|
وكأني بالكثير منهم يصخب في وجهي بتلك الاسطوانة المشروخة من العبارات ذات النظم الأجوف والمستهلك على غرار ...
يا هذا حط عنك ، فإنما أنت محبط أو بالأحرى عميل للمشروع المعادي للعرب وقضيتهم المركزية ، فإن الشيء خير من اللاشيء ، والجامعة العربية تبقى بيت العرب ، ومؤتمرات القمة علامة على عافية المشروع العربي ،وهي ظاهرة صحية ....إلى غير ذلك على هذا السياق .
أما أنا وأمثالي من السواد الأعم على ظهر وطننا العربي الأغبر ، فإن الواحد منا حينما يسمع عن انعقاد مؤتمر قمة عربي ،أو تنسيق عربي عربي يتطير خيبة ، ويتأبط حسرة ، ويصاب بالحموضة في معدته ، والإحباط يتملكه .
ليس من الخبرات السابقة التي كانت في زمانها تنتج اللاشيء ، إنما للنمط الحالي الذي يخرج بنتائج فعلية وعملية ولكنها مع الأسف لصالح الرصيد المغاير .
يتفاعل البعض ويتفاءل عندما تخرج مؤتمرات القمة العربية بما يقولون عنه النجاح في المصالحة العربية العربية ، فيهللون ويكبرون وينبري الإعلام الرسمي العربي بالأهازيج والأفراح .
والحقيقة أن لا ثمة تغاير حاصل فعلا بين العربي العربي كشعوب تبعا للمعنى الذي يجب أن تذهب إليه العبارة ، إنما الشارع العربي في تكامل وتوحد فكري وعقدي ومصيري ، يلتقي تلقائيا وبعفوية وفاعلية حول القضايا التي تجمعه بهتافات وشعارات وتعابير تكاد تكون هي نفسها ،ومن ثم فلا صحة لمقولة التباين أو الصراع العربي العربي .
إنما الحقيقة هي في صراع أو تباين الحاكم العربي العربي .
وعند هذه الأخيرة فهي بالنسبة لنا كشعوب عربية ــ وكقضية مركزية ، ومجموعة قضايا أخرى -تعد نعمة كبيرة من الله سبحانه وتعالى خبرناها وتمليناها بوضوح ــ ونسأل الله ان يديمها علينا ــ من خلال نمط التفاعلات السابقة الكثيرة ، وتلك التحديات الخانقة والحالقة ..
ففي ظل تباين الحكام العرب وجدت القضية الفلسطينية ـــ وهي الجامعة وعندها مربط الفرس ـــ شيئا من المتنفس في بعض الأقطار ، كما شهدت الحريات وحقوق المجتمع المدني ، والتنمية إجمالا نفسا وإن كان من خرم إبرة .
وفي ظل الاصطدام الشخصي بين الحاكم العربي وبعضه ، فلتت منظومة القيم المحركة والأساس لتعاود الحركة والتحريك وترتيب أولوياتها .
ليس هذا تشاؤم أو اتجاه في الطريق الخطأ، فالحقيقة أن هذا الانتظام لمؤتمرات القمة ، وهذه الأريحية التي تهب بين الحكام وبعضهم ، تكون النتيجة معلومة سلفا .
مزيدا من المصادرة والحصر والتصفية للقضية الفلسطينية ، مزيدا من الاستبداد والقمع للحريات ، وأدوات الإعلام الغير رسمية ، وقضاء على الأشكال المختلفة للمجتمع المدني برعاية دولية وتحت مبررات الأمن القومي الخاص والعام .
ولعل النظام الإقليمي العربي الرسمي الذي أحس بالضيق والاختناق في السنوات السابقة ــ مع حركة الشعوب العربية بفعل عولمة الحرية والكلمة وميلاد الفضاءات المفتوحة ، والإعلان الدولي لضرورة وموجب الديمقراطية ــ قد عادت إليه الحياة والحيوية بفضل فاعلية تنظيم القاعدة والرئيس بوش .
فلا تنسيق عربي اليوم إلا في الإطار الأمني الصرف ، الذي لا يخدم المنطقة بقدرما يصب لصالح المشروع الصهيو أمريكي .
إن قراءة سطحية لأي مؤتمر قمة عربي طوال السنوات الأخيرة تكون النتيجة لصالح المشروع الصهيوني لأكثر من عشر سنوات قضاها دبلوماسية .
وإن انعقاد مؤتمر قمة عربي ما موسع أو مصغر ،أو بأي شكل آخر تكون نتائجه العودة بالمشروع العربي النهضوي في كل مجالاته عشر سنوات إلى الوراء .
لا يلتقي الحكام العرب لصالح قضايا العرب ، وإنما للغير ، وعلى أوطانهم وشعوبهم ، وقضية فلسطين ، ولكراسيهم من بعد ، وعند هذه الأخيرة لمبتدأ والخبر .
ماذا تبقى من الجامعة العربية بعد احتلال وتدمير العراق ، ومحرقة غزة ، وتدمير لبنان ، وضياع الصومال، ودغدغة اليمن والسودان ؟
أما إذا انتهت أو حُلت أو ماتت جامعة الدول العربية ، فان البديل لخلق مواقف دولية ضاغطة وجانية للمصالح يكمن في عدد من التكوينات المختلفة تؤلفها النخب العربية ، كالمؤتمر العالمي لعلماء المسلمين ، والمؤتمر القومي الإسلامي للمقاطعة ومناهضة التطبيع ، وغير ذلك .
إن التعويل اليوم يجب أن يكون تجاه حركة الشارع العربي ونخبه فحسب .
ومن يعارضني بجدوى الجامعة ومؤتمرات القمة ، فليحظر ورقة وقلم وحاسبة ثم لنحسب على مسرح السنوات العشر الأخيرة ،فان كانت النتائج ايجابية ولصالح الجامعة ومؤتمرات القمة وفي خانة الأمة العربية وفقا لمعايير محاسبية دقيقة ، وأسس وضوابط محددة ، فاصلبوني على بوابة الجامعة العربية ، وإن كانت النتائج خيبة ومفرطة ،وتفريط وعار ، وتتجه لعظائم الأمور في المرحلة القادمة ، فلتغلق جامعة الدول العربية ، وينقل جثمانها إلى أشهر متاحف بريطانيا ، كواحدة أخرى من عجائبنا العربية العشر .
ويستطيع عمرو موسى أن يلتحق مدرسا بإحدى الجامعات ،أو محللا سياسيا لواحدة من الفضائيات ، أو ليكفه بيته ويكتب مذكراته .
ضراعة :
لا أصلح الله بين حاكم وحاكم عربي ، اللهم ازرع بينهم العداوة والبغضاء ، حتى يغادرنا الاستبداد ، وتعود إلينا فلسطين .
Alhager2007@yahoo.com
في الإثنين 29 مارس - آذار 2010 06:17:34 م