ذمار .. براءة و محبة !!
بقلم/ سام عبدالله الغباري
نشر منذ: 13 سنة و 5 أشهر و 5 أيام
السبت 11 يونيو-حزيران 2011 10:21 م

* ما بالها "ذمار" غرقت في محبتها .. تناست جراح الفساد و غموم المحافظ و نائبه ، و رصاص القبائل و انهيار أبنائها تباعاً على رصيف الموت .. ما بالها و بطالتها ترتفع دوناً عن محافظات البلاد .. ما بال شبابها البريء يرقص في حبور .. و صوت أيوب طارش يشدو في طرقاتها يذكرنا بالزمن الجميل و الهدوء النسبي : خلفه نمشي و لا خلف لنا ..!!.

* ذمار اليوم تلبس شماغ الفرح .. و بالأمس سطر الجنون البريء .. و المحبة الهادرة أفراحاً ذات لهب نقشت في صدر السماء صوتاً أغاض معتصمي المدينة و أبكى مآقيهم التي ضحكت قبل أيام و رقصت لإصابة الرئيس : علي عبدالله صالح . و لم يكن خروج الشباب المضاد و الصامت سوى إعلان حقيقة واحدة : رفض الأخلاق القاسية و تعميق الفطرة الإنسانية الأولى المستنكرة لشماتة البعض من إصابة الآخرين و إطلاق الابتسامات الملونة على دمائهم و جراحهم .

* براءة "ذمار" تحدد صيغة المفهوم الحقيقي للإنسان الفقير البائس المُـعدم و هو يغني على وقع همومه فرحاً برئيس أضناه طيلة 33 عاماً بصنوف الفساد و تكوين مراكز قوى و حيتان التهمته كالأسماك الصغيرة و عاشت على دماء و عظام من طحنت آدميتهم ببساطة القانون و هدوء العيش في شريعة الغاب و المحيطات العميقة .

* يعتصرني سؤال الغيظ و المعرفة : لماذا هذا الحب المتدفق ؟! ، ذمار لا تملك مستشفيات عملاقة ، و ليس بها طرقات سوية ، و لا مشاريع خدمية ، من أرادت الحكومة معاقبته أرسلته إلينا ، و من تعاقبنا به بعثته ناقماً و دفيناً .. لنا محافظ لا ندري ماذا يفعل سوى البهررة في عيون الحاضرين و المساكين .. و نائبه مشغول – حفظه الله – في تأمين حاجة محطاته القصوى من البنزين و الديزل .. و اللهاث خلف ربه : يحيى علي الراعي ، و البكاء على أطلال إصابته التي أساءتنا جميعاً .. فلا أحد هنا يهتم لأمر الرعية و العوام .. سوى أن يجذر مفهوم النخوة في ضمائرهم ، يبكي على جراحهم ، و يستنهض هممهم بقول : ياللعار .. ياللعار بيت الله يضرب بالنار (!!) فتنهض العواصف من أعماق الهدوء ، و ينطلق الرصاص من سكون المخادع و البيوت ، و تزغرد النسوة الفقيرات الأرامل و المعدمات من نوافذ المخابئ و المساكن ، كأنه عُـرس زفاف اجتمعت مدينة ثكلى على نسيان هموم و أحزان الأعوام اللطيمات ، و تكريم ملكها و مليكها الذي أسقاها قديد المُـر و حنظل الصحراء ، حتى توهجت ببراءتها و محبتها .. و بتوازي ما يحدث يعود السؤال مجدداً : ما سر هذا الحب المتدفق ؟!

* و هذا هو سؤال العام (!!) ، البحث في أسرار حب القطة لخانقها ؟! أو الشبق في استمرارية العذاب و الأنين و من هذا الذي يحدثنا عن : إذا كنتم بخير .. فأنا بخير (!!) ، نحن لسنا في خير ..!! ، أنت تعرف ذلك ، نحن من صرخنا حتى بُـحّ صوتنا و تقطعت بنا السبل بحثاً عنك ، عن سلطتك و قد سلمتنا كقطيع لـ "تيس" وحيد تعتقد أنه ممثلنا و فقيهنا و رب نعمتنا و حامي عرينا المتهالك من غدر الصقور و الذئاب .!! ، تركتنا عرايا في سباق القوة و المنعة ، أطلقت ثعالبك الجائعات على نعاج كأمثالنا .. غدرت براءتنا بحبً استبقاك عشرات السنين ولياً علينا ، حملنا صورك بكل هدوء و فضول .. فأرسلت لنا سيارات الشيخ ، و رصاص الشوارع تقتل من كان بريئاً يرقب من نافذة الله سكون العصر و ساعة السليمانية .. فدفنه الحزن في مراثي الموت ، و تحت أطنان التراب ، و هناك وقفت أمه تبكي و تلعث التراب هولاً في فجيعتها و إفراط حزنها و كمدها ..!! .

* أنت لا تعرفنا .. نحن بقايا شعبك الذي إستملته ضاحكاً قبل 33 عاماً ، و أحلته بعد كل هذا العمر الطويل إلى أقسامً صار فيها الجنون و الهموم و الحزن و آفات السيطرة ، و أجزاء صغيرة أخرى تولدت منها مئات الأراضي ، و قصور المرتفعات ، و ما لذ وطاب من النساء و العسل ..!!.

* يعود بي السؤال إلى منتهاه ، إلى حروفه الأولى ، و إلى اقصى ما يكون من براءة رسمت حضورها في الميادين ، و إلى سر يفسر هذا الجنون المُـحب .. و ترديد أغاني الإخلاص و السمو .. و تحت أمرك يا علي (!!) .. لا إجابة ستهدم غرور تطلعي إلى التغيير سوى أن هناك غمائم قدرية تستبقي هذا الرجل ، و تعرف خوالج طبيعته و نقاء سريرته ، و حُـسن خواتم حكمه المليء بالشظايا و المجد و أحزان الفساد و فقدان الإدارة زمامها ، و تطلع الصغار إلى أماكن الرفعة و المسؤولية .. يعود بي .. و تشتـتـني الإجابات على قدر تفرق أهواء أصحابها: هناك من رأى فيّ عميل أمن قومي مسموم .. و غيره أكد حديثي و بصم بإعجاب على حروفي .. و أشخاص أذاقوا كبريائي صنوف اللعنات القاسيات .. و هكذا يكون الحديث في "فيس بوك" مأساوياً ، و على قدر ما يسيء الآخرين إلى مواقفي فإن هذا المكان صار إدمان ليل لا أنام بدونه إلا في ضرورة تمنعني عن أداء مشاغبات الضحك و الصدق و الحديث الجاد ..!!

* أكرر : ما بالها "ذمار" ترقص على وقع جراحها .. تدنو في محبة من لا يحبها ..!! ، فنحن متهمون و إن ذبحنا أنصافنا بمحبة "الحمدي" المغدور .. و بتهكم و أخبار تقارب عرش السلطان و تهز جذوره بضحكة السخرية و الطرفة اللازمة لإضفاء نكهتها اللاذعة بإيعازها إلينا ، و خلق مصدرها من أواسطنا التي لا تجد في استمرار حكم الرئيس الجريح أي مصلحة عامة سوى أنها ستعيد لبريق الفاسدين لمعانه الخادع و المؤلم .

* ما بالها "ذمار" تهزني .. و تناقض ضميري . تبحث معي عن سؤال و إجابة و ضمير وطن .. و أفراح شعب جائع .. و لن أجيب فلا أستطيع أن أصل إلى نتيجة مُـثلى ، و جواب قانع .. سوى أن أيادٍ قادرة تدفع هذا الحب إلى الانفجار حتى يتمدد ببراءة لا تعرف منتهاها .. و يُـصر السؤال مرة أخرى على الظهور . و لا إجابة أفضل من انتظار تعليقات الأصدقاء و الغرباء .. ففي ذلك الحكم بما لم يُـحكم .

 و السلام ختام .