شقاق الرفاق والحرب الثالثة
بقلم/ عمرو محمد الرياشي
نشر منذ: 12 سنة و شهر و 26 يوماً
السبت 22 سبتمبر-أيلول 2012 03:57 م

تتبدل كثير من مفاهيمنا بتغير وتطور العصر كنتيجة طبيعية لتفاعلات العصر الذي ينتج عنه التغيير الذي يحدث بشكل مستمر في عالمنا ويقودنا هذا أن نكتشف أن كثير من المفاهيم والقناعات التي كنا نحارب من اجلها لم تكن سوى تخمينات نعتقد بصحتها قد أمست في إرشيف الإخفاقات .

وهذا ما يظهر لنا بقواعد وأصول جديدة تساهم في معرفة كثير من أخطائنا حتى نجتنبها وتساهم في تفعيل ما نصبوا إليه من نجاح وانتصار لكثير من اهدافنا .

لكن يبقى بعض ممن يحملون عقلية قد ملئها الصدأ وهي ما تزال تمارس الأخطاء تلو الأخطاء ويتبعها الفشل تلو الفشل فلم تجعل من رصيد إخفاقاتها سبيلا درسا لأخذ العبرة والعظة بل على العكس أدمنت على ملازمة الغباء والانتحار المتكرر وخلق ضحايا من أبناء جلدتها ومن احدهم المدعو/ علي سالم البيض .

فمن تاريخ القتال بين جبهة التحرير والجبهة القومية بعد خروج المحتل البريطاني إلى استشهاد الرئيس قحطان محمد الشعبي وعبورا إلى مجزرة 13 يناير 86م حتى نصل ما نراه اليوم من مراهقات سياسية وفوضى يقف رائها البيض الذي ملئت صفحات تاريخه بالصراعات التي أريقت فيها دماء اليمنيين سواء بسبب الإخفاقات السياسية التي وقع فيها او من خلال التعبئة المقيتة التي يمضي بها تيار البيض في الإقصاء و مصادرة أراء الآخرين والسعي الحثيث في إفشال كل ما من شأنه توحيد الرؤية السياسية التي تخدم الوصول الى مرحلة يتم من خلالها بزوغ فجر جديد من الوفاق ونسيان كثير من جراح الماضي من اجل معالجة الأوجاع التي تسببت فيها النخب السياسية التي حكمت اليمن جنوبا وشمالا .

المغامرات السياسية والتصرفات السادية والانفرادية للبيض تسيء بشكل واضح للقضية الجنوبية والتي تصل إلى صناعة فوضى عارمة لا ندري لمصلحة من وما هدفها .

البيض وأخلاقه السياسية تعكس سيرة سجل سياسي حمل مجموعة من الأفكار الشمولية التي مارسها بشكل عملي فعند التوقيع على اتفاقية إعادة الوحدة في 90م واشتراطه خروج الرئيس السابق علي ناصر محمد واحمد مساعد حسين وآخرون من صنعاء ووصولا إلى اشتراطه عدم رفع علم الوحدة في الضالع إلا بعد سفرهم خارج صنعاء .

فمازالت طقوس وشعائر البيض السادية مستمرة وتمارس فالتعبئة ضد القيادي / محمد على احمد ومن معه في شبوه قبل أسبوعين تقريبا وغيرها من عنجهيات علي سالم البيض أصبحت أمراً مألوفا لدى البيض ومن على شاكلته من مناصريه .

لكن يبقى السؤال الذي يطرحه العقلاء لمصلحة من هذه السياسية التي تساهم في اتساع الهوة بين أبناء الجنوب الذي يدعي كذبا المدعو البيض انه يمثلهم ... هذه التصرفات والهرطقات البيضيه ان جاز التعبير تؤكد ان الهدف من ذلك هو إكمال مشروع شخصي بحت يهم البيض نفسه دون النظر في مصلحة شعب وامه ناضلت وخسرت الكثير من حقوقها ومطالبها وضحت من اجل سلامة وحدة اليمن ووحدة نسيجه الاجتماعي وهويته اليمنية .

فهل يا ترى هذا الزمن أنسانا ماضينا وماضي من قبلنا وهل نسينا ماتعلمناه من الماضي فما إن تضع حرب أوزارها لتظهر حرب وتبدأ حرب جديدة والتي تكون وقودها دماء أبناء اليمن حاملة شعارات ضبابية تتضح بشكل جلي وواضح ولاتحتاج إلى تأويلها وشرحها فمن لهم باع طويل في صناعة الأزمات يسعون دوما للحصول على الامتيازات مقابل أدوارهم السياسية والقيادية ووضع معانات الشعوب في صناديق مغلقه تنتظر آخرين ليخروجونها و يتاجرون بها .

لا ننسى الحلم بالمناصب الممنوحة بلا مطالبه ولا محاسبة وبدون تعب ولكن لأنصارهم وعلاقاتهم الشخصية والعائلية وميولاتهم ونزواتهم بلا حساب ورقيب وكل هذا لأنهم ادعوا أنهم وطنيين حريصون على الوطن والمواطن وكل عملهم الهي و مسدد من رب العالمين ولا يأتيه الباطل لا من خلفه ولا أمامه ولا من بين يديه .. طبعا هذه الديناميكية السياسية في العمل يساعده الإرث الموروث من المخزون الثقافي للناس وضمها إلى الضياع الفكري الذي أصبح سمه للكثيرين .

لكن مع الأسف يظل المتاجرين بدماء اليمنيين لهم السطوة وهم في حالة إدمان مستمر فلا يستطيعون ان يتواجدوا في مناخ السلم والأمان الاجتماعي بل لا بد من صناعة الصراعات والاقتتال ومن ثم ذرف الدموع وتصنع الكذب بالبكاء وإصدار الآهات بعد كل وجبة من القتل والصراع بين اليمنيين .

ويظل بعضنا يمجدهم نظيرا ما امتلكوه وانتزعوه من غزواتهم وجهادهم ونضالهم ومقاومتهم الطويلة من اجل مكاسب لا نعرفها إلا أخر بعد أخر مسار يدق في نعشنا نحن اليمنيين .

هؤلاء من حذرنا منهم بأن يجعلوا آلام ومظلومية شعوبهم الى مشروع سياسي خاص ولا يرجون من رواءه إلا تحقيق الكسب الخاص فمثل ما جعل نظام علي صالح وحدة 7 يوليو مشروع خاص به ايضا نرى البيض ومن معه يريدون جعل مشروع الانفصال مشروع للارتزاق والكسب من خلال العزف على أحزان الناس وأوجاعهم .

وأخيرا .... من كان له صوت يسمع ورأي ينفع ان يوقف مسلسل المتاجرة بدماء اليمنيين وأرواحهم وجعل القضية الجنوبية مشروع خاص يقصد به تحويل المشهد اليمني إلى ساحة من التصفيات والحسابات المؤجلة على أنقاض أوجاع أبناء جنوب القلب اليمني وتكرار مأسي الماضي الذي مازالت صورته محفورة في ذاكرة الكثيرين . فمازال المتربصين وأمراء الحروب يتحينون الفرصة لإعادة زراعة بذور الشقاق وإعادة صناعة حروب الرفاق.