مكتب المبعوث الأممي يكشف تفاصيل لقاء سابق مع قيادات من حزب الإصلاح صاغت مسودته بريطانيا.. مجلس الأمن الدولي يصوت بالإجماع على قرار جديد بشأن اليمن الحكم على نجم رياضي كبير من أصل عربي بتهمة الاعتداء الجنسي الحوثيون يخنقون أفراح اليمنيين ..كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس مراقبون يكشفون لـ مأرب برس «سر» استهداف مليشيات الحوثي لـ أسرة آل الأحمر بصورة ممنهجة تفاصيل لقاء وزير الداخلية مع قائد القوات المشتركة لماذا دعت دراسة حديثة صندوق النقد الدولي لبيع جزء من الذهب الخاص به ؟ صدمة كبيرة بين فريق ترامب.. بسبب تعيين شخصية إعلامية في منصب سيادي حساس المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر يوجه تحذيرا للمواطنين في خمس محافظات يمنية اليمن تزاحم كبرى دول العالم في قمة المناخ بإذربيجان .. وتبتعث 47 شخصًا يمثلون الحكومة و67 شخ يمثلون المنظمات غير الحكومية
يمكن تعريف اليمن بأنها ذلك الوطن الذي كثر منقذوه فأغرقوه, ليس بالحرب وحدها, ولكن بأساليب وحيل شتى, وبالمبادرات والمشاريع والمهرجانات والمؤتمرات والملتقيات التي تنسج خيوطها من بارود ودخان ورماد الحروب, وتنعقد فوق الأنقاض والأطلال والأجداث والأشلاء, ونواعير الدماء وشلالات الأنين والعويل والبكاء, وترفع شعارات السلام والحوار والمصالحة و"الإنقاذ الوطني" و... حين يحملق المرء أكثر في صور الكثير من المستحوذين على المنابر, النهَّابين للمنصات ومكبرات الصوت والأضواء؛ يصيبه الغبش, ويهلكه التحديق في النقطة العمياء!, وتتلاطمه أمواج التيه والسراب والمرايا والانعدام واللاجدوى.
كيف لا وكل "هؤلاء" الذين يقفون اليوم على المنبر ويتربعون المنصة, ويبتلعون المايكرفون والكاميرا والضوء والمسرح, كانوا بالأمس, فقط, هم حملة البنادق والبيارق, ورؤساء الفرق وأمراء الحرب والفيالق والميليشيات وكتائب الموت والإعدام.
ولم أفلح بالأمس, وبالتحديد في مساء السبت الماضي, في إقناع زميل وصديق عزيز أن يكف عن فكرة الذهاب الى صعدة لحضور مؤتمر للسلام ينعقد بدعوة وتمويل من تاجر السلاح الأشهر في اليمن على مستوى المنطقة.
واستنفذت كل السبل لإقناعه بالعدول عن الذهاب ولكن لم يقتنع لأن المغامرة استحوذت وانساق وراء نفسه الأمارة بالشجاعة الزائفة وذهب مع الحافلة التي أقلت العديد من الصحفيين. وفي نهار الأحد صار صاحبي خبراً مدوياً تردد وتكرر عشرات ومئات المرات في شريط قناة "الجزيرة" الفضائية الذي أفاد بأن السلطات اليمنية قامت باحتجاز 25 صحفياً وكان من الوارد أن يصعقني الخبر لو لم أكن أعلم بخفايا الأمر.
والحكاية أني كنت مستفزاً ومغتاضاً من صديقي ولاحقته بمكالمة هاتفية في السادسة من صباح الأحد وأخبرني أن نقطة عسكرية في منطقة الجبل الأسود أوصدت الطريق أمامهم, واطمئن بالي وتمنيت أن يقوم الجيش برد أصحابي الصحفيين على أعقابهم, ويحرمهم من متعة اجتراح مغامرة لا تستحق المغامرة! ومضيت أطالع الخبر في شريط "الجزيرة" وطربت كثيراً من "الجزيرة" التي تبدو مثيرة حتى عندما تكذب وتكرر الكذبة كثيراً لتحملك على تصديقها!
وما كان هذا الشعور ليخامرني لولا قناعتي بأن زملائي الذين كانوا يعتزمون الذهاب الى صعدة لحضور "فعاليات المؤتمر الوطني للسلام" استجابة لدعوة تاجر السلاح فارس مناع, لن يختلفوا عن أولئك الذين شاركوا في فعاليات "ملتقى أبناء صعدة الذي انعقد بصنعاء في 13 أغسطس تحت شعار "صعدة, بناء, وإخاء وسلام" برئاسة الشيخ حسين بن عبدالله بن حسين الأحمر الذي كان يقود الجيش الشعبي (القبائل) المساند في الحرب ضد "الحوثيين".
وانطلاقاً من قناعتي وإدراكي بأن ما يحدث يعتبر ضرباً من الإمعان في العبث واللاجدوى والتزويق على الكارثة والتمويه على المأساة وإنعاش سوق غسيل أو "تبييض الرجال" –على غرار تبييض الأموال- بقصد الترويج والتسويق لمن كانوا سادة للحرب والخراب وتقديمهم في صورة دعاة السلام السباقين لرفع لافتات إعادة البناء والاعمار والمبادرين لمخاطبة الدول المانحة ودول الجوار بإسناد مؤتمراتهم التي تشكل "السبيل الوحيد لإخراج صعدة من المأساة".
انطلاقاً من هذه القناعة رفعت نقطة نظام على زملاء الحافلة ولم يمنعني ذلك من القلق عليهم والخوف من أن يصابوا بمكروه, وتوسلت لهم الأعذار والمبررات وذهبت أحدث نفسي بأن ما حدث لهم يمكن أن يحدث لأي صحفي مثقل بوطأة التناقضات والتشوش والمفارقة.
وخاطبت نفسي, أيضاً, كيف لم يلتفت زملائي الأعزاء لهؤلاء الذين يجاهرون بتقديم أنفسهم كدعاة سلام, ويتجرأون على تقديم أنفسهم كنافذة وحيدة للحل ولاستقبال الدعم المطلوب لإعادة الاعمار, ويعقدون مؤتمرات حاشدة لا تختلف عن حفلات الزار التي يستدرجون إليها الصحفيين ليكونوا شهود زور, في أحسن الأحوال.
*عن صحيفة اليمن