نزهة الحوزة !! وبورصة المزايدات !!
بقلم/ د.عبدالحي علي قاسم
نشر منذ: 10 سنوات و 3 أشهر و 29 يوماً
الخميس 17 يوليو-تموز 2014 06:08 م

يكفي مضاربة في بورصة الوطن، الوضع غير مستعد أن يتحمل مزايدات وطبول الخطر الحوثي حول صنعاء، الحوثي لا يمارس هواية التنزه في تخوم صنعاء، بل يحوم حول حزام صنعاء يترصد ثغراتها الأمنية كي يدخلها فاتحا ليعلن مملكته المتوكلية، بعد أن وضع لمساته الأخيرة في ترتيب جبهته الداخلية في تسهيل إسقاط عاصمة اليمن الجمهوري الموحد. للأسف أن الكل سلطة وقوى سياسية غير مستعدة أن تتفهم حجم الخطر، وإن تفهمت فهي مشغولة بمكايدات لن تجدي في تحقيق أي مكاسب حقيقية مع وجود غول الحوثي، وتعيش واقع دعة لا تستند لمعطيات حقيقية. الوضع ينهار بصورة متسارعة والحوثي يجد السير نحو صنعاء بطريقة قتالية متخفية، ويجيد سرعة التكتيكات الخاطفة، ويسلك منعطفات الطريق وتعرجاتها بمهارة الخرتيت الحاذق.

  المشكلة أن القوى السياسية لم تبدأ بعد مهمة الاستعداد لخوض غمار المهمة الوطنية في مواجهة الحوثي برؤية وآلية موحدة، وتتعامل مع الخطر الكارثي بنوع من الحذر فارغ المعنى والفعل، ولديها مناكفاتها ومحاذيرها من لعبة السلطة، التي تبدوا أخيرا أنها تتصرف بنوع من المغامرة الطائشة التي لا تعي جيدا أبعاد الخطر الحوثي الحالق للمواطنة والوطن.

  ضروان همدان جبل الضين التخوم الشمالية للعاصمة الجراف حزيز بني مطر بني حشيش، والقائمة مفتوحة لجيوب نائمة سوف تستيقظ مع أول قذيفة يسددها الحوزة نحو مطار صنعاء، حينها سوف تكون لطيمة الوطن كبيرة ومؤلمة، المشكل أن بعض مراهقين السياسة لم يستوعبوا أن الحوثي يسكب الدماء لثمن كبير وغاية كبيرة هي الحكم الحصري، والحكم الثيوقراطي من صنعاء، وتقف توقعاتهم عند حدود مكاسب تكتيكية تسعى الحركة الحوثية لتحقيقها أو التأثير في المعادلة السياسية من خلالها، أو كما تصور "داحش الحوثية" كاذبة بأن كل معركتها فقط لتخليص الشعب من مهكلة الإصلاح وآفته الطامة، والتكفيريين الإرهابيين، ونسيت أنها تمارس صنوف من الإرهاب لم يعرفها تاريخ ممكلة سبأ، فهي تقتل البشر بدون حق أو رادع من رحمة إنسانية أو دينية، وتصفي خصوماتها بالكلاشنكوف، وتفجر البيوت، وتنهب الممتلكات، وتدمر المساجد ودور القرآن لمجرد اسم صحابي نقش عليها، عدا عن جريمة نهب ممتلكات الدولة الإستراتيجية دبابات، قاذفات، عربات جند، أطقم مع رشاشات ثقيلة، ثم تقدم بعد ذلك دروس مقرفة في الوطنية، والنزاهة، والحرب على مراكز الفساد التقليدية. أفبعد كل هذا المنكر والخطر الحوثي نقف رهن التخندقات والمضاربات السياسية؟ أو نستسلم لهواجس شيطانية تملي علينا مخاوف بعضنا ونهم إقصاء ولو كان ثمنه وصول الحشاشين تخوم العاصمة لاحتلالها؟

  ربما أن القوى السياسية غافلة وغير متيقنة بأن الحوثي يعكف على قوائم توزيع المغانم السلطوية ما بعد سلطة الرئيس هادي، والتنافس على أشده بين البيوتات التابعة للحوثي حول نصيبها من كعكة الدولة الإمامية القادمة، والاجتهادات قائمة على قدم وساق حول استحداثات ومسميات وظيفية تتلاءم ووجه الحكم الجديد للبلاد.

  غير مقبول سيادة الرئيس هادي والقوى السياسية الثورية أن تستسلموا لنزوات الشك والخلاف، فالوطن سوف يكون الضحية، وقربان أي خلاف كبير بين القوى الثورية لن يكون سوى الجمهورية، ووحدة البلد، وأمنها، وحياة أبنائها، سيادة الرئيس ألا تعلم بأن الضبع الوديع الحوثي يحفز كتائب الموت ويعبئها ويشحن طاقاتها القتالية ليس فقط كما يزعم باسترجاع مظلمة آل البيت، بل يمني أتباعه بتوزيع مغنم البلد عليهم بسخاء حالما وصلت طلائع مليشياته صنعاء وإحكام قبضته على البلاد.

  أخيرا أتمنى أن تعي القيادة السياسية والقوى السياسية الثورية من حولها مهلكة أي تراجع أو فتور أو تقاعس، أو الذهاب لتحالفات عبثية في مواجهة المد الحوثي، الوضع ملغوم بصورة لن تسعف قيادتكم في تجاوزها بأي تقاربات خارج القوى الثورية ونضالاتها الوطنية الصادقة، ولن تستعيضوا سوى بمسكنات لن تغني كثيرا في وصول الحوزة صنعاء فكونوا على حذر.