أضرار السيول في عدن
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 14 سنة و 8 أشهر و 12 يوماً
السبت 06 مارس - آذار 2010 06:42 م

عدن- مأرب برس- استطلاع وتصوير/ شذى العليمي:

منذ منتصف ليل أمس الأول الجمعة وحتى صباح أمس السبت, شهدت مدينة عدن أمطاراً غزيرة تسببت في قطع الطرقات وتعطيل الحياة العامة؛ نتيجة عدم وجود منافذ لتصريفها, كما أدت إلى انهيار كامل لسوق السيلة الشعبي في مدينة كريتر، حيث جرفت السيول المتدفقة عشرات الأكشاك المنتشرة في السوق ما أدى إلى خسائر مادية فادحة لم تصدر عنها أي إحصائية رسمية حتى الآن.

سوق السيلة تعرض لآثار كارثية, وتكبد الكثير من البائعين خسائر فادحة, استعرضوا معاناتهم في هذا التحقيق الذي أجراه "مأرب برس" لتلمس حجم الضرر وإيصال صوت المعاناة إلى الجهات المختصة التي شكا منها البائعون كثيرا.

ذهب كل شيء

كان "أياد محمد حيدر" يبيع جلابياته في سوق السائلة, وفجأة "ذهب كل شيء", فبضاعته ابتلت داخل الكراتين وخارجها, واختلطت ألوانها, ولم تعد صالحة للبيع, ويقدر خسارته بـ"مليون ومأتي ألف ريالا".

المكان الذي يبيع به حيدر "ليس صالح من أساسه" أن يكون للبيع, "فالسيلة هي أساسا تعني مجرى للسيل", وما يؤلمه كثيرا أن "كل هذه البضاعة دين والتجار الذي نتعامل معهم يطالبوننا بالفلوس ونحن من أين لنا؟", يبدي خوفه أن يكون مصيره "السجن".

صندوق النظافة يحصّل يوميا 40 ألف ريالا

الحاج "الخادم محمد", شكا, دامع العين, همّه وقلّة حيلته. لديه بسطة للملابس الرجالية وكشك جلابيات, لكن "للأسف كل ما أملكه راح", وولداه "صلاح وعبد الفتاح" اللذان كانا يتنقلان معه ما زالا حائرين "ما الذي سنفعله؟".

الحاج محمد يقول إن صندوق النظافة بالمحافظة هو المسئول عليهم, إذ "يأخذ كل يوم 200 ريالا من أصحاب البسطات و500 ريال من أصحاب الأكشاك", إلا أن صندوق النظافة "لم يسأل علينا", في حين أن الصندوق يحصل منهم جميعا 30- 40 ألف ريالا في اليوم الواحد, "طيب أقل شيء يرجعوا حقنا الفلوس ما عاد نشتي تعويض", لكنهم "اكتفوا بالقول: سيل وخلاص".

حضرت السرقة وسط الكارثة

بعد أن تدفقت السيول صارت بضاعة "عادل محمد" مكشوفة على الأرض, وتعرضت لـ"عملية سطو وسرقة", وأغلب الذين سرقوها من "الأخدام (المهمشون)", في حين أن آخرين ساعدوا محمد بسياراتهم على نقل بضاعته.

أثناء عملية السرقة, اتصل محم بـ"199" وطلب الحماية, إلا أنه "لم يأت أحد, وحصل ما حصل, ومن المؤسف أن البضاعة المسروقة بيعت في اليوم التالي لنا ولغيرنا".

"افترشنا المكان غصبا عنا"

أثناء هطول المطر, كما يروي عبد الدائم سعيد "انفجر عمود كهربائي وحصل التماس كهربائي في الساعة الواحدة ليل الجمعة/ السبت, واستمر المطر حتى الثامنة صباحا".

يقول سعيد "المكان هذا ليس صالحا للبيع, وأول من أجبرنا أن نفترشه هو أحمد الكحلاني (محافظ عدن السابق) وخالد وهبي (مدير مديرية صيرة) غصبا عنا", مع أن وهبي قال لهم "أنا أضمن لكم 4 سنين خالية من المطر", كما أنه "التزم بتعويضنا في حال حدث شيء", لكنه "للأسف لم يحرك ساكنا".

"أين صندوق النظافة؟"

ويقول يوسف المقطري إنه تم صرف ميزانية لإصلاح سوق السيلة "في حين أن الذي أصلح لم يكن ليتجاوز النصف", ويتساءل بعد الكارثة: "أين ذهبت بقية الميزانية؟", علما أن "صندوق النظافة عندما كان يجيء يوميا لأخذ الفلوس منا كان يهددنا بالأطقم العسكرية إذا لم نعطه", والآن "أين صندوق النظافة, ليش ما يوقفوا معنا في محنتنا؟".

قوة السيل كانت أكبر

من شدة الصدمة, كان الحاج علي الدبعي مستلق على ركام بضاعته التي لم يتبقَّ منها شيء, يقول أحد العاملين "الحاج علي الدبعي أصيب عندما كان يحاول رفع بضاعته خوفا عليها, لكنه لم يتمكن من ذلك, كانت قوة السيل أكبر. نعم خسر كل شيء", ولكن "من سينصفه؟".

 

المفتاح كان مع البلدية

سبب هذه النكبة, كما يحكي بلال محمد منصور, أن هناك مجريين كبيرين- الصورة أسفل- مغلقين بباب من الشبك مفتاحه مع البلدية, هذان المجريان تتجمع فيهما المياه التي تأتي من كافة نواحي مدينة عدن لتصب في السيلة. تراكمت الأكياس والكراتين عليه وتجمع الماء بشكل كبير, ولم يتحمل الباب قوة الماء فانكسر واندفعت المياه المتراكمة بقوة لتجرف كل شيء. يضيف منصور "لو لم يكن المفتاح مع البلدية لما حصل الذي حصل وأساسا هذا المكان ليس صالحا للبيع لكننا غُصبنا عليه من مسئولين كبار".

الخسائر الأولية.. أكثر من 3 ملايين

خسر كامل عبد الرقيب بسطتين بـ"1.600.000", وتكبد "علي" بسطة ألعاب بـ"350.000" ريالا, وفقد "محمد أحمد" بسطة ملابس بـ"700.000", وذهبت على "رضوان" بقالة بكاملها, في حين خسر "فؤاد كلابش" محلين متقابلين, بـ"15.000.000", والقائمة تطول. الأرقام كلها بالريال اليمني.

طالب المنكوبون السلطة المحلية بتشكيل لجنة للنزول وتقدير الأضرار, وتعويض المتضررين, "وإذا لم يفعلوا ذلك على الأقل يرجعوا لنا حقنا الـ200 والـ500 ريال اللي كنا نفعها لهم كل يوم".

بند الكوارث بـ60 مليون سنويا

وفي محافظة عدن, بند خاص بـ"الكوارث" ميزانيته السنوية 60 مليون ريالا, لكن أم الخير الصاعدي حريصة على ألا تبدده في الأشهر الأولى من العام, فهي والمحافظ الدكتور عدنان الجفري والأمين العام للمجلس المحلي عبد الكريم شائف سيكلفون رئيس دائرة الشئون الاجتماعية في كل مديرية إضافة إلى تشكيل لجنة من المجلس المحلي لكل مديرية "بالنزول لتقصي الحقائق, وكتابة تقرير عن كل ما حدث مدعم بالصور ورفعها للمجلس المحلي للمحافظة".

التعويض بـ50% فقط

الصاعدي, وهي عضو مجلس محلي للمحافظة, ورئيسة دائرة الشئون الاجتماعية فيه, أكدت مسألة التعويضات للمتضررين, "بنسبة 50%", فقط. كما أنها قامت بالنزول إلى سوق السيلة, وتفقدت حجم الأضرار, واجتمعت بمدير مديرية صيرة خالد وهبي, وطلبت بتكليف لجنة للنزول في أقرب وقت ورفع تقرير عن الأضرار؛ ليتم مناقشتها في اجتماع محلي المحافظة الثلاثاء القادم.

تدارس حجم الكوارث

عوض مبجر- الأمين العام للمجلس المحلي في صيرة, هو الآخر أكد أن محلي صيرة سيجتمع غدا الأحد بدعوة منه؛ لتدارس حجم الكارثة التي حدثت, وتقدير الخسائر.

واعترف مبجر أن المسئولية مشتركة بين السلطة المحلية بالمديرية والبائعين أنفسهم, "فنحن أخطأنا حين سمحنا لهم بالبيع في تلك الأماكن, وهم اخطئوا حين تجمعوا وبكثرة في أماكن يعرفون أنها تشكل خطرا كبيرا, ولو استمر هطول الأمطار بشكل أكبر من الذي حدث لكانت كارثة إنسانية". وحين فاجأهم المطر ليلا, يضيف مبجر, لم يكن لنا الاستطاعة في التحرك وعمل أي شيء.

غدا الأحد, والأسبوع الحالي سيشهدان اجتماعات عاجلة للمجالس المحلية في المديريات المتضررة إضافة إلى اجتماع محلي المحافظة, لكن المتضررين يسألون عن جدوى التعويض, خصوصا وأنهم أجبروا في المكان الذي تعرضوا فيه لما أسموه بـ"النكبة", في سوق السيلة بأمر من مدير صيرة خالد وهبي, وحين حاول "مأرب برس" الاتصال بالأخير ظل رنين هاتفه دون رد, قبل أن يقفله بشكل نهائي.

وغير ضرر السيول في سوق السلة, كانت شوارع مدينة عدن قد امتلأت بمياه الأمطار التي لم تستطع أن تجد منفذا للبحر الذي يحيط بها, وهو ما كشف عن هشاشة في تخطيط الشوارع وتصريف المياه, في المدينة المدنية والتي توصف بأنها "المجتمع الذي لا يتكرر" في اليمن.