آخر الاخبار

توجيه عاجل من مكتب الصحة بالعاصمة صنعاء برفع جاهزية المستشفيات وبنوك الدم وتجهيز سيارات الإسعاف ما حقيقة خصخصة قطاعات شركة بترومسيلة للاستكشاف النفطية في اليمن أبرز خطوة رسمية لتعزيز الوسطية والاعتدال في الخطاب الديني في اليمن وزير الأوقاف يفتتح أكاديمية الإرشاد مدير عام شرطة مأرب يطالب برفع الجاهزية الأمنية وحسن التعامل مع المواطنين أردوغان في تصريح ناري يحمل الموت والحرب يتوعد أكراد سوريا بدفنهم مع أسلحتهم إذا لم يسلموا السلاح عاجل: محكمة في عدن تبرئ الصحفي أحمد ماهر وتحكم بإطلاق سراحه فوراً الاستهداف الإسرائيلي للبنية التحتية في اليمن يخدم الحوثيين ... الإقتصاديون يكشفون الذرائع الحوثية الإدارة السورية الجديدة توجه أول تحذير لإيران رداً على تصريحات خامنئي.. ماذا قال؟ هجوم مضاد يسحق الميليشيات في تعز والجيش يتقدم إلى شارع الأربعين و يسيطر على مناطق استراتيجية حاكمة.. مصرع وإصابة 23 حوثيًا نزوح للمرة الثانية في مأرب.. أكثر من 2500 أسرة تركت منازلها مضطرة

عشال …قائد جيش الاستقلال
بقلم/ علي محمود يامن
نشر منذ: شهر و 5 أيام
الثلاثاء 19 نوفمبر-تشرين الثاني 2024 03:58 م
 

على امتداد التاريخ قديمه وحديثة كانت اليمن بيئة طاردة لكل متغطرس طارئ ومقبرة جمعية للغزاة وموطن نزاع للحرية وارض منبتة للنضال ورحم ولادة للمناضلين الابطال .

الحديث عن الثلاثين من نوفمبر ذكرى الاستقلال اليمنية من الاستعمار البريطاني البغيض هو قراءة لسفر مشرق من النضال والتضحية والاباء في وجه اعتى امبرطورية استعمارية في الوجود .

 

مطلع العام 1839 م استطاعت البحرية البريطانية السيطرة على مدينة عدن استبسلت المقاومة الشعبية في الدفاع عن المدينة في وجه الامبراطورية التي "لا تغيب عنها الشمس" على الرغم من الفارق الكبير في الإمكانات لكن ارادة مقاومة الوجود الاجنبي والروح الوطنية اليمنية لم تعطي لتلك الفروق المهولة وزنًا.

 

كرس الاستعمار واقع التخلف والانقسام في السلطنات والإمارات واذكى الصراعات البينية وفقا لسياسته المعهودة " فرق تسد " وحاول اختزال الذات اليمنية الجامعة في كانتونات مناطقيه وجهوية معزولة فستعصت محاولاته تلك امام العمق الحضاري والجذور التاريخية لليمن الراسخة في عمق الارض والزمن . 

 

عندما نستدعي التاريخ النضالي ضد الاستعمار البريطانى البغيض يحضر في الذاكرة الوطنية الجمعية ثلة مباركة من أبناء اليمن ومناضليه الاحرار وياتي في الطليعة المناضل الجسور حسين عثمان عشال, احد قيادات النضال ومشاعل التنوير ورموز المقاومة الشعبية ضد الاحتلال 

ومن أوائل قيادات الجيش اليمني ، وأحد أبرز رموز ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963 م التي اجلت الاستعمار البريطاني عن اليمن الذي جثم نحو 129 سنة،على مدينة عدن الباسلة 

نقف في هذه السطور على مقتطفات من تاريخ ومسيرة المناضل عشال :

 

اولا: الميلاد والنشأة :

 

 وُلِد في قرية " قرن عشال" بمديرية مودية محافظة أبين وتلقّى دراسته الابتدائية فيها والمتوسطة في مدرسة “جبل حديد ”، في عدن.

 

التحق بالجيش وتلقى عددا من الدورات المتخصصة، ومنها دورات خارجية في الجوانب العسكرية المختلفة، مما أدى لمراكمة خبراته ومؤهلاته وتجاربه العسكرية الميدانية وكان على رأس الجيش الاتحادي الذي رجح كفة الثورة بعد انضمامه إليها، وإعلانه تأييد الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل

 

ثانيا : الانتماء الفكري والامتداد القبلي 

عشال احد رجالات الحركة الوطنية اليمنية الاسلامية تمحورت شخصية الرجل ضمن ثلاث دوائر رئيسية شكلت شخصيته واثرت في مسيرته النضالية وحكمت سلوك حياته خلال فترة تاريخه الحافلة بالعطاء والانجاز وفقا للاتي :

الدائرة القبلية وهي الوحدة الاولى التي اثرت في بناء شخصية الرجل كامتداد لاسرة ال عشال التي تراس احد قبائل ابين والذي يشير المحقق الأستاذ محمد بن علي الأكوع إلى أنها تنسب إلى أبين بن ذي يقدم بن الصوار بن عبد شمس من حمير

 قال عنها القاضي مسعود اهلها اصح الناس مزاجاً واطيب النواحي تربة وماءاً وهواءاً وناسها فيهم الهمة وأنفة النفوس (صفة جزيرة العرب للهمداني).

هذا الاعتزاز بالانتماء والدور والاعراف القبلية ومنظومة التلاحم القبلي شكل سيجا قويا في شخصية الرجل ومرجعا مهما لتوجهاته وحاكما للكثير من تصرفاته وارائه .

الدائرة الثانية وهي دائرة الجندية والانتماء لمؤسسة الجيش المعتمدة على النظام الصارم والانضباط الدقيق ومنها تشكلت شخصية الرجل العسكرية العصامية وبحسب التعريف لجوهر الشخصية العسكرية 

" انها تتجلى في إحترام الذات, والثقة بالنفس, والإيمان بقدسية الرسالة الوطنية, ومن أبرز السمات التي يجب أن تتصف بها الشخصية العسكرية لتكون على الصورة المثالية, وترقى الى مستوى التكامل: الحكمة والشجاعة والأخلاق والصبر والإرادة, والعدل والشهامة والنخوة والذكاء, والحسّ المرهف والإنتباه الشديد والإستعداد للتضحية "

الدائرة الثالثة التوجه الفكري والانتماء لروح الحركة الوطنية ذات المرجعية الإسلامية المحافظة والمتمسكة بالتقاليد القبيلية الأصيلة وروح الانتماء الوطني والعربي والمستمدة اهدافها وبرامجها وما يتوافق وروح الاسلام الحنيف ومقاصده السامية والحفاظ على وحدة وسيدة الاوطان والسعي نحو تطورها واستعادة. دورها الحضاري .

كانت اهم المعطيات التي رسخت الحضور الوطني النضالي في حياة وتكوين المناضل عشال وجعلته من القيادات ذات التأثير والنفوذ في المجال العسكري، وبدعم من رواد الحركة الإسلامية الأوائل أمثال الشيخ/ محمد بن سالم البيحاني والشيخ عمر طرموم وتعزز ذالك بالتحاق الكثير من الإسلاميين بالجبهة القومية والمشاركة الفاعلة في الكفاح المسلح ضد الاحتلال البريطاني .

ثالثًا:المسيرة النضالية :

في يونيو 1967 م انطلقت "انتفاضة 20 يونيو"، بقيادة مجموعة من ضباط الجيش على رأسهم العميد عشال في عدداً من المعسكرات منها: معسكر البوليس المسلح في كريتر، ومعسكر صلاح الدين بالبريقة، في تحول نضالي مهم اداء الى سيطرة الثوار على كريتر 

ومواصلت اسقاط بقية المناطق داخل عدن عند هذا التسارع أعلنت قيادة الجيش الاتحادي تأييد الثورة، والوقوف الى جانب الجبهة القومية الذي تولت الجبهة القومية المفاوضات مع الاحتلال البريطاني، واعلان الاستقلال في 30 نوفمبر 1967.

وصل الى رتبة عميد في الجيش اليمني الاتحادي الذي كان له دورا محوريا وحاسما في ثورة الرابع عشر من اكتوبر المجيدة وكان للعميد عشال ادوار نضالية مشرفة في مواجهة الاحتلال البريطاني والكفاح حتى الوصول الى الاستقلال في الثلاثين من نوفمبر المحيد 

عين قائد عاما للجيش اليمني الجنوبي عقب إستقلال الجنوب اليمني عن مملكة بريطانيا في 30 نوفمبر 1967م،  

 

ثالثاً: مراحل الصرع والنزوح :

كان الصرع على النفوذ والسيطرة قد وصل الى الاشتباك المسلح بين جبهة التحرير والجبهة القومية.

عقب ذلك بدأت الخلافات بين تيارين رئيسيين داخل الجبهة، التيار اليساري (الماركسي)، بقيادة سالم ربيع علي (سالمين)، وعبدالفتاح إسماعيل، وعلي صالح عباد (مقبل)، والتيار المحافظ ، ويقوده رئيس الجمهورية قحطان الشعبي ورئيس الحكومة فيصل عبداللطيف الشعبي، وقائد الجيش الاتحادي العميد حسين عشال، 

 خلال المؤتمر العام الرابع للجبهة القومية الذي انعقد في زنجبار أبين، بداية مارس/أذار 1968، وكان أبرز ما خرج به المؤتمر لصالح التيار اليساري إعلان تبني "الاشتراكية العلمية" واعترض التيار المحافظ على خيار الاشتراكية وتراكمت الخلافات مع سعي التيار اليساري بـ" تطهير جذري يبدأ بالجيش والشرطة، وأجهزة الدولة الإدارية".

 واقصاء جميع شركاء النضال والسيطرة على كل مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية والحزبية 

 واستبداله بجيش التحرير الشعبي المعروف باسم "المليشيا الشعبية"، 

في هذه الظروف جاءت حركة الجيش في 20 مارس 1968، حيث سيطرت قوات الجيش والأمن على الإذاعة والمؤسسات الحكومية، وأغلقت الشوارع وقامت باعتقال عدد من قيادات التيار اليساري، ومنهم: عبدالفتاح إسماعيل، سالم ربيع علي، علي عنتر، علي سالم البيض (وزير الدفاع حينها)، سلطان أحمد عمر، عبدالله الاشطل، عبدالعزيز عبد الولي، علي صالح عباد (مقبل)، محمد صالح مطيع، وصالح مصلح، كما اعتقل عبدالله باذيب زعيم الاتحاد الشعبي الديمقراطي، وقد تمكن عدد من المعتقلين من الفرار والهروب خارج عدن.

وعبْر إذاعة عدن أعلن قادة الحركة دعوة الجيش والأمن العام والفدائيين لمواجهة الخطر الشيوعي والإشادة بالجيش الذي قال البيان إنه "يقوم بإنقاذ البلاد".

ومن جهته حرّك التيار اليساري بعض النقابات والقطاعات التي يسيطر عليها للتنديد بحركة الجيش، واعتبارها انقلاباً مدعوماً من السفارة الأمريكية يسعى للقضاء على الثورة، وبعد أيام تدخل الرئيس قحطان الشعبي، ووجه الأوامر لوحدات الجيش بالعودة إلى ثكناتها وإطلاق سراح المعتقلين، مقابل عدم تعرض قيادة الحركة لأي محاكمة أو مساءلة، وبدورها التزمت قيادة الجيش بقرار الرئيس غير أن التيار اليساري صعد في مطالبه بما يسميه "تطهير الجيش والأمن من العناصر المعادية". وظل التياران كل منهما يتربص بالآخر، حتى نشبت مواجهات مسلحة بينهما في مايو/أيار 1968 انتهت بسيطرة قحطان الشعبي وقادة الجيش، ومع ذلك لم يستسلم اليساريون، وظلوا يعززون مواقعهم داخل الجبهة القومية ومؤسسات الدولة، حتى وقعت الجولة الحاسمة في يونيو/حزيران 1969 التي أطلق عليها "حركة 22 يونيو التصحيحية".

تمكن التيار اليساري من حسمها لصالحه، اعتقل الرئيس قحطان الشعبي وبقي في السجن حتى وفاته، فيما تمكن العميد حسين عشال من مغادرة البلاد متجهاً إلى شمال الوطن ( مدينة تعز ) ومعه عدد من الشخصيات المناهضة للتيار اليساري الذي أصبح يسيطر على السلطة وهناك استقر حتى قيام الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب في العام 1990

 

خامسا :النشاط السياسي بعد الوحدة :

كان لشخصية القائد عشال من القوة والحضور والقدرة على التاثير في الواقع السياسي والاجتماعي ما يعزز علاقاته بالنخبة السياسية والرموز الوطنية وقيادات المجتمع وفئة العلماء ودعاة الاصلاح على امتداد الوطن اليمني وظل تاثيره وحضوره 

  في أبين مسقط رأسه وتعز مقر إقامته دورا بارزا وفاعلا من خلال دعم التيار الإسلامي والالتحام برموزه وقياداته.

يقول المؤرخ اليمني الكبير الراحل عبدالملك الشيباني: " العميد عشال قائد عسكري من الطراز الأول ومن النوع المتميز، والصنف الممتاز، ولقد خاض معارك عديدة وخاصة إبان حرب التحرير ضد الاستعمار البريطاني في الشطر الجنوبي من الوطن سابقاً. وكان عظيم الشجاعة صلب المراس، راسخ الوجدان، قوي الجنان، لا تزعزعه أعتى المواقف وأعظمها التي تتزلزل لها القلوب، وتنخلع لها الأفئدة. ولم يكن للعميد حسين عشال -رحمه الله- عمراً واحداً بل في الحقيقة كانت له أعمار وأعمار عديدة، ليس بحساب الأعوام والسنين التي قضاها على ظهر هذه البسيطة فتلك السنون والأعوام لا يقاس بها أمثاله من الكبار والعظماء والرواد فهؤلاء لهم مقاييسهم الخاصة."

بعدم تحقيق الوحدة اليمنية المباركة كان العميد عشال ضمن كوكبة من رجالات اليمن ومفكريه وقياداته السياسية المؤسسين لحزب التجمع اليمني للإصلاح الامتداد السياسي والفكري لحركة الاصلاح اليمنية التي ناهضت الكهنوت الامامي والاستعمار البريطاني وحافظة على الاتجاه الفكري المعتدل للتوجه الاسلامي السياسي ضم الاصلاح عناصر التيار الإسلامي وكوكبة من خيرة العلماء وشيوخ القبائل والأكاديميين والشباب وقطاع المراءة وكل فئات المجتمع ، وحقق حضورا جغرافيا على امتداد جميع مديريات ومحافظات الجمهورية اليمنية وقد ترأس العميد عشال فرع الحزب في محافظته أبين، حتى وافاه الأجل رحمه الله في اليوم التاسع من الشهر التاسع (سبتمبر) عام 1993. وكان يوم تشييعه يوماً مشهوداً حضره حشد جماهيري كبير للمشاركة في وداعه وتشييعه إلى مثواه الأخير في مسقط رأسه مديرية مودية بمحافظة أبين، لكن الدور النضالي والرسالي الال عشال. ما زال حاضرا في الشان السياسي والوطني العام بشكل مؤثر وفاعل ملتزما بالحط القيمي الذي أرساه العميد عشال رحمه ورسخ جذوره وبناء مداميكها طوال حياته الحافلة بالعطاء والمترعة بالقيم النبيلة .

حفظ الله اليمن ،،،،