|
كثيرا ما كنت أتحسر بوجع ويشاركني أصدقائي على المثقف الذي انقلب على رسالته وتخلى عن موقعه الذي كان له ، إلى دور دنيء مقزز وقذر يسمونه حامل المبخرة أو بالجملة حملة المباخر ...سحقا له ، وسوّد الله وجهه كيف قبل على نفسه أن يكون مدافعا عن التخلف والفساد وأن يبرر للقاتل على المقتول ..
لكن الحسرة كانت أكبر وتبلغ حد الحموضة وارتفاع الضغط على هذا الحزبي المنظّر والمفكر، السياسي والمثقف ، الموجه والقائد ..كيف قبل على نفسه أن يتخلى عن واجبه القومي والأممي ، وعن أيدولوجيته التي رضع وشب واستوى عليها إلى مستوى اقل من حملة المباخر ..
كنت ولا زلت مقتنعا وأقول رغم اختلافي في بعض المسائل مع القومي والاشتراكي ..أن أولئك الذين سبقوا وانتظموا مع اليسار الدولي او القوميون العرب ، او الناصري او البعثي في هذا البلد هم أحرار شعبنا وفرسانه الشجعان ، رأوا الواقع على حاله ، شخصوه فلم يعجبهم فأرادوا وعزموا صناعته للأحسن ولكن على طريقتهم ..فهم إن أخطأوا في بعض ما نعتقده نحن أو أخطأت بهم السبل فإن لهم عندنا جميل من اجتهد وحاول ، فأكرم به وإن كان حظه الفشل ، فيبقى له أنه أنطلق ضد التخلف والقهر .
وعندي أن الأممي والقومي مساحتهم الإنسانية ابعد من الوطني المغلق ، والمناطقي الضيق ..
وكنت أتحسر على قاسم سلام وعبده الجندي ...كم لديهم من المخزون الفكري والإنساني والاممي ؟ وما أجمل الكلمات عندما يرصوها ، وكم هي حصافتهم وعمقهم عند تحليل وقراءة الحالة ، وكم عبّ منهم الشاعر ، والكاتب ، والصحفي ، وو.. وكم تعجبك جدلية الديالكتيك عندما يناقشها أحدهم .
كم كانوا رائعين وهم يغرفون من ذاكرة أدبية إنسانية ومن أيدلوجية نحمل لها الاحترام وكم لها جوانب إنسانية مشرقة ...لكني اليوم لا أتحسر البتة عليهم وعلى أمثالهم بعد أن قطعت جهيزة قول كل خطيب ..
لكن الألم ــ وأقسم ــ كان يعصرني أكثر إن جاء الحديث عابرا عن الشيخ مجاهد القهالي ، هذا الشيخ الكبير حبيب القبيلة ، والمناضل الجسور رفيق الزعيم الحبيب إبراهيم الحمدي ،أحد رواد ثورة التصحيح ، والقومي العروبي ، والسياسي المثقف ، والقائد العسكري والإنسان ...وووو ..كيف لمثله أن يصطف في محاذاة عبده الجندي وقاسم سلام ومن على شاكلتهم في طابور التطبيل والتلميع والخنوع للمخلوع ... كنا نقول والله هزلت(بضم الزاي ) .. حيث الحقائق والوقائع تشهد أن علي عبدالله صالح لم يكن بمستوى أن يعمل سكرتيرا عند القهالي ...
حتى جاءت اللحظة التي كشفت القناع ، وأسفرت عن حقيقة معدن القهالي ، وأين مكانته ويقف.. فتأكد لنا من جديد حقيقة ان المقدمات والابتداء تلدان المسارات والخاتمة ....فمن صحت بدايته ، صحّت نهايته ...وأن الصقر مهما دُلس عليه فرُبي بين الدجاج فإنه سيجد نفسه ذات يوم صقرا محلقا رغم عنه بعفوية وتلقائية هكذا ...وأن الأسد مهما رُبي ونُشيء وطال به المسار مع الضباع فلن يجد نفسه ذات لحظة إلا أسدا .
التحية كلها للمناضل الكبير والجسور مجاهد القهالي ، ومرحبا بك شيخا وقائدا ومناضلا وثائرا وزعيما ..نسال الله سبحانه ان يعوضك في بناء اليمن بالمقدار الذي فاتك وأكثر ،وأن يعطيك الفرصة لضرب الفساد وقعقعة مفاصله بمقدار الوقت الذي أجبرتك الحياة على التطبيع الجبري معه .، ولَموقف وطني واحد صادق لسيد كريم يجبُ به عنه ألف موقف كان منه في الطريق الخطأ .
وإنا لشعب كريم ووفي وصفح ننزل الناس منازلها ، ونصطف جنودا تفتدي خلف همام يسد ثغرة ويبني .
مرحبا بالقهالي قوميا ومناضلا ونسال الله أن يجمع به الطيف القومي ، فكم النفس مشوقة وعلى رجاء أن يتبلور القومي الحبيب في كيان واحد .، فاليوم العروبة في خطر .. من صهيونية تريد طمرها ، أومن فارسية حاقدة مازالت تأكل أحشائها وقعت ذي قار ويوم القادسية ..
مرحبا بالحزب القومي الذي لا ينفصم مع الإسلام فهذا عموده وروحه ..ومرحبا بالحزب الإسلامي الذي لا ينفصم مع العروبة ، فالعروبة لسانه وذاكرته ولحمه وعظمه .. بوركت مجاهد القهالي ، وطاب معدنك ، فما زلت كريما ..وليحفظ الله اليمن أما وأبا .
وإن التاريخ تكتب الأحداث صفحاته من اليوم فطوبى للكرام وأعقابهم وأعقاب أعقابهم ، وسحقا سحقا للئام ، ولا عزاء لرثة الناس .
في الإثنين 10 سبتمبر-أيلول 2012 05:20:55 م