|
قابلت أحد الحضارم قبل عدة أيام على أحد شواطئ مدينة جدة الساحرة.. فتناقشنا قليلاً عن أوضاع اليمن والأحداث الدائرة في جنوبه من مظاهرات وإعتصامات منددة بالحكومة وداعية إلى الإنفصال وفك الإرتباط ، للوهلة الأولى ظننت أن ذلك الحضرمي شأنه شأن أبناء اليمن إما مناصر للإنفصال وداعما للتشطير(إنفصالي) أو مع الوحدة اليمنية المجيدة التي وحدت اليمن بعد فرقة ولملمت شعبه بعد تشطير(وحدوي) ، لكن الغريبة أنه ما أن بدأت أتكلم معه في محاولة مني لإستدراجه ومعرفة نواياه وإنتماءه، إذ تفاجأت بأنه بدأ يحاول أن يعطني إنطباعا غريباً كنت أحاول قد الإمكان أن أبعد تفكيري عن تصديقه،حتى قال لي في نهاية حديثة :" ياأخي الكريم أنا لست يمنياً من قريب أو من بعيد، فأنا حضرمي وهناك فرق بينهما"، حاولت تفسير الأمر في ذهني مستغربا من كلام الرجل - الغير منطقي في نظري- لكن عبثا حاولت مما أوقعني في حيرة وتخبط شديدين،.
فأستجمعت قواي وسألته: "هل هناك فرق بين اليمني والحضرمي؟!" فرد عليّ في عجالة لم أتوقعها بعد أن تنهد بعمق: "هناك فرق كبيييييير!" فأخذ يشرح لي عن حضرموت وموقعها الجغرافي الممتد و ثرواتها الغنية وعاداتها وتقاليدها التي تختلف تماما عن مناطق اليمن شماله وجنوبه، وقد أخذني هذا الموقف للرجل الحضرمي إلى التفكير في تعليق كنت قد قرأته قبل عدة أشهر في منتدى قناة الجزيرة لحضرمي متسعود! قال :"إن ذهبنا إلى اليمن يقال لنا أنتم جنوبيون وإن جاءنا إلى المملكة يقال لنا أنتم يمنه! (أي يمنيون) وفي الحقيقه نحن حضارم لا جنوبيون ولا يمنه"، تسألت- متعجبا- ألا تعتبرمحافظة حضرموت واحدة من أكبر المحافظات اليمنية وأشهرها على الإطلاق يعرفها المغرب قبل المشرق والأجانب قبل العرب؟! تم أن عادات الحضارم التي حاول أن يقنعني بها ذلك الرجل بأنها تختلف عن اليمنيين هي نفسها عادات العرب الحقة التي أشتهر بها العرب قديماً وحديثاً والتي جاء بها الإسلام مؤكداً عليها ومثبتا بها الأسس التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي القويم. وإذا أفترضنا جدلاً أن الحضارم غير اليمنه أقصد اليمنيين، فإن اليمن وبلا شك أصل العرب قاطبة ومنبع الحضارة والعلم فلما يكره بعض الحضارم أن يتصفون باليمنيين؟ أو ينتسبون إلى اليمن.
لا يخفى على أحد أن الحضارم قد أنتشر على أيديهم الإسلام في العديد من الأمصار من دول جنوب وشرق آسيا وقد كانوا مثالاً يحتذى به في الأخلاق والأمانة – والكرم!!!- وأنهم وصلوا بحسن تعاملهم وإلتزامهم بالحقوق والأعراف إلى أعلى المناصب وأرقى المستويات في الداخل والخارج حتى أصبحوا في فترة وجيزة رمزاً للعطاء وقدوة في المعاملات والأخلاق في جميع البلدان التي وصلوا إليها في المشرق والمغرب، كما لا يخفى على أحد أن محافظة حضرموت تعد من أكبر محافظات اليمن على الإطلاق وتملك من الثروات ما يمثل 55% من إجمالي الثروة الزراعية و النفطية في اليمن فضلا عن الغاز الطبيعي والذهب والفحم، لكن هذا لا يعطيهم الحق بأن بتبرؤ من اليمن التي تعتير حاضنة العلم والحضارة على مر العصورالجاهلية و الإسلامية المتعاقبة، وفي الوقت الذي يفضل كثيرون منهم - والمقيمين في دول الخليج - بأن ينسبوا إلى دول خليجية أخرى كالسعودية مثلاً.
فلا يفهم من مقالي أن جميع الحضارم قد سلكوا نفس النهج وأتخذو نفس المبدأ فمن الحضارم من يعتز باليمن ويفتخر بإنتماءه لها.
*كاتب يمني
في الجمعة 12 فبراير-شباط 2010 07:36:56 م