قيم نضالية مهدورة
بقلم/ احمد طلان الحارثي
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 9 أيام
الخميس 07 يونيو-حزيران 2012 07:34 م

الانتصار للقضايا الوطنية مهمة عظيمة تحتاج إلى همم عالية وطاقات جبّارة تواكب مستوى الحدث وتتعاظم بتعاظمه وتسمو بسمّوه حتى تنال شرف إنجازه والوصول به إلى غاياته النبيلة.

هذا كله في عقول ووجدان وأحاسيس المؤمنين به والأمناء لمبادئه والمخلصين في السير نحو تحقيقه رغم أي صعوبات أو عراقيل ، لأنهم يستعذبون المشاق ويسترخصون التبعات والتكاليف التي لا تقوى عليها الهامات الصغيرة وتعجز دونها النفوس الضعيفة ، خصوصاً تلك التي تحاول التنكر لتراثها النضالي وتجنح نحو استرخاص المبادئ في سبيل الحصول على المادة على حساب القيم النضالية.

والحراك الجنوبي فصيل ومكون من مكونات الحركة الجنوبية المتنوعة الاتجاهات والمتفاوتة في المفاهيم والأهداف التي يسعى كل فصيل لتحقيقها ، وفي إطار الحراك الجنوبي نفسه تتعدد الوجهات وتختلف المصالح والأهداف وتتنوع الوسائل والأدوات وحتى الرموز والشخصيات ، وفي إطار هذا التنوع والاختلاف تبرز العديد من الثغرات والنواقص وتمارس بعض الأخطاء ، نظراً لعدم وجود موجهات معروفة وخطوات مدروسة تحدد المسار العام ، ولهذا كثرت الاجتهادات الشخصية وازدادت الأخطاء الفردية حتى طغت على الجهود الجماعية وبدأت تحاصرها من عدة جهات وتضع أمامها العديد من السدود والحواجز المانعة لمعرفة الغث من السمين والصواب من الخطاء أو بمعنى آخر (اختلط الحابل بالنابل) كما يقولون ، وأهدرت كثير من القيم النضالية على يد من لا يرقبون فيها إلاً ولا ذمة ، في ظل صمت مطبق من قبل أصحاب الشأن ، وترك الحبل على الغارب للعابثين والمستهترين بكل ما له صلة بالتراث النضالي الجنوبي.

ما يمكن الإشارة إليه في هذا الموضوع أو طلب الاستغاثة إن صح التعبير ، أن هناك أشخاص يعتدون على علم الجمهورية اليمنية وينفذون بحقه عقوبة الإعدام أما بالحرق أو التمزيق أو التشويه ، وهذا العلم في حقيقة الأمر هو علم الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل خلال مرحلة الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني البغيض ، وفي اعتقادي إنه لشرف عظيم لتراثنا النضالي وتاريخنا الثوري أن يصبح رمز نضالنا في جزء من الوطن رمز وطني شامل تفخر به الأجيال على مرّ التاريخ ، غير أن أولئك النفر من الناس قد انحسرت في نفوسهم المعاني النضالية السابقة وضاقوا بها ذرعاً نتيجة لحالة الإحباط واليأس التي حاول أعداء الوحدة أن يوصلوهم إليها خلال الفترة الماضية.

وبالمقابل نرى كثير من هؤلاء منهمكون في نشر علم (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) بمختلف الوسائل والكيفيات ، وهذا العلم أيضاً هو رمز من رموز النضال التحرري الديمقراطي لأنه يضم إلى جانب علم النضال المسلح علم الطليعة السياسية (وهو المثلث الأزرق الذي تتوسطه نجمة حمراء خماسية) ، إلى هنا قد يكون الشرح ممل وغير مقنع لبعض الناس خصوصاً من يتحسسون من ذكر المراحل السابقة التي عاشها الشطر الجنوبي من الوطن ، ولكن طبيعة الموضوع تحتم علينا هذا التفصيل لأن كثير ممن يرسمون علم (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) ويحلمون بعودته على تلك الهيئة التي كان عليها ، هم في حقيقة الأمر غير مقتنعين بما يمارسونه وبما يحلمون بتحقيقه ، لأن العودة إلى ذلك العهد تعني عودة الحزب الاشتراكي اليمني حزباً حاكماً كما كان في ذلك الزمان ، وهؤلاء النفر اليوم لا يحبذون عودة الحزب الاشتراكي اليمني و لا يقرون له بتلك الأدوار النضالية التي سطرها خلال مراحل مختلفة من قيادته للشطر الجنوبي من الوطن اليمني الكبير.

استسمح الجميع في أن أقول بصراحة وصدق أن بعض قيادات وقواعد الحراك الجنوبي هم ممن كانت لهم أدوار بارزة ومواقف مشهودة خلال مراحل حكم الحزب الاشتراكي اليمني ولهم بصمات عملية لا تخفى على أحد ولكنهم اليوم في مرحلة نكران وتمرد على تلك الفترة التي عاشوا فيها مناضلين وحدويين ، ونحن نطالبهم اليوم قبل الغد بالرجوع عن غيهم ونطالبهم باحترام نضالنا ونضالهم جنباً إلى جنب ، لأن ممارستهم هذه تضر بهم أولاً حينما يربطون أنفسهم بماضي غيرهم ويتنكرون لحاضرهم ومستقبلهم في آن واحد ، ولو كانوا يؤمنون بذلك الماضي النضالي لكانت صفوف الحزب الاشتراكي اليمني أوسع لهم صدراً وأكبر لهم قدراً كيف لا !! وهو من تصدر النضال الدءوب من أجل إعادة تحقيق الوحدة اليمنية وسيظل وحدوياً كما كان ، وهذا ما يؤكده الحزب في مواقفه السابقة تجاه إعادة تحقيق الوحدة اليمنية بالقول: (وفي مجرى النضال لتحقيق أهداف الثورة اليمنية توثقت وحدة قوى الثورة والتقدم والوحدة ، ونما الوعي الوطني والشخصية الوطنية ، وتوثقت الروابط الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بين أبناء الشعب اليمني ، وأصبح النضال من أجل الوحدة اليمنية مطلباً جماهيرياً حيوياً باعتبار أن وحدة الشعب اليمني سوف تغدو مصدراً عظيماً لقوته ، وحافزاً جبّاراً لتقدمه ، ويحترم حزبنا ذلك التراث المجيد ، ويلتزم بمواصلته ، ويعتبر وحدة الثورة اليمنية وأهدافها ومصائرها التاريخية أمانة ومسئولية في أعناق الثوريين اليمنيين ، وهي لذلك أمانة ومسئولية الحزب الاشتراكي اليمني).