مليشيات الحوثي تختطف مواطناً من جنوب اليمن للضغط على شقيقه عاجل .. دعم سعودي لحكومة بن مبارك ووديعة بنكية جديدة كأس الخليج: تأهل عمان والكويت ومغادرة الإمارات وقطر دراسة حديثة تكشف لماذا تهاجم الإنفلونزا الرجال وتكون أقل حدة نحو النساء؟ تعرف على أبرز ثلاث مواجهات نارية في كرة القدم تختتم عام 2024 محمد صلاح يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي .. قائمة بأشهر هدافي الدوري الإنجليزي مقتل إعلامية لبنانية شهيرة قبيل طلاقها قرار بإقالة قائد المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت.. من هو القائد الجديد؟ دولة عربية يختفي الدولار من أسواقها السوداء تركيا تكشف عن العدد المهول للطلاب السوريين الذين تخرجوا من الجامعات التركية
بي نظير بوتو: من سلالة سياسية باكستانية.. جمعت بين التصميم والعناد والجاذبية.. ومثلها الأعلى فاطمة الزهراء يمتد عمل بي نظير بوتو، التي تولت منصب رئيس الوزراء في باكستان مرتين، من الصراع ضد هيمنة الجيش على الوضع السياسي في باكستان الى المساومة السياسية مع السلطات العسكرية لتشكيل حكومة في باكستان ما كان لها القيام بها من خلال قوة شعبيتها بين الجماهير الباكستانية.
وبالنسبة لأولئك الذين يعرفون بي نظير بوتو عن قرب فإن شخصيتها تعتبر توليفة من التصميم والعناد والجاذبية. وقد تجاوزت بي نظير بوتو البالغة 53 عاما، عمرها منذ زمن بعيد، ولكن بوتو الش
ابة كانت تجتذب الحشود في كل مدينة باكستانية كبيرة عندما كان الناس يتدفقون من اجل رؤيتها. وكانت السنوات الاحدى عشرة الاخيرة، وهي الفترة التي بقيت فيها خارج السلطة وفي المنفى الاجباري، قد شهدت وجها جديدا لبوتو المستعدة للتفاوض والتسوية مع السلطات العسكرية لضمان مستقبلها السياسي ومن أجل إزالة الاتهامات بالفساد التي وجهت اليها والى زوجها. وانتهت ولايتها كرئيسة للوزراء، وكانت الأولى منذ عام 1988 حتى عام 1990، والثانية من عام 1993 حتى عام 1996، من خلال رؤساء باكستان في إطار الاتهام بالفساد. وكان طردها في المرتين نتيجة مباشرة للمجابهة أولا مع الجيش القوي، وثانيا مع القضاء. وفي كلتا المرتين شكلت حكومة كنتيجة لتسوية مع المؤسسة المدنية العسكرية في باكستان على الرغم من ان التسوية في حالتها لم تستغرق أكثر من ثلاث سنوات لأن عناد بوتو ـ حسب تعبير الكثير من المحللين السياسيين ـ وضعها على الدوام في اتجاه الصدام. وتنوي بوتو العودة للحكم للمرة الثالثة من خلال صيغة يجري الإعداد لها حاليا مع الرئيس برويز مشرف.
وقد ولدت بي نظير بوتو لعائلة ملاك أراض ثرية في محافظة سند الواقعة جنوب باكستان حيث تمتعت بطفولة ذات امتيازات. وكان والدها اول رئيس وزراء ينتخب على نطاق شعبي واسع في باكستان. ومثل سلالة نهرو غاندي في الهند فإن عائلة بوتو في باكستان هي ايضا واحدة من السلالات السياسية الأكثر شهرة في العالم. وفي البداية كسبت بي نظير بوتو المصداقية من صورة والدها الذي كان يتمتع بمكانة بارزة. غير انها هي الان زعيمة. وبعد إكمال تعليمها الأولي في مدارس البعثات التبشيرية في باكستان توجهت الى الولايات المتحدة لإكمال التعليم العالي. وتقول سيرة بي نظير بوتو انها «درست في كلية رادكليف بهارفارد في الولايات المتحدة وجامعة أوكسفورد في انجلترا، حيث تفوقت لا في الدراسات فقط وانما أيضا في النشاطات الأخرى مثل المنافسات في النقاشات». واصبحت اول طالبة آسيوية تنتخب كرئيس لاتحاد طلاب جامعة أوكسفورد عام 1976.
وغالبا ما يقدمها زعماء حزبها باعتبارها اول امرأة ترأست الحكومة في دولة اسلامية حديثة. وفي الحقيقة فانها افلحت في تصوير نفسها باعتبارها نقيضا للمؤسسة السياسية في الدول الاسلامية التي يهيمن عليها الرجال على نحو ساحق.
والناس الذين يعرفون بي نظير بوتو يصفونها باعتبارها شخصية ذات اتجاهات متصارعة. وعلى الرغم من ميولها الغربية ونظرتها الليبرالية تعطي بي نظير بوتو الانطباع بأنها امرأة متدينة بعمق. وفي العام الماضي قالت في مقابلة إن ابنة النبي محمد، فاطمة الزهراء، هي مثلها الاعلى. وفضلا عن ذلك غالبا ما تظهر بي نظير بوتو باعتبارها شخصية تزور العرافات ومراقد القديسين.
ودخلت بي نظير بوتو عالم السياسة مكرهة، وذلك واضح من الأشياء التي اهتمت بها في حياتها الأولى. وقد ابلغت صحافيا اجرى مقابلة معها ذات يوم بانها كانت تريد الانضمام الى عالم الصحافة وتتابع سيرتها المهنية كصحافية أو ان تصبح دبلوماسية. وفي وقت لاحق انضمت الى السلك الدبلوماسي للبلاد وعملت مساعدة مدير في وزارة الخارجية الباكستانية، غير ان عملها انتهى بسبب الانقلاب العسكري الذي اطاح بحكومة والدها.
وعادت الى باكستان عام 1977 قبل اشهر قليلة من قيام ضباط في الجيش يقودهم الجنرال ضياء الحق بانقلاب ضد والدها، ذو الفقار علي بوتو. ويقول صحافي باكستاني بارز يعرف بوتو وعائلتها إن «بي نظير بوتو لم تكن تريد العمل في السياسة او متابعة نشاط سياسي، غير انها ارغمت على ممارسة السياسة بسبب الأحداث التي أعقبت تنحية والدها». التصميم والعناد المعروف عن بي نظير لاحظهما الباكستانيون عقب اتهام والدها بالقتل وتنفيذ حكم الإعدام بحقه من جانب الحاكم العسكري الجنرال ضياء الحق. قضت بي نظير بوتو السنوات التي اعقبت عزل والدها في تنظيم حركة سياسية ضد حكومة ضياء الحق العسكرية، الذي وضعها في نهاية الأمر خلف القضبان في الحبس الانفرادي عام 1981 الى ان اطلق سراحها عام 1984. وتحت ضغوط دول غربية سمح لبي نظير بالسفر الى لندن، حيث انشأت فرعا لحزبها (حزب الشعب الباكستاني) وواصلت النضال ضد نظام ضياء الحق. وبذلك تكون الفترة التي قضتها في الاعتقال قد اعقبتها فترة منفى في اوروبا الغربية، ونجحت في ان تصبح زعيمة سياسية ناضجة. هناك اشخاص ـ صحافيون وناشطون سياسيون على حد سواء ـ يتذكرون بوضوح اليوم الذي عادت فيه بي نظير الى باكستان عام 1986. في هذا السياق يقول ظفار عباس، رئيس تحرير صحيفة Dawn ان تلك اللحظات كانت تبدو وكأن مدينة لاهور بأكملها قد خرجت للترحيب ببي نظير بوتو عندما وصلت الى مطار لاهور الدولي. وكان حزب بي نظير بوتو قد حصل على اغلبية في البرلمان في الانتخابات التي اجريت بعد مقتل الجنرال ضياء الحق في حادث سقوط طائرة. إلا انه كان واضحا انه لم يكن بوسعها تشكيل حكومة من دون التوصل الى تسوية مع السلطات العسكرية التي كانت متمكنة في مختلف مؤسسات السلطة في باكستان في ذلك الوقت. ايدت بي نظير بوتو، التي جرى تعيينها رئيسة للحكومة، في 2 ديسمبر (كانون الاول) عام 1988، ترشيح غلام اسحق خان، الذي كان يحظى بمساندة الجيش، لتولي منصب الرئاسة. وجرى انتخابه بالفعل رئيسا للبلاد لمدة خمس سنوات وانتخب بأغلبية مع مساندة حزب الشعب الباكستاني في 12 ديسمبر من ذلك العام. كان ذلك جزءا من اتفاق قبلت المؤسسة العسكرية بموجبه انتصار بي نظير بوتو في الانتخابات ومن ثم ترشيحها لتولي رئاسة الحكومة بواسطة الرئيس المكلف غلام اسحق خان مستخدما سلطاته الدستورية. وفي المقابل وافقت بي نظر بوتو على اربعة شروط وضعتها المؤسسة العسكرية، بما في ذلك الاحتفاظ بوزارة الخارجية التي كانت تهيمن عليها عناصر عسكرية، فضلا عن استمرار السياسة الباكستانية تجاه افغانستان. لم يكن هناك انتصار مدوٍ لحزب بي نظير بوتو في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1988، على الرغم من انه برز كأكبر حزب سياسي في الجمعية الوطنية اثر حصوله على 93 مقعدا من جملة 207 مقاعد. وكان أداء حزب الشعب الباكستاني في تلك الانتخابات مميزا في السند، خصوصا في المناطق الريفية. وكانت مجموعة من الأحزاب اليمينية قد شكلت تحالف «الاتحاد الجمهوري الاسلامي»، الذي حصل على 55 مقعدا في تلك الانتخابات. ووافق الجيش على انتخابات عام 1988 على أمل ألا يحصل حزب الشعب الباكستاني على عدد كبير من المقاعد. وكان الجيش يعتبر ان بي نظير بوتو كانت تتآمر عليه من الخارج، وبصورة عامة كان ضباطه خلال فترة حكم ضياء الحق قد تم استعداؤهم ضد حزب الشعب الباكستاني. ثمة اعتقاد بأن قرار دعوة بي نظير لتشكيل حكومة كان قرارا مشتركا اتخذه القائم بأعمال الرئيس غلام عشق خان، ورئيس اركان الجيش اسلام بيغ. وقد التقت بي نظير مع الجنرال اسلام بيغ قبل أيام من تولي السلطة في مقر الجيش في راولبندي لطمأنة الجنرال بانها تعرف فن التوازنات والمراهنات السياسية. ولم يكن هناك ادنى شك في تفكير المراقبين السياسيين ان المؤسسة العسكرية قبلت بي نظير رئيسة للوزراء بشيء من التردد.
غير ان بي نظير بوتو نجحت في اقامة علاقة ودية مع كبار القيادات العسكرية، في الوقت الذي اعلن فيه الجنرال بيغ بيانات تأييد لحكومتها في الشهور الاولى. غير ان هناك امرا واضحا في اتفاق 1988، الذي اوصل بي نظير للسلطة، وهو ان التوصل اليه تم بعد انتصارها في الانتخابات حين تأكدت قيادة الجيش ان الطريق الوحيد المتوفر هو مشاركة السلطة مع حزب الشعب الباكستاني الذي اصبح اكبر قوة سياسية في انتخابات عام 1988. وكانت صورة بي نظير التي قادت معركة ضد النظام العسكري نقطة اضافية لصالحها في التعامل مع الجنرالات بالمقارنة مع الموقف الحالي حيث تواجه اتهامات بالفساد.
وعلى العكس من الموقف الحالي لا توجد مفاوضات مطولة بينها وبين ممثلي السلطة العسكرية او أي صيغة لمشاركة السلطة. وتقدم الاحداث للجانبين بضعة ايام للتوصل الى اتفاق. والمفاوضات الحالية خلف الكواليس بين بي نظير وممثلي مشرف اعتمدت على حوار استمر لثلاثة اعوام مر عبر العديد من المراحل. فلم يبدأ كحوار يهدف الى مناقشة صيغة مشاركة السلطة.
إلا ان هناك نقاط تشابه. ففي عام 1988 تم التوصل الى الاتفاق بين بي نظير والمؤسسة العسكرية تحت اشراف الولايات المتحدة. وتشير التقارير الصحافية انذاك الى زيارات لاثنين من كبار المسؤولين الاميركيين (مساعد وزير الدفاع ريتشارد ارميتاج، ومساعد وزير الخارجية ريتشارد مورفي) ساهمت مساهمة اساسية في المفاوضات بين بي نظير والجنرالات. ويشير العديد من الوزراء في حكومة مشرف الى الدور الحيوي الذي يلعبه الاميركيون في التقريب بينها وبين مشرف.
وفي الموقف الحالي يبقى سؤال اعادة انتخاب مشرف لفترة خمس سنوات اخرى اساسيا بالنسبة للتفاهم بين مشرف وبي نظير. غير ان المؤسسة العسكرية لا تحتاج هذه المرة الى خمس سنوات اخرى من حكم مشرف. فهم يريدون من حزب بوتو ان يبقى في المجالس عندما يسعى مشرف الى إعادة انتخابه قبل شهرين من الانتخابات العامة.
وفي مرحلة من المراحل كانت بي نظير تعتبر رمزا للديمقراطية والحداثة في المجتمع الباكستاني. ولا تخفى علاقاتها الدولية ولا سيما علاقتها بالاشخاص النافذين في واشنطن وغيرها من العواصم الغربية.
وربما هذا هو السبب الذي دفعها لمواجهة الانتقادات الحادة للاحزاب والمتطرفين الدينيين. فقد ذكرت تكرارا للصحافيين الذين يزورونها ان أسامة بن لادن موَّل احزاب المعارضة بما فيها حزب رئيس الوزراء السابق نواز شريف، الذي حاول في عام 1988 إسقاط حكومتها. ولكن بعد فقدها في عام 1996 منصب رئاسة الوزراء اصبح اسمها مرتبطا بالفساد والحكم السيئ . كما يعترف زعماء حزبها بطريقة غير علنية ان زوجها آصيف علي زارداري، الذي كان شابا مولعا بملاحقة النساء، الحق الضرر بسمعتها. وقالت رنا قيصر وهي صحافية باكستانية كبيرة «اذا ما نظرت الى اتهامات الفساد ضدها، ستجد ان كل قضية منها تقريبا يدخل فيها زوجها طرفا».
وبالمقارنة بنجاح بوتو كسياسية، فإنها تواجه العديد من المآسي في اسرتها. فقد فقدت اثنين من اخوتها (مرتضى بوتو وشاهنواز بوتو) في نفس الوقت تقريبا عندما بدأت تحقق نجاحا سياسيا. وقد فر شقيقها مرتضى الذي كان من المتوقع ان يلعب دورا مهما كزعيم للحزب، الى افغانستان التي كانت تحت الحكم الشيوعي انذاك. ونظم حملة من هناك ومن عدد من عواصم الشرق الاوسط، ضد الحكومة العسكرية الباكستانية في اطار جماعة متطرفة اطلق عليها اسم «ذو الفقار».
وقد قتل مرتضى في مواجهة مع الشرطة في ظروف غامضة عندما كانت لا تزال رئيسة للوزراء. اما شقيقها الاصغر فقد عثر عليه ميتا في شقة بباريس. وتعتقد ان ضياء الحق اصدر اوامره باغتياله. وقد اتهمت الحكومة التي اعقبت حكومته زوج بي نظير بالتآمر لقتل شقيقها، مرتضى بوتو. وفي مرحلة من المراحل خلال توليها منصب رئيسة الوزراء للمرة الثانية دخلت في مواجهة علنية مع أمها التي شنت حملة ضدها لصالح ابنها، في الوقت الذي تعيش فيها شقيقتها حياة بعيدة عن الاضواء. وخلال العشر سنوات التي قضتها بعيدة عن السلطة، كانت بي نظير تعيش مع اولادها الثلاثة في دبي، حيث لحق بها زوجها بعد الإفراج عنه في عام 2004 .
الشرق الأوسط