أخطر اعترافات لأشهر ضابط مخابرات يمني
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 13 سنة و 9 أشهر و 23 يوماً
الإثنين 24 يناير-كانون الثاني 2011 08:36 م
 
 

• تعرفت على أسرة من الكويت تسكن في الخالدية وتزوجت من إحدى بناتها

• نجحت المخابرات العراقية في استقطاب كويتي لتنصيبه رئيساً لـ«جمهورية الكويت»

• لي عدد من الأبناء في الكويت ولديهم الجنسية الكويتية والأم طبيبة عملت في اليمن وفقدت أثرها

• الشمري خضع للترهيب فهرب من العراق إلى سورية وسلم نفسه للسلطات الكويتية

لم يكن أحد يعلم أن ذلك الطفل أحمد بن معيلي الذي لم يكن يتجاوز عمره ثلاثة عشر عاما، وهو يغذ السير على الأقدام في صحراء الربع الخالي، هربا من قضية ثأر، ليصل إلى المملكة العربية السعودية، ثم يعود الى اليمن، لم يكن احد ليتكهن بأنه سيصبح في يوم من الأيام أحد أشهر رجال المخابرات والجاسوسية في الجزيرة العربية، ويتبوأ مناصب قيادية في مجال المخابرات، أوصلته إلى رتبة عميد، وتتيح له الفرص ليزور أكثر من خمسين بلدا في العالم ويلتقي بعدد من زعمائها.

«الدار» تفتح صفحات مطوية من تاريخ الجاسوسية في المنطقة العربية، وتسلط الضوء على عدد من الأحداث والتفاصيل المهمة، تنشر لأول مرة عبر سلسلة من الحلقات.

*** من هو أحمد بن معيلي؟

هو أحمد بن معيلي اليمني الأصل والمنبت، والسعودي النشأة والتربية ..أخذ تعليمه في المملكة العربية السعودية، وألتحق بمباحث أمن الدولة السعودية، وتسلق في سلم الأمن وظيفيا ليصل إلى رتبة عقيد في المخابرات السعودية، حاصل على شهادة الماجستير في العلوم الأمنية والعسكرية والتكتيك الجنائي، وخريج الكلية الأمنية في الرياض، حاصل على الماجستير في الكشف عن الجريمة بالوسائل العلمية الحديثة من جمهورية مصر العربية، وحاصل على شهادة ليسانس شريعة وقانون.

شارك في العديد من الدورات التدريبية في العديد من الدول الأجنبية وفي مقدمتها ألمانيا والولايات المتحدة الأميركية ومصر والأردن والرياض. وزار أكثر من خمسين دولة في العالم . رشح نفسه للانتخابات الرئاسية في اليمن في عام 2006، بهدف لفت نظر رئيس الجمهورية اليمني كما يقول عن نفسه، أنه معتقل في سجن المخابرات اليمنية.

* صدام يطلب إرساله إلى بغداد

كانت خبرة أكثر من ثلاثين عاما في مجال المخابرات والأمن الداخلي في المملكة العربية السعودية، إضافة إلى علاقة واسعة وخبرة دولية في مناطق عديدة من بلدان العالم العربي كضابط أمن خارجي أصلا، كفيلة بأن يسيل لعاب المخابرات العراقية أمام أي شخص بمثل هذه الخبرة التراكمية في هذا المجال، ناهيك عن كون الشخص هو يمني يعمل في أروقة أجهزة المخابرات اليمنية (الأمن السياسي) كخبير، وفي ظل تقارب كبير بين القيادتين اليمنية والعراقية.

يقول العميد أحمد بن معيلي متحدثا لـ«الدار»، ان صدام حسين اتصل بالرئيس اليمني علي عبد الله صالح، وطلب منه إيفاده للعمل في العراق للاستفاده من خبراته وعلاقاته.

الوفد الرفيع من قيادة جهاز المخابرات اليمني الذي وصل إلى المنزل الفخم المحاط بالحراسة، منزل العميد بن معيلي (صودر منه لاحقا)، يكشف عن موافقة يمنية ورغبة في تقديم خدمة خاصة لصدام، خاصة أن العراقيين وجدوا ما يصبون اليه في اليمن، في حين وجدت صنعاء شيئا ما تقدمه لبغداد، فكانت تشعر أنها تقدم رجلا يملك خبرة وكفاءة وقدرة عالية.

وكشف بن معيلي عن قائمة المسؤولين الذين قاموا بزيارته في تلك الليلة (تحتفظ «الدار» بأسمائهم). وطلبوا منه رسميا أن يشد رحاله إلى مهمة جديدة ستكون بغداد مهبطا لفصولها، وهي مهمة ظاهرها تلبية الدعوة العراقية الرفيعة، إضافة إلى أهداف خاصة تتعلق بالجانب اليمني، رفض بن معيلي أن يخوض في تفاصيلها.

تشويه صورة الكويت

يروي عميد المخابرات اليمني لـ«الدار» تفاصيل عمله في بغداد، حيث يقول «مكثت في العراق أربع سنوات وأربعة أشهر عملت فيها محررا ومراجعا ومذيعا في أذاعه المدينة المنورة وإذاعة أحرار الجزيرة»، وهما إذاعتان وهميتان كانت تنطلق من نفس إذاعة بغداد، وتبث إرسالها من على مرسلات الإذاعة.

وكشف ان هدف العراقيين كان في تلك المرحلة تنفيذ مهام استخباراتية عن طريق العمل الإعلامي، وهو تشويه صورة الأسرة الحاكمة في كل من الكويت والسعودية تحديدا.

ويضيف «كنا نقوم بتجميع مجاميع من الفتيات السودانيات والتونسيات والمغربيات على اساس أنهن من «البدون»، أو عاملات في القصور الأميرية. وكنا نقوم بتزويدهن بمعلومات من داخل قصور الأمراء تتمثل في أسماء زوجات وبنات وأبناء الأمراء والأسرة الحاكمة، ثم نقوم بعمليات دبلجة كأننا في أحد المطارات على أساس أنهن مرحلات ومضروبات ومهانات وبدون أي مستحقات مالية، كرواتب أو ما شابهها.

ويضيف «كانت تتم كل تلك العمليات في بغداد حيث كنا نقوم بعمليات دبلجة ونقوم بتمثيل أدوار كأننا في أحد شوارع الكويت أو شوارع الرياض، لأن السعودية كانت مستهدفة أيضا في سياق هذه الحملة، ثم نقوم بلقاءات صحفية معهن مصحوبة بالبكاء والعويل.

و كنا نوحي للمستمع بصراخ وبكاء تلك الفتيات على أنهن مضروبات ومهانات ويبحثن عن يد الرحمة والشفقة من عنف وتنكيل تلك الأسر.

وكنا نقوم بمنحهن بعض المبالغ المالية مقابل تلك الأدوار القصيرة، التي ربما بعضهن لم يكن يعرفن من هي الأسماء التي كن يرددنها أو القصور والأماكن التي زعمن أنهن كن يعملن فيها.

استغلال «البدون»

أما البدون فكنا نخضعهم لعمليات تضليل على أننا من إذاعات داخل الكويت، وندعي أننا أحيانا من إذاعة الشباب وأحيانا من تلفزيون الكويت، وكنا تقوم بتسجيل حلقات معهم حول الأسرة الحاكمة، بهدف أن نحصل على أي كلمة تنال من الاسرة الحاكمة، إضافة إلى أننا كنا دائما نخضع تلك اللقاءات إلى الدبلجة والحذف والإضافة إلى آخره.

ويضف العميد بن معيلي من منزله المتواضع في العاصمة صنعاء «أن الهدف من كل تلك التحركات الإعلامية هو تشويه الأسرة الحاكمة في كل من الرياض والكويت، وكان معنا مخرج يدعى ياسر الياسري، وكان يعمل في الكويت في حينها، وكان معنا أيضا مظفر سلمان الطائي وعز الدين طابو وكان ممثلا ومذيعا، وكلهم عراقيون.

الزواج من كويتية

يضيف العميد أحمد بن معيلي، أنه وخلال بقائه في العراق وبحكم عمله الذي كان يقتضي الوصول إلى عمق الأراضي الكويتية القريبة من الحدود العراقية، تعرف على اسرة من الكويت وتزوج بشابة من بناتها. وقال انهم يسكنون في منطقة الخالدية وله حاليا منها عدد من الأبناء في الكويت ولديهم الجنسية الكويتية، وعملت طبيبة في اليمن واختفت نهائيا في اليمن، ولا يعلم عنها أحد سوى المخابرات في اليمن (تفاصيل ذلك في الحلقات القادمة).

ويمضى رجل المخابرات في حديثه قائلا: انه دخل العراق للعمل كضابط مخابرات، نافيا في الوقت ذاته وجود أي أعضاء أو عملاء كويتيين شاركوهم في عملهم ذلك سوى شخص كويتي على أساس أنه الرئيس القادم لدولة الكويت.

رئيس جمهورية الكويت!

وقال «نجحت المخابرات العراقية في استقطاب شخص كويتي للعمل معها، لكنه خضع في وقت لاحق للترهيب، وقاموا بتنصيبه على أنه الرئيس القادم للشعب الكويتي، وهو شخص يسمى الشمري. انه شخص صوري، وهو أحد أبناء البادية من قبيلة شمرمن آل جربة، وتم الضغط ليوافق أن يكون في هذه المهمة ليكون أول رئيس لجمهورية الكويت، ولكنه هرب من العراق إلى سورية ومن هناك قام بتسليم نفسه للسلطات الكويتية». وارجع سبب تسليم نفسه لقناعته الشخصية بذلك، خاصة أنه كان تحت الضغط والتهديد من جانب المخابرات العراقية، حيث يؤكد أنه وضع تحت خيارين «اما أن يقتل أو يوافق».