احذروا الصفقة الثانية
بقلم/ ريما الشامي
نشر منذ: 16 سنة و شهرين و 25 يوماً
الجمعة 22 أغسطس-آب 2008 08:48 م
 

مأرب برس – خاص

قبل وبعد صفقة التعديلات الانتخابية الهامشية التي أفشلتها كتلة السلطة في البرلمان مؤخرا لن يكون أمام أحزاب المعارضة في مشهد الانتخابات القادمة غير خيارين اثنين هما :

1/ اما المشاركة الروتينية الاعتيادية في انتخابات مزورة سلفا كشاهد زور تمنح الحاكم بحضورها شهادة شرعيته وديمقراطيته أمام الشعب و المانحين والمجتمع الدولي.

2/ الخيار الثاني وهو ان تقف في صف الشعب و ترفض المعارضة هذه المرة التزوير وأن تخرج عن دورها النمطي كمحلل للسلطة في كل دورة انتخابية.

لقد ظلت تدور حوارات وتواصلات سرية وعلنية بين المعارضة والسلطة طيلة الفترة الماضية وكان هدف المعارضة هو أن تصل الى الحد الأدنى من اصلاحات حقيقية في المنظومة الانتخابية من أجل تهيئة بيئة مناسبة لاجراء انتخابات عادلة ونزيهة لا تزور فيها ارادة الشعب لكن المعارضة كانت تعلم يقينا أن حواراتها عبثية مع السلطة ولن تفضي الى شئ مطلقا لأنها تعلم يقينا أن السلطة لا يمكن ان تتنازل عن المنظومة الانتخابية المختلة و أليات التزوير التي تمنحها تشريع بقائها في الحكم وكان أخر ماتوصلت اليه السلطة مع المعارضة هي تعديلات طفيفة هامشية على قانون الانتخابات لا تلبي أدنى الشروط المطلوبة لاصلاح الأوضاع المختلة للمنظومة الانتخابية التي تصادر ارادة الشعب وتحسم الانتخابات بالتزوير كل مرة لصالح إعادة إنتاج الفساد وتشريع الاستبداد ومع ذلك فقد قامت السلطة بإفشال تلك التعديلات الهامشية التي كانت نتاجا لمحصلة جولات طويلة من الحوارات والتواصلات وتأتي خطوة السلطة في افشال مشروع التعديلات الانتخابية في البرلمان كخطوة تكتيكية في اطار سياسة الأزمات التي تتبعها في إدارة البلد وخصوصا في ظروف الاستحقاقات الانتخابية فالسلطة من خلال هذه الخطوة ترمي الى تعقيد الأزمة الوطنية حتى تصل الأمور الى درجة متقدمة من التصعيد وكل ذلك بهدف الضغط على المعارضة من أجل تخفيض سقف مطالبها باصلاحات حقيقية على المنظومة الانتخابية حتى اذا ما نضجت الأزمة واختمرت ووصلت الى الدرجة المطلوبة من التعقيد تبدأ حينها ما يسمى أساليب الحلحلة وايجاد مخارج للأزمة بأي طريقة تحت ظروف ضغط الأمر الواقع ويكون المخرج المعتاد هو صفقة بأي شكل كان يدفع ثمنها الشعب على حساب تزوير ارادته ومضاعفة معاناته و تشريع الفساد والاستبداد حاكما عليه وبطريقة ديمقراطية أقرتها المعارضة وشاركت فيها.

أحزاب اللقاء المشترك تؤكد دائما أنها على وعي كامل وإدراك شامل بسياسات الأزمات التي تصنعها السلطة وتدير بها البلد خاصة في مراحل الاستحقاقات الهامة واليوم الحاجة الوطنية تفرض على أحزاب المشترك ان لا تكرر نفس أخطائها وأن لا تستجيب لسياسة الأزمات التي تصنعها السلطة والتي ستفضي حتما الى صفقة سيدفع ثمن تكلفتها هذا الشعب الذي لم تعد معاناته والامه تحتمل مزيد صفقات، والمعارضة اليوم تضع نفسها على المحك العملي لتقف الى جانب شعبها و تستفيد من كل تجاربها مع السلطة التي لا تحترم دستورا ولا قانون و نكثت بكل الاتفاقيات الموقعة

ان ما يجري في البلد اليوم بعد خطوة إفشال تعديلات قانون الانتخابات إنما هو جزءا أصيلا من سياسة الأزمة بغية تهيئة البلد الى صفقة أفضل توفر للسلطة شروط مناسبة لممارسة التزوير وحسم الانتخابات بطرق أكثر ضمانا والمراهنة هنا هي على أحزاب المعارضة وطريقة استجابتها لسياسة الأزمة التي تديرها السلطة وعلى ضوء ما ستنتهجه أحزاب المعارضة سيتحدد موقفها ان كانت ستنجر الى صفقة ثانية أم أنها ستختار طريقا أخر.

 ان المعارضة مدعوة اليوم الى الاستفادة من أخطاء الصفقة الأولى التي كانت تنازلت بموجبها عن جملة مطالب وطنية عادلة باصلاحات حقيقية وجوهرية على المنظومة الانتخابية مقابل لاشئ سوى أنها منحت السلطة فرصة للمساومة على حريات المعتقلين السياسيين ، ولا ندري ما الحكمة من تلك الصفقة هل هي مكافأة للسلطة وتشجيع لها كي ترتكب ممارسات غير دستورية و تعتقل الناس خارج القانون وتحاكمهم سياسيا ثم تفاوض بهم أحزاب المعارضة وتقايضهم بها مقابل الدخول كمحلل و شاهد زور في انتخابات مزورة سلفا.

ومع كل الذي حدث فان الكرة لا زالت في ملعب المشترك فالسلطة حسنا فعلت عندما أوقفت الصفقة الأولى وتهيأت الفرصة الأن للمعارضة كي تتخذ موقفا وطنيا واعيا وواضحا لا يقبل بأقل من اصلاحات حقيقية جادة على المنظومة الانتخابية توفر ضمانات فعلية وعملية تكسر أليات التزوير وتعيد لناس ثقتهم في العملية الانتخابية كأداة للإصلاح والتغيير .

ان الخطورة في هذه المرحلة تكمن في طريقة تفاعل المعارضة واستجابتها لسياسة السلطة التي تصعد الأزمة حاليا وتدفع بمجموعة من عوامل الاختمار والتعقيد بغية الضغط على المعارضة واجبارها على الاستجابة لصفقة مذلة هي حتما ستكون أسوأ من سابقتها التي أفشلتهاا كتلة الحاكم في البرلمان وفي حالة أن وصلت الأمور الى صفقة فأن على المعارضة حينها أن تدخل انتخابات مزورة كالعادة ولن يكون الفارق الا في درجة ونوعية التزوير الذي يتضاعف كل دورة انتخابية هذا بالاضافة الى أن المعارضة على معرفة تامة وادراك كامل برغبة السلطة وقدرتها على حصر تمثيل أحزاب المشترك مجتمعة في البرلمان القادم وجعل وجودها وتمثيلها رمزيا لا يتعدى 20 عضوا على الأكثر وهذا الحال سيعني المزيد من الاحباط واليأس الشعبي من جدوى الديمقراطية وفقدان الثقة بأحزاب المعارضة وانتحارا لها بنفس الوقت وعودة البلد الى الاستبداد السافر الذي ستتحمل وزره أحزاب معارضة شرعت بمشاركتها سلطة الحكم الفردي الأسري المستبد وفساده قدرا ومصيرا وحاكما أبديا على الشعب وقدمت شهادة ديمقراطيته للمجتمع الدولي

ان الخيار الأمثل والمتاح أمام المعارضة في هذه الحالة التي وصلت فيها البلد الى الانهيار الشامل على كافة مستويات الحياة هو عدم منح الاستبداد فرصة أن يعيد انتاج فساده وتشريع نفسه لفترة قادمة وللمعارضة عدة امكانيات وبدائل تستطيع بواسطتها ان ترفض التزوير وتفضح الياته التي يغتصب بواسطتها ارادة الناس طوال الدورات الانتخابية الماضية

سيكون على المعارضة أن تقف في صف شعبها وتدشن برنامج نضالها السلمي من اوساط الناس وأن تفعل أنشطتها وجهودها من خلالهم وعند ذلك سيكون الطريق مفتوحا لانتزاع الحقوق والحريات ووضع حدا للتزوير واعتصاب الارادة الشعبية كلما جاءت دورة انتخابية اما سياسة الصفقات الفوقية مع الحاكم فهي لم تورث البلد الا هذا الحال البائس الذي يعيشه وطننا والخسران المبين لمعارضة لا تضع وزنا وقيمة للناس االذين تقول انها تعمل لأجلهم.