حوار شاب ثائر مع مؤتمري شريف
بقلم/ طارق عثمان
نشر منذ: 13 سنة و 8 أشهر و 15 يوماً
الخميس 03 مارس - آذار 2011 10:52 ص

مؤتمري : يا عزيزي أليس من العيب أن تقولوا ( الشعب يريد إسقاط النظام ) ؟؟ هذا كلام غير مناسب كما انه يعني الانجرار للفوضى والتخريب ..

ثائر : النظام لا يؤخذ بالمعنى الحرفي الذي تقابله الفوضى وإنما المقصود به الطريقة التي تدار بها البلد والأشخاص الذي يديرونها .. والجميع متفق على أن الطريقة التي تدار بها البلد غير صحيحة ، سواء من خلال تكريسها للفساد والمحسوبية والرشوة أو من خلال إضاعتها للفرص في التطوير والتنمية وفي تشجيع الاستثمار الأجنبي وجذب الرساميل من الخارج وفي تحقيق العدالة والحرية والديمقراطية .. وحينما نقول إسقاط النظام فهذا يعني إسقاط هذه الطريقة الفاشلة في إدارة وتسيير شئون اليمن وإسقاط الأشخاص الذين يصرون على استمرار هذه السياسة في الإدارة مهما كان الثمن ...

مؤتمري :عليكم أن تفكروا طويلا بعواقب سقوط النظام وما قد يؤدي إليه من حدوث انفصال في جنوب الوطن وسيطرة الحوثيين على شمال الشمال ..

ثائر : السؤال الذي يجب أن نسال أنفسنا هو ، هل استمرار هذا النظام سيفاقم مشاعر الانفصال و يساهم في بقاء الصراع مع الحوثيين أم أن بقاءه سيؤدي إلى خفوت الدعوات الانفصالية ، وحل للقضية الحوثية ؟؟؟ الحقيقة هي أن بقاء النظام هو من سيؤدي إلى زيادة مخاطر التقسيم والتفتيت واستئناف الحرب في صعدة وانفصال الجنوب وهذا ما تشهد به السنين الماضية .

مؤتمري : هذا ليس صحيحا فلم يتمكن لا الانفصاليون ولا الحوثييون من فعل شيء خلال كل هذه السنين لأن الرئيس يقف لهم بالمرصاد ...؟ ثائر : لماذا لا تنظر لها من الزاوية المحايدة وهي انه ورغم مرور كل هذه السنين لم يتمكن هو من تقديم أي حل لهذه المشاكل التي تحيق بالبلد كما انه يفتقر لأي رؤية واضحة لجلب الأمن والاستقرار والسكينة وحل مشاكل اليمن الرئيسية ومنها هاتين المشكلتين .. فإذا كانت هذه السنين لم تكفه للحل فهل يعقل أن يتمكن الآن من ذلك ، فمن لم يستطع كسب أبناء الجنوب منذ 94 وأبناء صعدة منذ 2004 لن يستطيع أن يرضيهم ويحل جميع مشاكلهم خلال سنتين ...

مؤتمري : لماذا أنتم متحاملون على الرئيس شخصيا ؟ ثائر : القضية ليست قضية تحامل ولا هي قضية شخصية لكن هذا الرجل هو رأس النظام ومن الطبيعي أن يحمله الناس جميع أخطائه لأنه هو القادر على تلافيها فهو صاحب القرار الأول ، وصاحب الحل والعقد ، والأمر والنهي ، هو القادر على الإقالة والتعيين والمحاسبة وخصوصا انه هو من كرس الحكم الفردي واضعف العمل المؤسسي ..

مؤتمري : لماذا تحاولون أن تنكروا انجازات الرئيس فيكفيه فخرا انه حقق الوحدة ..

ثائر : تحقيق الوحدة انجاز عظيم لكن يجب أن لا يجير للرئيس لأنها إرادة شعبية وحلم يمني منذ الثورتين ، والرئيس صالح لم يقدم شيئا لصناعة الوحدة ، فهو أصر على بقائه رئيسا وأصر على أن تكون العاصمة صنعاء فحصل بكل بساطة على شطر جديد ضمه إلى ما يمكن اعتباره أملاك جديدة .. أين التضحيات والتنازلات التي قدمها حتى تعتبر الوحدة انجازه الشخصي ، بل إن الحقيقة تقول أن قادة الحزب الاشتراكي هم من قدم التنازلات في سبيل تحقيق الوحدة ..

مؤتمري : ولكنه حافظ على الوحدة وحماها ودحر الانفصاليين في حرب 94 م ثائر : لنكن صرحاء ، الذين جعلوا الرئيس في موقف قوي وقادر على الحسم هم الوحدويون من أبناء اليمن قاطبة شمالا وجنوبا وهم من ضغطوا عليه بعدم التفريط في الوحدة رغم ما كان يعتري موقفه من تشتت وضعف في البداية فقدموا قوافل من الشهداء ومن الدعم المادي والمعنوي ، أما القوى التي يمكن اعتبارها محسوبة على شخص الرئيس فقد كانت مشغولة بالسلب والنهب والفيد ... كما أن الرئيس لو كان في موقف ضعيف في هذه الحرب لكان هو من أعلن الانفصال ...

مؤتمري : يجب أن تعترفوا بان الرئيس شخص طيب وقائد محنك لكن المحيطين به هم الفاسدون وهم من خربوا البلد ؟ ثائر : ومن الذي فرض عليه هؤلاء الفاسدين حتى نلتمس له العذر ؟ ألا يختارهم هو بنفسه ويقربهم هو بنفسه ، بل أن البعض لا يصبح مقربا ومن الأصفياء والخاصة والبطانة إلا بعد أن تكون رائحة فساده تزكم الأنوف .. لو كان كما تقول عنه لما قرب أهل الفساد وجعلهم يحيطون به إحاطة السوار بالمعصم حتى أصبحوا هم أهل الرأي والمشورة والقرار في حكومته ، لا أحد يجبر الرئيس على تقريب الفاسدين واستبعاد وتنحية وإقصاء الصالحين ..

مؤتمري : يا عزيزي الفساد أصبح متجذرا ومتغلغلا في كل مفاصل الدولة ولا يستطيع الرئيس أن يقتلعه بسهولة ومع ذلك فهو دائما يدعو لمكافحة الفساد .

ثائر : نعم متجذر ويزداد تجذرا كلما استمر في الحكم ، أما قضية انه لا يستطيع أن يكبح الفساد ويوقفه فهذه تحتمل شيئين إما انه عاجز وغير قادر أو متواطئ وارض ، وفي كلا الحالتين لا يصلح رئيسا، فالبلد أي بلد يحتاج للقوي الأمين وليس للضعيف أمام الفاسدين أو المتواطئ معهم ..

مؤتمري : لكن ماذا عن المنجزات الأخرى في مجال التعليم والصحة والطرقات وغيرها من المنجزات التي تنتشر على ربوع الوطن ؟؟

ثائر : دائما تتغنون بالمنجزات التي حققت وكأنكم تعتقدون انه لولا وجود هذا الرئيس في سدة الحكم لما بنيت كل هذه المشاريع ( المتواضعة ) ، والحقيقة هي أنكم تتغنون بـ 10% من المنجزات التي كان يجب أن تتحقق في ظل حكم غيره .

ونحن نأسى على الـ 90% التي ضاعت في ضل حكمه .. فالمشروع الواحد تخصص له اعتمادات مالية تفوق تكلفته أحيانا بعشرات المرات ، ثم ينجز بطريقة تكلف الدولة أيضا أضعاف هذا الرقم في

الصيانة والإصلاحات والتجديدات ، فلو وجد نظام غير نظامه لاستطعنا بنفس المبلغ انجاز 10 مشاريع بدل مشروع واحد ، فحين يخصص لسفلتة شارع واحد مبلغ 100 مليون ريال مثلا فإن التكلفة الحقيقية التي ينجز فيها المشروع لا تتعدى 10 مليون وبمواصفات سيئة للغاية ثم يكرر الأمر عشرات المرات نتيجة ان المشروع لا يعمر ، هذا مثال بسيط جدا ، وقل الشيء ذاته في مشاريع الصحة والكهرباء والتعليم ... إذا بنفس الإمكانات ربما استطاع نظام رشيد آخر أن يبني 10 أضعاف ما بني في عهد هذا الرئيس .

مؤتمري : لكن الرئيس جنب اليمن حروب مع دول الجوار بحل مشاكل الحدود ..

ثائر : هل تقديم الأرض للآخرين دون مقابل يعتبر انجاز يستحق الإشادة ؟ ، ما هو الشيء الذي يستحق الإشادة في حل المشاكل الحدودية !!!؟.. اليمن كانت تطالب بأراضي مساحتها تفوق 200 ألف كلم مربع

ثم تم تسوية الأمر مقابل بضعة كيلو مترات ودون الحصول على أي امتيازات أخرى ، ألا يستطيع أي شخص أخر أن يفعل ما فعله ؟؟ ، كنا سنشيد به لو حصل على أي شيء بالمقابل ( نقصد أي شيء للشعب ) ...

مؤتمري : مشكلتنا في اليمن هي القبلية وهي التي تعوق قدرة الرئيس في التغيير ...

ثائر : من الذي عزز دور القبيلة وأعطى للمشايخ أدوار ومخصصات ونفقات وامتيازات وحراسات على حساب الخزينة العامة ، الرئيس هو من اضعف الدولة لحساب القبيلة التي يعاني أبناؤها أكثر من غيرهم من الفقر والجهل والمرض لكنه كسب بعض الوجاهات على حساب الإنسان البسيط لا يمكن أن تلوموا الشعب اليمني على الوضع الذي وصلت إليه القبائل بل وجهوا اللوم لمن أوصلها إلى هذا الحد ...

مؤتمري : ولماذا لا نحتكم للصندوق في التغيير ؟

ثائر : ومن الذي سيحكم الصندوق نفسه ،؟ فلا يمكن الاحتكام لطرف حكمه ليس بيده ، فنحن نعرف أن الصندوق أصبح ملاذا لمن يريد التزوير والتدليس وتزييف إرادة الشعب .. عندما تجرى انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية حينها سيكون لكلامك معنى ، وبالمناسبة جميع الرؤساء المعمرين يتحدثون عن الصندوق لأنهم يعرفون انه عضو القيادة في الحزب الحاكم ويتلقى تعليماته من القصر ، حسني وحزبه وبن علي وحزبه وبوتفليقة وحزبه وكل الآخرين يقولون أنهم فازوا بهذا الصندوق السحري ..

عندما يكون الصندوق محايدا حرا نزيها حدثونا عنه ...

مؤتمري : الرئيس اليمني يحبه شعبه ويكن له كل الاحترام وما هذه المظاهرات التي تحدث مؤيده له إلا دليل على ذلك ..

ثائر : حينما كان القذافي يقتل المئات من شعبه كان هناك الآلاف في الساحة الخضراء يهتف له تلك الهتافات الشركية ( الله ومعمر و ليبيا ، وبس ) الزعيم لن يعدم الكثير ممن يهتف ويتظاهر ويقاتل من أجله لأسباب عديدة ومتنوعة ، طبعا ليست المصالح وحدها فقط ، لكن الخوف من التغيير يقود البعض لرفضه تماما ...

مؤتمري : لكن هناك الكثير من المثقفين والكتاب والمسئولين يرفضون هذه الطريقة في الاحتجاج والمطالبة ويرون أن ما يفعله الشباب هو خطأ فادح ...

ثائر : اعتقد هذا رفض مبرر ، لأنهم يرفضون الوقوف ضد السلطة ثم يبحثون عن عذر لتغليف هذا الرفض وهو الحديث عن التخوف من الفوضى ومن المندسين والمتسلقين وغيرها من الأعذار المكررة في كل وسائل إعلام الأنظمة ، فقد وصل الحال ببعض أنصار الرئيس المصري إلى المطالبة بإحراق من في ميدان التحرير والبعض طالب بإخراجهم بالقوة والبعض سبهم وشتمهم و اتهمهم بكل التهم حتى وصلت الوقاحة إلى اتهامهم بممارسة الجنس في الميدان ، إذا هذا شيء متوقع من جميع أنصار الأنظمة أن يرفضوا الاحتجاجات وسيقولون الكثير عنها ، ولو كانت في دول أخرى لرأيتهم يقفون في صف الثوار ...

مؤتمري : طيب لماذا لا نعطي الرئيس فرصة للتغيير ..

ثائر : الـ 33 سنة كلها كانت فرصة للتغيير ؟ هل منع أحد الرئيس من إقالة الفاسدين أو تقديمهم للعدالة ؟ هل منعه احد من اختيار حكومات من الأكفاء القادرين على وضع برامج وخطط ومشاريع للنهوض بالبلد ..

الشعب أعطى 33 سنة فلا يعقل أن يدعي البعض انه لم يعطه بل أعطاه عشرات الفرص ، وفي محطات كثيرة كان أفضلها قبل 17 سنة أي بعد حرب 94 م ومع ذلك وحتى لو مرت 100 سنة فسيأتي من يقول لنعطي فرصة أخرى ...

مؤتمري : لكن عبارة ارحل اعتقد أنها غير مناسبة فالرجل يمني هل من المعقول أن نقول له ارحل ؟

ثائر : وهل طالبه الشباب بالرحيل من اليمن ؟ هم يطالبونه بالرحيل معززا مكرما من الكرسي وكذلك من يريد أن يرثونه في حكم اليمن ؟

مؤتمري : يا أخي الرئيس قال لن يكون هناك توريث ولا تمديد ؟

ثائر : كيف لا تمديد وهو يقول الاحتكام للصندوق ونحن نعرف نتيجة الصندوق لمائة سنة قادمة لان الصندوق لا يمتلك النزاهة ؟ أما قوله لا توريث فهو يقصد انه لن يسلم الرئاسة لابنه مباشرة بل سيترشح ابنه وينجح وهذا ليس توريث .. كما أن جميع أقاربه يمسكون بالمؤسسة العسكرية فلما الادعاء بعدم وجود توريث .

مؤتمري : ولكن الرئيس حذر كثيرا من عدم الانتقال السلمي للسلطة وإنها قد تجعل اليمن كالصومال

ثائر : ليس هو وحده من يقول بل كل الرؤساء يخوفون شعوبهم من عواقب تركهم للكرسي ، وهذا سبب كافي لتغيير أي حاكم ، لأن ذلك يعني انه غير حريص على الوطن وأنه مستعد أن يخير الناس بين الدمار الشامل أو الاستمرار في حكمهم حتى دون رضاهم ، ولو كان حريصا لقال طالما أنكم لا تريدونني فتعالوا نتحاور من اجل أن نخرج البلد إلى طريق يجنبها الانزلاق في العنف وخلال وجوده في الحكم يستطيع أن يجنب البلد أي عواقب ويساهم في انتقال سلس للسلطة ..

مؤتمري : وهذا ما فعله الرئيس فقد طالب بالحوار ولكن المعارضة رفضت ..

ثائر : رفض الحوار مرده لأسباب منها 1- عدم الثقة فكل ما تسفر عنه الحوارات من اتفاقيات يتم التنصل منها قبل أن يجف حبرها ، ثانيا إذا لم يسبق هذه الحوارات معرفة على ماذا نتحاور فهو حوار عبثي لأنه لا يحمل أجندة وبنود لمناقشتها ، هل كان الرئيس مستعدا لقبول النقاش حول كيفية الانتقال السلمي للسلطة ، وكيف يتم إزالة كل إشكال التوريث التي يتهم بها ، وكيفية إزاحة الفاسدين وفي مدى زمني قصير لا يحتمل المراوغة وقضية حل المسألة الجنوبية والحوثية ، طبعا لا ..

مؤتمري : انظر ماذا استفاد التونسيون والمصريون ؟؟ مازالوا لم يحققوا شيئا ..

ثائر : معظم الثورات المسلحة كانت تؤتي أكلها بعد سنين وتمر هي بمخاضات صعبة ، فثورة 26 سبتمبر على سبيل المثال والتي أسقطت نظام الإمامة استمرت أكثر من 10 سنوات ، وبعد مرور 50 سنة من الثورة مازال الرئيس يتحجج حين يطالب بتقديم المنجزات والقيام بنهضة حقيقية بأن مخلفات النظام ألإمامي البائد تعيق هذه التحولات والتغييرات التي ينشدها ...

ونحن بكل بساطة وقبل مرور شهر من الثورة المصرية السلمية نتساءل بكل صلف ماذا قدمت ، ثم من قال أنهم لم يحققوا شيئا ، ولماذا نعتقد أن الثورة هي اعتصام في ميدان لعدة أيام فقط لتنحية رئيس من مكانه ، هي ثورة ضد سياسات و قوانين ولوائح وأنظمة وأشخاص يمثلون عهد ما قبل الثورة ، وسقوط زين العابدين بن علي وحسني لم يكن هو الغاية القصوى للثورة ، فما زال الطريق طويلا لتغيير القوانين والدساتير وتغيير كل أذناب النظام الذين ما زالوا يدينون له بالولاء ويعيقون عملية التحول ، والحمد لله فإن ثورة الشباب أنجزت الكثير في اجتثاث الأنظمة الفاسدة خلال أشهر وبأقل الخسائر رغم كل المؤامرات الدولية والإقليمية والمحلية ، وهي تتجه نحو تصحيح معظم الاختلالات التي خلفها نظامي زين العابدين وحسني ، ومع ذلك فعل مستوى محاسبة الفاسدين فقد قدمت هوامير كبار للمحاكمة ، وقدمت مشروع متكامل للتعديلات الدستورية ، وحزمة من القوانين الكفيلة بإحداث تغييرات حقيقية ...

يتبع