حكومة الإنقاذ الوطني والتحديات الماثلة أمامها
بقلم/ محمد الحذيفي
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 4 أيام
الأحد 11 ديسمبر-كانون الأول 2011 03:56 م

لأول مرة سأكتب عن شيء لست مقتنعا به , وهو ما يسمى حكومة الوفاق الوطني التي تشكلت بعد التوقيع على المبادرة الخليجية إن كتب لها النجاح , ولا أعرف عن أي حكومة وفاق يتحدثون ! لكن فلنسلم بالواقع وبحتميات هذه الحكومة التي أصبح اللقاء المشترك المكون البارز فيها طبقا لبنود التقاسم والأصح فيها أن تسمى حكومة التقاسم الوطني وليست الوفاق الوطني , لكن هذا أمرا واقع يجب أن نسلم به ونتعاط معه ايجابيا.

وهنا نقول ستكون هناك العديد من التحديات الماثلة أمام حكومة الإنقاذ الوطني , والتي إذا ما تجاوزتها الحكومة فستعيد نوعا من الثقة بين اللقاء المشترك وشباب الثورة كون نصف الوزراء محسوبين عليه , إذ في الأصل كان يجب على اللقاء المشترك أن يضغط باتجاه تشكيل حكومة تكنوقراط , أو حكومة كفاءات لإدارة المرحلة الأولى من العملية الانتقالية لا يشارك فيها أيا من رموز الحزب الحاكم الذين أوصلوا الوطن إلى حافة الهاوية من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الوطن , ومن ثروات هذا الوطن لكن أن يشارك في إنقاذ البلد من قام بتخريب البلد تخريبا ممنهجا فهذا من غرائب السياسية في العصر الحديث.

إن أهم التحديات الماثلة أمام ما يسمى حكومة الوفاق الوطني هي إعادة الخدمات الأساسية للمواطن من ماء , وكهرباء , ومشتقات نفطية , وإعادة الأسعار إلى ما كانت عليه قبل انطلاق الثورة المباركة , فهل بمقدور هذه الحكومة أن تمتلك الجرأة اللازمة وتعيد للناس حتى ولو قليلا من الخدمات الضرورية التي عانى منها المواطن طيلة حكم الرئيس على عبد الله صالح؟ والتي عانى منها كثيرا منذ بداية الثورة وحتى اليوم , حيث انتشر غول الجشعين , والانتهازيين , وفريق الطابور الخامس , وأوسعوا هذا الشعب عذابا ومحاصرة في كل الخدمات الضرورية , وفي رفع الأسعار إلى أضعاف قياسية ليصيبوا الثورة في مقتل , وليكرسوا في عقول العامة من الناس بأن عهد على عبد الله صالح أفضل من هذه الثورة , وخاصة البيوت التجارية الكبيرة , وأصحاب رؤؤس الأموال المسيطر على كل السلع في الأسواق الذين سخروا من هذه الثورة واعتبروها عملا تخريبيا وعانى هذا الشعب منهم في فترة الثورة وحتى هذه اللحظة أكثر مما عانى من نظام على عبد الله صالح طيلة الفترة السابقة , وهذا يضع الحكومة على المحك وخاصة أن معظم إن لم يكن جل الوزراء من المنظمين للثورة أو من المحسوبين على شباب الثورة وخاصة أن وزارة الصناعة والتجارة بأيديهم.

التحدي الثاني والذي لا يقل أهمية عن سابقه الوضع الأمني الذي تعاني منه معظم محافظات الجمهورية وعلى وجه الخصوص تعز - أمانة العاصمة - عدن - أبين , الناس يعولون كثيرا على هذه الحكومة , وكلنا ندرك أنها تحملت فوق طاقتها , وتحملت عبئا كبيرا ورثته من الحكومات السابقة فهل ستكون عند مستوى المسئولية؟ وستبتعد عن المداهنة والمجاملة في هذا الوقت الحساس الذي لا مجال فيه لمثل هذه المجاملات سواء أمام النائب الذي يرفض أن يعمل بعيد عن على عبد الله صالح كما جاء في خطابه الأخير أمام اللجنة الدائمة , وأنه ليس بمقدوره تغطية الفراغ الذي خلفه سلفه , أو أمام الخارج الذي يشرف على تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية , فأمن الناس وطمأنتهم أهم من كل أولئك , وهذا مقدم على كل ما سواه , فالله تعالى يقول "الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف" فهل سيثبتون للداخل أنهم جديرون بضبط كل ذلك وبإقالة كل من سفك دماء الناس , وقتل الأبرياء , والأطفال في أحياء تعز لتستقر تلك المحافظة فعلا ويعود إليها الهدوء , والأمن والسكينة , وفي أمانة العاصمة , وأرحب , ونهم , وغيرها , وقد أصبحت وزارة الداخلية في يد القوى المحسوبة على الثورة , وهذا ما يعقد من صعوبة التعامل مع هذه الأوضاع المعقدة أصلا , وعليه فلا بد من إثبات جدارتهم في هذه المرحلة وإلا فسيعتبرون شركاء في أي جريمة سترتكب في حق المتظاهرين أو المدنيين من اليوم وصاعدا.

التحدي الثالث وهو في نفس الدرجة من الأهمية وضع هذه الحكومة يدها على كل وسائل الإعلام الرسمية المختلفة المقروءة منها والمسموعة , والذي عانى منها الثوار والشعب , فهذه الوسائل كرهت الناس بوطنهم وكالة التهم الباطلة جزافا على ثورة الشعب العظيمة , وسخرت من هذه الثورة , وحرضت عليها وعلى شباب الثورة , وقلبت الحقائق وانحازت لفرد على حساب شعب بأكمله , وشوهت كل المفاهيم الوطنية لتختزلها في شخص واحد يجب أن يسبح اليمنيون بحمده , ويقدسون باسمه , وهذه جريمة لا تقل جرما عن جريمة القتل الذي استهدف الأنفس البشرية يجب محاسبة مرتكبيها ومحاكمتهم وإقالتهم , وعلى هذه الحكومة إقالة كل مسئولي تلك الوسائل وإحالتهم للمحاكمة على ما اقترفوه وتصويب مسارها في الاتجاه الصحيح.

التحدي الرابع والذي لا يقل أهمية عن سابقيه وهو ملف شهداء وجرحى الثورة السلمية , الذين قدموا أنفسهم وأرواحهم فداء لهذا الوطن , وتخليصه من حكم العائلة , والأسرة , والفرد لينعم بقية أفراد الشعب بالرفاهية التي افتقدها الشهداء , وبالديمقراطية التي يتمنها الجميع , دماء الشهداء والجرحى هي من أوصلت وزراء المجلس الوطني لقوى الثورة إلى تبوء الوزارات فليكن الهم الأول لهم هو إنصاف تلك الدماء , والعمل على الاقتصاص من قاتلهم وتعويضهم خير تعويض , ومناقشة هذا الملف في اجتماعات مجلس الوزراء ليعطى حقه الإعلامي , والإنساني , والأخلاقي. 

ندرك أن الأمر معقد ,وأن هناك مطالب كثيرة للثوار , وتحديات أكبر ليس أقلها إقالة أولاد وأقارب على عبد الله صالح من الأجهزة الأمنية وإحالتهم للمحاكمة على ما اقترفوه في حق هذا الشعب , وهذا غير بعيد في المرحلة الحالية , لكنه يحتاج لحسابات معينة , وعليه فإما أن تكون هذه الحكومة حكومة ثورية تحقق أهداف الثوار , وإما أن تكون حكومة حزبية تقاسميه بعيدة كل البعد عن النفس الثوري , وعن الحركة الثورية , وهذا بكل تأكيد يترتب عليه أبعاد أخرى وحسابات متعددة. 

*ملاحظات مهمة

الملاحظة الأولى إلى وزراء المجلس الوطني لقوى الثورة , أنتم اليوم تمثلون قوى الثورة , ويجب عليكم أن تتحدثوا بمنطق الثورة , وليس بمنطق الأزمة التي تحاول وسائل الإعلام الرسمية أن تجركم إليها لتصور لشباب الثورة وللعالم أن اليمن يعيش أزمة وليس ثورة , وأنكم غير معترفين بهذه الثورة , والدليل تصريحاتكم لتك الوسائل التي تتحدث معكم بمنطق الأزمة , وللأسف أن الكثير من وزراء المجلس الوطني تماهى مع ما تريده تلك الوسائل أو استطاعت أن تنتزع ما تريده بدون أن تشعرون.

الملاحظة الثانية للأستاذ على العمراني وبحسب علمي أنك رجل حازم لا تقبل القسمة على اثنين , ولا تقبل المجاملات أنت رجل ثوري وتعبر عن شباب الثورة , ومن غير اللائق , أومن غير الوطنية أن تشارك أكثر القنوات الغير يمنية بالاهتمام باستلام الناشطة الثائرة توكل عبد السلام كرمان جائزة نوبل للسلام وتنقل الاحتفال لمشاهديها , ويغيب هذه الحفل عن الجماهير اليمنية التي تتابع القنوات الرسمية الفضائية اليمنية – سبأ – الإيمان – عدن , ولا يتم حتى مجرد الإشارة إلى ذلك , وإن تم فعلى استحياء ولا يرقى إلى مستوى الحدث , وعليه فيجب محاسبة المسئولين عن هذا التجاهل , وإقالتهم , وتغيير الخطاب الإعلامي لهذه القنوات , وفتح المجال لقنوات السعيدة , وسهيل , والجزيرة لحضور المؤتمرات الصحفية للحكومة ولوزراء الحكومة كغيرها من القنوات الإعلامية وهذا من حقها.