في مدارس الحوثيين.. التعليم يتحول إلى أداة لترسيخ الولاء بالقوة الأمم المتحدة تتحدث عن توقف وصول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة فيتو روسي صادم في الأمم المتحدة يشعل غضب الغرب الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين المحكمة الجزائية في عدن تصدر حكمها النهائي في المتهمين بتفجارات القائد جواس شهادات مروعة لمعتقلين أفرجت عنهم المليشيات أخيراً وزارة الرياضة التابعة للحوثيين تهدد الأندية.. واتهامات بالتنسيق لتجميد الكرة اليمنية أحمد عايض: ناطقا رسميا باسم مؤتمر مأرب الجامع تفاصيل لقاء وزير الداخلية بالقائم بأعمال السفارة الأمريكية في اليمن
" منذ بدأ الحوثي حركته بحث عن "مدرسة" لتحويلها إلى سكن أو ثكنة؛ عندنا نماذج عديدة في حجة، أي مدرسة كانوا يستطيعون الاستحواذ عليها يحولونها إلى (ثكنة) .. كان ذلك الخيار الأول بالنسبة لهم".. شهادة (م م ز) وهو أحد تربويي حجة؛ والذي عايش توغل الحوثيين فيها وتمددهم إليها نهاية العقد الأول من القرن الحالي، تختصر طبيعة وطريقة تعامل الحوثيين مع المبنى المدرسي أو كما يصفها "منارات العلم ومراكز المعرفة"، تبدأ الـ"مسيرة" الحوثية باقتحام أبنية المدرسة؛ يكسرون الأبواب ويتسلقون الجدران يقول عنتر الذيفاني القيادي التربوي والنقابي ومدير مكتب التربية والتعليم في محافظة عمران غير البعيدة عن هجمات الحوثيين واحتلالهم للمدارس واستيطان بنيانها؛ وخلال ذلك؛ نهب محتوياتها.. ليس هذا سوى الشكل الأبسط والأقل خطورة في جريمة الحوثيين والتي تهدد الهوية حسب الذيفاني، الذي فجر الحوثيون منزله بسبب معارضته لأفكارهم وممارساتهم.. (مسيرة) يعرفها أبناء المحافظات التي مر منها الحوثيون وتتكرر مشاهد احتلال المدرسة في المناطق التي يصلونها وتقع في بالقرب من المواجهات والجبهات أو تشكل إضافة عسكرية وأمنية لهم"، وفي هذا التقرير تتبع لطبيعة النظرة وطريقة التعامل الحوثي مع المدرسة اليمنية واحتلالهم لها، ففي الطريق إلى العاصمة صنعاء العام 2014م كانت المليشيات تمر بمحافظة عمران لتحل بها (الكارثة)، وتستقر في أرجاء 14 مدرسة؛ دمرت المليشيات تلك المدارس تدميرا كليا أو جزئيا خلال مسارها ومسيرها فقط نحو صنعاء، أغلب المدارس في مديريات (مدينة عمران)، (العشة)، (حوث) (ثلا)، و(عيال سريح)، يعود الذيفاني ليحرر المسألة بشيء من التفصيل "بالنسبة لتعامل الحوثيين مع المدارس فهو على نوعين الأول المدارس القريبة من الجبهات فتستخدمها استخداما عسكريا؛ تحولها إلى (مؤخرات وثكنات عسكرية وأماكن للإمداد)، والنوع الثاني المدارس البعيدة عن مناطق الحرب والجبهات مثل مدارس عمران وصنعاء يحولها الحوثيون إلى مدارس طائفية لنشر أفكارهم".
(خارطة) الكارثة
تحولت مدارس في مديريات عديدة من محافظات صعدة وعمران وصنعاء وحجة والجوف ومأرب والحديدة وتعز وإب والضالع في محيط جبهات قتال الحوثيين ضد القوات الشرعية إلى ما يشبه الثكنات العسكرية، يعني ذلك إضرارا بالأعيان المدنية المرتبطة بحق أساسي من حقوق الإنسان وهو الحق في التعليم ومستتبعاته من الحقوق وهو ما يؤكده المسشار القانوني محمد ناجي علاو، يضيف بأن "هذه الجريمة تمهد لأضرار فادحة بالمدنيين وحقوقهم وقد تصل لجريمة حرب".. انتشرت خلال فترة الحرب الممتدة على أكثر من سبع سنوات أنواع شتى من الانتهاكات الناجمة عن هذه الجريمة، فأولاً يحرم الطلاب والطالبات من مدارسهم ويتم تهديد والإضرار بمستقبلهم التعليمي، وثانيا يستهدف ذات المبنى وكيانه ويكون المبنى المدرسي على حالته الأولى في عديد الحالات الصورة الأخيرة في عيون طلابه ومدرسيه ومجتمعه المحلي ويأتي الاستهداف بالتفجير أو القصف حال الانهزام منه نكاية بالشرعية، وتشويها للتحالف المساند لها فيغدو أطلالاً، وثالثاً والأشد والأشنع هو تفخيخ محيطه ما يلحق الضرر بالعائدين إليه أو إلى أطلاله بعد الحرب، ورابعا التسبب في قصفه بتحريك القطع العسكرية وقطعان المحاربين من هو وفي محيطه، في توثيقه لانتهاكات حقوق الأطفال بتقرير (أطفال اليمن حلم ضائع ومستقبل مجهول) يورد التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان شهادة عيان دالة من عاصمة محافظة الجوف فتأتي على هذا النحو الفاضح: "اقتحم مسلحون حوثيون مدرسة أم المؤمنين عائشة إحدى مدارس البنات في مديرية الحزم قبل (5) أعوام، وما زالت حتى اللحظة حيث حولتها مليشيات الحوثي وصالح إلى ثكنة عسكرية ونصبوا بجوارها نقطة أمنية مستغلين موقعها الاستراتيجي الذي اختاره الأهالي لبناتهم الطالبات بعيدا عن زحمة السوق وضوضائه" تعود الشهادة إلى حروب الحوثيين في الجوف العام 2011م.
حوثيا: المدرسة "ثكنة"
المحويت محافظة بعيدة بشكل كبير عن الجبهات المشتعلة عسكريا لكن المدرسة كانت الهدف الأهم أيضا، يقول الصحفي والناشط الحقوقي علي العقبي -من أبناء المحافظة- "الحوثي دمر التعليم بشكل كامل تقول منظمة مواطنة بأن محافظة المحويت تأتي ثانيا في نسبة المدارس "المحتلة"، وفي المحويت لا يوجد أحد سوى المليشيات إذ لا تمثل ساحة حرب أو جبهات مواجهة، لكنها هنا وبهذا التوثيق للمنظمة تفترق وتوصيف عنتر الذيفاني للجرائم ضد التعليم بعمران الذي رصد ورفاقه في قيادة التعليم بالمحافظة احتلال مدارس قريبة من المواجهات، أما في صرواح فحسب مدير المديرية محمد صالح طعيمان؛ فإن تضرر التعليم كان أحد أبرز عناوين الحرب هناك يقول طعيمان: " وضع التعليم متدهور بشكل لا يتصور"، والصورة بعيدة فعلا بحكم عدم تقريب العدسة منها، فالحرب فرضت على العدسات التوجه إلى الجبهات والقتلى والجرحى والضحاياالمدنيين أكثر من قضية التعليم، يشير العقبي لكارثية الصورة الحقيقية: "في الأرياف والقرى والعزل هناك حالة هروب وعزوف كامل عن العملية التعليمية.. أصبح مستقبل التعليم مظلما تماما وكارثيا، الحوثي يرتكب أكبر جريمة بحق اليمن يدمر تاريخه وحضارته وهويته" في سياق حديثه عن عبث الحوثيين بالمدرسة في المحويت ويعزو الهروب من المدرسة لـ"احتلال" الحوثيين للمدارس وتحويلها لصالح مشاريعهم الحربية.
"احتلال" موثق!
حين تتمكن المليشيات الحوثية من منطقة فتحتل مدرسة فيها (أو مدارس) فإنها تنهب المحتويات؛ وتنشر عناصرها بأسلحتهم ومعداتهم داخلها وتخزن أسلحتها في مخازن مستحدثة فيها وتنصب نقاط التفتيش حولها بل وتسيِج بعضها بألغام ومفخخات مكشوفة وأخرى عشوائية وغير واضحة للعيان، تحول ساحاتها إلى ميادين تحشيد وتدريب وتلطخ جدرانها بشعاراتها و"شخابيطها"، وتتخذ فصولها سكنا ومتكأً لراحة أفرادها، والصور السابقة لأفعال شنيعة عانت منها المدرسة، هي صورة منقولة عن تقارير حقوقية لمنظمات وطنية وإشارات أخرى في تقارير لمنظمات دولية، تزيد عن عشرة روجعت خلال إعداد هذه المادة، كما أفصحت عنها مقاطع فيديو منتشرة في الشبكة العنكبوتية ويحتفظ بها نشطاء حقوقيون في العديد من المحافظات اليمنية يحتفظ المحرر ببعض ما زودوها منها، علاوة على ذلك فإن بعض تلك الصور تؤرشفها قنوات إخبارية عديدة كانت حاضرة في بعض تلك المشاهد في حريب وبيحان وقبل ذلك في عدن وتعز والحديدة وغيرها، "الجريمة الكبرى" كمسمى ليس إلا التعبير الأوضح الذي يضعه المستشار القانوني الذي تحدث لنا دون الكشف عن هويته – بسبب مضايقات وصلت حد مصادرة المليشيا أملاك له تربو قيمتها عن خمسين مليونا خلال الشهرين الأخيرة- معبراً عن استهداف التعليم وافتتاح سيطرة الحوثيين على منطقة من المناطق بـ"احتلال مدرسة". لقد تعامل الحوثيون مع المدرسة (المبنى والمعنى) بما ومن فيها كجسد مستباح، تقول آثار مرور الحوثيين ذلك في ثنايا إفادات عديدة حصلنا عليها من خلال مقابلات مع قيادات تربوية وتربويين ونقابيين ومسئولين محليين ونشطاء وصحفيين أثناء إعداد هذه المادة" يتنوع ذلك "الاحتلال" ليأخذ شكل تحويل بعضها من العملية التعليمية الوطنية إلى التعليم الطائفي وتلك محطة أخرى نعود إليها في تحقيق مستقل.
"احتلال" المدرسة.. في ثنايا التقارير
ابتداء بمنظمة الطفولة اليونيسف التي تنقل عن "أرقام الأمم المتحدة (الموثقة) عن حصول (465) اعتداءً ضد المرافق التعليمية واستخدامها لأغراض عسكرية خلال الفترة ما بين 26 مارس 2015م و28 فبراير 2021م". اليونيسف ربما كانت الجهة الأهم لتزويد الأمم المتحدة بمعلومات باعتبارها المعنية بالطفولة والعاملة في قطاع التعليم باليمن على نطاق واسع وقد جاء العكس ما يدفع للتساؤل حول دقة الرقم وإن كان قد أحصى ما حصل بشكل نزيه ومحايد، معلومات المنظمات الحقوقية الوطنية تقول غير ذلك، تقرير التحالف الوطني لرصد انتهاكات مليشيات الحوثي "تحقق من (412) مؤسسة تعليمية تسببت مليشيات الحوثي وصالح في تضررها وحرمان ما لا يقل عن (383.600) طفل بمتوسط (400) طفل في كل مدرسة من ممارسة حقهم في التعليم في الفترة من ديسمبر 2014حتى مارس 2016م" ويؤكد بأن "الإحصائيات تشير إلى أن المؤسسات التعليمية التي حرم الأطفال من ممارسة حقهم فيها يزيد عن 909 مؤسسة تعليمية موزعة على معظم المحافظات تأتي في مقدمتها محافظة تعز وعدن والبيضاء والضالع ولحج وأبين ومأرب والجوف وحجة"، الأرقام أكبر من أرقام اليونيسف رغم تغطيتها لسنة ونصف قياسا بـ خمس سنوات رصدتها اليونيسف تقريبا، في كل الحالات فإن "الانتهاكات توزعت بين الانتهاك الأصلي والانتهاك الناتج عنه، حيث يقول تحالف رصد بأن الانتهاكات بحق المؤسسات التعليمية توزعت بين اقتحام ونهب وتفتيش واستخدامها ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة وقصف وتدمير كلي وجزئي وتحويل بعض المؤسسات التعليمية إلى سجون خاصة تسببت مليشيا الحوثي المسلحة وموالوها في توقف ما يزيد عن (210) مؤسسة"، وقبل يومين أصدرت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات تقريرا عن الأعيان المدنية للفترة بين يونيو 2015م ومارس 2022م، "وثق التقرير قيام مسلحي جماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس السابق بمداهمة واحتلال (352) مدرسة وجامعة وكلية ومعهد (حكومي وخاص) منذ بداية الحرب في اليمن وتحويلها إلى ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة مع علمهم المسبق بأن ذلك سيعرضها لقصف جوي"، ويؤكد التقرير احتفاظ فريقه "بوثائق تثبت استخدام مسلحي مليشيات الحوثي عددا من المرافق التعليمية لمزاولة أنشطتهم العسكرية المختلفة بما في ذلك (التدريب والتحشيد)"، يكشف التقرير أيضا عن ما حل بالمرافق التعليمية في المحافظات ومن بينها صعدة التي وثق بها "تسوية (23) مرفقا تعليميا بالأرض نتيجة استخدامه لأغراض عسكرية بالإضافة إلى (45) مرفقا دمرت بشكل جزئي للسبب ذاته، وتعرض (10) مرافق للنهب واستخدام (82) مرفقا لأعمال عسكرية من قبل جماعة الحوثي المسلحةالتي تبسط نفوذها على كامل محافظة صعدة".
النتيجة "القاصمة" لـ"احتلال" المدرسة!!
تنتشر آثار الدمار والدم بين طيات تقارير حقوقية رصدت الجريمة بحق المدرسة في اليمن على يد الحوثيين حيث رسمت عددا من الحوادث صورة مصغرة عن المأساة التي ما تزال حقيقتها غائبة وأحيانا دفينة، واحدة من ارتدادات استخدام واستغلال المدارس هو التخفي وتخبئة السلاح بين المدنيين وتحديدا في محيط المدارس إذ وثقت منظمة "مواطنة" واحدة من حالات احتلال واستغلال محيط وحرم أربع مدارس متقاربة في حي سعوان الآهل بالسكان ما أدى إلى سقوط 15 قتيلا من أطفال المدارس، وجرح ما يزيد عن 100 بينهم 45 طفلا على الأقل - 5 منهم كانوا في حالة حرجة- جراء انفجار داخل مستودع يحتوي على كميات كبيرة من المواد المتطايرة خزنتها جماعة الحوثيين، وكانت مدرسة الراعي التي لا تبعد سوى 250 متر عن المستودع ودعت 12 من طالباتها فيما قتل طالب في السابعة عشرة من عمره في مدرسة الأحقاف التي تلاصق المستودع تقريبا بـفارق لا يزيد عن 45 مترا، والوقائع تحققت منها مواطنة مع هيومن رايتس ووتش.
بين مارس 2015 وديسمبر 2019م وثقت "مواطنة" لحقوق الإنسان (171) واقعة استخدام واحتلال للمدارس في 14 محافظة يمنية منها (131) واقعة تتحمل مسئوليتها جماعة أنصار الله الحوثيين تشكل ثلثي الوقائع، ورصدت خلال العام 2018 فقط، ما لا يقل عن (60) واقعة اعتداء واستخدام للمدارس، منها (22) واقعة احتلال". وهي عجلة تطحن آمال الطلاب والطالبات وذويهم وتذهب بالمدرسة والتعليم نحو المجهول في واقع لا تستجيب فيه المليشيات لأي دواع أو دعوات إنسانية بوقف استغلال المرافق التعليمية لأغراض عسكرية كما أكده حقوقيون للمحرر.