المغتربون اليمنيون....بين الخوف على الثورة والحرص عليها
بقلم/ عبد الملك المثيل
نشر منذ: 13 سنة و 5 أشهر و 22 يوماً
الثلاثاء 24 مايو 2011 07:42 ص

يقول البعض من ما يسمى قيادة المعارضة في الداخل ، بأن على المغتربين اليمنيين أن يكفوا عن التدخل في شؤون الثورة اليمنية بصورة مباشرة ، كقيامهم بتبصير الشباب وتزويدهم ببعض المقترحات ، لأنهم وقادة الثورة أدرى بما يجب أن يتم ، وزادوا على ذلك بالقول أن على المغتربين أن يؤمنوا بأن دورهم ينحصر في الدعم المادي والدعاء وما عدى ذلك مرفوض ولا قبول به ، والواضح من خلال هذا الكلام أن أولئك يمثلون إمتدادا طبيعيا لممارسة وثقافة صالح وسلطته البائدة ، فالمغترب ظل في نظر تلك السلطة المنتهية مجرد " بقرة حلوب " تدر المال والحوالات ولا غير ذلك ، وفي اللحظة التي تحدث فيها عن الشأن الوطني وانتقد ممارسة الحكومة الفاسدة ، تم وصفه بعبارات العمالة والتخوين خاصة من قبل أنصار السلطة المندسين في صفوف المغتربين ، وكأن من حكم البلاد طيلة الفترة الماضية كان بمثابة "البقرة الحلوب " التي درت الوطنية والإخلاص ، مع أن الصورة معكوسة تماما ولا زالت بكل تأكيد ، فالمغترب اليمني ظل وسيظل وطنيا من الطراز الأول ، وحتى يدرك الجميع قيمة ذلك الكلام ، لا بد من القول أن حوالات وأموال المغتربين كانت الداعم الرئيسي للإقتصاد اليمني المنهوب ، ولولا تلك الشريحة الواسعة وأموالها لكان اليمن قد مات إقتصاديا منذ زمن طويل بفعل الفساد المنتشر في كل مفصل من مفاصل السلطة والمعارضة على حد سواء .

من الناحية الوطنية الكاملة والحرص على سيادة الوطن وإستقلال قراره ، على أولئك أيضا أن يتنبهوا لنقطة هامة ، أرغمت المغتربون على الشعور بالأسف والتعاسة على سيادة وطنهم اليمني ، خاصة عند إطلاعهم على استقلالية وسيادة القرار في البلدان التي يعيشون فيها ، إذ أن تلك البلدان تتعامل بحزم وشدة في قوانينها الوطنية المحرمة تحريما قاطعا قبول واستلام مواطنيها لأية أموال من الدول الأخرى ، بينما يعيش الوطن اليمني بفعل ثقافة الإرتزاق والبيع والشراء التي صنعها علي صالح وسمح بها طوال فترة حكمه ، بدون قانون يمنع ويحاكم أولئك الذين يستلمون مليارات الريالات من الدول المجاورة وغيرها ، ولذلك ليس من الغريب أن يقول علي صالح في خطاب متلفز ذات يوم ( استلموا أموال من الخارج بس لا تضروش الوطن )، كلام كهذا يثبت أن السلطة الراحلة شجعت الكثير على التسابق للحصول على أموال تحت مسببات عدة لا يقبلها قانون أو منطق ، لأن السلطة نفسها من أكبر كبير فيها تلقت الأموال والرواتب من الدول المجاورة منذ عام 1978 م ، وكأن أركانها مجرد موظفين لدى تلك الدول التي تمنح الأموال ، وهنا لا بد من التساؤل عن سبب تلك الأموال ولماذا يتم صرفها؟ وما الدور الذي يقوم به أولئك الأشخاص الذين يمثلون مراكز وقوى تتبع بذلك المال تلك الدول ؟ وكيف أثرت تلك الأموال على سيادة الوطن واستقلاله ؟ .

أردنا من المقدمة السابقة أعلاه أن تكون مدخلا للموضوع ، حتى نسمع من أولئك الذين يوجهون النصائح للمغتربين ، رأيهم فيما سبق ، لأننا كمغتربين ننظر اليوم بأسف كبير إلى التدخل السلبي في مجريات الثورة اليمنية من قبل الأشقاء والأصدقاء ، الذين يسعون جاهدين إلى إجهاض الثورة اليمنية ، بطريقة أثبتت أن قرارنا السيادي سيظل معدوما حتى في تحديد من يحكمنا وتقرير مصير ما ينفع وطننا ، ونحن هنا عندما نوجه خطابنا كمغتربين لمن يهمهم الأمر ، فإننا نريد أن نسمع منهم تفسيرا واضحا للخطوات الأخيرة الناتجة عن المبادرة الخليجية ، لأنهم على مايبدوا يسعون إلى فرض المبادرة تلك مع انها لا تمثل مطالب الجماهير اليمنية ، وهم ملزمين أيضا بالرد على استفسارات البعض التي يبرز أهمها في ما مدى إدراك قبول تلك المبادرة المشبوهة والتوقيع عليها مع أنها ستعرض الوطن في المستقبل لمخاطر لا حصر لها ؟ ثم هل تنبهوا لمسألة أن شعبنا مل وتعب من استرخاصه والإستهزاء به والعبث بأمنه والتنازل عن حقه وحقوقه ! وذلك أيضا شعور أغلب المغتربين اليمنيين .

ما يجب على الجميع إدراكه ، خاصة قادة المشترك الذين يحاورون ويسافرون وقاموا بالتوقيع على المبادرة الخليجية ، أن ليس لهم الحق في التنازل عن دماء وأرواح الشهداء الذين سقطوا من أجل وطن يمني حر وكريم ، وليعلموا أنهم سيكونون خصمنا القادم ، ولن نبالغ إذا ما قلنا أنهم سيكونون بخطواتهم تلك شركاء في القتل وإجهاض الثورة اليمنية ، ووضع اليمن من جديد في خانة العبودية والإستعباد ، وهذه رسالة واضحة من العديد من المغتربين الذين طالبوا بإيصال صوتهم لمن يريد أن يسمع .

علي عبدالله صالح ليس غريمنا الوحيد ، بل نظامه العفن بأكمله ، ولهذا لا بد أن تنجح الثورة في اقتلاعه ومحاكمته ، وخلق وطن جديد يحكم نفسه بنفسه بدون التدخل من أحد ، وحتى لا يقول قائل بأننا لا نفهم ولا نهتم بمصير الناس ، وجب التوضيح بأننا منذ زمن رحبنا بالجهود الخليجية والعربية ، ولكن بشرط انسجامها مع ثورة شعبنا اليمني وأهدافها السامية ، وسنظل في المستقبل داعين وحريصين على قيام النظام الجديد ببناء علاقة سياسية واقتصادية مع دول الجوار والعالم أساسها الصدق والوضوح والحرص على تحقيق وحماية المصالح المشتركة بدون ابتزاز واسترزاق أي أحد كان .

إننا ونحن نتحدث عن ثورة شعبنا ، فإن هدفنا بناء وطن يمني يتسع للجميع ، يتساوى فيه كل المواطنين في ظل دولة مدنية يحكمها القانون والعدل ، خالية من مراكز القوى والنفوذ والإرتزاق ، وليس لنا أي هدف أو مصلحة تافهة من وراء مساهمتنا المتواضعة في دعم ومؤازرة ثورة شعبنا في الداخل ، لأننا نؤمن أن في وطننا من الرجال الشرفاء والأكفاء والمخلصين الكثير والكثير ، وهم قادرين على بناء وطننا بصورة تحقق آمال وطموح كل يمني أينما كان ، وللتوضيح أكثر فإن المغتربين آمنوا بصدق بأن ما قدموه ويقدموه لا يساوي لحظة وقوف الأقدام الطاهرة الثائرة في ميادين الإعتصام .

الخلاصة الواجب قولها لمن يهمه الأمر من تلك العقليات التي لا تختلف عن عقلية علي صالح وأركان سلطته المنتهية ، أن الثورة اليمنية خلقت واقعا جديدا لن يسمح بعودة الماضي البغيض في المستقبل ، وسنكون كمغتربين في صف شعبنا بكل ما أوتينا من قوة ، ولذلك وجب علينا الوقوف في وجه كل من يسترخص دماء شعبنا ويساهم في فرض المبادرات الملتوية ، وخاتمة القول في هذا الموضوع لشباب الثورة حيث يجب عليهم الآن وفورا إعادة الثورة إلى طريقها الصحيح ، والتوقف عن الإرتهان لمواقف قادة الأحزاب ، كما يجب عليهم أن يكفوا عن إطلاق التهديدات والوعد بالمفاجآت ثم لا يحدث من ذلك شيء ، لأن أمور كهذه تهز من قيمة الثورة وقيمها في عيون الشعب ، وعليه لا بد من التصميم على فرض الثورة كثورة حتى على أولئك الذين يسعون للإلتفاف على طموح وآمال شعبنا في ثورته ، ولن يتم ذلك سوى بالإيمان المطلق بالوطن ووضعه فوق كل المسميات والإعتبارات ، وحتى لا نصاب بنكسة جديدة في تاريخنا المعاصر ، لا بد لقادة الثورة أن يتذكروا دماء الشهداء وآهات الجرحى الذين سقطوا وهم من عامة الشعب وخيرة أبنائه ، بينما لم نشهد حتى اللحظة أن شخصا واحدا من المؤمنين بالمبادرات وكذلك نجوم التصريح في الفضائيات قدم شهيدا من أهله حتى يشعر ويعلم بضرورة أن تعلوا الثورة فوق كل المبادرات .

aalmatheel@yahoo.com