|
الحوار هو أمانة بكلّ ما للكلمة من معنى، لأنّه عندما يطلق من أيّ فرد أو حزب أو جهة، لا يعود مقتصراً عليه، لأنَّ هناك أجيالاً بأكملها سوف تتلقف هذا الحوار، وتتفاعل معه سلباً أو إيجاباً، وبالتّالي سيكون مصير أمة مرتبطاً بطبيعة ما ينتج من حوار فيها لذا فالمطلوب أن يكون المرء أميناً في طرحه لأيّ رأي أو فكرة، وحتّى في شرحه ونقله، لأنّ المسألة تتعلّق بمصير أمة بأكملها، وبحاضرها وطبيعة دورها، وإنتاجها، وحجمها بين الأمم والحضارات ومستقبلها، وبتاريخها الفرديّ والجماعيّ. واليوم، بات الحوار حديث يضج بالواقع من هنا وهناك، وبات الكثيرون يقعون ضحايا لأفكارٍ يأخذونها بالشّكل الانفعاليّ أو بالانتماء، بمعنى قد لا يملكون الوعي الكافي لفحصها والتأكّد من جدواها وحججها المعرفيّة والعلميّة، فينطلقون ليؤسّسوا عليها مواقف ورؤى في الواقع، وبحكم أنّ الشّباب اليوم يملكون الحماسة الزّائدة، وبما أنهم يشكلون قوّة المجتمع ودعامته الأساسيّة في البناء والتقدم، يجدون اليوم أنفسهم في مهب أفكار وتيارات حزبية وافدة من هنا وهناك، وقد يحتار الكثيرون بين تلك الأفكار وكيفيّة الاختيار بينها وما يصلح للواقع منها. كلّ هذا الواقع يحتّم على الشّباب أن يقفوا موقف المسؤوليّة والوعي، لا موقف الانفعال في تناول أيّ فكر أو طرح، ليكونوا الأمناء على واقعهم ، فلا يتسبّبوا بخلق المشاكل له، وكما يترتّب على ذلك مسؤوليَّات دنيويَّة كبيرة، كذلك فإنَّ هناك مسؤوليَّات أخروية أمام الله تعالى، نتيجة الأخذ بأفكار معيَّنة أو العمل بها، أو الانفعال بها بالشّكل اللامتوازن، فمسؤوليّة حفظ الحياة والواقع هي مسؤوليّة النّاس جميعاً .
وأيضا الحوار في ظل الأوضاع الراهنة هو مطلب جماعي نابع عن إرادة لحياة كريمة وامن واستقرار للوطن وهناك اليوم من يتربَّص باليمن شرّاً، من أجهزة سياسيّة وإعلاميّة وفكريّة، وهذه تمتلك قوّة كبيرة في أساليبها، ينبغي على كلّ شرائح المجتمع أخذ الحيطة منها، وخصوصاً الشّباب الواعي الذي نعلق الآمال عليه. وقد يكون فكر أو طرح البعض من منطلق فهمه للإسلام مادّة تقَّدم في أساليب معيّنة، أو تثار مفاهيمه من خلال كلمات غير مسئولة ومدروسة، وهذا ما يتطلّب الحذر الشّديد تجاه كلّ ذلك ، فدين الإسلام جاء كغيره لبناء الإنسان والحياة، لذا فإنّ أمانة الانفتاح عليه وفهمه، تستوجبان وعياً وتحمّل مسؤوليّة واعتدال في الطرح وأراء والبعد عن الأفاق والرؤى الضيقة التي لا تنظر إلا إلى نفسها أو حزبها أو حتى معتقدها إننا عندما ندعو إلى أيّ حوار هو دعاء لتقبل الآخر برأيه وليس عليا أن اقتنع بما يطرح ولكن واجبنا في هذه الظروف أن نهيا أنفسنا لحوار مقبول لحل الأزمة وإخراج اليمن مماهي فيه، أنها مصلحة عامة يفترض أن تكون مطلب الجميع وكل من شارك في الحوار وان يتغلب على أي أثار أو مدخل لاستمرار الحال على ما هو عليه, فمعنى ذلك أنّنا ندفع مصير الوطن في هذا الاتجاه، ويجب أن نتحمّل مسؤوليّته في كلّ نتائجه أمام الله وأمام التّاريخ، مما يجعل القضيّة أهم قضية ولهذا فإنّني أعتقد أنّ علينا جميعاً أن نقف من موقع المسؤوليّة، وقفة هادئة عميقة، لنقارن ونوازن وندرس ونحلّل كل ما يقدّم إلينا من أراء وأفكار، لنختار الأصلح من بينها، و الأسلم لنا في كلّ خطوات المصير، لأنّه لا يكفي أن يعيش الإنسان المشكلة ليندفع وراء أي حل، لأن بعض الحلول المطروحة قد تطرح مشاكل جديدة أكثر ضخامةً من المشاكل القديمة، ما يجعلنا نعيش في دوامة مدى الحياة مثل النماذج التي تحدثت عنها سابقا . وفي نهاية الحوار، أرجو أن ينفتح المعنيين بهذا الحوار لأنهم ضمير هذا الوطن وهذه الأمة وان يدركوا أن الحوار الذي ينطلق من رجاله أو نساءه هو حوار يؤمل عليه الكثير .وكفى مناكفات فالوطن تعب.
في الأربعاء 20 مارس - آذار 2013 04:59:41 م