الأغلبية المحصنة
بقلم/ د. عيدروس نصر ناصر
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 17 يوماً
الأربعاء 29 فبراير-شباط 2012 12:27 ص

ستكون من أبلغ تجليات سخرية القدر أن يطلب مجلس النواب، رئيس الحكومة الأستاذ محمد سالم باسندوة للاعتذار بسبب عدم حضوره الحفل الذي أقامة الرئيس المحصن للرئيس المنتخب وسلمه فيه العلم الذي ظل محتفظا به في خزانة سرية لا يعلم بها إلا هو وكأنه الزر النووي الذي أخفاه علينا ثلث قرن من الزمن.

طلب الاعتذار من الأستاذ باسندوة يأتي ليس لأنه سمح للطائرات الأجنبية بقصف المواطنين وقتل الأطفال والنساء على إنهم خلايا إرهابية، أو لأنه عقد صفقة الغاز المشبوهة التي بيع فيها ما قيمته ستين مليار دولار بسعر 2008، أو 120 مليار دولار بأسعار 2011، بيعت بمبلغ 4 مليار دولار، ولاباقي لهفها المحصنون، ولكن لأنه لم يحضر حفل توديع الرئيس المخلوع ليقبل يديه على ما ارتكبت من مجازر في حق الشعب اليمني، وما مارست من فساد على مدى ثلث قرن من الحروب والتدمير والإفقار.

طبعا لا يمكن لمجلس النواب أن يمتلك الجرأة ويسأل من ارتكب هذه الجرائم بحق أرواح ودماء وأموال وثروات اليمنيين، لأن من فعل ذلك قد منحه المحصنون حصانة تمنع مساءلته، أما المسكين باسندوة فلا حصانة لديه ولذلك عليه أن يطيع ويسمع ما يقوله الجهبذان يحيى الراعي وسلطان البركاني.

يستحق الأستاذ باسندوة تعظيم سلام على موقفه الشجاع برفض حضور حفل توديع الرئيس المخلوع، لأن توديع القتلة ينبغي أن يكون عند أبواب السجون أو على منصات الإعدام وليس في القاعات الفخمة ومراسيم الابتهاج على السجاد الأحمر، هذا الموقف هو ما اغضب الأغلبية المحصنة التي نست أن الأستاذ باسندوة لم يعد عضوا في المؤتمر الشعبي العام وإن فعاليتهم تمت بين رئيس المؤتمر وأمينه العام وهي تخصهم وحدهم ومن دعي إليها ليس ملزما بالحضور، لكن لأن شبح الرئيس المحصن سيظل يطاردهم في نومهم وصحوهم، وآناء ليلهم وأطراف نهارهم فسيظلون يستحضرون مشهده كلما اعترض أحد على سياساتهم الحمقاء التي يصرون على مواصلتها حتى بعد أن قال لهم الشعب "لا".

سيكون على باسندوة منذ اليوم أن يعمل بحرية كاملة وبضميره الحي اليقض وليس بحساب ميزان القوى واتبارات من لا يفقهون الفرق بين الحزب والحكومة، ببساطة لأن باس ندوة وحكومته مسنودان بقوة الثورة وبالمواثيق الدولية التي وقع عليها المحصنون الذين يريدون منه الاعتذار وإذا ما أصر هؤلاء على تركيع با سندوة أو لي ذراعه فسيكون من الأشرف له الاستقالة كما استقال من مؤتمرهم ومن لجنتهم العامة ومن مناصب كثيرة ظل يشغلها وعندما غادرها لم يخرج منها إلا معززا مكرما ولم يطلب من أحد حصانة بعدم المساءلة.

أيها السادة نواب الأغلبية، عنتريات السيد الذي اخترع نظرية قلع العداد لن تقودكم إلى الانتقال إلى المراحل القادمة، ولن تثني ثورة الشباب عن مواصلة مسارها، بل إنها ستبقيكم في الماضي الذي رفضه اليمنيون بالملايين، وقد توصلكم جميعا إلى ما وصل إليه كبيركم إن لم تقفوا في صف الحقيقة والحق، تعلموا من طالبات مدرسة أسما بتعز اللواتي أصررن على تغيير مديرة مدرستهن، وكونوا مثلهن أحرارا وقولوا لصاحب نظرية قلع العداد أن نظرياته سوف تواصل تخريب البلاد فوق ما ألحقته بها من خراب.

لقد ثار الشباب اليمنيون على صنمهم الأكبر وأردوه أرضا فهل تجرؤون هدم صنمكم أم أنكم ستظلون ترددون بعده كلما قال اللهم أحفظ فخامة الرئيس المخلوع قلتم بعده "آآآآآآآآميييييين)"؟؟

والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل

برقيات:

* أحد الصبية العائلية قال أن المطالبة بإزاحته من رئاسة أحد الأجهزة العسكرية العائلية يمثل عملية إقصائية, لم يقل لنا هذا الجهبذ كيف وصل إلى قيادة هذه المؤسسة الأمنية وارثا أباه وهو حينها لم يكمل خمس سنوات خدمة عسكرية، ألا يمثل هذا إقصاء للقيادات التي بلغت من العمر عتيا ولم تتمكن من احتلال محله، ولم يقل لنا كيف تم تسريح عشرات الآلاف من الجنود والضباط الجنوبيين في عام 1994م والذين خدموا عشرات السنين ، أليس هذا أيضا إقصاءً؟

* ما يزال السيد فايرستاين السفير الأمريكي بصنعا يتصرف وكأن اليمن ولاية أمريكية،. . . قوله أن تنحية أحمد علي وعلي محسن وآخرين ليست واردة الآن يمثل استفزازا لملايين اليمنيين الذين ثاروا ضد الأسرة الحاكمة، ألم يكفه أنه تسبب في قتل العشرات من ثوار مسيرة الكرامة عندما قال بأن هذه المسيرة ليست سلمية،. . . سعادة السفير! متى تتصرف كسفير فقط، وليس كمندوب سامي؟

* قال الشاعر الجاهلي السموأل بن عاديا

إذا المرْءُ لم يدنَسْ من اللؤمِ عِرْضُهُ فكــــــُلُّ رداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ

وإنْ هوَ لمْ يحْمِلْ على النفسِ ضَيمَها فليسَ إلى حُسنِ الثناء سَبيلُ

تُعـــــــيّرُنــَا أنّـــا قَلِـــيلٌ عَــديــدُنَــا   فقُـــــلْتُ لها: إنّ الكِرَامَ قلِيلُ

وما قَلّ مَنْ كانتْ بَقاياهُ مِثــــــــــــلَنا  شَبابٌ تَسامَى للعُلى وكُهُولُ

ومَــا ضـَرّنَا أنّــا قَلِـــيلٌ وجَــارُنــــا  عــزِيزٌ وجَارُ الأكْثَرِينَ ذَلِيلُ