علامات إستفهام حول اتفاق المشترك مع الحوثيين
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 18 يوماً
السبت 28 يناير-كانون الثاني 2012 04:21 م
وقعت مؤخرا أحزاب اللقاء المشترك و الحوثيين اتفاق شراكة بينهما يقضى بتوحيد جهودهما لتحقيق أهداف الثورة السلمية وبناء الدولة الجديدة وينص الاتفاق على التزام الطرفين بمتطلبات الشراكة الوطنية، والابتعاد عن كل ما يسيء للعمل المشترك بينهما، والإقرار بحق التنوع في الآراء والمواقف، وإدارة الاختلافات بينهما بصورة حضارية، بعيداً عن حملات التجريح والتخوين، أو فرض الآراء بالقوة واحترام كل طرف لخيار الطرف الآخر.

كما نص الاتفاق على تجنيب الساحات لأي خلافات والعمل على تماسكها ووحدة أدائها، بما يحقق أهداف الثورة الشبابية السلمية، والإقرار بحق التنوع في الآراء والمواقف إزاء القضايا الوطنية لكافة مكونات قوى الثورة السلمية والعمل على إدارة الاختلافات بينها بصورة حضارية بعيداً عن الاتهام والتجريح أو التخوين أو فرض الآراء بالقوة، واحترام كل طرف لخيار الطرف الآخر، "الخيار الثوري السلمي والسياسي السلمي".

وكان المبعوث الأممي جمال بن عمر، لدى زيارته لمحافظة صعدة الشهر الماضي والتقائه بزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثى، قد طالب الحوثيين بالانخراط في العمل السياسي، والتحول من جماعة مسلحة إلى إطار سياسي، من خلال تأسيس حزب سياسي، والانخراط مع المشترك في إطار المبادرة الخليجية.

وأكد بن عمر خلال لقائه بالحوثى أن الحوثيين إذا لم ينخرطوا في العمل السياسي، فإنهم سيجدون أنفسهم في مواجهة المجتمع الدولي.

طبعا من حق أحزاب المشترك إبرام اتفاقيات مع أي طرف طالما أن هذا الاتفاق وغيره سيصب في مصلحة الوطن ولكن هناك علامات استفهام كثيرة حول هذا الاتفاق الذي يأتي في الوقت الذي يشن الحوثيين فيه حربا ضروسا في صعدة وحجة ويواصلون محاولاتهم التوسعية وفرض الأمر الواقع على الأرض وبقوة السلاح ويتصرفون كعصابة همجية تقتل على الهوية وتخطف الرجال وتنهب المساعدات وتسعى لاستئصال أي جماعة تخالف مذهبها وفكرها كما حدث في دماج.

طبعا للتذكير ليس هذا أول اتفاق يعقده المشترك مع الحوثيين فقد عقدت بين الطرفين في السنوات الأخيرة عدة اتفاقات ولكن هذه الاتفاقات لم تؤدي إلى تعزيز جهود السلام ومنع عودة الحرب في صعدة والعمل على تسريع وتيرة إعماؤها وعودة أبنائها المشردين وتحول الحوثيين وقياداتهم إلى مواطنين سلميين يمارسون العمل السياسي من خلال حزب سياسي سلمي وليس كعصابة مسلحة تتوسع بقوة السلاح وتهدد الوحدة الوطنية وتضربها في مقتل وتعمل على اقتطاع مساحات من البلد لصالح دويلة مذهبية تسعى للانفصال والتوسع على حساب الوطن عموما كما أنها تشجع وتشرعن في الواقع العملي لمثل هذه التجزئات والانقسامات الطائفية والمذهبية بقوة السلاح وبمساعدة ظروف طارئة في البلاد.

لسنا دعاة حرب ونحن مع السلام وندرك خطورة استمرار المواجهات بين الحوثيين والقبائل والجميع يدرك الثمن الباهض للحرب في صعدة على مدى ستة حروب سابقة مع النظام والآن مع القبائل في صعدة وحجة فالأخبار الواردة من جهة كتاف تفيد بأن أكثر من 600 أسرة قد نزحت فرارا من الحرب وتعيش ظروفا في غاية المأساوية والصعوبة دون حصولها على الإغاثة والإيواء العاجل ولكن من يقنع الحوثيين بالسلام ؟!! وأي جهة تستطيع إلزامهم بتنفيذ إتفاقياتهم ؟!! .

الحرب في صعدة تسببت في إزهاق أرواح عشرات الآلاف من أبناء اليمن ، إزهاق الروح الواحدة منها هو قتل للناس جميعاً وجرم يهون أمامه هدم الكعبة بيت الله حجراً حجراً كما أن تشريد الآمنين من منازلهم وتدمير المنازل والممتلكات وحرق مزارع الرمان والعنب هو مأساة ووصمة عار في جبين الحوثيين الذين افتعلوها تنفيذا لمخططاتهم وسيسجلها التاريخ في صفحاته السوداء وسينصب لصناعها محكمة قاسية فالتاريخ لا يرحم كما أنهم لم ولن يفلتوا ممن محكمة العدالة الإلهية في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون فهناك الحاكم العادل رفعت الأقلام وجفت الصحف.

 كم من أسر كانت عزيزة آمنة في بيوتها تبدل حالها ذلاً بعد عز وتشرداً بعد استقرار وخوفاً بعد أمان ؟!

وكم من أطفال في عمر الزهور وشباب في ريعان شبابهم قتلوا ؟!

إنها الحرب قهر الرجال وذل النساء ومقبرة الطموحات ومدفن الأحلام والآمال.

حملت ست مرات سفاحاً وتمخض حملها مولوداً مشوهاً مخيفاً حول مدينة السلام ولبنان اليمن إلى أطلال ومتاريس وقبور وجعل في كل منطقة شهيداً وفي كل قلب جرح.

كل هذا لكي ينفذ الحوثي مخططاته بدويلة جعفرية مذهبية تكون يدا لإيران في المنطقة ..

كما أن الحرب تبقي البلد في حالة من الفوضى والخوف والقلق وتعرضها لكل الاحتمالات والتدخلات الأجنبية والمشاريع الصغيرة وتعيق الحكومة عن القيام بواجباتها الكثيرة وتعرقل نقل السلطة وهو الهدف الذي يسعى إليه صالح وأقاربه وأزلامه واتفقوا مع الحوثيين على العمل من أجله .

دعونا وما زلنا ندعو قيادات المشترك إلى ترجمة اتفاقياتها مع الحوثيين إلى واقع عملي وذلك بالنزول الميداني إلى صعدة وحجة والتحقيق فيما يدور حاليا من مواجهات وإيقافها بصلح يلزم الحوثي أن يعود بميليشياته إلى صعده وفي صعدة يلزمه بإلقاء السلاح وتسليمه للدولة والتحول كمواطن عادي ويبقى فريق من المشترك مراقب على الصلح المفترض والمطلوب كطرف محايد ومراقب واستكمال خطوات السلام وحينها سيظهر لهم رفض الحوثيين لإلقاء السلاح والجنوح للسلم والدخول في العمل السياسي كتيار سلمي وهو ما حدث وهي الشروط التي اشترطتها القبائل لقبول الصلح مع الحوثيين ورفضها الحوثيين لأنهم ببساطة جماعة وحركة لم تقم إلا بالسلاح والحروب والنهب والفيد والتقطع وفرض الضرائب وفي المناخ السلمي ستتلاشى هذه الحركة وتنتهي لأنها بلا برنامج ومشروع ورؤية سلمية .

وجود الحوثيين في ساحة التغيير هو وجود تبشيري لتوزيع منشورات وأدبيات وصور السيد وملازمه ونشر فكر الحركة والترويج لها في أوساط الشباب وخلق صورة طيبة عنها وهذا من حقهم شريطة إنهاء هذا التناقض بين يد توزع كتيب في ساحة التغيير وأخرى تدنس مسجدا في عاهم وتقتل آمنا في كشر وتحاصر طلابا في دماج ...

الحوثيين حركة مسلحة تنفذ تعليمات ومخططات وأجندة أجنبية لأهداف إيرانية إقليمية بمعنى أن الخبرة شقات مع الخارج لا أقل ولا أكثر والأمر ليس بأيديهم وقرارهم رهن التوجهات الإيرانية وإبرام الاتفاقيات معهم هو نوع من الاعتراف بشرعيتهم المفروضة بقوة السلاح وبالأمر الواقع كما أن الأحداث في السنوات الأخيرة تسجل أنهم لم يلتزموا بأي اتفاق طالما ولديهم قوة وتمكن وهم يستغلون رغبة المشترك هذه الأيام في عدم إثارة الخلافات والمشاكل في ساحات التغيير ليوقعوا مثل هذه الاتفاقيات ليبرزوا كطرف له وجود في فاعل في الحياة السياسية دون أن يلتزموا بأي اتفاق إلا وجدوا قوة كبيرة لخصمهم وكانوا بحالة ضعف بمعنى أن كل اتفاقيات الحوثي هي اتفاقيات تكتيكية انتهازية وما أن يشعر بقوة عسكرية وتمكن يغدر بكل الأطراف ويتوسع ويمضي في مواصل مخططاته وتوسعاته وذلك لأنه يحمل فكرا توسعيا دخيلا على المجتمع اليمني ويمثل خطرا عليه وينفذ أجندة خارجية ترى في التوسع الحوثي هذه الأيام ضرورة لتحقيق مصالحها ومحاربتها لأطراف إقليمية معروفة والأيام بيننا ..