|
حسابات بيدر صنعاء من مداولة الحوار لا تتطابق وحسابات الحقل في الساحة الجنوبية, فالرئيس يتحدث عن حوار غير مشروط بنصف فمّ , فيما النصف الأخر يقول بسقف الوحدة .. تلعثم رئاسي يبعث للعالمين العربي والغربي برسالة مغلوطة عن الإرادة الجنوبية, فالرجل جنوبي والقضية جنوبية وثمن الوحدة كان وما زال ويراد له ان يستمر جنوبيآ, على الرغم من ان حجة الحوار في الاتفاقية الخليجية منقطعة الصلة بالقضية الجنوبية, ومع ذلك فأن صنعاء تقوم باغتصاب الحقائق الدولية واردة الشعب في الجنوب, بالتهيئة لمباشرة حوار شأن القضية الجنوبية فيه شأن شباب ساحة التغيير في ميدان الستين او شأن (الشباب المؤمن) في محافظة صعدة.
خلط الأوراق على هذه الشاكلة, من خلال حوار فوقي يتزامن مع سحق شباب الجنوب في الشوارع والساحات التي تحولت الى ثكنات يمارس جنود صنعاء فيها القتل والإرهاب على نحو تعكس تخبط وإزدواجيّة مقيته, لن توفر خروج آمن لليمن كما تمنى الرئيس هادي أمام لجنة الاتصال يوم امس 10 يوليو, فالقضية الجنوبية ليست (جعنان) يمكن تركيبه على رأس جنبية الحوار(مع الاعتذار للشاعر سلطان الصريمي للتصرف) .. فكما للشمال قضايا سياسية واقتصادية تفجرت في فبراير 2011م استدعت تدخل المجتمع الخليجي في مارس 2011م من خلال مجلس التعاون الذي انتج الإتفاقية الخليجية, عززت لاحقآ بقراري مجلس الأمن 2014 لعام 2011 و 2051 لعام 2012, كما للجنوب قضية هوية ووطن أنتجتها حرب 94م التي خاضها الشمال ظلمآ وعدوانآ استدعت تدخل المجتمع الدولي من خلال فراري مجلس الامن الدولي (924) و (931).
وهي القضية التي ما زالت (قيد النظر الفعلي) كما جاء بالحرف, في ختام قراري المجلس لعام 94م اي أنها ما زالت مفتوحة بإرادة دولية, والاهم إرادة الشعب في الجنوب, وهاتان الإرادتان مثلتا المحذور الذي آثرّت (الاتفاقية الخليجية) في صيغتها الأصلية الوقوع في مترتباتهما, اما العبث التفسيري المزّمن الذي أُدخل على ملحقات الاتفاقية فلم يكن سوى (كيد طبائن) أسرة صنعاء الحاكمة, لا علاقة له بالموقف الإقليمي او الدولي, كما هو حال الجهد الدبلوماسي الغربي الذي تحرك في عدن والقاهرة مؤخراً الذي لم يكن سوىّ جسّ نبضّ ومحاولة إستكشاف مدى إمكانية تأمين الحلول لكل القضايا دفعة واحدة.
أما مقاربة صنعاء (القبلية والعسكرية) التي تتوهم بأنها كسرت عيوننا بترئيسها جنوبيين لـ(الحكومة والدولة), مقاربتها للحل من الواضح انها قد رست بعد طول إنكار على: رفع جزئي للمظَالِم الحقوقية لإفرادٍ ولِجماعاتِ, أي ترضيّةً شخصيّةً هُنا ومسّح غُبّار ترّاكم على ظَهر جماعة حزبية أو قبلّية هناك, بشكل عُرّفي (قَبيّله) كما جاء على لسان الرئيس المخلوع عندما قال: "البيض طلب رئاسة الحكومة قلنا له خذ, ثم طلب رئاسة البرلمان قلنا له خُذ" اي مُناوله بالأيادي داخل نفق (جولدمور) دون تأصيل قانوني, ولا تعريف رسمي للقضية وهذا ما يسعون لتكراره في نفق مُلحقاتهم المُزّمنة.
ولا ننسى ان لبعض عتاولة (لجنة الإرياني) للحوار قناعات سياسية حزبية وقبلية ضيقة, تعتبر آية إفشال لأي حوار, إذ ينظر هذا البعض للموضوعات بعين المريض الذي يبحث عن مهدء, لا بعين الطبيب المعالج, وما رشح من لقاء الرئيس (هادي) بأعضاء لجنة الاتصال في 8 يوليو (من سوء طالعهم ان يتزامن مع الذكرى الـ 18 لاحتلال الجنوب), ما رشح على لسان الآنسي, يؤكد بأننا كجنوبيين سننتهي الى ذات النتيجة: زهوّ بعدم مصافحة بعضنا البعض, على النحو الذي أستشعره الأستاذ/ محمد سالم باسندوة اثر حرب 94م, حين زهّا بعَرّضهِ عن مُصافحة الأستاذ/ سالم صالح محمد, عندما قال لتلفزيون صنعاء وكان حينها وزيرآ للأعلام قال: رفضتُ ان اضع يدي بيدٍ مُلطخةٍ بدماء اليمنيين, على الرُغُم ان الرجل (سالم صالح) كان خارج البلاد مُنذ ما قبل الحرب حتى منتهاها!.
فبعد ان تصّالحنا وتسّامحنا كجنوبيين فأن حواراً موعوداً سيكون الخصام زهوتنا بخديعته, كما ودَرجت بنا العادة ان تكون نصيب الجنوب من نتائج حوارات الأنفاق, القاعات والقصور قبض ريح, فيما الطرف الأخر وان ابدى مرونة في السياقات فأنه لا يتردد عن إغتصاب النتائج, وان حشرته الزاوية لأبداء موافقة, فسرعان ما ينقلب عليها في المحطة القادمة أقصاها خلال عامين انتقاليين, وإن تمت برعاية (بن عمر) او حتى (بن كي مون) فلدى مثل هؤلاء مخزون من الأوهام التبريرية, ما يدفعهم الى الاعتقاد بأنهم أصحاب حق حصّري في ملكية اي شيء وان كان القمر بجلالة قدره وشعارهم: ان كنت لا تستحي فأدَع ما تشاء.
لذا علي من يشّد بمشّد الحوار خارج إطار قراري مجلس الأمن المتعلقان بالقضية الجنوبية, عليه التيقن أنه أمام واجهة لأناس كثير مشبعين بالغدّر وانه يكون وجه لوجه مع أدوات التخريجة الحاكمة ذاتها التي ارسلت بخبث علي عبدالله صالح للجنوب عام 1989م بصلاحيات مطلقة, لمناولة الجنوبيين أي مطلب, وأحتفظت لنفسها بحق التنصل اللآحق, ولكم في جهود هيكلة الجيش عبرة يا أولي الألباب!
كما وعلى من تأخذه أخذته العزة بإثم اي اتفاقات او تفاهمات, لا تتحوط بشكل كاف لهذه الحقائق, التيقن بأن المآل, سينتهي به الى خسران نفسه, فالصفقة لا ينقصها الا: يدٍ جنوبية توقع بذات القلم, قلم الوحدة اياه, فمن يتأمل ابتسامتي الإرياني والآنسي خلال اللقاءات التحضيرية, لا بد ان تنتابه الريبة ويتملكه القلق من تكرار سيناريو 90م و94م فالحيثيات تشير بغياب النيِّهِ الخالصة كما وتشي بحضور الوعود الزائفة في كل ما يمت للقضية الجنوبي بصلة, فقد إلفنا طقوس التوقيع ولكن ذاكرتنا الجنوبية غير المخرومة لم تألف بعد طقوس التنفيّذ!
في الأربعاء 11 يوليو-تموز 2012 05:22:54 م