غارات امريكية في الحديدة احزاب تعز تقترح حلا لمواجهة الوضع الاقتصادي المتأزم وتطالب الرئاسة والحكومة بسرعة انقاذ العملة العليمي يبحث مع سفير واشنطن الدعم الإقتصادي المطلوب وموقف اليمن من انتهاكات إسرائيل في فلسطين مسئول كبير في الشرعية يكاشف الجميع حول قضايا وملفات مهمة: سبب التراجع عن قرارات البنك المركزي ومصير التوقيع على خارطة الطريق وخيار الحسم العسكري كوريا الشمالية تختبر صاروخاً باليستياً يمكنه الوصول الى أمريكا الإعلام الأمني ينشر أسماء ضحايا حادث التصادم الأليم في طريق شحن بمحافظة المهرة موسكو هربت قيادي ايراني من ميناء الحديدة.. تورط متزايد لروسيا مع الحوثيين في اليمن وامريكا تدرس كيفية الرد اول دولة عربية تعلن عن تطوير 8 منظومات متكاملة لصناعة الطيران حادث مروري مروع في المهرة يخلف 11 ضحية إعادة فتح طريق مطار عدن بعد سنوات من الإغلاق
نسمع كثيرا عن القضية الجنوبية ونتفق جميعا على جعلها من أولويات الوطنية لحلها. ولكن هل حاول أحد منا أن يسأل نفسه سؤالا بسيطا وهو ما المقصود بالقضية الجنوبية بالضبط؟
نحن نعرف الشرح التاريخي وقصة الوحدة اليمنية وحرب 1994 وآثارها. ولكن هل يستطيع أحد منا أن يقدم تعريفا مبسطا للقضية الجنوبية بكلمات وجيزة؟
أكاد أجزم أن القضية الجنوبية يختلف تعريفها باختلاف التوجه السياسي للشخص الذي يتحدث عنها. ولهذا فإني أطرح على مفكري وقادة الرأي في الجنوب قبل مفكري وقادة الرأي بالشمال، أن يحاولوا الاتفاق على صياغة تعريف واضح لمفهوم القضية الجنوبية، وذلك لتحقيق الأغراض التالية:
أولا: لتقديم تعريف مبسط للخارج خصوصا لأولئك الذين لا نفترض أنهم قد قرؤوا تاريخ اليمن أو عايشوا أحداثه المعاصرة.
ثانيا: لتقديم التعريف إلى أبناء الشمال خصوصا أولئك الذين ينظرون إلى القضية على أنها قضية حقوق ووظائف وليست قضية سياسية جديرة بالحلول السياسية.
ثالثا: ليكون هذا التعريف هو الخطوة الأولى لتوحيد الرأي الجنوبي بشأن الحلول المقبولة أو على الأقل فرز الحلول المطروحة من أجل التشاور بشأنها.
لماذا أطلب تعريف القضية الجنوبية؟
لأني كنت اعتبر نفسي منذ ما قبل حرب 1994 حتى الآن من أشد المتعاطفين مع القضية الجنوبية، وإذا بي فجأة أصبح في نظر الكثير من أبناء الجنوب أسوأ من علي عبدالله صالح.
لماذا؟
لأني كتبت مقالا اعترض فيه على فكرة التقاسم بين الشمال والجنوب وأدعو للمواطنة المتساوية بعد رحيل علي عبدالله صالح.
اعتراضي على فكرة التقاسم نابعة من فهمي للقضية الجنوبية بأنها قابلة للحل عن طريق ترسيخ المواطنة المتساوية وإلغاء الضم والإلحاق وإشراك الجنوبيين في كافة شؤون بلادهم وفي تقرير مصير اليمن الموحد كاملا. بسبب دفاعي عن مفهوم المواطنة المتساوية تلقيت سيلا من التعليقات الغاضبة من الشباب الجنوبي ممن لا يتفقون معي في تفسيري للقضية. ولكني سأظل متمسكا برأيي لأني مقتنع بالمواطنة المتساوية بقدر لا يقل بأي حال من الأحوال عن قناعة بعض شباب الحراك بحق الجنوب في تقرير المصير.
أنا لا ألوم أبناء الجنوب الغاضبين ولكني ألوم قادتهم ومفكريهم الذين تربطني بكثير منهم علاقات صداقة واحترام لا يمكن أن يفسدها انتقادي لهم أبدا.
لماذا ألومهم؟
لأنهم لم يقدموا حتى الآن تعريفهم الرسمي المتوافق عليه بينهم للقضية الجنوبية وتركوا كل شخص يعتمد على تعريفة الخاص الأمر الذي خلق التباين في المواقف ليس بين الشماليين والجنوبيين فقط ولكن بين الجنوبيين أنفسهم.
وليس هذا فحسب بل توافقوا على حل وسط يربط بين القاهرة وبروكسل، دون التوافق على تعريف للقضية يفك الارتباط بين صنعاء وعدن أو يجمع بينهما. وسبب هذا التناقض نابع في رأيي من عدم بذل أدنى جهد في تعريف القضية وتشخيصها التشخيص السليم قبل إطلاق الحلول أو تقديم العلاج الناجع، وربما أنه الخوف من الشباب الثائر الذي يلوم الآباء على تفريطهم سابقا بالأرض والدولة وتقديمهما لقمة سائغة لفم ثعبان لم تعرف اليمن مثيلا لجشعه واسمه علي عبدالله صالح.
وأنا عندما أكتب أعرف تماما مدى الصعوبة التي يمكن أن يلاقيها أي كاتب لإقناع شباب الجنوب بالمواطنة المتساوية خصوصا أولئك الذين ولدوا بعد عام 1990، ولهذا قررت أن أوجه كلامي هنا لكبار قادة الجنوب بدلا عن الشباب الغاضب الذين احترم غضبهم وأقدر حماسهم لقضيتهم، ولن أحاول تغيير قناعاتهم.
الزعيم الجنوبي الكبير والرئيس السابق علي ناصر محمد لا يمكن أن يغضب من صحفي ينتقد موقفا له بل عهدي به أنه يبتسم عند سماع أي نقد وتمثل الوحدة التي انجز دستورها التاريخي في عهده انجازا شخصيا ومخرجا ممكنا لجميع مشكلات اليمن شمالا وجنوبا . والمهندس حيدر العطاس ليس علي عبدالله صالح كي يحتاج إلى من يترجم له ما كتبه منير الماوري، فهو قادر على القراءة وقادر أيضا على فهم ما يقرأ، والوحدة بالنسبة له مازالت قابلة للتجريب بعد رحيل علي عبدالله صالح. وكذلك بقية قادة الجنوب داخل البلاد وخارجها، لم يولدوا في عهد علي عبدالله صالح كي يكرهوا كل ما هو شمالي. ولهذا فإني أناشدهم أن يقدموا لنا تعريفا عقلانيا للقضية الجنوبية فربما يكون هناك أمل في حلها بالتفاهم مع الأشقاء في الشمال لأن ذلك سيكون أجدى من الحلول المنفردة، فحتى الفلسطينيين أنفسهم لا يستطيعون تبني أي حل منفرد لقضيتهم دون التفاوض مع اسرائيل فما بالنا بأبناء بلد واحد ودين واحد ولغة واحدة.
ودعوني أجتهد هنا وأرصد التعاريف والحلول المحتملة للقضية الجنوبية حسب فهمي لها من أدبيات الجهات التي تنادي بها والتي لا أود تسميتها هنا كي لا اتهم بمحاولة إثارة الخلافات بين أصحابها :
أولا: تعريف المعارضة الشمالية للقضية ا لجنوبية:
الجنوب تعرض لحرب ظالمة عام 1994 نجم عنها تحويل الوحدة إلى ضم وإلحاق واهدار حقوق المواطنين الجنوبيين ونهب الأراضي وفصل تعسفي لعشرات الآلاف من الكوادر المدنية والعسكرية.
الحل يكمن في الاعتراف بالقضية الجنوبية وإعادة الاعتبار لأبناء الجنوب ورد الممتلكات العامة والخاصة من المنهوبات قسرا، إضافة إلى تعويض المتضرريين بصورة عادلة، واشراك الجنوبيين في تقرير مصير اليمن ككل.
ثانيا: التعاريف الجنوبية للقضية الجنوبية
التعريف الأول: الوحدة اليمنية الطوعية بين دولتين مستقلتين انتهت في7-7- 1994 وتحولت إلى احتلال بالقوة. والحل هو العودة إلى ما قبل إعلان الوحدة عام 1990 واستعادة الدولة السابقة (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية).
التعريف الثاني: الجنوب العربي لم يكن يوما جزء من اليمن وهو خاضع للاختراق اليمني منذ الاستقلال وخاضع للاحتلال منذ 1990 ويجب التحرر من الاحتلال واعلان دولة الجنوب المستقلة والتنصل من الهوية اليمنية.
التعريف الثالث: الوحدة الحالية انقلب عليها علي عبدالله صالح بالحرب والفساد والإرهاب والحل هو اسقاط النظام ومنح الأشقاء في الشمال فرصة تجريبية عن طريق نظام فدرالي من اقليمين فإذا اثبت الأخوة في الشمال أن الخلل ليس في الوحدة وإنما في نظام الرئيس المخلوع فهذا ما نريده، وإذا اكتشفنا أن الخلل هو في العقلية الحاكمة في صنعاء وليس في علي عبدالله صالح فنكون قد استفدنا من الفدرالية في بناء مؤسسات الدولة بما فيها الأمن والشرطة ونستطيع اعلان فك الارتباط فيما بعد بالاستفتاء أو بالقوة.
التعريف الرابع: الوحدة الطوعية انتهت عمليا بحرب 1994 الظالمة والحل هو استغلال ما يسمى بالثورة الشبابية وصراع الأخوة في الشمال لاعلان دولتنا المستقلة في الجنوب فهذه أفضل لحظة تاريخية لا يجب ألا تفوتنا.
التعريف الخامس: الوحدة اليمنية أساء إليها نظام الرئيس علي عبدالله صالح بالحرب والفساد والإرهاب والضم والإلحاق، ولكن من إيجابياتها أنها حافظت على تماسك أبناء الجنوب وأوصلتهم إلى مرحلة التصالح والتسامح فيما بينهم، والحل هو توسيع مفهوم التصالح والتسامح ليشمل المناطق الشمالية والعمل على إيجاد نظام فدرالي حقيقي دائم لأن لا خيار لليمن أفضل من الخيار الوحدوي الديمقراطي في دولة لا مركزية عادلة، ولكن بشروط تضمن حقوق الجنوبيين والشماليين وتوزيع عادل للثروات، وتمنع الغدر والخيانة. وهذا الخيار سوف يمنع أي انشقاقات داخل الجنوب في المستقبل ويمنع اندلاع حرب أهلية مع شمال الوطن كما سيضمن عدم تدخل الشماليين لفصل أي جزء من الجنوب أو اعادة سنوات الصراعات الشطرية الدموية والمؤامرات القاتلة.