قصص وطرائف عشتها في المدارس !!
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: 11 سنة و 6 أشهر و 9 أيام
الأربعاء 08 مايو 2013 03:34 م

قبل أيام مر عيد المعلم وقد أقرت وزارة التربية والتعليم يوم الخميس إجازة للتربويين وهي من وجهة نظري استراحة محارب واجبة وكنت أتمنى أن تنتزع نقابة المعلمين أو المهن التعليمية مكاسب حقيقية للمعلم مثل زيادة في راتبه أو انتزاع امتيازات مستحقة للمعلمين وتحسين أوضاعهم ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه وبهذه المناسبة سأروي لكم بعض القصص والطرائف التي عشتها أثناء اقترابي من التعليم في المدارس أثناء زياراتي لبعض أصدقائي من المعلمين وأتذكر أنني قبل سنوات في إحدى زيارتي لقريتي النائية والمنزوية في أعماق ريف إب كانت زيارة المدرسة الجديدة في قريتنا تمثل هدفاً استراتيجيا بالنسبة لي وفي ظل حائط المدرسة القديمة والتي لا تبعد سوى عشرات أمتار عن المبنى الجديد جلست مع مدير المدرسة الذي كان ينفث دخان سيجارته ويشكو لي كعادته من نقص المدرسين وتأخر وصول المنهج الدراسي ثم ختم شكواه برجاء أن أساهم خلال فترة وجودي بالقرية في حل هذه المشكلة بتغطية بعض الحصص الشاغرة وخصوصاً في الصف السابع فوافقت على مضض محرجاً أخاك لا بطل .

وعندما اقتربت أدركت سر إغلاق المدير لباب الفصل السابع من الخارج فقد كانت معارك "داحس والغبراء" والتي تدور رحاها في الداخل حامية الوطيس وقد جذبتني هذه المفاجأة لخوض غمار التجربة واقتحام المعركة واختبار مهاراتي وقدراتي العلمية قويت قلبي حينها وتوكلت على الله وفتحت الباب ودخلت فلم يعرني أحد اهتماماً كانت الحرب متواصلة وعلى كل الجبهات البعض في النوافذ وآخرون يلتهمون الطعام و... و... الخ.

حاولت أن أضبط الفصل وأطفئ نيران الحرب المشتعلة وأفرض الهدوء ونجحت إلى حد كبير في ذلك حين أعلنت عن قصة غريبة وحكاية عجيبة سأرويها لهم ومسابقة هي عبارة عن أسئلة ذكاء وجوائز .

وعندما بدأت في سرد القصة رفع أحد الطلاب الجالسين في نهاية الصف يده وطلب مني أن أسمح له بإرسال أحد الطلاب للبقالة ليشتري له ماء وبيبسي وقد دهشت لهذا الطلب الغريب وسرعان ما اكتشفت أن هذا الطالب مع ثلاثة من زملائه كانوا " مفذحين " يمضغون القات بكمية ضئيلة وقد هالني الأمر وحينها أدركت سر هدوء هؤلاء الطلاب وشرودهم فقد كانوا في بداية الساعة السليمانية مطننين وعندما عاتبتهم على مضغ القات في الفصل رد علي أحدهم ببساطة وبرود : الدنيا صيف والقات موجود إيش فيها ؟!!

وأضاف : وبعدين إحنا لما نفذح سنركز معك في القصة .

بعدها أكملت الحصة برواية القصة وأمليت عليهم أسئلة ذكاء ووعدتهم بجوائز وخرجت وأنا أترحم على زماننا نحن حين كنا نرى المدرس ونرتعد خوفاً ونقف له تبجيلاً واحتراماً .

وذات مرة ذهبت إلى مدينة عمران وفي إحدى ضواحيها حيث كان لي زميل يعمل مدرسا في إحدى المدارس وأثناء زيارتي له طلب مني زيارة المدرسة وكان يريدني أن أخرج بصورة عن التعليم والوضع الذي وصل إليه لعلي أعود صنعاء وأكتب عن واقع التعليم لعل وعسى تتحرك الضمائر لإنقاذه وفي الفصل أخبر الطلاب أنني مدرس جديد لهم ودخلت الفصل فوجدته أشبه بسوق فيه القائم والقاعد والذين جلسوا في النوافذ والذين يأكلون والذين يتحدثون كأنهم في مجبر والذين يلعبون وقد حاولت أن أضبط الفصل أو أسيطر على الموقف ولكن دون جدوى فصرخت فيهم وقلت لهم معي لكم قصة عجيبة سأقصها عليكم وبعدها تسوقوا براحتكم وهنا نجحت حيلتي فنزل الذين كانوا في النوافذ وأجتمع شمل الفصل وسكت المتحدث وجلس الواقف وبدأت أروي لهم بأسلوب مشوق قصص ومواقف وأحداث من زمن الصحابة إلى أيامنا وأطعمها ببعض الطرائف والنوادر ومضت الحصة وهممت بالمغادرة فقفز منهم الأربعة الأكبر جسما فيهم وللباب وصاحوا : " يمين ما تدي نطة لوما يأذن ظهر يا الله كودنا لقينا مجبر حالي وقصص باهرات تقوم ترح لك " وهكذا قصصت لهم مكرها حتى أذان الظهر وبعدها وفوا بوعدهم وأطلقوا سراحي .!! 

 أنا لا أنكر أننا كنا أيام الدراسة أشقياء وأن أسعد لحظاتنا كانت حين يأذن لنا المدرس بالانصراف ويمضي من الفصل نتدافع على الخروج وكأن قنبلة ستنفجر في الصف ، كنا نخرج ننشد فرحاً ونركض كالمعتوهين ومع هذا كنا نحترم المدرس أو بالأصح نخافه ونهابه ونكتب الواجبات ولا نتأخر عن الطابور ونلتزم بالنظافة والنظام.

أما اليوم فقطاع التعليم بحاجة لثورة لرأسه ولوحده وأحسن المدرسين حظاً من يعود إلى منزله سليماً معافى وبلا إصابات وجراح !!