنه وراء تلك المظاهرات، وفي ذات الوقت ما زال يخرج المظاهرات المؤيدة للرئيس وما زال يقول عبر ناطقه الإعلامي (الشامي) - ومن دون ذرة خجل - بأن بلاطجة المشترك يعتدون على المظاهرات التي تصرخ [بالروح بالدم نفديك يا علي، ... قسما بالله الجبار .. غير صالح ما نختار] وهما شعاران يتناقضان تمام التناقض مع ما دعا إليه الرئيس من عدم التمديد والتأبيد، لكن الرئيس يريد والشعب يريد ولن يكون إلا ما يريده الشعب ولعل حلقات الفلم الهندي الجديد قادمة أيها المشترك. ولا يسعنا أن نقول إلا الحمد لله على هذه الممارسات التي لا تنم إلا عن الغباء والغباء المركب.
فإلى المشترك: إننا نقدر وطنيتكم وحرصكم على دم الشعب أن يراق ونقدر كذلك ثقلكم وتنازلكم عن كبريائكم وجعلكم أنفسكم في صورة القشة التي لم يلق لها النظام بالا وكل ذلك كان منكم حفاظا على دم الشعب أن يراق أو يهرق، لكنه الآن يراق عبر أدوات قمع النظام المتهالك، فما زال الغريق يقاوم ويتسبب في سيل المزيد من دماء الشعب أمام أعينكم ولم يلتفت إلى قشتكم التي نزلتم اليها ولا أظنه يفعل لأنه استقل الشعب واستفرد به وإذا ما استمر ذلك واستمرأه النظام فإنكم يا مشترك سوف تتحملون هذه المسئولية أمام الله عز وجل إذ نحن نشاهد يوميا استمرار قمع المظاهرات وتسبب النظام في سيلان تلك الدماء الطاهرة التي نشاهدها وتشهدونها عبر شاشة الجزيرة – حماها الله من كل مكروه- وانتم مستمرون بدعوته للحوار.
يا مشترك إن الشعب - الذي لبى دعوتكم وخرج صبيحة يوم الخميس بالملايين - ينتظر منكم – وهو أضعف الإيمان – إصدار بيان أو حتى لفت نظر توجهونه للنظام مفاده: "إنه في حالة استمرار النظام لقمع المظاهرات السلمية عبر بلاطجته؛ فإنه بذلك يضطر المشترك إلى دعوة أنصاره للنزول إلى الشارع والى جمعة غضب". هذا أقل واجب من المشترك تجاه شعبه الذي لم يخيب أمله نزل أفوجا إلى شارع تلبية له، فما يحصل من مهازل وزلازل وقمع للمظاهرات السلمية والعفوية التي ينظمها الشعب شبابه وشيوخه لا يرضى بها ضمير كافر فقد صاح من الغرب فما بالكم ساكتون ودماء الشعب تسيل لا بد من موقف قوي من المشترك وإلا ماذا ينتظر هل قطع الرؤوس وضرب المتظاهرين بالرصاص الحي ليتحرك. وماذا على النظام لو ترك المظاهرات دون قمع مع استمرار الحوار يجري إذا كان أصلا يجري وإذا لم يكن قد تأسن من كثرة السكون وإن كان هناك بوادر حوار تلوح في الأفق لأننا حتى الآن نسمع جعجعة ولا نرى طحينا بل الذي نراه هي دماء تهرق في وجوه وجباه الشعب من دون ذنب إلا أنه قال نعم للتغيير .. يقسط النظام الفاسد والمتهالك في الهاوية.
في الأربعاء 16 فبراير-شباط 2011 11:26:49 ص