توكل كرمان في كونها ميدانية أكثر منها سياسية
بقلم/ بكر احمد
نشر منذ: 13 سنة و 4 أشهر و يومين
الإثنين 18 يوليو-تموز 2011 12:24 م

تقف الثورة الشبابية الآن في مفترق الطرق، وتدار الدولة بواسطة الإشاعات، والمماطلة الحالية في إحداث نقلة تصعيدية يقف خلفها اللقاء المشترك الذي يبحث عن صفقات سياسية عن طريق التفاوض مع دوائر خارجية تبدوا وحتى اللحظة ترفض رفع الغطاء عن نظام صالح بالكامل.

هذا ما يحدث، ومن الطبيعي أن يسبب هذا العمل انشقاق بين الثوار أنفسهم في ساحات التغيير فهنالك شباب يرون في التفاوض هذا انقلاب على نقاء ثورتهم التي تطالب بدولة جديدة لا علاقة لها بالدولة التي أقامها صالح وأبناؤه، بينما المشترك يرى أنه بالحوار سيتمكن من تحقيق أهداف الثورة دون إراقة قطرة دماء،وانعكس هذا الخلاف على ساحات التغيير إذ أنقسم إلى قســـــــــــــــمين( ساحتين ومنصتين) أحدهما يمثل اللقاء المشترك والثاني يمثل المستقلين والحوثيين.

هذا الانقسام ساهم كثيرا في فرز القواعد عن بعضها كما أنه يحدد رؤية الطرف الخارجي المتابع لهذه الثورة في تقيم الوضع وترتيب أولوياته وخياراته في دعم الجهة المناسبة، وعلني اجزم بأن هذا الفرز أو الانقسام جاء وفي هذه الفترة الزمنية الحساسة لصالح اللقاء المشترك الذي يبدوا ورغم كثرة الأخطاء التي يرتكبها أكثر عقلانية من الطرف الآخر ألذي انشغل وتحت الضغط الحوثي في رفع الشعارات المعادية لأمريكا والسعودية لتصفية حسابات سياسية سابقة وفتح جبهات عداء في وقت هو في غنى عنها، وهذا تصرف غير حصيف و لا يليق بالمستقلين الانجرار فيه وخاصة أن أوراق اليمن الآن باتت في يد الخارج الإقليمي والدولي وأن تجاهلهم أو معداتهم قد يؤخر الحسم، أما بالنسبة للحوثيين فأتمنى هذه المرة تقديم مصلحة الوطن أولا على أي مصلحة إقليمية أخرى. 

- توكل كرمان في كونها ميدانية أكثر منها سياسية.

السيدة توكل كرمان تعتبر علامة فارقة في هذه المرحلة التاريخية في اليمن، ولها بصمتها المؤثرة وأيضا لديها أتباع لا يكلون أبدا عن الدفاع عنها ووصفها بالقائدة العظيمة ولا يتوقفون عن مقارنتها بألف رجل بسبب النظرة الذكورية السائدة في المجتمع اليمني الذي يعتبر أي جنس آخر غير الرجل هو جنس ناقص ومعتل الفكر وأيضا بسبب المرجعية الدينية التي تنتمي إليها توكل والتي لديها موقفها المعلن والمعروف تجاه عمل المرأة القيادي .

سبق وأن قامت توكل كرمان بعملية زحف متسرعة تسببت في إزهاق أرواح العشرات من الشباب، وكان ذاك العمل فاشل بكل المقاييس كونه حدث بدون أية تنسيق أو تنظيم أو عمل جاد له، بل كان الهدف واضحا بأنها محاولة إعلان واستعراض عضلات أمام جهات معينة بمقدرتها على تحريك ولو جزء يسير من الشارع وتقديم نفسها كورقة يجب التعامل معها، هنالك من وصف هذا العمل بالانتهازي والمستهتر،والبعض ذهب بطلب محاكمة توكل عما سببته في إزهاق تلك الأرواح الشابة، لكن شيء من هذا لم يحدث، وأصبح الدم اليمني ارخص ما يكون وتسابق على إهداره الثوار الجدد والمستبد القديم.

بعد تلك الحادثة الحزينة خفت دور توكل، واعتقدت أنها في طور المراجعة الذاتية وتأنيب الضمير الشديد وخاصة أنه تسربت إشاعات بفصلها عن العمل القيادي ومحاسبتها على ذلك العمل الدموي، إلا أنها ظهرت لنا فجأة بمجلس انتقالي لم يسمع أو يعرف عنه أحد بمن فيهم الأعضاء التي هي قامت بتعينهم مما سبب حالة من الارتباك الشديد ورفض الكثير من التيارات السياسية له، كما أنه بدا لنا كمجلس معاق ومشلول قبل أن يبدأ كون أن رئيس هذا المجلس الانتقالي رفض الزج باسمه ورفض هذا المنصب بذريعة كونه قاضي ويجب أن يبقى محايدا وقيادات تعيش في الخارج ولا تستطيع أن تعود لذا لن تتمكن من مزاولة مهامها وتجاهل تيار سياسي قوي وفاعل وهو الحراك الجنوبي السلمي الذي يقود النضال منذ أكثر من أربعة سنوات لتحقيق مطالبه وتنحية اللقاء المشترك الذي شئنا أو أبينا يشكل تيار قوي وفاعل ومعترف به محليا ودوليا، ناهيك عن اتخاذ قرار بتشكيل مجلس انتقالي يمثل اليمن بشكل منفرد دون التنسيق مع باقي المحافظات اليمنية الأخرى إذ وضعت نفسها ومن معها قادة يحق لهم تشكيل المجالس وتعيين الشخصيات دون حتى الرجوع حتى إلي من يتم تعينهم.

هذا ليس فشل عادي، بل هو فشل نوعي لا يقع به أي إنسان يتمتع ولو بالحد الأدنى من الحصافة والديناميكية والوعي السياسي، ويكمن جوهر وعظمة هذا الفشل في أنه سيشق الصف الشعبي بشكل أكثر ضراوة عما هو عليه الآن، كما أنه أحرق ورقة تشكيل أي مجلس انتقالي أو وطني في المستقبل يكن معترف به ويمكن التعامل معه على المستوى الداخلي والخارجي.

أثبتت السيدة توكل كرمان أنها امرأة قيادية ميدانية أكثر منها سياسية، وهي وأن كانت تستطيع أن تقود مجموعة من الشباب المتحمس لها ولفكرة الثورة، إلا أنها لا تستطيع أن تجلس على طاولة الحوار والمفاوضات وقبلها لا تستطيع أن تضع الخطوات الفعلية لإنجاح أي عمل تود القيام به، لذا آمل منها ومن يعمل في محيطها أن يترك التخطيط ووضع الآليات السياسية والفكرية لذوي الاختصاص وأن تكتفي هي بالعمل الميداني المعد لها سلفا، فلا مجال أكثر لمزيد من الفشل والتهور خاصة أن عواقب أعمالها خطيرة وغير محتملة.