أرحب.. بين الفرح والسلال والصمع
بقلم/ همدان العليي
نشر منذ: 13 سنة و 3 أشهر و 9 أيام
الجمعة 05 أغسطس-آب 2011 10:00 م

أرحب تعني في اللغة: أوسع في الشرف كما جاء في الإكليل للهمداني، وقد سمّيت قبيلة أرحب بهذا الاسم نسبة لأرحب بن الدعام بن مالك بن معاوية بن صعب بن دومان بن بكيل بن جُشم بن خيران بن نوف بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

تتميز قبيلة أرحب بموقع جغرافي حساس ومهم لأي نظام سياسي حاكم في صنعاء، فهي تقع على بعد حوالي 30 كيلو متر من العاصمة اليمنية، وتُعتبر بوابة العبور الرئيسية للقبائل اليمنية الواقعة في شمال الشمال.

أنجبت هذه القبيلة العريقة عددا من القادة والعلماء والعظماء اليمنيين والذين اشتهروا وذاع صيتهم على مستوى شبه الجزيرة والعالم، منهم:

- قيس بن مالك نَمّطْ الأرحبي، والذي لقبه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالوفيّ. فقد أسلمت على يديه هو وأخوه مالك بن نمط أكبر وأهم القبائل في شبه الجزيرة العربية قبيلتا حاشد وبكيل قاطبة، كما جاء في كتاب "يمانيون في موكب الرسول" لمحمد حسين الفرح.

- أبو محمد الحسن بن أحمد الأرحبي الهمداني، وهو أحد أعظم جغرافيي جزيرة العرب في عصره، كان محيطا بعلوم الفلك والفلسفة والكيمياء، وله العديد من المؤلفات المعروفة عالمياً أشهرها: كتاب صفة جزيرة العرب، وكتاب الإكليل، وكتاب خاص بعلم الكيمياء المسمى بـ الجوهرتين العتيقتين، وكتاب زيج الهمداني وهو عبارة عن جداول فلكية وهذا الكتاب موجود حالياً في مكتبة الامبروزيانا بميلانو - ايطاليا.

- الدُعام بن إبراهيم بن عبد الله الأرحبي، سيّد همدان في عصره، والذي تأمّر في صنعاء وجبيت له اليمن إلى سواحل عدن.

- سعيد بن قيس الأرحبي الهمداني، وهو أحد سلالة معدي كرب بن تُبَّع، كأن أحد المقربين من الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وقد قاتل معه في معاركه قائداً للواء همدان وشارك في العديد من الفتوحات الإسلامية.

- الثائر والشاعر أبو الأحرار محمد محمود الزبيري، مؤسس حزب الأحرار في عدن وهو أحد المفكرين الذين حملوا على كاهلهم مهمة تخليص اليمن من الإمامة.

- الشيخ عبد المجيد الزنداني، بالرغم من اختلاف البعض معه سياسياً اليوم، لكن رغم ذلك سيذكره التاريخ على أنه أحد أعلام اليمن، فهو مؤسس جامعة الإيمان الشرعية باليمن ومؤسس الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بمكة المكرمة.

ما ذكرته آنفاً عبارة عن نبذة مختصرة عن قبيلة أرحب التي تم إهمالها وعزلها إبان ثورة 26 سبتمبر رغم قربها من العاصمة صنعاء، بالإضافة إلى أني أمهّد بهذه النبذة للإجابة على السؤال الذي يجول في خلد الكثيرين وهو: لماذا تقصف أرحب اليوم؟ ألانها معسكر لتنظيم القاعدة كما تروّج له وسائل الإعلام الرسمية؟

من المواقف السياسية الطريفة التي ذكرها التاريخ السياسي اليمني، عندما جاء أحدهم ليُبشّر المشير عبد الله السلال -أول رئيس لليمن بعد ثورة 1962م- بأن أمريكا ومصر وغيرها من الدول قد اعترفت بالجمهورية اليمنية وبالسلال كرئيس لها؛ سأله السلال حينها: هل اعترفت أرحب؟ في إشارة منه لأولوية وأهمية موقف هذه القبيلة العريقة بسبب موقعها الجغرافي الهام ومكانتها الاجتماعية الرفيعة، ومدى تأثيرها على الأنظمة الحاكمة في صنعاء على مر التاريخ، فهي إما أن تكون حليفا رئيسيا عاضدا للحكم، كما كان واضحاً في فترة حكم الأئمة حيث كان الإمام أحمد يقول: أرحب يا عصابة رأسي. أو أن تكون مصدر قلق وتهديد كما هو الحال في فترة حكم الرئيس صالح ولهذا سعى الأخير لتبديد مخاوفه من هذه القبيلة بإنشاء أقوى ترسانة عسكرية باليمن في أرحب.

تم إنشاء معسكرات الصمع قبل عشرين عاماً تقريباً لحماية مطار صنعاء الدولي والقصر الجمهوري، وها هو اليوم يقوم بمهمته التي أُنشئ من أجلها، ومن يعتقدون بأن ما يحدث في أرحب اليوم عبارة عن حرب ضد تنظيم القاعدة فهم مخطئون، فما يحدث هو قمع للتهديد القادم من هناك صوب عرش الرئيس علي عبد الله صالح بعد تأييد جزء كبير من قبيلة أرحب لمطلب التغيير سلمياً في اليمن.

هناك أخبار متواترة عن عناصر مسلحة –حزبية وليست قاعدية- من أرحب وخارجها تقوم باستهداف المعسكر باسم ثورة التغيير، وهذا إن صح لأمر مؤسف، فالثورة بنيت على السلمية، وليس على سفك دماء اليمنيين سواء كانوا من الحرس الجمهوري أو الفرقة أو من أرحب أو تعز أو الضالع..!

بدورنا هنا نرفض استهداف المعسكرات، ولكننا في المقابل نرفض قصف القرى بالطائرات والدبابات وحصار السكان وترهيبهم وتجويعهم.. كما نرفض بشدة الجريمة التاريخية التي يقترفها النظام من أجل البقاء على الحكم، عندما يقوم بتحريض العالم برمته ضد قبيلة أرحب وغيرها من المناطق اليمنية عندما يتهمها بأنها معسكرات لتنظيم القاعدة.. والله المستعان. 

hamdan_alaly@hotmail.com