احتراق حافلة متوسطة مخصصة لنقل الركاب في هذه المحافظة بعد تحديث بوتين عقيدة روسيا النووية.. أردوغان يوجه تحذيراً لـ الناتو على طريقة الاحتلال الإسرائيلي.. مليشيات الحوثي تهدم منزلاً على رؤوس ساكنيه ماذا ينتظر وكلاء طهران في اليمن في عهد ترمب...وهل سيكون هناك استهداف للقادة الحوثيين ؟ كيف نجا البرنامج النووي الباكستاني من مخططات إسرائيل والهند ؟ السعودية تحدد أقصى مبلغ يسمح للمقيمين بتحويله إلى خارج السعودية وعقوبة بالترحيل الفوري مفاجآت صحية حول تأثير البرتقال على الكبد والكلى رئيس دائرة العلاقات الخارجية بمؤتمر مأرب الجامع في أول مهمة دولية تبدأ بالقاهره وتمر عبر الإتحاد الأوروبي مجلس الأمن يوجه دعوة عاجلة للحوثيين تفاصيل لقاء وزير الخارجية السعودي مع نظيره الأمريكي بخصوص مستجدات المنطقة
اقترحنا في هذا المقال تأسيس مركز إرشاد تاريخي على غرار مراكز الإرشاد الدعوية، وذلك بغرض بناء وعي جمعي مدروس، يقود إلى وحدة فكرية وثقافية واجتماعية؛ لأن تجاهل التخصصات الإنسانية في حل المشكلات السياسية والصراعات البينية والتجاذبات المذهبية داخل المجتمع الواحد، ومن ثم البحث عن القواسم المشتركة وتنميتها بدلاً عن التركيز على مواطن السقم وتغذيتها، يعد من أكبر عوامل القصور في فهم إدارة الدولة والمجتمع، والتي لم يفهمها سوى ساسة وقادة ومفكري الدول المتحضرة ...
كما أوضحنا أهمية أقسام التاريخ ومخرجاتها لسوق العمل بصورة أعمق من محاولات تسطيح هذه الأهمية.
فلماذا ظهرت الدعوات لتقزيم أقسام التاريخ بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001 م في الولايات المتحدة الأمريكية ؟
وما هي أهمية أقسام التاريخ لسوق العمل ؟
وماذا يمكن أن تقدمه مخرجات أقسام التاريخ للحفاظ على الوطن وحماية المجتمع ؟
وهل يمكن أن تكون أقسام التاريخ بالجامعات من عوامل ائتلاف العقول والنفوس والقلوب داخل الوطن الواحد ؟
أولا دعوات تقزيم أقسام التاريخ:
من المعلوم أنه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر سنة 2011 م في الولايات المتحدة الأمريكية، برزت فكرة تجفيف منابع الإرهاب، وكانت أقسام التاريخ والمناهج الدراسية واحدة من أدوات تحقيق الفكرة، فبدأت الدعوات إلى إغلاق أقسام التاريخ، أو تقليصها، أو دمجها مع أقسام أخرى بمبرر عدم ارتباطها بمتطلبات سوق العمل، فيما يبدو انه استجابة مبطنة للطروحات الخارجية التي لاقت استجابة في بعض الدول العربية، وهي دعوة تحمل في باطنها رغبة في تحقيق الانفصام بين التاريخ الحضاري للأمة وبين المستقبل الحضاري لها، وذلك من خلال العمل على مسخ دراسة تلك الحضارة حتى يكون من السهل أن تطغى عليها ثقافة حضارة وافدة، بل والحلول محلها..، وحينئذ يتحقق هدف إيجاد شرخ في الفكر الإسلامي يكون نواة للتصادم النفسي والعقلي بين حضارة كان دافع بنائها العقيدة، وبين استجابة للثقافة الوافدة التي تحمل في طياتها خصائص عقيدة أخرى ..
ثانياً- أهمية أقسام التاريخ لسوق العمل:
أما من حيث وجود هوة بين مخرجات أقسام التاريخ وبين متطلبات سوق العمل، فذلك مرده إلى عدم فهمنا لكيفية الاستفادة من العلوم والمعارف وتوظيفها ضمن منظومة بناء حضاري متكامل. وفي هذا السياق يمكن إيراد مجالات عمل واسعة لمخرجات أقسام التاريخ؛ لأن بناء الحضارة لا يقوم على عمود واحد أو اثنين أو ثلاثة، فتلك المهمة تقتضي تعليم المجتمع وتربيته وتدريبه وإكسابه خبرات في مختلف التخصصات؛ لأن إغفال تخصص والاهتمام بآخر يعني ترك ثغرة في المجتمع لا تسد الا من خلال الاستعانة بكفاءات من خارج حدود الوطن، وهو مالا يتفق مع مقتضيات بناء الحضارة بشكلها الكامل المتكامل المجاري والمنافس للحضارات الأخرى. ولذلك يمكن حصر مجالات العمل على النحو التالي:
1-العمل في مراكز الأبحاث والدراسات.
2-العمل في مجال التدريس في التربية والتعليم.
3-العمل في التوجيه المعنوي في الجيش والشرطة.
4-العمل في وزارة الخارجية، علماً أن وزارات الخارجية في بلدان كثيرة في الوقت الحاضر تستقطب خريجين التاريخ وتعمل على تنميتهم علمياً من خلال الدراسات العليا لتستفيد منهم في مجالات العلاقات الدولية في داخل الوزارة وفي السفارات.
ثالثاً- دور مخرجات أقسام التاريخ في الحفاظ على الوطن وحماية المجتمع:
إلى جانب ما تقدم، وبالإضافة إلى ما هو معروف عن أقسام التاريخ من تخريج كوادر متخصصة يتحولون مع الممارسة والتأهيل إلى مؤرخين قادرين على رصد الأحداث وتحليلها وتفسيرها، إلى جانب ذلك يمكن تحديد الدور الجديد لخريجي أقسام التاريخ على النحو التالي:
1-بناء وتوجيه الشخصية الوطنية المندمجة مع تاريخ وطنها وأمتها.
2-إيجاد سبل بناء الولاء الوطني ونسج آفاقه القادرة على التصدي لدعوات تفتيت الوطن وتحقيره ومسخ وهويته وفرض ولاءات عابرة للحدود.
3-بناء العقلية القادرة على استشعار أهمية الوحدة الوطنية والاندماج الاجتماعي من خلال دراسة صور متراكمة من أسباب تطور الأوطان والحضارات، وكذلك من أسباب ضعفها وتمزقها وصراعاتها.
4-التصدي للصراعات المذهبية والطائفية والتقليل من مخاطرها ومحاصرة نموها من خلال معايشة التجارب الحية للماضي.
5-زرع ثقافة التعايش بين الأمم من خلال الاحترام المتبادل، والعلاقات الدولية القائمة على المصالح المشتركة.
6-لأن دارس التاريخ يتعرف على أساليب الأعداء في تمزيق نسيج الوحدة الداخلية ومن ثم فتح ثغرة للولوج الى قلب المجتمع والأسرة والوطن وما يلي ذلك من سيطرة على حاجياته النفسية من خلال مؤثرات مبهرة تأتي أكلها مع من يتجاهل دراسة التاريخ بتفاصيله الدقيقة والمتشابكة، فهو الأقدر على تبصير الناس بمثل تلك الغايات والأهداف.
رابعاً- مركز الإرشاد التاريخي:
وفي الختام نقترح إنشاء مركز إرشاد تاريخي يختص بالاتي:
1-إستيعاب مخرجات أقسام التاريخ وتنمية مهاراتهم الدعوية والحوارية من خلال دورات ودبلومات متخصصة في التنمية البشرية وعلم النفس.
2-بث تلك الكوادر في المجتمع وفق خطط مدروسة وبرامج عملية لتبصير الناس بمخاطر الانقسام والتشرذم والصراعات المذهبية والطائفية والقبلية، من خلال استحضار دروس التاريخ بطريقة بسيطة ومؤثرة.
3-تزويد وسائل الإعلام وإدارات التوجيه المعنوي في القوات المسلحة والأمن بنمط خطابي يساعد على تقبل الأفكار ويوحد جهود خلق ثقافة التعايش والمشاركة والعمل للوطن بتجرد من أي ولاءات وارتباطات ...
4-عقد دورات تأهيلية للكوادر الإعلامية، و العاملين في التوجيه المعنوي تقوم على الفهم الصحيح لمسار التاريخ والتعريف بمواطن الضعف والقوة في تاريخنا، وكذلك التعريف بالمعلومات الصحيحة والروايات المحرفة؛ لأننا كثيراً ما نسمع من تلك الوسائل معلومات تاريخية لا علاقة لها بالتاريخ ؟؟!!، حيث تختلط الخرافة والأسطورة معى الحقائق التاريخية وواقعها، فتضعف قوة تأثيرها .. بل وتموت أحياناً ..، وهو ما يقود إلى عدم الرضا وعدم تقبل الخطاب؛ فيؤدي ذلك إلى فتح مجالات لمثيري الشغب الفكري، والغبش المفهومي بصورة عامة ...
5-تنمية مهارات وثقافات خطباء المساجد ومساعدتهم على أداء واجبهم بما يحقق الرسالة الحضارية والتربوية للإسلام ..
6-يقوم المركز بإعداد خطة عمل إستراتيجية من خلال المثقفين والمفكرين والمحللين السياسيين والمتخصصين النفسيين والاجتماعيين، بحيث يتم تحديث تلك الخطة وتطويرها بحسب ظهور المشكلات التي تضر بالنسيج الوطني، وتهدد المجتمع وفكره وثقافته وعلاقاته المختلفة
ووفقاً لما تقدم يتضح أن تجاهل التخصصات الإنسانية في حل المشكلات السياسية والصراعات البينية والتجاذبات المذهبية داخل المجتمع الواحد، ومن ثم البحث عن القواسم المشتركة وتنميتها بدلاً عن التركيز على مواطن السقم وتغذيتها، يعد من أكبر عوامل القصور في فهم إدارة الدولة والمجتمع، والتي لم يفهمها سوى ساسة وقادة ومفكري الدول المتحضرة.